العراق: سجال انتخابي بين الحلبوسي ومنافسيه... و«المعركة الأكبر» في بغداد

الحلبوسي يشارك في اجتماع الرئاسات بحضور السوداني ورشيد ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان الأحد الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
الحلبوسي يشارك في اجتماع الرئاسات بحضور السوداني ورشيد ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان الأحد الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق: سجال انتخابي بين الحلبوسي ومنافسيه... و«المعركة الأكبر» في بغداد

الحلبوسي يشارك في اجتماع الرئاسات بحضور السوداني ورشيد ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان الأحد الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
الحلبوسي يشارك في اجتماع الرئاسات بحضور السوداني ورشيد ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان الأحد الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

تدخل الحملات الانتخابية للقوى السنية مرحلة المناكفات السياسية، بعد ظهور دعوات في بغداد للاحتجاج على رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لكن قيادياً بارزاً في حزب «تقدم» توقع أن تكون حملته لمجالس المحافظات «أكثر هدوءاً واستقراراً» من جولات الاقتراع السابقة.

وظهر النائب السابق ليث الدليمي، هذا الأسبوع في مقطع مصور، وهو يخاطب مجموعة من السكان المحليين شمال بغداد، للخروج في مسيرة احتجاج ضد الحلبوسي وهم يرتدون «السراويل».

والخلاف بين الحلبوسي والدليمي يعود إلى مطلع العام الحالي، حين أنهى البرلمان عضوية النائب، الذي قال لاحقاً إن «رئيس البرلمان أجبره على توقيع استقالة غير مؤرخة، لاستغلالها سياسياً»، وهو ما نفاه حزب «تقدم» الذي يقوده الحلبوسي.

ويملك الدليمي الآن مرشحين اثنين في مناطق شمال بغداد للمنافسة على مقاعد في مجلس المحافظة، لكنهما يتنافسان مع مرشحين آخرين من حزب الحلبوسي، ويحاول الترويج لقائمته الانتخابية بفتح سجال معه.

ويزعم مقربون من الدليمي أنه يملك شعبية قوية في مناطق شمال بغداد، ويحاول استثمارها لدخول مجلس المحافظة، لكن المنافسة مع الحلبوسي الذي يتمتع بنفوذ سياسي لن تكون سهلة على حد تعبير قيادي في حزب «تقدم». وقال القيادي لـ«الشرق الأوسط» إن «دعوات الاحتجاج جزء من محاولات تحريك الشارع انتخابياً (...) الدليمي يريد إظهار قوته في الشارع وهذا أمر مشروع».

الحلبوسي «بسبعة أرواح»

يردد الوسط السياسي السني أن الحلبوسي نجا من عشر محاولات انقلابية استهدفت الإطاحة به من منصب رئيس البرلمان، ويعتقد كثيرون أنه تمكن من الصمود أمام هذه المحاولات، وغالبيتها من خصوم سنة، بسبب قدرته على التكيف مع المتغيرات المحلية والإقليمية، وفقاً لتعبير القيادي في «تقدم».

وفي لقاء متلفز، قال رئيس الجبهة الوطنية للحوار صالح المطلك، إن «الحلبوسي بسبعة أرواح، وأظهر قدرة على التعامل مع الضغوطات السياسية».

ويعتقد أعضاء مقربون من الحلبوسي أن الضغوط الكبرى التي تعرض لها خلال السنوات الماضية كانت من قبل أطراف شيعية، لكن القيادي في حزب «تقدم» قال إن الإطار التنسيقي لا يجد «أي مصلحة سياسية من استهداف الحلبوسي، على الأقل في المدى المنظور».

وثمة عوامل أساسية تشكل «ظاهرة الحلبوسي»، كما يصفها قيادي في دولة القانون، طلب عدم ذكر اسمه، إذ إن «الرجل كان يعرف متى يهاجم ومتى يقدم الهدايا السياسية، كما أن القوى الشيعية غيرت من أسلوبها مع الرجل بعد أن فشلت اتفاقات مع خصومه السنة لتحييده من المشهد العام».

وبحسب القيادي في «تقدم»، فإن الفرز السياسي للمشهد السني انتهى إلى عدد محدود من القوى التي ستتحكم بمقاعد مجالس المحافظات، وبحسب المعطيات فإن الحلبوسي أكبر المنافسين حتى الآن.

ويتوزع مرشحو الحلبوسي في جميع المدن السنية، ويتنافسون مع قوى أخرى تمثل زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس حزب الحل جمال الكربولي، وقوى أخرى.

المعركة الأكبر في بغداد

إذا كانت التقارير الانتخابية التي تقدمها الماكينات الحزبية عن حظوظ المرشحين في الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى تتحدث عن نسب تقريبية لعدد المقاعد المتوقعة لكل حزب، فإن التوقعات في بغداد لا تقول شيئاً حتى الآن.

