نتنياهو لبايدن: لا مفر من دخول بري إلى غزة

قصف مكثف في ثالث أيام الحرب يخلف ضحايا وآلاف النازحين... ورد بصواريخ على القدس وتل أبيب

عمود من الدخان يتصاعد خلف المباني خلال غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
عمود من الدخان يتصاعد خلف المباني خلال غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو لبايدن: لا مفر من دخول بري إلى غزة

عمود من الدخان يتصاعد خلف المباني خلال غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
عمود من الدخان يتصاعد خلف المباني خلال غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الرئيس الأميركي جو بايدن، بأنه ليس أمام إسرائيل من خيار سوى تنفيذ عملية برية واسعة في قطاع غزة. ونقل موقع «واللا» الإلكتروني، يوم الاثنين، عن مصادر إسرائيلية وأميركية مطلعة أن نتنياهو أكد لبايدن أنه لا إمكانية سوى الرد بقوة على هجوم «حماس» بغض النظر عن أي مسار آخر.

وأضاف نتنياهو أنه قلق من سيناريو فتح جبهة أخرى مع لبنان وأن إسرائيل تستعد لاحتمال كهذا، لكنه أكد أن هذا السيناريو لا يؤخذ بالاعتبار في كل ما يتعلق باستمرار الحرب على غزة.

ويرسم حديث نتنياهو مع بايدن ملامح المرحلة المقبلة التي ينتظر أن تشهد معارك قاسية داخل قطاع غزة، بالنظر إلى استعدادات حركة «حماس» الكبيرة لمثل هذا الاحتمال، وقول أكثر من مسؤول فيها إن الدخول البري سيكون أفضل سيناريو لفصائل المقاومة.

أقارب ضحايا ينعون قتلاهم بغارة إسرائيلية على مدينة غزة يوم الاثنين (أ.ب)

تكثيف القصف

وفي وقت تواصل فيه إسرائيل حشد جنود ودبابات وآليات في محيط غزة، استعداداً لاجتياح بري، يبدو أنها وسعت حجم إطلاق النار في اليوم الثالث من الحرب على قطاع غزة، وقصفت بشكل مكثف، وركزت على منازل ومبانٍ ومساجد ومؤسسات، فأسقطت منازل على رؤوس ساكنيها، وضربت ميناء غزة ووزارة المالية ومقر الاتصالات ومبنى الجامعة الإسلامية، مخلّفة عشرات الضحايا من الرجال والنساء والأطفال، وآلاف النازحين في تصعيد ردت عليه حركة «حماس» بتصعيد صاروخي فقصفت القدس وتل أبيب أكثر من مرة، وضربت مئات الصواريخ على مناطق قريبة.

وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن «طائرات تابعة لسلاح الجو تشن على مدار الأربع والعشرين ساعة غارات واسعة عبر طول قطاع غزة وعرضه، وتلحق دماراً، وتسبب هلاكاً لمقاتلي (حماس)».

وجاء في بيان أصدره الجيش مساء (الاثنين) أنه فقط خلال الساعات الثلاث الأخيرة شُنَّ نحو 130 غارة من خلال عشرات الطائرات، في بيت حانون، الشجاعية، الفرقان والرمال من أصل 1200 هدف هوجمت طيلة اليوم.

ووفق بيان الجيش هوجم 21 مبنى شاهقًا في غزة، على خلفية ورود معلومات استخباراتية عن ارتباطها بنشاط لـ«حماس». ويضم أحد المباني مقراً عسكرياً لمنظمة «حماس».

