تفهّم دولي لمطلب تشكيل بعثة تقصّي حقائق في انفجار مرفأ بيروت

خبراء لا يستبعدون إنشاءها تحت الفصل السابع

TT

تفهّم دولي لمطلب تشكيل بعثة تقصّي حقائق في انفجار مرفأ بيروت

مظاهرة حاشدة حمل المشاركون فيها صور ضحايا انفجار مرفأ بيروت في ذكراه الثالثة أغسطس الماضي (رويترز)
مظاهرة حاشدة حمل المشاركون فيها صور ضحايا انفجار مرفأ بيروت في ذكراه الثالثة أغسطس الماضي (رويترز)

جمود التحقيق القضائي في جريمة انفجار مرفأ بيروت المستمرّ منذ نحو عامين، خرقه الحديث عن توجّه دولي لتشكيل بعثة تقصّي حقائق دولية، لكسر الحلقة المفرغة في هذا الملفّ، وإعطاء الأمل مجدداً لأهالي الضحايا بإمكان كشف الحقيقة ومعرفة الأسباب التي أدت إلى هذه الكارثة.

ودعا مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في جلسة عُقدت أخيراً بجنيف، إلى «ضرورة التحرك من أجل تحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020»، منددّاً بـ«غياب المساءلة اللبنانية عن المتورطين في هذه القضية».

فولكر تورك (رويترز)

وبالتزامن مع أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الـ78، وقّع 67 نائباً لبنانياً عريضة موجهة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية وجمعيات حقوقية، تطالب الأمم المتحدة بمساعدة لبنان وتشكيل لجنة تقصّي حقائق في جريمة 4 آب، ولاقاهم في هذه الخطوة، قيام لجنة أهالي الضحايا بتسليم سفراء الدول الكبرى عريضة تطالب بتسريع خطوات إنشاء هذه اللجنة.

ويتولّى وفد من أهالي ضحايا المرفأ بالتعاون مع المحامي كميل أبو سليمان، إجراء مروحة اتصالات خارجية مع سفراء الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن؛ للدفع بتشكيل لجنة بعثة حقائق وتقديم العريضة التي وقّعها أكثرية أعضاء البرلمان اللبناني. وفي اتصال أجرته «الشرق الأوسط» مع المحامي أبو سليمان، أوضح الأخير أنه «لمس تقبلاً للذهاب بهذا المنحى». وأشار إلى أنه «يمكن تشكيل هذه البعثة عبر وسائل عدّة، سواء بقرار من الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش)، أو عبر مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العمومية للأمم المتحدة».

وقال أبو سليمان: «بدأت الاجتماعات مع سفراء الدول الدائمة العضوية ولمسنا نظرة مختلفة عن السابق لدى الدول المهتمّة، بعدما أدركوا أن التحقيق اللبناني لم يصل إلى نتيجة». ورأى أنه «بعد أن أعطت الدول الفرصة الكافية للتحقيق اللبناني، وبعد ثلاث سنوات لم يتحقق شيء، أضحت فكرة بعثة تقصّي الحقائق مقبولة أكثر من أي وقت مضى، وباتت قيد الدرس الجدّي».

من المبكر التنبؤ بالمهمة التي ستوكل إلى البعثة الدولية في حال تمّ تشكيلها وما هي صلاحياتها، إلّا أن المحامي أبو سليمان أكد أن «العريضة الموقّعة من النواب اللبنانيين، طلبت تسليم نسخة إلى البعثة فور تأسيسها، عن المستندات الموجودة في التحقيق اللبناني، سواء من قاضي التحقيق أو من الحكومة أو من الضابطة العدلية؛ حتى لا تعود بالتحقيق إلى نقطة الصفر». وذكّر بأن «بعثة التقصّي مختلفة كلياً عن المحكمة الدولية، ولن تكلّف الدولة اللبنانية أي مبلغ مالي». وعمّا إذا كانت صلاحياتها شاملة وتسقط أمامها الحصانات السياسية وغير السياسية، رأى أبو سليمان أن الأمر «يتوقّف على نوع القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن وما إذا كان ملزماً للبنان، والأرجح أنه سيكون ملزماً». وشدّد على أن «العدالة التي نريدها ويريدها اللبنانيون أهم بكثير من الحصانات وأي شيء آخر».

ولا يبدو أن قرار إنشاء البعثة الدولية سيصدر تحت الفصل السابع؛ إذ أفاد مصدر قضائي لبناني بأن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، سبق وأعطى موافقة على تشكيل بعثة تقصي الحقائق. وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «يرحّب بـ(تقصّي الحقائق)، إذا كان هدفها فك أسر التحقيق اللبناني». ولم يستبعد أن «تتحرى البعثة عن الأسباب التي جمّدت التحقيق وكفّت يد المحقق طارق البيطار لترفع توصية إلى مجلس الأمن الدولي». وقال المصدر القضائي: «ليس معروفاً ما مدى صلاحية لجنة تقضي الحقائق وما إذا ستعطى مهام تحقيقية». وأمل في «ألّا يشكل دورها أي تعدٍ على السيادة اللبنانية»، عادّاً أن «ما يوقف التحقيق اللبناني ليس دعاوى الرد والمخاصمة، بل الأمر رهن ما يقرره القاضي حبيب رزق الله الذي عيّن كقاضي تحقيق للنظر في ادعاء القاضي عويدات ضد البيطار، فإذا تبين أن الأخير انتحل صفة محقق عدلي، عندها تجري إقالته وتعيين محقق آخر، وإذا ثبت أنه لم ينتحل صفة محقق عدلي يستأنف البيطار تحقيقاته وينطلق مسار العدالة من جديد».

مشهد للدمار الهائل في مرفأ بيروت بعد الانفجار (أرشيفية - أ.ف.ب)

النجاح في تأسيس البعثة الدولية لتقصّي الحقائق، ستكون له انعكاسات مهمّة، وهي ستكون بمثابة رسالة للأطراف اللبنانية التي تعطّل ملفّ المرفأ، وكل الملفات القضائية ذات البعد السياسي، ورأى رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تشكيل بعثة تقصّي الحقائق، مهمة جداً في مسار العدالة الجنائية الدولية وهي تؤسس لإمكانية إجراء تحقيق إضافي وصولاً إلى المحاكمة على المستوى الدولي». وأشار إلى أنه «إذا لم يقترن ذلك بقرار لمجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، فلا شيء يلزم الدولة اللبنانية التي تتذرع دائماً بالسيادة الوطنية وتجابه الإجراءات الدولية وتتملص منها».

قد يكون مفيداً التوفيق بين المسار القضائي اللبناني وبين المهمّة التي ستتولاها اللجنة الدولية، واقترح مرقص أن يصار إلى «رفد التحقيق اللبناني بتحقيقات دولية والإبقاء على صلاحية المجلس العدلي اللبناني في المحاكمة؛ ما يؤدي إلى دفع التحقيق قدماً للوصول إلى نتائج، وتصبح هذه النتائج على طاولة المجلس العدلي، فلا يكون بذلك انتقاص من السيادة اللبنانية». وشدد مرقص على أن «تعزيز التحقيق اللبناني بخبرات دولية سيوصل العدالة بقضية انفجار المرفأ إلى خواتيمها المرجوة، وينزع الذرائع من يد المنادين بالسيادة الوطنية، والتي باتت مطلب حق يراد به باطل».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».