ويقول القيادي في حزب تقدم، إن «نتائج انتخابات مجالس المحافظات ستحدد الخريطة السياسية في البرلمان المقبل (...) مجلس المحافظة سيمكن القوى السياسية من النفاذ إلى مؤسسات حيوية على احتكاك مباشر مع الناخبين، لكن بغداد ستبقى المعركة الأصعب».

وتشير معلومات خاصة تفيد بأن خطة كل من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، تستهدف الحصول على أكبر عدد من المقاعد، ستجعلهما في حال نجحت يتقاسمان عدد المقاعد في مجلس العاصمة.

وخلافاً للمالكي الذي يواجه عدداً كبيراً من المنافسين من أحزاب شيعية منضوية داخل الإطار التنسيقي، إلى جانب مخاوف من تصويت جمهور التيار الصدري، فإن الحلبوسي يتعامل مع عدد أقل من المنافسين، لذا فإنه يبدو على الورق مؤهلاً أكثر للظفر بمقاعد كبيرة في مجلس المحافظة، لكن من الصعب توقع ما يحدث بين المتنافسين السنة، وفيما إذا كانت الفصائل الموالية لإيران تريد معادلة مختلفة في بغداد.


مقالات ذات صلة

السوداني والمالكي... حرب باردة وأكثر

تحقيقات وقضايا أنصار «الإطار التنسيقي» يرفعون صورة المالكي خلال مظاهرة بالقرب من المنطقة الخضراء في بغداد 12 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

السوداني والمالكي... حرب باردة وأكثر

تدور حرب باردة بين نوري المالكي ومحمد شياع السوداني. يتحرك الاثنان بسرعة نحو حلبة الانتخابات المقبلة. هناك، سيكون الصراع مؤذياً ومفتوحاً.

علي السراي (لندن)
شؤون إقليمية المرشح الجمهوري للرئاسة والرئيس السابق دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية سنوية في واشنطن الجمعة (أ.ب)

ترمب يحذر من إزالة إسرائيل إذا حصلت طهران على سلاح نووي

حذر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من اقتراب إيران من الحصول على سلاح نووي، مؤكداً أنه إذا امتلكت إيران سلاحاً نووياً فإن إسرائيل «ستزول» من الوجود.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

دعت السلطات العراقية سكان البلاد، اليوم (الأحد)، إلى ملازمة منازلهم يومي 20 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بهدف إجراء تعداد عام للسكان والمساكن.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مسافرون داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب فوضى شهدها مطار بغداد الدولي»، جراء التضارب والتأخير في مواعيد الرحلات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

أحزمة ناسفة وقيادات «صف أول»... تفاصيل الغارة على «داعش» غرب العراق

كشفت واشنطن وبغداد عن غارة مشتركة على مواقع لمسلحي «داعش» في الصحراء الغربية بالأنبار، أسفرت عن مقتل «قيادات» في التنظيم.

حمزة مصطفى (بغداد)

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
TT

هل تغيرت تعليمات احتجاز الأسرى الإسرائيليين في غزة؟

أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)
أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يحاول إخراج مشارك في مظاهرة خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس طالبت بالعودة الفورية للرهائن في غزة (رويترز)

سلّطت الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس» حول التسبب في قتل المختطفين الإسرائيليين الستة، الذين عثر عليهم في نفق في رفح، جنوب قطاع غزة، الضوء على ظروف احتجاز الأسرى الإسرائيليين، وطبيعة التعليمات المعطاة للمكلفين بحراستهم.

وفيما تقول إسرائيل إن الأسرى كانوا أحياء حتى قبل يوم أو يومين، وقتلوا برصاص حراسهم، تؤكد «حماس» أنهم لقوا حتفهم نتيجة قصف الجيش الإسرائيلي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها إسرائيل «حماس» بقتل الأسرى، وأثارت هذه الاتهامات كثيراً من التساؤلات حول حقيقة ما إذا كانت الحركة قد اتخذت قراراً بقتلهم ضمن ظروف محددة، في ظل تشديد العمليات العسكرية البرية والجوية ضد عناصرها، خاصةً أن الناطق باسم «القسام» جناحها المسلح «أبو عبيدة» كان قد صرح في بداية الحرب الحالية، وتحديداً في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه سيتم إعدام أسير مدني مقابل كل مجزرة يرتكبها الاحتلال بغزة، قبل أن يضطر إلى سحب مقطع الفيديو بعد مرور ساعات، في ظل الضجة التي أحدثها ذلك التصريح.

