أشتية يعلن «تبخّر اتفاق أوسلو» ويطالب المانحين بدعم قوي لـ«إنقاذ السلطة»

الفلسطينيون يريدون الدعم المالي ووقف الاقتطاعات الإسرائيلية وتسلم سلطة الجمارك

مواطن فلسطيني أمام أضرار اجتياح إسرائيلي آخر لمدينة جنين ومخيمها (أ.ف.ب)
مواطن فلسطيني أمام أضرار اجتياح إسرائيلي آخر لمدينة جنين ومخيمها (أ.ف.ب)
TT

أشتية يعلن «تبخّر اتفاق أوسلو» ويطالب المانحين بدعم قوي لـ«إنقاذ السلطة»

مواطن فلسطيني أمام أضرار اجتياح إسرائيلي آخر لمدينة جنين ومخيمها (أ.ف.ب)
مواطن فلسطيني أمام أضرار اجتياح إسرائيلي آخر لمدينة جنين ومخيمها (أ.ف.ب)

طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، بـ«دعم دولي قوي للتغلب على التحديات السياسية والمالية، وتعزيز جهود الإصلاح، ودفع خطط التنمية الفلسطينية».

وقال في كلمة له خلال اجتماع المانحين في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، «إن اتفاق أوسلو للسلام تبخر في كل الجوانب، الأمنية والسياسية والقانونية والمالية، ما يتطلب إجراءات فعلية لحماية حل الدولتين».

واتهم أشتية الحكومة الإسرائيلية، بالعمل «بشكل منهجي على تقويض قيام الدولة الفلسطينية، ودفع السلطة الوطنية إلى حافة الانهيار من خلال، سياسة قائمة على القتل والاعتقال والهدم، والاجتياحات اليومية للقرى والمدن والمخيمات، التي تؤسس لإعادة احتلال الضفة الغربية، من جهة، وتتسبب بأزمة مالية حادة للسلطة الفلسطينية من جهة ثانية».

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية (د.ب.أ)

وقال إن «الحكومة الإسرائيلية تحتجز الأموال الفلسطينية بشكل غير قانوني، إلى جانب الاستقطاعات غير الخاضعة للرقابة المرتبطة بفواتير الكهرباء والمياه والصرف الصحي».

وأضاف: «تجاوزت القرصنة الممنهجة للأموال الفلسطينية الآن 800 مليون دولار سنوياً، وهو ما يتجاوز العجز السنوي لدينا بمقدار 200 مليون دولار، مما أثّر في قدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا، ودفع رواتب القطاع العام بالكامل، وفي الوقت نفسه، انخفضت المساعدات الدولية بشكل كبير: من 30 في المائة من ميزانيتنا إلى 3 في المائة فقط».

وذهب أشتية إلى اجتماع المانحين على أمل جلب دعم مالي، واستعادة دعم سابق، والضغط من أجل تعديل «اتفاق باريس» الاقتصادي... وحضرت حكومته ملفات مالية وقانونية لإقناع الدول المانحة بضخ الأموال لخزينتها المتعثرة مالياً.

وأطلع أشتية الاجتماع على «التقدم الكبير الحاصل في تنفيذ أجندة الإصلاح»، وقال إن الحكومة «على وشك إنهاء خطة التنمية للأعوام (2024 – 2029) التي تستند إلى مجموعة أهداف، هي: تعزيز الصمود المقاوم لشعبنا، والانفكاك التدريجي من علاقة التبعية مع الاحتلال عبر توسيع قاعدة الإنتاج للاقتصاد الفلسطيني وتنويع العلاقة التجارية، إضافةً إلى تعزيز وتحسين الخدمات في المؤسسات العامة، وتعزيز الرواية الفلسطينية».

صورة من جنين بعد عملية إسرائيلية (أ.ف.ب)

جاء المؤتمر في وقت تعاني الحكومة الفلسطينية أزمة مالية متواصلة تقول إنها «الأسوأ منذ تأسيسها بسبب مواصلة إسرائيل خصم أموال الضرائب الفلسطينية، وتداعيات أزمة فيروس كورونا الجديد (كوفيد - 19) وتراجع الدعم الخارجي بشكل غير مسبوق».

وللعام الثاني على التوالي تواصل الحكومة الفلسطينية دفع رواتب منقوصة لموظفيها في القطاعين المدني والعسكري، في مؤشر على تواصل الأزمة المالية التي من المتوقع أن تتفاقم مع اقتطاع الحكومة الإسرائيلية مزيداً من أموال العوائد الضريبية «المقاصة» التابعة للسلطة.

وتقتطع إسرائيل منذ سنوات، مبالغ مالية من «المقاصة» بمعدل يتجاوز 200 مليون شيقل شهرياً (الدولار يساوي 3.80 شيقل)، تشمل أثمان الكهرباء التي تشتريها شركات توزيع وهيئات محلية فلسطينية من شركة «كهرباء إسرائيل»، وأثمان المياه، والصرف الصحي، وبدل تحويلات طبية، إضافةً إلى مبلغ تقول إسرائيل إنه يوازي مدفوعات الحكومة الفلسطينية لعوائل الجرحى والأسرى.

وجدد وزير المالية شكري بشارة، مطالبة المجتمع الدولي بـ«الضغط على إسرائيل لوقف هذه الاقتطاعات، وإعادة الحقوق المالية كافة، وتسوية الملفات العالقة على أرضية القانون الدولي، وإجراء تعديلات رئيسية في اتفاق باريس الاقتصادي».

معبر «إريتز» الاسرائيلي مع قطاع غزة من الجانب الفلسطيني (أ.ف.ب)

وطالب بـ«إعادة مستويات دعم الموازنة العامة الفلسطينية إلى ما قبل عام 2016، التي تبلغ نحو 600 مليون دولار سنوياً، والتي كانت حينها تغطي نحو 25 في المائة من النفقات والالتزامات المالية، وتراجعت لتغطي حالياً 1.8 في المائة فقط من إجمالي النفقات».

وقال وزير المالية الفلسطيني في الاجتماع نفسه (المانحين)، إن الانخفاض الحاد في مساعدات الدول المانحة رافقته مضاعفة الاقتطاعات الإسرائيلية لأموال المقاصة. وأكد أن انحسار الدعم الخارجي للموازنة العامة فاقم من الأزمة المالية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية.

وأوضح بشارة أن عام 2023 «شكّل تحدياً كبيراً للسلطة الوطنية الفلسطينية، بسبب الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية وما رافقها من إغلاقات للمدن، مما ألحق خسائر فادحة بالاقتصاد الفلسطيني». وتوقع تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي بأكمله إلى 2.7 في المائة، انخفاضاً عن 3.9 في المائة في العام الماضي. وقال إن «كل المعطيات السابقة، فرضت على السلطة الفلسطينية اعتماد موازنة الطوارئ على أساس التقنين النقدي للتقليل من تداعيات الأزمة المالية».

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

وطالب بشارة بتعديل «اتفاق باريس» الاقتصادي. وقال: «إن الاتفاق تحول لأداة للقهر والسيطرة على 65 في المائة من عائداتنا، وبقاء الاقتصاد الفلسطيني رهينة القرار الإسرائيلي، الذي يتحكم به كقوة احتلال سياسية ومالية».

وحسب بشارة، «فإنه في حال موافقة إسرائيل على نقل سلطة الجمارك إلينا ومنحنا الموافقة على إنشاء شبكة من المستودعات الجمركية، فإن الزيادة المتوقعة في الإيرادات الجمركية لن تقل عن 300 مليون دولار سنوياً».


مقالات ذات صلة

«اتفاق بكين»: عباس يريد ترسيخ الشرعية... و«حماس» تحتاج إلى مظلة

المشرق العربي وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتوسط موسى أبو مرزوق (يمين) القيادي في «حماس» ومحمود العالول القيادي في «فتح» (رويترز)

«اتفاق بكين»: عباس يريد ترسيخ الشرعية... و«حماس» تحتاج إلى مظلة

قبل توقيع فصائل فلسطينية اتفاقها الأخير في بكين، كانت هناك اتفاقات سابقة انتهت بشكل مشابه تقريباً؛ لكن ما صار جديداً هي حرب إسرائيلية قتلت أكثر من 39 ألف شخص.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء (رويترز)

«هدنة غزة»: «تحركات جديدة» تعزز جهود «المرحلة الأولى»

تتراجع نقاط «الخلاف العلني» في مسار مفاوضات «هدنة غزة»، مع «تحركات جديدة»، تشمل مناقشات إسرائيلية للانسحاب من كامل القطاع بأول مراحل تنفيذ مقترح بايدن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
آسيا نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول (يسار) وعضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (يمين) برفقة وزير الخارجية الصيني وانغ يي

«إعلان بكين»... الفصائل الفلسطينية تتفق على تشكيل «حكومة مصالحة»

أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي اليوم (الثلاثاء) حصول اتفاق بين 14 فصيلاً فلسطينياً لتشكيل «حكومة مصالحة وطنية مؤقتة» لإدارة غزة بعد الحرب.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون صور أقاربهم المحتجزين في السجون الإسرائيلية يحتجون وسط رام الله بالضفة الغربية في 21 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: ارتفاع عدد القتلى من الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية

قالت «اليونيسيف» إن 143 من الأطفال والشباب الفلسطينيين، على الأقل، قُتلوا في الضفة الغربية والقدس الشرقية خلال الشهور التسعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الخميس (أ.ف.ب)

الرئاسة الفلسطينية ترفض نشر أي قوات أجنبية في غزة

رفضت الرئاسة الفلسطينية نشر أي قوات غير فلسطينية في قطاع غزة، قائلة إن «الأولوية» لوقف العدوان الإسرائيلي، و«ليس الحديث عن اليوم التالي للحرب».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
TT

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل. وهاجم المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة الأميركي منافسته المحتملة كامالا هارس، مشيراً إلى أن تصريحاتها عقب لقائها بنتنياهو، مساء الخميس، في البيت الأبيض، تنم عن عدم احترام، وطالب حركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن «فوراً».

وقال ترمب، في بداية الاجتماع الموسع مع نتنياهو في مقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، إنه لا يعرف كيف يمكن لأي أميركي يهودي أن يصوّت لكامالا هاريس، لأن تصريحاتها تنم عن عدم الاحترام لإسرائيل.

وأشار إلى علاقته الوثيقة بإسرائيل، مؤكداً أنه تمتع كرئيس للولايات المتحدة بعلاقات مع إسرائيل أفضل من أي رئيس أميركي على الإطلاق. وقال: «لقد أيّدت حق إسرائيل في مرتفعات الجولان والقدس، ونقلنا السفارة، وأوقفنا الاتفاق النووي الإيراني، وهو ربما أفضل شيء قمنا به، ولم نمنحهم أموالاً في ظل إدارة ترمب، ولم يكن أحد يشتري نفطهم، والآن أصبحوا دولة غنية، وهذا أمر مؤسف».

ووعد ترمب، إذا فاز في الانتخابات، بإنهاء كل الحروب في منطقة الشرق الأوسط، محذراً من أنه إن لم يفز، فإن الأمر سينتهي إلى حروب كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى صعوبة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وفي إجابته عن أسئلة حول مفاوضات وقف إطلاق النار وإرسال فريق إسرائيلي إلى المفاوضات في العاصمة الإيطالية روما، أوضح أنه يتوقع بعض التحركات التي تأتي بسبب الضغوط العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد «حماس».

وقال: «الموقف صعب للغاية للرهائن، وهم ليسوا في حالة جيدة، ومن الواضح أنهم لا يعاملون بشكل صحيح، ونأمل أن يكونوا بخير، لكن هناك كثيراً من الرهائن، وأنا غير متأكد من صحتهم، وهذا الوضع غير مقبول».

من جهة أخرى، استمع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك الجمعة إلى ما سمّاه دبلوماسيون «رجع صدى تقشر له الأبدان» لنساء فلسطينيات يستغثن في غزة لإنقاذ أطفالهن الذين يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض إذا نجوا من المستويات الرهيبة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في كل أنحاء القطاع.

وكان أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى مساعد الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» مهند هادي، الذي يتولى أيضاً مهمة نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، مكرراً المناشدة من أجل وقف إطلاق النار، وتمكين المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، والإطلاق الفوري وغير المشروط للرهائن، في مطالبات ردّدتها أيضاً نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» لشؤون الدعم العملياتي، أنطونيا دي ميو.