تصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل وقتلى في صفوف الطرفين

قصف متبادل لمواقع عسكرية

قافلة من الجنود الإسرائيليين على الطريق المؤدية إلى جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قافلة من الجنود الإسرائيليين على الطريق المؤدية إلى جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل وقتلى في صفوف الطرفين

قافلة من الجنود الإسرائيليين على الطريق المؤدية إلى جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قافلة من الجنود الإسرائيليين على الطريق المؤدية إلى جنوب لبنان (أ.ف.ب)

لم تهدأ الجبهة الجنوبية عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية منذ مساء الاثنين؛ حيث سجّلت مواجهات بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية عبر قصف متبادل لمراكز عسكرية وسقوط قتلى من الطرفين.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية في لبنان تأكيدها مقتل 4 أشخاص في قصف إسرائيلي قرب قرية علما الشعب في جنوب البلاد، بعدما قال الجيش الإسرائيلي إنه قتل 4 أشخاص حاولوا عبور السياج الحدودي مع لبنان، وزرع عبوة ناسفة، وأعلن عن إصابة 3 أشخاص بينهم عسكريون جراء إطلاق صاروخ مضاد للدبابات من لبنان تجاه شمال إسرائيل.

وعبر حسابه على «إكس» أعلن «الصليب الأحمر» اللبناني، بعد ظهر الثلاثاء، عن توجه 4 فرق منه إلى منطقة علما الشعب لنقل جثث 4 ضحايا جراء القصف الإسرائيلي، ليعود «حزب الله» بعد ذلك ويعلن عن مقتل 5 من عناصره «أثناء قيامهم بواجبهم».

ودوت عصراً صفارات الإنذار في مستوطنة كريات شمونة على الحدود اللبنانية، بينما أكد «حزب الله» تنفيذه عدداً من العمليات ضد القوات الإسرائيلية، وأعلن عن استهداف خيمة للقوات الإسرائيلية في داخلها جنود في مستوطنة راميم مقابل بلدة مركبا في القطاع الشرقي للجنوب اللبناني، لتعود القوات الإسرائيلية وترد عبر قصف خراج بلدتي رميش ويارون.

‏وفي بيان لها قالت «المقاومة الإسلامية» إنها استهدفت صباحاً آلية للجيش الإسرائيلي في ‏موقع المطلة، وحققت فيها إصابات مباشرة، كما استهدفت ظهراً، وفق بيان ثانٍ لها، 5 مواقع هي، زرعيت، الصدح، جل الدير، المالكية، وبركة ريشا بالأسلحة المباشرة.

وبعد الظهر، أعلن «حزب الله» في بيان له استهداف «نقطة تمركز عسكرية لجنود الاحتلال الصهيوني مقابل بلدة راميا عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، بالصواريخ الموجهة، وأوقعوا فيها عدداً من الإصابات المؤكدة بين قتيل وجريح».

وفي بيان آخر قال إن «مجاهديه قاموا عصر الثلاثاء باستهداف مجموعة من الجنود الصهاينة كانوا متمركزين في موقع بياض بليدا بالصواريخ الموجهة، وحققوا فيها إصابات مؤكدة»، ليعود ويعلن عن استهدافه «جنود الاحتلال في ثكنة برانيت بالصواريخ الموجهة» مؤكداً وقوع عدد من الإصابات بين قتيل وجريح.

وكانت قرى القطاع الغربي والمناطق المتاخمة للخط الأزرق قد عاشت ليلاً ساخناً، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام»؛ حيث استمر القصف حتى بعيد منتصف الليل؛ ما أدى إلى وقوع إصابات بعد تعرض المنازل في بلدة الضهيرة لقصف مباشر عملت فرق الإسعاف على نقلهم إلى مستشفيات صور. كما غطت القنابل المضيئة سماء المنطقة حتى رأس الناقورة.

وصباحاً استهدف الجيش الإسرائيلي الحدود اللبنانية في القطاع الشرقي من الجنوب، وسجل سقوط قنابل فوسفورية على سهل مرجعيون – الخيام، وفق «الوكالة الوطنية للإعلام».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بإطلاق إسرائيل 3 صواريخ «باتريوت» انفجرت فوق بلدتي كفركلا والطيبة، واستهداف منزل داخل بلدة بليدا بقذيفة مدفعية، كما تعرضت بلدات يارين ومروحين ومحيط الضهيرة وخراج بلدة حولا ووادي هونين، إضافة إلى أطراف بلدات رميش، وعلما الشعب وعيتا الشعب لقصف مدفعي.

