هل ينغلق الأفق السياسي أم ينفتح بعد هجوم غزة؟

دمار جراء غارات إسرائيلية على مدينة غزة، السبت (أ.ف.ب)
دمار جراء غارات إسرائيلية على مدينة غزة، السبت (أ.ف.ب)
TT

هل ينغلق الأفق السياسي أم ينفتح بعد هجوم غزة؟

دمار جراء غارات إسرائيلية على مدينة غزة، السبت (أ.ف.ب)
دمار جراء غارات إسرائيلية على مدينة غزة، السبت (أ.ف.ب)

لكل عملية حربية هدف سياسي، باستثناء العملية التي تدور رحاها بين إسرائيل و«حماس». فلا «حماس» تضع أهدافاً سياسية محددة ترمي إليها، ولا حكومة إسرائيل تضع هدفاً سياسياً واضحاً عندما أعلنت أنها في حالة حرب رداً على هجوم «حماس» على محيط قطاع غزة.

قال رئيس «حماس» إسماعيل هنية: «نخوض معركة الشرف والمقاومة والكرامة للدفاع عن المسرى والأقصى تحت العنوان الذي أعلنه الأخ القائد العام أبو خالد (محمد) الضيف (طوفان الأقصى)، هذا الطوفان بدأ من غزة وسوف يمتد للضفة والخارج وكل مكان يوجد فيه شعبنا وأمتنا». واعتبر أن عملية «حماس» جاءت رداً على ممارسات إسرائيل.

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فقال: «نحن في حالة حرب، ليس في عملية، وليس في جولات، وإنما في حالة حرب. صباح اليوم نفذت (حماس) هجوماً دموياً مباغتاً ضد إسرائيل وضد مواطنيها. نحن منشغلون بهذا منذ ساعات الصباح الباكر». وراح يشرح كيف تصرف كقائد مسؤول، وأنه منذ الصباح يجري مشاورات، وأنه أعطى تعليمات لإعادة الوضع السابق قبل الهجوم، أي تحرير البلدات التي سيطر عليها رجال «حماس» واحتجزوا فيها الرهائن، وبعدها سيتم الانتقام من خلال «معاقبة من أقدموا على هذه العملية». والأمر السياسي الذي ذكره هو دعوة الجمهور إلى وحدة الصفوف وراءه. وقد فُهم القصد من هذا بوضوح؛ وقف حملة الاحتجاج ضد حكومته واستعادة شعبيته المفقودة. وبطبيعة الحال، فإن الحرب هي أقصر الطرق أمام إعادة القوة لشعبية نتنياهو.

تقاطع طرق تسلل إليه مقاتلو «حماس» في سيدروت، السبت (رويترز)

ولكن هذا لا يتم بشكل تلقائي. فإذا انتهت هذه الحرب بخيبة إسرائيلية، يمكن أن تأتي النتيجة عكسية. فقد سبق أن حصل الأمر في سنة 1973، حيث فوجئت إسرائيل بالهجوم المصري - السوري المشترك لتحرير الأراضي المحتلة، وأقامت الحكومة لجنة تحقيق رسمية خرجت باستنتاج يبرّئ القيادة السياسية ويدين الجيش باعتباره المسؤول عن الإخفاق. لكن الشعب خرج إلى الشوارع في مظاهرات صاخبة، واضطرت حكومة غولدا مائير إلى الاستقالة.

كيف تنتهي حرب غزة؟

فكيف ستنتهي هذه الحرب؟ هل سيكون الانتقام الإسرائيلي بإسقاط حكم «حماس»؟ هل ستقدم إسرائيل على اجتياح بري لقطاع غزة؟ وإذا حصل هذا الاجتياح، هل هناك ما يضمن ألا يتحول إلى ورطة إسرائيلية، تسفر عن مزيد من القتلى والأسرى؟ وقد توجهت حكومة إسرائيل إلى «حزب الله»، عبر الوسطاء الفرنسيين وغيرهم، تؤكد أنها غير معنية بمحاربته. لكن كثيراً من المسؤولين في المخابرات والجيش لا يؤمنون بأن «حزب الله» سيقف هذه المرة أيضاً خارج الحرب مع قطاع غزة. بل نُقل على لسان أحد الوزراء الإسرائيليين قوله إنه يخشى أن تكون حرب غزة محاولة للتغطية على حرب أكبر وأوسع، يشارك فيها «حزب الله»، وإلى جانبه ميليشيات إيرانية أخرى، تعمل في سوريا والعراق واليمن.