الناطق العسكري باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة (أرشيفية - رويترز)

وقالت مصادر من داخل حركة «حماس» في غزة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد داخل «حماس» أي قرار أو توجه بقتل الأسرى، وإن تصريحات أبو عبيدة السابقة لم تكن ضمن تعليمات رسمية، وإنه تم إبلاغ جميع الوسطاء والدول والمنظمات التي تواصلت مع قيادة الحركة حينها لفهم حقيقة ما يجري وأنه لم تصدر تعليمات بهذا الشأن، ولن تصدر.

وبحسب المصادر، فإنه «حتى قبل أيام قليلة لم يكن هناك أي تعليمات جديدة تتعلق بالأسرى الإسرائيليين»، موضحة: «التعليمات الصارمة هي الحفاظ على حياتهم، لأن كل أسير حي سيجلب ثمناً مختلفاً».

نقل مصابين بينهم أطفال بعد قصف طائرات إسرائيلية منازل في دير البلح بغزة (وفا)

لكن مع هذه التعليمات الواضحة، لا يبدو أن المسألة قيد السيطرة تماماً، فقد وقعت حادثة في الآونة الأخيرة أثارت كثيراً من الشكوك، عندما صرّح «أبو عبيدة» في 12 أغسطس (تموز) الماضي أن مجندين من المكلفين بحراسة بعض الأسرى قاما بإطلاق النار على أسير وقتلاه على الفور وأصابا أسيرتين بجراح خطيرة، مؤكداً بعد أيام أن المجندين قاما بذلك خلافاً للتعليمات، وأن أحدهما تصرف بشكل انتقامي خلافاً للتعليمات، بعد تلقيه خبر ارتقاء طفلَيه في إحدى مجازر الاحتلال الإسرائيلي.

وقال مصدر مطلع على نتائج التحقيقات لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الحادثة لم تكن مقصودة، وتم إعفاء المجندين المكلفين بالحراسة من أي مهام.

وتنفي المصادر بشدة وجود أي تغيير في التعليمات التي تصدر للمكلفين بحراسة المختطفين الإسرائيليين.

ولم تؤكد المصادر حقيقية ما جرى مع المختطفين الستة في رفح.

لافتة أنهم «ربما قتلوا برصاص قوات الاحتلال بعد وصولها للنفق، أو أن بعض المقاومين الذين كانوا يعملون على حراستهم اضطروا لقتلهم، بهدف منع الاحتلال من تحقيق إنجاز حقيقي باستعادتهم أحياء».

وأضافت: «يجري التواصل من قبل المسؤولين عن هذا الملف، مع المجموعة التي كانت تأسرهم لمعرفة التفاصيل الدقيقة». وتابعت المصادر: «في حال أنهم قتلوا من قبل المكلفين بحراستهم تكون قد ضاقت كل الخيارات أمامهم ولا يريدون منح الاحتلال فرصة تحقيق أي إنجاز باستعادتهم أحياء».

تعليقات متعاطفة مع الرهينة الإسرائيلي الأميركي هيرش جولدبرغ - بولين في مدرسة بالقدس الأحد (إ.ب.أ)

وأكدت مصادر ميدانية أخرى من الفصائل في غزة على أنه في ذروة العمل لا يسمحون بأي حال من الأحوال للقوات الإسرائيلية باستعادة أي مختطف حي، والاستبسال في حال محاصرتهم لمنع تحقيق هذا الهدف. ولم تفسر المصادر بشكل واضح ما إذا كان يعني ذلك السماح بقتل المختطفين لديها.

صورة تجمع الرهائن الست الذين أعلن الجيش الإسرائيلي العثور على جثثهم في قطاع غزة (أ.ب)

المختطفون الستة كان سيتم إطلاق سراحهم ضمن الصفقة المرتقبة، ويعدّ قتلهم خسارة لـ«حماس» كذلك، ومن شأنه أن يؤثر على سير المفاوضات.

وكانت «حماس» قد حرصت منذ بداية الحرب على نقل المحتجزين من مكان إلى مكان، ومن تحت الأرض إلى فوقها والعكس، في محاولة للاحتفاظ بهم بعيداً عن أعين الجيش الإسرائيلي، لكن الجيش بدأ في الآونة الأخيرة بالوصول لكثير من الأنفاق التي يوجد بها الأسرى، الأمر الذي يضغط على حركة «حماس» التي بدأت تفقد أهم أوراقها الرابحة في هذه المعركة.

وتسعى «حماس» منذ بداية الحرب الحالية لمحاولة التوصل لاتفاق يحفظ لها تحقيق أهدافها بتبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، إلا أن هذا الهدف بدأ يتلاشى مع فقدانها كثيراً من المختطفين لديها.

ويوجد أعداد لا بأس بها من هؤلاء المختطفين قد قتلوا في غزة، ويعتقد أن 97 من أصل 251 محتجزاً اختطفتهم «حماس» في 7 أكتوبر لا يزالون الآن في غزة، بما في ذلك جثث ما لا يقل عن 33 شخصاً، أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم.