القامشلي تشيِّع 29 عنصراً من «الأسايش» قضوا في غارات تركية

آلاف المشاركين هتفوا مطالبين بالمحاسبة والانتقام

TT

القامشلي تشيِّع 29 عنصراً من «الأسايش» قضوا في غارات تركية

تشييع عناصر «الأسايش» في القامشلي الأربعاء (الشرق الأوسط)
تشييع عناصر «الأسايش» في القامشلي الأربعاء (الشرق الأوسط)

في موكب مهيب وتعالي هتافات وصرخات مطالبة بمحاسبة تركيا ورئيسها رجب طيب إردوغان، شيَّع أكراد سوريا (الأربعاء) 29 عنصراً من قوى الأمن الداخلي «الأسايش» قضوا في غارة جوية تركية في 8 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، على مقر لها ببلدة المالكية أو «ديريك»، حسب تسميتها الكردية، الواقعة أقصى شمال سوريا، بعد أسبوع دامٍ وسلسلة هجمات جوية شنّتها تركيا وطالت معظم المناطق الحدودية.

تشييع عناصر «الأسايش» في القامشلي الأربعاء (الشرق الأوسط)

وشيَّعَ آلاف من الأشخاص الذين توافدوا إلى مدينة القامشلي وسكانها 29 قتيلاً سقطوا في الغارات التركية التي تقصف المنطقة منذ أسبوع، وخلال الجنازة لُفَّت الجثامين بالعَلم الكرديّ الأحمر والأصفر والأخضر ورُفعت أعلام «الأسايش» ووُضعت عليها صور القتلى، وعَلَت هتافات المشيعين مرددين: «انتقام. انتقام. قاتل إردوغان»، وثانية تقول: «بالروح بالدم نفديك يا شهيد»، وأخرى دعت إلى الانتقام: «لن نترك دماءكم تذهب سدى»، وسط تعالي أصوات الزغاريد ورش الأرز والورود على النعوش.

وفي مقبرة دليل صاروخان بمدينة القامشلي، حيث دفن الأهالي ذويهم من عناصر «الأسايش»، تراقب ستيره ذات (44 عاماً) وعيناها تذرفان دموعاً وتشاهد جمعاً من الناس يحملون نعوشاً سقطوا جراء نيران الغارات التركية، لتقول: «نتعرض لقصف وحشي وللخيانة والظلم، هذا هو تاريخنا نحن الكرد، إبادة جماعية وكل الدول تدير ظهرها ولا تحمينا من غدر إردوغان».

تشييع عناصر «الأسايش» في القامشلي الأربعاء (الشرق الأوسط)

وتستطرد هذه السيدة الكردية المتحدرة من ريف القامشلي بينما وقفت إلى جانب قبر علق صورة ابنها الذي قضى بالمعارك ضد تنظيم «داعش»، كما يقاتل ابن آخر لها في صفوف «وحدات حماية الشعب الكردية»، العمود الفقري لقوات «قسد»: «لن تذهب دماء شهدائنا هدراً، كل هذه المكتسبات التي حققناها طوال سنوات بفضلهم لن تذهب هدراً».

ومنذ 4 من الشهر الحالي استهدفت تركيا أكثر من 170 موقعاً في مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية» بشمال شرقي سوريا، بينها مقرات عسكرية ومرافق بنى تحتية ومنشآت للطاقة ومحطات كهرباء وماء، أسفرت عن سقوط 47 قتيلاً بينهم 35 عنصراً من قوى الأمن و12 مواطناً مدنياً وإصابة أكثر من 59 آخرين، وأعلنت قوات الأمن الكردية أن «29 عضواً من قوات مكافحة المخدرات استُشهدوا وأُصيب 28 آخرون بجروح إصابات عدد منهم خطرة، جراء غارة تركية الأحد الفائت استهدفت أكاديمية مكافحة المخدرات التابعة لها في ديريك».