كما أعرب عن خشيته من أن تؤدي حرب غزة، في حال اتساعها، إلى زيادة الملفات في محكمة العدل الدولية ضد جرائم حرب ترتكبها إسرائيل، وإلى حدوث انعطافة في مواقف الدول الغربية، فإذا كان قادة الحكومات قد خرجوا بإدانة «حماس» على حربها، فلا يستبعد أن يخرج جمهورهم إلى الشوارع يتظاهر ضد إسرائيل. ويعتقد إسرائيليون كثيرون أن التيار اليساري في الحزب الديمقراطي الأميركي يتخذ موقفاً حاداً ضد حكومة إسرائيل، ويمكن أن يؤثر على الإدارة الأميركية. وهناك خشية في إسرائيل من أن تشوش هذه الحرب على مشروع توسيع اتفاقيات إبراهيم، إذ إن كثيرين في العالم العربي والإسلامي يتهمون إسرائيل بالمسؤولية عن وصول الأمور إلى الوضع الذي وصلت إليه. ويشير هؤلاء بأصابع الاتهام إلى حكومة اليمين المتطرف وقيادة الاستيطان بالمسؤولية عن التدهور، من جراء اقتحامات الأقصى واعتداءات المستوطنين وتوسيع الاستيطان وإساءة شروط معيشة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

فلسطينيون يفرون من مدينة غزة قبل بدء الضربات الإسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)

حتى لو لم تتسع الحرب إلى جبهات أخرى، واقتصرت على الساحة الفلسطينية، وفي حال الاستمرار في «معاقبة أصحاب الهجوم على إسرائيل»، كما وعد نتنياهو، وطالت مدة القتال، وترافقت مع تدمير عمارات وحصد أرواح مئات الفلسطينيين، كما سبق أن حصل في جولات أخرى، ومع قيام المستوطنين في الضفة الغربية بارتكاب اعتداءات دموية ضد الفلسطينيين، فإن النتيجة لن تساعد نتنياهو ولا جيشه على الخروج من المأزق، وقد تكون النتيجة وبالاً على كليهما.

فراغ الزعامة في إسرائيل

في مثل هذه المعضلات تنشأ حاجة ملحة لزعماء أقوياء بمقدورهم اتخاذ قرارات شجاعة تحدث انعطافاً في الموقف وفي الأحداث. ومع الحكومة الإسرائيلية الحالية، يعدّ هذا الأمر مستبعداً جداً. حتى لو أراد نتنياهو أن يكون تلك الشخصية، فإن الحكومة التي أقامها، تقيّده بأغلال ثقيلة جداً، إذ إنها حكومة تنتهج سياسة تغلق الأفق السياسي ببوابة من الفولاذ.

وإن نجح الأميركيون في خطتهم لتغيير تركيبة الحكومة وإدخال بيني غانتس إليها، وإخراج حزب المتطرفين، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، منها، فسيكون على نتنياهو الإقدام على خطوات تعيد فتح الأفق السياسي الإقليمي، والسعي لإنهاء الصراع بحلول واقعية. فالسياسة التي تتبعها إسرائيل حتى الآن وعنوانها «إدارة الصراع»، جُرّبت بما في الكفاية على مدى 75 عاماً، والتهرب من التسوية ومستلزماتها سيعود على الأرجح بمزيد من التورط في حروب وإخفاقات.