الأمن الإسرائيلي أمام مركز للشرطة بمستوطنة سديروت تعرض لأضرار خلال معارك لطرد مقاتلي «حماس» الأحد (أ.ف.ب)

محاولة انتقام

لكن في غزة قال مسؤولون إن الجيش الإسرائيلي يستهدف منازل المدنيين، ويحاول الانتقام وترميم صورته. وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف «إن جيش الاحتلال ارتكب مجازر بحق 15 عائلة بسبب قصف منازلها بشكل مباشر دون سابق إنذار، ما خلّف عشرات الشهداء والإصابات وغالبيتهم من النساء والأطفال، أبرزها قصف منزل عائلة الزعانين، واستشهاد 20 مواطناً».

وحمّل معروف في بيان إسرائيل مسؤولية ما تقوم به من مجازر بحق المدنيين، مشيراً إلى أنها تضاف إلى جريمة الحصار والعقاب الجماعي الذي شددته إسرائيل خلال عدوانها الحالي، ما يفاقم الواقع الإنساني الصعب في قطاع غزة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم، إن «جل الأهداف الإسرائيلية هي أبراج وعمارات سكنية ومنشآت مدنية وخدماتية والكثير من المساجد، وقد خلّفت الغارات شهداء وإصابات معظمها من النساء والأطفال».

عامل صحي يحمل طفلاً جريحاً في غارات إسرائيل على غزة يوم الاثنين (رويترز)

نزوح أكثر 123 ألفاً

وأصدر مكتب الإعلام الحكومي بياناً جاء فيه أن الغارات الإسرائيلية دمرت أكثر من 72 برجاً ومبنى وعمارة سكنية بإجمالي 619 وحدة هدمت بشكل كلي، بينما تضررت بشكل جزئي 5350 وحدة سكنية منها 171 وحدة باتت غير صالحة للسكن، كما جرى قصف عشرات المرافق والمنشآت العامة والخدماتية، ومساجد وفروع للبنوك.

وقالت وزارة الصحة: «إن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة خلّف 560 شهيداً وأصيب 2900 مواطن بجراح مختلفة، بينهم 91 طفلاً و61 سيدة، بينما أصيب 244 طفلاً و151 سيدة من مجمل عدد الإصابات». كما أدى القصف إلى نزوح أكثر 123 ألف شخص وفق منظمات حقوقية دولية.

وكثفت إسرائيل الهجوم الجوي على غزة، بعدما أعلنت أنها استعادت السيطرة على المستوطنات التي تعرضت لهجوم واسع من قبل مقاتلي «حماس» يوم السبت، ما أدى إلى مقتل أكثر من 800 إسرائيلي. وردت «حماس» التي قال الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع إن إسرائيل تحاول ترميم صورتها المنكسرة بارتكاب جرائم في غزة، بقصف متكرر طال القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون، وخلّف إصابات.

وأصدرت «كتائب القسام» بيانات عسكرية تباعاً أعلنت فيها استهداف مناطق إسرائيلية واسعة برشقات صاروخية كبيرة، بينما أكدت مصادر إسرائيلية إصابة 9 أشخاص بجروح، إثر سقوط صواريخ على مدينة القدس والمستوطنات المحيطة بها، وصفت جروح 3 منهم بالخطيرة. وقصفت «حماس» القدس وتل أبيب ومستوطنات في الضفة وعسقلان وسديروت، وقالت إنها ستنتصر في هذه الحرب رداً على تغريدة لنتنياهو قال فيها مساء إن قواته ستنتصر.

أبرز الأهداف الإسرائيلية

أبرز الأهداف الإسرائيلية التي قصفتها إسرائيل في غزة يوم الاثنين:

ميناء غزة

مبنى وزارة الأوقاف غرب غزة،

مبنى الجامعة الإسلامية بمدينة غزة

مقر شركة الاتصالات الفلسطينية بحي الرمال وسط مدينة غزة

أبراج ومنازل في أحياء مختلفة

محيط مستشفى بيت حانون

مقر وزارة المالية

مساجد بينها مسجد الطيبة ومسجد السوسي والمسجد الغربي ومسجد أحمد ياسين

مراكز ومقرات شرطة مختلفة


مقالات ذات صلة

«الفرص الضائعة»... إيلي سالم يروي قصة الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي

خاص قوات إسرائيلية على شاطئ صيدا خلال اجتياح لبنان عام 1982 (غيتي)

«الفرص الضائعة»... إيلي سالم يروي قصة الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي

يروي إيلي سالم، وزير خارجية لبنان السابق، في كتابه «الفرص الضائعة»، تفاصيل ما عُرف بـ«اتفاق 17 أيار» عام 1983 بين لبنان وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي نقل طفلة فلسطينية جريحة من المستشفى الإندونيسي إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس (أ.ف.ب)

مجمع طبي في غزة يعلن توقف الخدمة الصحية ما عدا الأقسام الحرجة

أعلن مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، اليوم الأربعاء، توقف كامل الخدمة الصحية المقدمة في المجمع ما عدا الأقسام الحرجة وهي أقسام العناية المركزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلان من «كتائب القسام» خلال عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

«كتائب القسام» تنشر فيديو لرهينة محتجزة في قطاع غزة

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، السبت، مقطع فيديو جديداً لرهينة محتجزة في غزة منذ هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

المشرق العربي دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

تقرير: وفد إسرائيلي يتوجه إلى قطر لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة

غادر وفد من المفاوضين «على مستوى العمل» إسرائيل متوجهاً إلى قطر؛ للمشاركة في محادثات تتعلق بوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس»

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطيني متأثر قرب جثة طفل قتل بقصف إسرائيلي قبل دفنه بغزة (أ.ف.ب)

خبراء أمميون: إسرائيل يجب أن تواجه عواقب حملتها في غزة

قال خبراء حقوقيون بالأمم المتحدة الاثنين إن إسرائيل يجب أن تواجه عواقب «إلحاق أقصى قدر من المعاناة» بالمدنيين الفلسطينيين في غزة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

استقطاعات حكومية لدعم غزة ولبنان تغضب متقاعدي العراق

السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)
السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)
TT

استقطاعات حكومية لدعم غزة ولبنان تغضب متقاعدي العراق

السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)
السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)

رغم التأكيدات الحكومية العراقية أن الاستقطاعات المالية من رواتب الموظفين والمتقاعدين المخصصة لتقديم المعونات إلى غزة ولبنان، ذات طابع «طوعي»، وبإمكان غير الراغبين رفض استقطاعها، تفاجأ قطاع المتقاعدين باستقطاع ما نسبته 1 في المائة، وبأثر رجعي للشهرين الماضيين، ما أثار غضب كثيرين.

وطلب مجلس الوزراء العراقي، برئاسة محمد شياع السوداني، في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من وزارة المالية استقطاع 1 في المائة من رواتب ومخصصات الموظفين في القطاع العام ورواتب المتقاعدين، على أن تُودع مبالغ الاستقطاع في حسابات دعم غزة ولبنان بالتساوي، أو وفق الأولويات التي يُحددها رئيس مجلس الوزراء.

لكن القرار جُوبه، وقتذاك، برفض وانتقادات شعبية وقانونية حادة، بوصفه «تجاوزاً» بحقوق المواطنين، وليس من حق الحكومة إرغامهم على التبرع، ما دفع الحكومة إلى إصدار بيان تحدّثت فيه عن أن مسألة التبرع «طوعية»، لكن رواتب الشهر الأخير، والاستقطاعات التي طالت قطاع المتقاعدين، أثبتت أنها «إلزامية»، حسب كثير من المتقاعدين.

غياب الثقة بالحكومة

ولفت الانتباه إلى أن الاستقطاعات اقتصرت على المتقاعدين، ولم تشمل الموظفين في القطاع العام. وأكد الموظف عمر القريشي عدم شمولهم بالاستقطاع، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «غالبية الموظفين تقدّموا بطلبات إلى دوائرهم لرفض الاستقطاع، ويبدو أن ذلك دفع وزارة المالية لعدم الاستقطاع».

