إردوغان يتهم أميركا بـ«دعم تنظيمات إرهابية» في سوريا

استمرار الاستهدافات المتبادلة مع القوات السورية والتصعيد في إدلب

إردوغان متحدثاً أمام منتدى تركيا وأفريقيا الاقتصادي في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً أمام منتدى تركيا وأفريقيا الاقتصادي في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يتهم أميركا بـ«دعم تنظيمات إرهابية» في سوريا

إردوغان متحدثاً أمام منتدى تركيا وأفريقيا الاقتصادي في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)
إردوغان متحدثاً أمام منتدى تركيا وأفريقيا الاقتصادي في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الولايات المتحدة الأميركية، بالعمل ضد بلاده في سوريا، عبر دعمها التنظيمات الإرهابية رغم علاقات التحالف بينهما في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وقال إردوغان إن «الأنشطة التي تقوم بها الولايات المتحدة مع أذرع حزب العمال الكردستاني بسوريا (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية / قسد)، تشكل تهديداً كبيراً للأمن القومي التركي».

وأضاف إردوغان، أمام منتدى تركيا وأفريقيا الاقتصادي في إسطنبول الجمعة، أن «القوات الأميركية أسقطت مسيرة تركية في شمال شرقي سوريا»، متسائلاً: «ألسنا حلفاء مع أميركا في الناتو، فكيف يمكنهم أن يفعلوا هذا الشيء؟».

مشكلة أمنية

وتابع إردوغان: «هناك مشكلة أمنية بيننا»، قائلاً إن بيان الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أدلى به الخميس، حول سوريا، لا يتعارض فقط مع روح التحالف والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لكنه يشجع أيضاً المنظمات الإرهابية التي تحاول تقسيم سوريا.

وشدد إردوغان على عزم تركيا القضاء على التهديد الإرهابي الذي يواجهها في منبعه، بغض النظر عمن يقف وراء المنظمة الإرهابية، «وباعتبارنا الحليف الوحيد في (الناتو)، الذي حارب تنظيم (داعش) الإرهابي ودفع من أرواح قواته، لا يمكننا إلا أن نقبل هذا المسرحيات».

وأضاف: «سنترك الممثلين المسرحيين بمفردهم مع سيناريوهاتهم الخاصة وسنواصل اتخاذ الخطوات التي يتطلبها أمننا القومي».

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأسبوع الماضي، أن مقاتلة «إف 16» تابعة لقواتها في سوريا أسقطت مسيرة تركية اقتربت من هذه القوات في شمال شرقي سوريا.

ووقع الحادث خلال ضربات جوية نفذتها تركيا في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ضد مواقع لـ«قسد»، وذلك في إطار الرد التركي على هجوم نفذه حزب العمال الكردستاني في أول أكتوبر، مستهدفاً وزارة الداخلية بأنقرة.

وسقطت الطائرة بالقرب من قاعدة «تل بيدار»، التي تستخدمها القوات الأميركية في الحسكة بشمال شرقي سوريا.

تصعيد في حلب وإدلب

في غضون ذلك، تواصل التصعيد بين القوات التركية والجيش السوري في حلب وإدلب، الجمعة، لليوم الثاني على التوالي. وأصيب 3 عناصر من القوات السورية، في قصف مدفعي نفذته القوات التركية على قرية شيخ عيسى التابعة لبلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي، ضمن مناطق انتشار قوات «قسد» والجيش السوري.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتعرض قريتي حربل وشيخ عيسى بريف حلب الشمالي، منتصف ليل الخميس - الجمعة، لقصف من قبل المدفعية التركية.

وجاء ذلك عقب سقوط قذائف صاروخية على القاعدة التركية في «البحوث العلمية»، على أطراف مدينة أعزاز شمال حلب، مصدرها مناطق انتشار «قسد» والجيش السوري.

كما أصيب جنديان تركيان بجروح نتيجة قصف مدفعي نفذته القوات السورية على بوابة النقطة التركية ببلدة آفس بريف إدلب الشرقي، الجمعة، وذلك بعد استهداف القوات التركية بالمدفعية مواقع للقوات السورية ومسلحين موالين لها على طريق دمشق - حلب الدولية (إم 5)، بالمنطقة ذاتها.

واستمراراً للتصعيد في إدلب، شنت الطائرات الحربية الروسية، الجمعة، غارات جديدة ضمن منطقة خفض التصعيد (بوتين - إردوغان)، استهدفت بلدة العنكاوي في منطقة سهل الغاب شمال غربي حماة، ومحيط قرية الشيخ سنديان بريف إدلب الغربي، ومحيط بلدة البارة في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، تزامناً مع غارة استهدفت الكبينة بجبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي.

كما قصفت القوات السورية، بالمدفعية الثقيلة، محيط بلدة تفتناز بريف إدلب الشمالي، ومحيط بلدة معارة النعسان، ومحيط قرية بينين وبلدتي دير سنبل والبارة بريف إدلب الجنوبي، ومحيط قرية كفرنوران بريف حلب الغربي.

وتزامن القصف البري مع تحليق لطيران استطلاع روسي في أجواء المنطقة.


مقالات ذات صلة

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».