إسرائيل: نحن في حرب

ردّت على «طوفان الأقصى» باستدعاء الاحتياط... 22 قتيلاً حتى الآن و545 مستوطناً في المستشفيات

TT

إسرائيل: نحن في حرب

إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل السبت (إ.ب.أ)
إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل السبت (إ.ب.أ)

بعد الصدمة الهائلة التي سببها هجوم حركة «حماس» على إسرائيل، ومرور ساعات حتى تم استيعاب الحدث، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (السبت) لشعبه في رسالة تلفزيونية من مقره العسكري في تل أبيب: «نحن في حرب». وجاء خطابه في أعقاب بيان مماثل لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي تعهد بـ«فوز إسرائيل» في الحرب، علماً أن هذه الكلمة لم تستخدم في إسرائيل منذ حرب 1973.

وبينما أعلنت إسرائيل استدعاء الاحتياط، دعا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى اجتماع طارئ للمجلس الوزاري المصغر للتداول في الهجوم الذي شنته «حماس» تحت عنوان «طوفان الأقصى» على البلدات الإسرائيلية وسيطرت خلاله على عدد منها. وأفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية اليوم بأن هجوم «حماس» أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 إسرائيلياً، في حين ذكرت القناة «12» الإسرائيلية أن القتلى 22 (فيما يبدو حصيلة أولية يمكن أن ترتفع)، علماً أن الشرطة الإسرائيلية تقدر أن 60 مسلحاً فلسطينياً موجودون في 14 موقعاً داخل إسرائيل. وقالت «هآرتس» إن أكثر من 200 إسرائيلي أصيبوا في الهجمات على إسرائيل، في حين قالت وزارة الصحة الإسرائيلية إن 545 مستوطناً نُقلوا إلى المستشفيات حتى الآن بفعل نيران «حماس».

وبدأ الجيش الإسرائيلي من جهته الرد الأوليّ على الأحداث وراح يفحص مدى خطورتها، وكيفية الرد عليها، والتدقيق فيما إذا كان هناك تنسيق مع «حزب الله» اللبناني، وخطر انفجار على عدة جبهات في آنٍ، فأعلن حالة طوارئ حربية، محاولاً استيعاب المفاجأة والرد عليها في الجبهة الإسرائيلية الداخلية، حيث يسيطر مسلحون فلسطينيون على عدة مواقع، وفي قطاع غزة، حيث يتم قصف مئات الأهداف. كما تفتش إسرائيل عن قادة من «حماس» لاغتيالهم.

دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على غزة السبت (رويترز)

وحسب تسلسل الأحداث في إسرائيل، بدأ هجوم «حماس» في الساعة السادسة والنصف صباحاً، حيث سُمعت صفارات الإنذار، في مناطق متعددة في إسرائيل، شملت تل أبيب ومحيطها وبلدات إسرائيلية في الجنوب وفي البلدات المحيطة بقطاع غزة. وتبين أن مقاتلي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أطلقوا وابلاً من الصواريخ والقذائف باتجاه إسرائيل (حسب إسرائيل 2200 قذيفة، وحسب «حماس» 5000)، بعضها وصل إلى منطقة تل أبيب. وسمع السكان في كل هذه المناطق صوت انفجارات، وطُلب منهم الدخول إلى الأماكن المحصنة والآمنة.

وبحسب شهود عيان، فإنه خلال ربع ساعة أُطلقت الصواريخ من دون توقف. وذكر الإسعاف الإسرائيلي (نجمة داود الحمراء)، أنه وفقاً لتقارير أولية وردت معلومات عن سقوط صواريخ في يفنه وسط إسرائيل وعسقلان وبلدة كفار أبيب بالقرب من أشدود. وأصيب في يفنه رجل يبلغ من العمر 20 عاماً بجروح متوسطة متأثراً بشظايا. وبدأت قوات الشرطة في البحث عن مراكز السقوط، وطالبت الأهالي بتجنب الحضور لأماكن السقوط، وطالبتهم بالتبليغ عن أي أغراض مشبوهة. وأصيب عشرات المواطنين والجنود.

