بغداد تستعد لمباحثات صعبة مع أنقرة بشأن «حزب العمال»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد (أ.ب)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد (أ.ب)
TT

بغداد تستعد لمباحثات صعبة مع أنقرة بشأن «حزب العمال»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد (أ.ب)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد (أ.ب)

أعلن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد أن بلاده ترفض الانتهاك المستمر من قبل القوات التركية للأراضي العراقية تحت ذريعة وجود حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية.

وبينما عدّ رشيد في تصريحات أدلى بها لقناة «العربية الحدث» أن «مشكلة حزب العمال الكردستاني قديمة وتعود إلى نحو 45 عاماً»، فإنه كشف عن إمكان إجراء مباحثات مع الجانب التركي «تنتهي إلى اتفاق مماثل للاتفاق الذي أبرمه العراق وإيران بشأن نزع أسلحة جماعات إيرانية معارضة تتخذ من الأراضي العراقية في إقليم كردستان ملاذاً لها».

وتزامنت تصريحات الرئيس العراقي مع أقوى هجوم نفذته تركيا ضد مواقع لحزب العمال الكردستاني المصنف لديها إرهابياً، داخل الأراضي العراقية في محافظة السليمانية مع الهجوم الذي نفذه الحزب وسط أنقرة الأحد. وكانت أنقرة قد شنّت عقب الهجوم ضربات جوية هي الأعنف منذ شهور استهدفت مواقع لحزب العمال في كردستان العراق، بحسب ما قالت وزارة الدفاع التركية. وقالت الوزارة، في بيان، إنه «تم تنفيذ عملية جوية في جبال ميتينا وقنديل وغارا وهاكورك، ضمن إقليم كردستان، نتج عنها تدمير 20 نقطة يوجد فيها عناصر حزب العمال».

أفراد من قوات الشرطة الخاصة قرب موقع التفجير الذي تبناه «حزب العمال الكردستاني» في أنقرة يوم الأحد (أ.ف.ب)

على خطى طهران

وبينما نجح العراق وإيران نسبياً في إبرام اتفاق يقضي بنزع أسلحة أحزاب إيرانية معارضة اتخذت من الأراضي العراقية في محافظة السليمانية مقار لها، ونقل عناصرها إلى مناطق بعيدة، فإن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد قال، في تصريحاته، إن بغداد تنوي عقد اتفاق مماثل مع الجانب التركي بشأن حزب العمال الكردستاني.

ومع أن الحكومة العراقية لم تقدم تأكيدات لما أعلنه رشيد، لكن مراقبين سياسيين في العاصمة العراقية يرون أن من الصعوبة إبرام اتفاق مع تركيا بخصوص «حزب العمال»، نظراً لوجود فروقات كبيرة بين الأحزاب المسلحة الإيرانية و«حزب العمال»، كون الأخير يمتلك قواعد وحواضن داخل العراق منذ تسعينات القرن الماضي، وهو ما دفع بغداد في عهد نظام الرئيس الأسبق صدام حسين إلى إبرام اتفاق مع أنقرة يقضي بدخول قوات البلدين لنحو 5 إلى 15 كلم داخل أراضي البلد الآخر لمطاردة قوى المعارضة لكليهما.

وأشار هؤلاء إلى أنه بعد سقوط النظام الأسبق تمكّن حزب العمال الكردستاني من أن يعزز مواقعه داخل العراق مستفيداً من التناحرات السياسية بين القوى والأحزاب السياسية لا سيما الكردية، وهو ما جعله صديقاً للبعض وعدواً للبعض الآخر، الأمر الذي يجعل من الصعوبة على الحكومة الاتحادية في بغداد نزع أسلحته بالكامل وإخراجه من كامل الأراضي العراقية.

يُذكر أن العراق اتفق مع إيران على تجريد الجماعات الإيرانية المعارضة داخل الأراضي العراقية من أسلحتها. ومع أن الاتفاق تم تنفيذ بنوده بالكامل من وجهة نظر العراق بتاريخ 19 سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن الجانب الإيراني ما زال يعلن أنه يتابع عملية تنفيذ الاتفاق المذكور. وفي هذا السياق، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في مؤتمر صحافي، الاثنين، أن «إيران شددت مراراً على أنها لن تتسامح مع أي طرف بشأن أمن حدودها، وأنها ستتابع هذه القضية حتى تنفيذ الاتفاقية الأمنية الموقعة مع العراق بالكامل».