وفي موازاة ذلك، نفت الأمم المتحدة المعلومات التي أشارت إلى نقل موظفيها من لبنان إلى الأردن وبلدان أخرى، وأكد مكتبها في لبنان أنه لم «تحدث عمليات إجلاء من هذا القبيل لموظفيه الأمميين ولا لأسرهم»، وقال: «تستمر عمليات وأنشطة الأمم المتحدة في لبنان من دون انقطاع، ولا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بدعم لبنان وشعبه خلال هذه الفترة العصيبة».

ومن جانبه، قال الناطق الرسمي باسم قوات الـ«يونيفيل» أندريا تيننتي: «هدفنا الرئيسي هو وقف تصعيد الوضع لتجنب المزيد من النزاعات الواسعة النطاق التي من شأنها أن تعرّض المزيد من الناس للخطر». وأضاف: «خلال الأيام الأخيرة، فتحنا أبوابنا مرات عدة للمدنيين المعرضين لتهديد وشيك بالعنف، ووُفِّر المأوى للمدنيين في أحد مواقع الكتيبة الغانية بالقرب من الضهيرة».

وذكّر «جميع الأطراف المعنية بأن الهجمات ضد المدنيين أو موظفي الأمم المتحدة هي انتهاكات للقانون الدولي قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب».



في غزة... منتجات العناية الصحية للنساء حلم بعيد المنال

منال لُباد أم لثمانية أطفال وسط خيام غارقة في مياه الأمطار بمدينة غزة (أ.ب)
منال لُباد أم لثمانية أطفال وسط خيام غارقة في مياه الأمطار بمدينة غزة (أ.ب)
TT

في غزة... منتجات العناية الصحية للنساء حلم بعيد المنال

منال لُباد أم لثمانية أطفال وسط خيام غارقة في مياه الأمطار بمدينة غزة (أ.ب)
منال لُباد أم لثمانية أطفال وسط خيام غارقة في مياه الأمطار بمدينة غزة (أ.ب)

تزداد مصاعب الحياة تعقيداً بالنسبة لنساء غزة في مخيمات النازحين المترامية الأطراف، بسبب انعدام منتجات العناية الشخصية، وعدم وجود أي خصوصية لديهن.

وتعاني النساء من أجل ارتداء ملابس محتشمة، في ظل ازدحام الخيام، التي تعجُّ بأفراد الأسرة الممتدة، والذين يكون من بينهم كثير من الرجال، إلى جانب وجود غرباء يعيشون على بُعد بضع خطوات في الخيام المجاورة. كما يُعد الحصول على الفوط الصحية التي تستخدمها النساء أثناء الدورة الشهرية، محدوداً، لذلك يقمن بتمزيق الأغطية أو الملابس القديمة المتاحة لديهن، لاستخدامها بديلاً عن الفوط الصحية. وعادةً ما تكون المراحيض المؤقتة التي يستخدمها النازحون حالياً، مجرد حفرة في الرمال، محاطة بأغطية تتدلى من حبل، ويجب التشارك فيها مع عشرات الأشخاص الآخرين.

وقد تعاملت واحدة من النازحات، وتُدعى آلاء حمامي، مع مسألة الاحتشام أمام الرجال، من خلال حرصها على ارتداء إسدال الصلاة طوال الوقت. وتقول حمامي، وهي أم شابة لثلاثة أبناء، لوكالة أنباء «أسوشييتد برس»، إنها صارت ترتدي إسدال الصلاة طوال الوقت، حتى عندما تذهب إلى السوق، مضيفة: «لقد ضاعت كرامتنا».

وعادةً ما كانت حمامي ترتدي الإسدال عند أداء الصلاة فقط، لكن مع وجود كثير من الرجال حولها، فإنها صارت ترتديه طوال الوقت، حتى عندما تكون نائمة؛ خوفاً من تعرض المكان الذي تعيش فيه لغارة إسرائيلية أثناء الليل، فتضطر إلى الفرار سريعاً، وفق ما تقوله.

يشار إلى أن الحرب المستمرة؛ والتي بدأتها إسرائيل في قطاع غزة قبل 14 شهراً، أدت إلى نزوح أكثر من 90 في المائة، من أصل 2.3 مليون فلسطيني، من منازلهم، حيث يعيش مئات الآلاف منهم الآن في مخيمات بائسة تعجُّ بالخيام المتراصة على مسافات قريبة جداً من بعضها البعض.

وتتدفق مياه الصرف الصحي إلى الشوارع، كما أنه من الصعب الحصول على الطعام والشراب. ورغم حلول الشتاء، غالباً ما يرتدي النازحون الملابس نفسها لأسابيع؛ لأنهم تركوا ملابسهم وكثيراً مما يملكونه وراءهم أثناء فرارهم من منازلهم.

ويبحث الجميع في المخيمات يومياً عن الطعام والمياه النظيفة والحطب، وتشعر النساء بالخطر باستمرار.

وتقول حمامي، التي ترتدي إسدال صلاة ممزقاً وملطخاً بالرماد الناتج عن نار الطهي: «في السابق كان لدينا سقف. أما هنا فلا وجود له... لقد صارت حياتنا هنا مكشوفة تماماً أمام العامة، ولا توجد خصوصية للنساء».

حتى الاحتياجات البسيطة يصعب الحصول عليها

على صعيد متصل، تقول نازحة أخرى تُدعى وفاء نصر الله، وهي أم لابنين، إن الحياة في المخيمات تجعل الحصول على مجرد أبسط الاحتياجات، صعباً جداً، مثل توفير فوط الدورة الشهرية للنساء؛ لأنها غالية الثمن ولا تستطيع تحمل تكلفتها. وقد حاولت استخدام قطع من القماش، أو حتى الحفاضات، التي ارتفعت أسعارها كثيراً أيضاً.

أما بالنسبة لحمامي، فهي لديها حفرة في الأرض، تحيط بها بطانيات متدلية من العصي.

وتقول «الأمم المتحدة» إن هناك أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة في غزة يحتجن إلى منتجات النظافة الشهرية، بالإضافة إلى المياه النظيفة والمراحيض.

ولم يتمكن العاملون في مجال الإغاثة من تلبية كل تلك الطلبات، في ظل تكدس الإمدادات عند المعابر من إسرائيل. وقد نفدت مخزونات أدوات النظافة، كما تُعد الأسعار باهظة جداً، بينما يتعين على كثير من النساء الاختيار بين شراء الفوط الصحية، أو شراء الطعام والماء.

في حين تقول نازحة أخرى تُدعى دعاء حلس، وهي أم لثلاثة أبناء وتعيش في أحد المخيمات، إنها قامت بتمزيق ملابسها القديمة لاستخدامها فوطاً صحية، موضحة: «أينما نجد القماش، نُمزقه ونستخدمه». ويبلغ سعر عبوة الفوط الصحية 45 شيقلاً (12 دولاراً)، رغم أنه «لا يوجد حتى خمسة شيقلات في الخيمة بأكملها»، وفقاً لحلس.

من ناحية أخرى، توضح منظمة «أنيرا»؛ وهي منظمة حقوقية تعمل في غزة، أن بعض النساء يستخدمن حبوب منع الحمل لوقف الدورة الشهرية لديهن. كما عانت أخرياتٌ اضطرابات في دوراتهن الشهرية بسبب الإجهاد والصدمة الناتجة عن عمليات النزوح المتكررة.

في حين تقول أمل صيام، مديرة مركز شؤون المرأة في غزة، الذي يوفر إمدادات للنساء ويُجري استطلاعات للرأي بشأن تجاربهن، إن الظروف الفظيعة تشكل مخاطر حقيقية على صحة المرأة.

وتشير إلى أن بعض النساء لم يقمن بتغيير ملابسهن لمدة 40 يوماً، موضحة أن هذا إلى جانب استخدامهن الفوط القماش التي قمن بتمزيقها من الملابس القديمة: «سيؤدي هذا، بالتأكيد، إلى إصابتهن بأمراض جلدية، وأخرى مرتبطة بالصحة الإنجابية، وباضطرابات نفسية».