مقالات ذات صلة

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة سبتمبر الماضي (رويترز) play-circle

خاص إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

باتت حركة «حماس» تتحسب لعملية اغتيال إسرائيلية جديدة، محتملة لبعض قياداتها في خارج الأراضي الفلسطينية، وتحدثت مصادر كبيرة عن قلق من حدوثها في دولة غير عربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء البحث عن جثث رهائن إسرائيليين إلى جانب عمال الصليب الأحمر وسط أنقاض مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تعلن مقتل 40 مسلحاً محاصراً من «حماس» في أنفاق تحت رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، إنه قُتل نحو 40 من مسلحي حركة «حماس» الذين كانوا محاصرين في أنفاق تحت رفح بجنوب قطاع غزة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي الفلسطيني ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

مقتل ياسر أبو شباب في غزة

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، نقلاً عن مصادر أمنية، إن ياسر أبو شباب أبرز زعماء العشائر المناهضة لحركة «حماس» في قطاع غزة توفي متأثراً بجراحه.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
TT

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

قالت عائلة المعتقل الفلسطيني المسن من قياديي حركة «حماس» محمد أبو طير، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مصعب نجل محمد أبو طير (75 عاماً): «داهمت قوات إسرائيلية منزل العائلة في قرية دار صلاح شرق بيت لحم قبل الفجر منذ نحو ثلاثة أسابيع واعتقلت والدي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاماً في سجون الاحتلال».

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف: «يعاني والدي من أمراض السكري والضغط والصدفية ولا نعلم إن كان يحصل على دوائه أم لا ولا نعرف سبب اعتقاله».

وأوضح مصعب أبو طير أن تحويل والده للاعتقال الإداري لأربعة أشهر يعني أن إسرائيل لم تجد تهماً توجهها إلى والده. وقال: «هذه المرة الأوضاع في السجون الإسرائيلية صعبة جداً ووضع والدي الصحي لا يتحمل هذه الظروف».

وتستخدم إسرائيل قانوناً بريطانياً قديماً يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة بين ثلاثة وستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.

ولم يصدر بيان من الجهات الإسرائيلية ذات الصلة عن أسباب اعتقال أبو طير.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان: «قرار الاحتلال بنقل المعتقل الإداري المقدسي والمسنّ محمد أبو طير إلى قسم ركيفت الواقع تحت الأرض في سجن نيتسان بالرملة، هو قرار إعدام بحقه». وعاودت إسرائيل فتح ركيفت بعد الحرب للزج بمعتقلي غزة فيه.

وأضاف النادي في بيانه: «أبو طير هو نائب سابق (في المجلس التشريعي الفلسطيني)، وقد قرر الاحتلال إبعاده عن القدس إلى جانب مجموعة من النواب المقدسيين كما أقدم الاحتلال لاحقاً على سحب هويته المقدسية».

وفاز أبو طير في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، وحصلت حركة «حماس»، التي شاركت فيها للمرة الأولى، على أغلبية مقاعد المجلس.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد المعتقلين إدارياً من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 3368 حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمسّ كرامتهم الإنسانية وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة».

واستنكرت الرئاسة في بيان لها اليوم «بشكل خاص ما يتعرض له القائد الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجون الاحتلال».


«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية، في خطوة قال مفوض الوكالة، فيليب لازاريني، إنها تعكس تضامناً عالمياً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين.

وقال لازاريني، في منشور على «إكس»، إن قرار الأمم المتحدة «هو أيضاً إقرار بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين، إلى حين التوصُّل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود».

وزعمت إسرائيل، أوائل العام الماضي، أن 12 من موظفي «أونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ مما دفع دولاً عدة، من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وخلصت مراجعة، صدرت في وقت لاحق من ذلك العام أجرتها مجموعة عمل أممية، إلى أن إسرائيل لم تقدِّم أدلةً على مزاعمها بأنَّ موظفين في «أونروا» أعضاء في جماعات إرهابية.

وتأسست «أونروا» في 1949 بعد إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في العام السابق، وتقدم خدمات تعليمية وصحية، ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.


تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
TT

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)
السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

أوردت وكالة «بلومبرغ» أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، سيبدأ، غداً (السبت)، جولة في الشرق الأوسط تستمر أربعة أيام تشمل إسرائيل والأردن.

وقالت الوكالة إن والتز سيلتقي أثناء زيارته لإسرائيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.

ويلتقي أثناء زيارته للأردن بالملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي لمناقشة دور الأردن في تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.