وبدأت عملية إنزال عشرات المقاتلين من «حماس» بواسطة أشرعة هوائية مفاجئة، ومن البحر، وربما بوسائل أخرى، فدخلوا إلى عدد من البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود، بما في ذلك وصولهم إلى احتفالات بالعيد. وتم قتل رئيس المجلس الإقليمي «شعار هنيغف» خلال تبادل إطلاق النار مع المسلحين، وسيطروا على عدد من البلدات، واحتجزوا عدداً من الجنود والمدنيين، وتمكنوا من نقلهم إلى قطاع غزة كرهائن. واعترفت إسرائيل بأن «حماس» تحتل عدداً من البلدات من دون إعطاء تفاصيل. وقد ردت إسرائيل بغارات قصفت خلالها مئات المواقع التابعة لـ«حماس».

فلسطينيون يعودون إلى غزة في عربة عسكرية إسرائيلية استولوا عليها السبت (أ.ف.ب)

وعلى أثر هذه الأحداث خرج رؤساء المعارضة الإسرائيلية في بيان مشترك، وقع عليه رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة يائير لبيد، ووزير الدفاع الأسبق بيني غانتس، ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، ورئيس «حزب العمل» ماراف ميخائيلي، قالوا فيه: «نحن جميعاً متحدون في وجه الإرهاب، وعلينا أن نضربه بيد قوية وحازمة. في مثل هذه الأيام لا توجد معارضة أو ائتلاف في إسرائيل. سنقدم الدعم الكامل لقوات الأمن لرد حاد وقاسٍ ضد التطرف ورسله». وأعلن قادة الاحتجاج على خطة الحكومة القضائية إلغاء المظاهرات الأسبوعية.

إسرائيليون يحاولون إطفاء حريق بعد سقوط صواريخ فلسطينية في عسقلان السبت (رويترز)

ومقابل ظهور المعارضة، لوحظ صمت من رئيس الحكومة، نتنياهو، ووزرائه. وكانت المرة الأولى التي ظهر فيها نتنياهو بعد أربع ساعات من بدء العملية.

وإلى جانب المعارك القتالية، دارت نقاشات حادة وتراشق اتهامات في الإعلام. فالصحافيون يتساءلون: «أين قيادة الدولة؟». وبعضهم يقولون: «حذرنا عشرات المرات من هذا الانفجار ولم يسمعونا. فلماذا يُصدمون اليوم؟». وسرب عدد من الوزراء تصريحات هجومية على قيادة الجيش «التي طمأنتنا بأن (حماس) مرتدعة ولن تقدم على حرب». ورد الجنرالات في الجيش بتسريبات تقول إنهم حذروا الحكومة عدة مرات من خطر الجمود السياسي والمواقف المتطرفة وانفلات المستوطنين، وأنه سيعود على البلاد بانفجار كبير وخطير.

وصرح وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، بعد انتهاء تقييم الأوضاع الأمنية في مقر وزارة الأمن الإسرائيلي، بأن «(حماس) ترتكب خطأ كبيراً وتعلن حرباً ضد إسرائيل»، مضيفاً أن «كافة الجنود الإسرائيليين يحاربون في كافة النقاط»، مشدداً على أن «إسرائيل ستنتصر في هذه المعركة».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي جندي إسرائيلي فوق دبابة بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع غزة (أ.ب)

تقرير: «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترحات جديدة

أكد مصدر قيادي فلسطيني اليوم (السبت)، أنه في ظل ما يردده رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أنه سيقدم اقتراحاً جديداً، فإن حركة «حماس» ترفض تسلُّم أي مقترح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون في مستشفى «ناصر» يندبون ويحزنون حول جثث ذويهم الذين قتلوا خلال هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة (د.ب.أ)

إسرائيل تطلب من سكان غزة إخلاء مناطق جنوب خان يونس «مؤقتاً»

قال بيان للجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، إن الجيش طلب من الفلسطينيين إخلاء الأحياء الجنوبية في منطقة خان يونس بقطاع غزة «مؤقتاً».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي سجن جلبوع الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

وفاة قيادي بـ«حماس» في الضفة الغربية بعد نقله من سجن إسرائيلي للمستشفى

ذكرت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، أن قيادياً بحركة «حماس» في الضفة الغربية توفي بعد نقله من سجن إسرائيلي لمستشفى.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.