بدأت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) عمليات تسوية للمسلحين المتهمين من قبلها بالمشاركة والتورط في أحداث دير الزور، شرق سوريا. ودعت في بيان نُشر على موقعها الرسمي جميع المسلحين الفارين إلى مناطق سيطرة النظام من الذين تورطوا في الأحداث الأخيرة بدير الزور، إلى التواصل معها و«البدء بإجراءات التسوية والعودة للمنطقة».
في وقت اتهم «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للقوات حكومة النظام السوري وتركيا وإيران بإشعال أحداث دير الزور، بغية زعزعة أمن واستقرار المناطق الخاضعة لنفوذها، فيما أكد القائد العام لقوات «قسد» مظلوم عبدي أن أواصر العلاقات العربية الكردية قطعت الطريق أمام نجاح تلك المؤامرات وفشلت «في نشر خطاب الكراهية وضرب استقرار المنطقة والترويج لصراعات قومية أو عشائرية».
وخصصت «قسد» لعملية «التسوية» مجموعة أرقام على خدمة واتساب لـ«البدء بإجراءات التسوية والعودة إلى المنطقة خلال مدة أقصاها 15 يوماً» تدخل حيز التنفيذ الجمعة.
وطالب البيان جميع المسلحين من أبناء العشائر بتسليم أسلحتهم والبدء بالإجراءات القانونية اللازمة، وشددت على حرصها على دعم سكان دير الزور الذين تضرروا جراء هجمات المسلحين على المؤسسات الخدمية والإدارية، والذين تضررت ممتلكاتهم الخاصة بالتعويض ومحاسبة الفاعلين.
وكانت مناطق ريف دير الزور الشرقي شهدت اشتباكات دامية بين عناصر انسحبوا من مجلس «دير الزور العسكري» ومسلحين من أبناء العشائر العربية، ضد قوات «قسد» المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وأسفرت المواجهات عن سقوط أكثر من 78 قتيلا بينهم ضحايا مدنيون، حيث اندلعت بدايةً نهاية الشهر الماضي واستمرت على مدار 10 أيام أودت بمقتل 25 من مقاتلي «قسد» و29 مسلحاً من أبناء العشائر و9 مدنيين من أبناء المنطقة، فيما تجددت المواجهات مرة ثانية في 25 من الشهر الحالي أسفرت عن مقتل 24 عسكرياً من المسلحين المهاجمين و4 في صفوف «قسد» ومدني واحد، وجرح 31 آخرين.
اقرأ أيضاً
بدوره، أشاد القائد العام لقوات «قسد» مظلوم عبدي بالعلاقات العربية الكردية والتي قطعت الطريق أمام محاولات ضرب استقرار المنطقة والترويح لصراعات قومية عشائرية. وقال في كلمة أمام «الملتقى السوري» الثاني الذي عقد في مدينة الرقة شمال سوريا الخميس «إن طبيعة العلاقات التاريخية بين المكونين العربي والكردي قطعت الطريق على الأنظمة الحاكمة التي حاولت نشر الفتنة عبر سياسة فرق تسد»، مشيراً إلى أن الأطراف التي سعت للفتنة سواء كانت حكومة النظام والميلشيات الداعمة لها والمعارضة الموالية لتركيا، «حاولت نشر الكراهية وضرب استقرار المنطقة والترويج لصراعات قومية عشائرية، نحن بالتأكيد نرفض هذه التوجهات، كنا وما زلنا نسعى للمحافظة على سياساتنا في الإخاء والسلام والتعايش المشترك».
وتعددت جهات عسكرية عدة على حكم محافظة دير الزور شرق سوريا وريفها المترامي والغنية بحقول النفط والغاز والطاقة منذ بداية الحرب 2011، وبات اليوم نهر الفرات يقسم هذه المحافظة ويفصل المناطق الخاضعة لقوات «قسد» الواقعة بجهتيها الشرقية والشمالية، عن تلك المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية في الجهتين الغربية والجنوبية التي تنتشر فيها بالإضافة للقوات النظامية؛ ميليشيات إيرانية ولبنانية وعراقية تدعم قوات حكومة دمشق.
وذكر عبدي خلال كلمته أن الجهود المشتركة للإدارة الذاتية وجناحها السياسي وإدارتها المدنية عملت بالحفاظ على العلاقات الوطنية بين مكونات المنطقة، واستطاعوا من خلالها قطع الطريق أمام مساعي الجهات التي حاولت ضرب أمن واستقرار شمال شرقي البلاد، وناشد أهالي المنطقة لتوخي الحذر تجاه السياسات التي وصفها بـ«القاتلة»، وتابع قائلاً: «والتي تسعى لتوريط أهلنا في الجزيرة السورية في حرب أهلية طاحنة عواقبها غير معروفة، كنا نتفاداها سابقاً والآن نحس بخطرها أكثر، وبالتأكيد لن نسمح بقيامها مهما كلف الأمر»، داعياً الأهالي إلى: «الحفاظ على مكتسباتنا وعلى أمننا وعلى استقرارنا وعلى ازدهار منطقتنا لتكون نموذجاً لكل سوريا».
من جانبها، حملت أمينة عمر رئيسة «مجلس سوريا الديمقراطية» وهي المظلة السياسية لقوات «قسد» حكومة دمشق وتركيا وإيران مسؤولية إثارة أحداث دير الزور. وقالت في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، «بينت الأحداث الأخيرة أنها كانت مخططة وممنهجة، تدار من قبل عدة أطراف بالتنسيق فيما بينهم سواء كانت تركيا أو إيران أو الحكومة، لزعزعة أمن واستقرار المنطقة»، وأوضحت أن الهدف من المخطط، «بث الفوضى وإشعال نار الطائفية بين أبناء المنطقة، وتأليب العشائر ضد مشروع الإدارة الذاتية».
وعن الحوارات السياسية بين مجلس «مسد» والحكومة السورية نفت عمر وجود أي حوارات وختمت حديثها، قائلة: «قبل سنوات كانت هناك لقاءات لكن لم ترتق إلى مستوى الحوارات، نحن نرى أن الحكومة لا تقبل بالحلول السياسية ولا تقدم أي خطوة حقيقية لحل الأزمة السورية».