ويعتقد القريشي أنه «لم تكن باستطاعة المتقاعدين تقديم طلبات عدم الاستقطاع؛ ولذلك اتخذت المالية قرارها بالاستقطاع من رواتبهم».

وأضاف أن «معظم الموظفين لا يثقون بالإجراءات الحكومية، أو أنهم غير متأكدين من أن المبالغ المستقطعة ستصل إلى مستحقيها في غزة ولبنان؛ لذلك يرفض معظمهم التبرع، وبعضهم قدّم بالفعل تبرعات خارج إطار الإجراءات الرسمية الحكومية».

شكاوى للمتقاعدين

في السياق ذاته، أعلن مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة الجنوبية، الثلاثاء، عن مخاطبته ديوان الرقابة المالية الاتحادي بعد شكاوى المتقاعدين بخصوص استقطاع نسبة من رواتبهم.

وقال مدير المكتب مهدي التميمي، في تصريحات صحافية، إنه «بعد التحقيقات الأولية لاستقطاعات رواتب المتقاعدين التي قام بها مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، نتيجة عدد من الشكاوى الواردة إلينا، خاطبنا ديوان الرقابة المالية الاتحادي للنظر في هذا الأمر».

وحذّر التميمي من «استمرار استقطاع مبالغ من هذه الشريحة الأكثر هشاشة في المجتمع، خصوصاً أن رواتبهم متدنية، فضلاً عما يعانونه من ظروف الحياة».

من جانبها، خاطبت النائبة نفوذ حسين الموسوي، مجلس الوزراء بشأن استقطاع نسبة من الرواتب.

وفيما لم يصدر عن وزارة المالية أو دائرة التقاعد أي بيان حول أسباب الاستقطاع الأخير، طالبت النائبة الموسوي في بيان، الجهة التي ستُشرف على صرف مبالغ الاستقطاعات، وآليات وأبواب الصرف، وإعلام المجلس باستمرار المساعدات التي بُني عليها الاستقطاع أو توقفها، فضلاً عن المطالبة باستثناء المتقاعدين من الاستقطاعات، وإعادة المبالغ المستقطعة من رواتبهم.

من جهة أخرى، وردّاً على ما يتردد بشأن إمكانية أن تعجز الدولة عن الالتزام بصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين خلال الأشهر القليلة المقبلة، أكدت اللجنة المالية البرلمانية، الأربعاء، تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين في العراق حتى نهاية سنة 2025.

وقال عضو اللجنة، معين الكاظمي، في تصريحات صحافية: «إن رواتب الموظفين والمتقاعدين كافة مؤمّنة بشكل كامل لنهاية سنة 2025، ولا مخاوف على تلك الرواتب، والحكومة تؤمن الأموال الكافية من بداية كل سنة للموازنة التشغيلية كونها لها أولوية».

وأضاف أن «أي حديث عن وجود تأخير في صرف الرواتب خلال الأشهر المقبلة غير صحيح إطلاقاً، وبعض الأحيان يحدث تأخير في إطلاق التمويل، بسبب أعطال أو غيرها من الإجراءات الفنية، وليس بسبب عدم وجود السيولة النقدية».

ويعتقد على نطاق واسع في العراق أن البلاد ستتأثر سلباً في حال قيام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمحاولات لخفض أسعار النفط، بالنظر لاعتماد اقتصاد العراق الكلي على أموال النفط، وتالياً فإن أي انخفاض في الأسعار سيؤدي إلى عجز الحكومة عن سداد رواتب جيش من الموظفين والمتقاعدين يصل إلى نحو 7 ملايين مواطن، وفق بعض الإحصاءات الرسمية. وهناك حديث أيضاً عن إمكانية قيام واشنطن بفرض عقوبات على العراق، الذي يعتقد أن يساعد إيران على تصدير بعض منتجاتها النفطية.