موقع التفجير في أنقرة يوم الأحد (رويترز)

النفط والسياسة

وفي الوقت الذي تبدو فيه العلاقة السياسية بين العراق وتركيا مرتبكة بسبب أنشطة حزب العمال الكردستاني، فضلاً عن ملف المياه الأكثر تعقيداً في سياق هذه العلاقة، فإن البعد الاقتصادي والتجاري في علاقة البلدين يُعد الأكثر تميزاً على صعيد دول الجوار.

فميزان التبادل التجاري العراقي - التركي يزيد على 14 مليار دولار أميركي سنوياً، كما أن العراقيين يأتون بالمرتبة الثالثة بين دول العالم لجهة شراء العقارات في تركيا. وتوقف الأنبوب النفطي المار من إقليم كردستان العراق إلى تركيا بسبب دعوى قضائية رفعها العراق ضد تركيا وكسبها قبل أكثر من شهر. وأعلن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، الاثنين، عزم بلاده استئناف تشغيل خط أنابيب نقل النفط من العراق إلى تركيا الأسبوع الجاري. وقال في تصريحات صحافية إن «خط أنابيب نقل النفط من العراق أصبح جاهزاً من اليوم».


مقالات ذات صلة

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

الاقتصاد السوداني ملتقياً ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى خلال زيارته المملكة المتحدة (وكالة الأنباء العراقية)

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، أن العلاقة بين العراق وبريطانيا شهدت مشاريع حقيقية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن - بغداد)
الاقتصاد أثناء توقيع مذكرة التفاهم بين الجانب العراقي و«بي بي» بحضور وزير النفط حيان عبد الغني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

وقَّع العراق مذكرة تفاهم مع شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، لتقييم إمكانية إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)

صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

صوّت مجلس محافظة ذي قار الجنوبية، الثلاثاء، بالأغلبية على إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، في تطور عدّه مراقبون مؤشراً على الانقسام داخل «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز) play-circle 01:44

رئيس وزراء العراق: سأوقِّع شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيوقِّع اتفاق شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا بعد توجُّهه إلى هناك في زيارة رسمية، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

TT

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير يعكس الأسطورة التي حققتها غزة بصمود شعبها وبسالة مقاومتها».

وأضاف أبو زهري أن الاتفاق «تكريس لفشل الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه».

وكانت «حماس» قد اعتبرت ان اتفاق وقف اطلاق النار مع اسرائيل جاء نتيجة «الصمود الأسطوري» للشعب الفلسطيني و«المقاومة» في قطاع غزة.

وقالت الحركة في بيان إن «اتفاق وقف إطلاق النار هو ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهرا».

كما اضافت أنه «إنجاز لشعبنا ومقاومتنا وأمتنا وأحرار العالم، وهو محطة فاصلة من محطات الصراع مع العدو، على طريق تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة».

من جهته، قال القيادي في «حماس» خليل الحية: «في هذه اللحظة التاريخية من جهاد شعبنا ونضاله المستمر على مدار عقود -والتي سيكون لها ما بعدها- نتوجه بكل عبارات الفخر والشموخ والثناء إليكم يا أهلنا وشعبنا في غزة الأبية».

وأكد ان «إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها في غزة.. معركتنا مع إسرائيل لن تتوقف».

وتابع « لقد شكلت معركة (طوفان الأقصى) منعطفا مهما في تاريخ قضيتنا وستستمر آثار هذه المعركة ولن تتوقف بانتهاء هذه الحرب».

وأشار الحية إلى أن «ما قام به الاحتلال وداعموه من حرب إبادة وحشية ومعاداة للإنسانية على مدى 467 يوما سيبقى محفورا في ذاكرة شعبنا والعالم وإلى الأبد، كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث».

وأفاد «ما حدث في 7 أكتوبر من إعجاز وإنجاز عسكري وأمني أصاب كيان العدو في مقتل، وسيستعيد شعبُنا كامل حقوقه».