تشييع عناصر «الأسايش» في القامشلي الأربعاء (الشرق الأوسط)

في المقبرة الكبيرة ذاتها المخصصة للمقاتلين الذين قضوا في المعارك سواء تلك التي يخوضها التحالف الدولي والقوات الأمريكية ضد تنظيم «داعش»؛ أو الذين يسقطون جراء الغارات التركية الجوية وعملياتها العسكرية البرية شمالي البلاد، تمسح سولنار (36 سنة) بيدها شاهد قبر ابنها، وكانت الدموع تسيل على وجنتيها، وقالت في أثناء جلوسها واضعةً يدها على خديها: «تريد تركيا أن يبقى الأكراد مكسورين، تريد لنا الموت والقتل، تريد لنا الجنازات والمزيد من شواهد القبور، تقصفنا جواً والجميع ينظر إليها»، في إشارة إلى انتشار القوات الأمريكية ونظيراتها الروسية في المنطقة.

وقالت آسيا عبد الله، الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» إحدى أبرز الجهات السياسية التي تدير المنطقة، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» في أثناء مشاركتها في المراسم: «الاحتلال التركي بمثابة قوة شر في المنطقة والعالم، تصعّد هجماتها بحرب الإبادة على الشعب الكردي وعلى مكتسبات الشعوب التي قدمت الكثير من التضحيات»، وشددت على أن حزب الاتحاد «متمسك بقيم الشهداء، واتخذ من المقاومة استراتيجية في نضاله، وسيبقى في طليعة المقاومة ويصعّد من نضاله الديمقراطي ضد كل السياسات الفاشية السلطوية».

تشييع عناصر «الأسايش» في القامشلي الأربعاء (الشرق الأوسط)

وأشارت المسؤولة الكردية البارزة إلى أن العمليات العسكرية التي تشنها تركيا على المنطقة تستهدف الشعب الكردي في المقام الأول، وأضافت: «عدم تمكن الاحتلال التركي من تحقيق أهدافه التوسعية كقوة احتلال مردّه التضحيات العظيمة التي يقدمها الشعب الكردي وشعوب المنطقة عموماً»، لافتة إلى أن الوسيلة الوحيدة التي تحمي المكتسبات وتزيد من عزمه وإصراره هي «التمسك بالمقاومة، ولا خيار للشعب الكردي سوى المقاومة حتى تتحقق تطلعاته في الحياة الحرة الكريمة».

كردية تبكي على تابوت أحد عناصر «الأسايش» خلال تشييعهم في القاملشي الأربعاء (الشرق الأوسط)

وتشن تركيا بين الحين والآخر ضربات جوية بطائرات مسيّرة تقصف مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، وحسب مسؤولين وقادة أكراد ركزت وتيرة الضربات بشكل خاص على محطات رئيسية للطاقة والنفط والغاز ضمن الحقول بالقرب من الحدود السورية-التركية، واستهدفت محطات لتوليد التيار الكهربائي وضخّ المياه مما تسبّب في أضرار جسيمة بمنطقة تعد فيها البنية التحتية هشّة أساساً لاستمرار الحرب الدائرة في هذا البلد.

بدوره، أوضح علي حجو، رئيس هيئة الداخلية بالإدارة، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن استهداف شعبة مكافحة المخدرات بغارة تركية، «يقوّض مساعي الإدارة لتجفيف منابع اتّجار وتعاطي المواد المخدرة في المنطقة، فجهاز مكافحة المخدرات ينضوي تحت قوى الأمن الداخلي وهي مؤسسة معنية بحماية السكان من كل أنواع التهديدات».

مقاتلات كرديات خلال تشييع عناصر «الأسايش» في القامشلي الأربعاء (الشرق الأوسط)

مؤكداً أن «قوات الأمن الداخلي مؤسسة مدنية تتلقى الدعم من التحالف الدولي لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة»، ونوّه حجو في ختام حديثه إلى إكمال المسيرة: «بغية إرساء الأمن وتوفير الحماية للمجتمع رغم كل الهجمات والتهديدات التركية والجرائم المرتكَبة بحق أبناء شعبنا وقواتنا الأمنية».


مقالات ذات صلة

ميقاتي: لبنان سيتعاون مع الإنتربول للقبض على مسؤول سوري متهم بجرائم حرب

المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: لبنان سيتعاون مع الإنتربول للقبض على مسؤول سوري متهم بجرائم حرب

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم (الاثنين)، إن لبنان سيتعاون مع طلب الشرطة الدولية (الإنتربول) للقبض على مدير المخابرات الجوية السورية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حطام الطائرة (الجيش الإسرائيلي)

إسرائيل: العثور على جزء من مروحية عسكرية بعد 50 عاماً من سقوطها في سوريا

أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين العثور على جزء من مروحية إسرائيلية تحطمت قبل 50 عاماً في سوريا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي طلال مخلوف قائد الحرس الجمهوري برفقة الرئيس المخلوع بشار الأسد (أرشيفية - إكس)

تسوية أوضاع مقرَّب من نظام الأسد تثير عاصفة من الجدل

أثارت عمليات التسوية التي تجريها الإدارة الجديدة في سوريا لعناصر الأمن والعسكريين في النظام السابق، موجة من الجدل ما بين مؤيد لهذه الخطوة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي بروسيا... 29 سبتمبر 2021 (رويترز)

إردوغان: نجري حوارا وثيقاً مع أحمد الشرع

قال إردوغان إنه «لا مكان في مستقبل سوريا لأي منظمة إرهابية بما في ذلك (داعش) وحزب العمال الكردستاني»، مضيفا أن نهج تركيا الثابت هو حماية وحدة الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الخليج عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وأسعد الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية (وام)

عبد الله بن زايد يبحث مع الشيباني آخر التطورات السورية وعلاقة البلدين

عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي بحث مع أسعد الشيباني، وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، آخر التطورات السورية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

ميقاتي: لبنان سيتعاون مع الإنتربول للقبض على مسؤول سوري متهم بجرائم حرب

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)
رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)
TT

ميقاتي: لبنان سيتعاون مع الإنتربول للقبض على مسؤول سوري متهم بجرائم حرب

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)
رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم (الاثنين)، إن لبنان سيتعاون مع طلب الشرطة الدولية (الإنتربول) للقبض على مدير المخابرات الجوية السورية، اللواء جميل حسن، الذي تتهمه السلطات الأميركية بارتكاب جرائم حرب في عهد نظام بشار الأسد المخلوع.

وقالت 3 مصادر قضائية لبنانية لـ«رويترز» إن لبنان تلقى، الأسبوع الماضي، برقية رسمية من الإنتربول تحث سلطاته على القبض على حسن إذا كان موجوداً على الأراضي اللبنانية أو إذا دخلها، وتسليمه إلى الولايات المتحدة. ولا يزال مكان وجود حسن غير معروف.

وقال ميقاتي لـ«رويترز»: «نحن ملتزمون بالتعاون مع كتاب الإنتربول المتعلق بتوقيف مدير المخابرات الجوية السورية، كما هو التعاون باستمرار في كل المسائل المتعلقة بالنظام الدولي».

وفي التاسع من ديسمبر (كانون الأول)، كشفت لائحة اتهام أميركية عن اتهامات ضد حسن (72 عاماً) بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك تعذيب المعتقلين، وبعضهم أميركيون، خلال الحرب الأهلية السورية.

اللواء جميل حسن الثالث من اليسار (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وحسن هو أيضاً واحد من 3 مسؤولين سوريين كبار أدانتهم محكمة فرنسية في مايو (أيار) بارتكاب جرائم حرب لتورطهم في اختفاء أب فرنسي سوري وابنه ووفاتهما فيما بعد.

وحسب مصادر قضائية لبنانية، فإن مذكرة التوقيف الصادرة عن الإنتربول تتهم حسن بالتورط في «جرائم حرب وتعذيب وإبادة جماعية».

وقالت المصادر إن الحسن مسؤول أيضاً عن الإشراف على إلقاء آلاف الأطنان من البراميل المتفجرة على السكان السوريين، مما أدى إلى مقتل عدد لا يُحصى من المدنيين.

وقد تم تعميم طلب الإنتربول على الأمن العام اللبناني وسلطات مراقبة الحدود.

وقال مصدران أمنيان لـ«رويترز» إن ما يصل إلى 30 من ضباط المخابرات السابقين وضباط الفرقة الرابعة في الجيش في عهد نظام الأسد الذين اعتقلتهم السلطات اللبنانية هم الآن رهن الاحتجاز لدى الشرطة.