دمشق تتجاهل الاحتجاجات وترفع أسعار المشتقات النفطية

رئيس الوزراء يدافع عن إجراءات حكومته أمام مجلس الشعب

نسوة يعملن في صناعة التين المجفف في شمال غربي سوريا يوم 9 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)
نسوة يعملن في صناعة التين المجفف في شمال غربي سوريا يوم 9 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)
TT

دمشق تتجاهل الاحتجاجات وترفع أسعار المشتقات النفطية

نسوة يعملن في صناعة التين المجفف في شمال غربي سوريا يوم 9 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)
نسوة يعملن في صناعة التين المجفف في شمال غربي سوريا يوم 9 سبتمبر الجاري (أ.ف.ب)

بعد شهر من زيادة رواتب العاملين في الدولة السورية بالترافق مع حزمة إجراءات اقتصادية أدت إلى تدهور الوضع المعيشي، قدّمت الحكومة في دمشق تبريراتها لتلك الإجراءات أمام مجلس الشعب (البرلمان السوري)، ملقية بالمسؤولية على الحرب فيما يعاني منه اقتصاد البلاد. وقال رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، أمس، إن «الاقتصاد الوطني دفع تكاليفَ باهظة في سبيل الدفاع عن الوطن وهويته، لكنّنا ربحنا معركة السيادة والكرامة والحفاظ على القرار الوطني الحرّ والمستقل».

وتجاهل العرض الذي قدمه رئيس مجلس الوزراء في الجلسة الأولى لأعمال مجلس الشعب يوم الأحد، الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في محافظة السويداء (جنوب) على خلفية الإجراءات الحكومية التي رفعت أسعار المشتقات النفطية 300 في المائة وأدت إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار وانهيار الوضع المعيشي لفئات واسعة من السوريين الذين يعيش نحو 90 في المائة منهم اليوم تحت خط الفقر، بينما يحتاج أكثر من 15 مليون شخص إلى مساعدات، وفق أرقام اللجنة الدولية للصليب الأحمر للعام الحالي.

في غضون ذلك، تواصلت في محافظة السويداء الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة، والمطالبة بتطبيق القرار الأممي 2254. وأفادت مصادر محلية بتوجيه دعوات لوقفات احتجاجية مسائية في عموم ريف محافظة السويداء.

ورغم إقرار الحكومة بالعجز عن إيجاد مخارج للأزمات المعيشية وإقرار رئيس مجلس الوزراء بهذا العجز أمام مجلس الشعب، فإنه جدد التزام حكومته إلى «أقصى حد» ممكن بتسديد فاتورة الإنفاق العام الجاري المتضمن «الرواتب والأجور، ودعم المشتقات النفطية، ودعم القطاع التعليمي والتربوي، ودعم القطاع الصحي، ودعم مادة الخبز وغير ذلك». وقال إنه لذلك كان لا بد من اتخاذ بعض الإجراءات الضرورية لتوفير التمويل المطلوب لهذا الإنفاق.

الدمية العملاقة «أمل الصغيرة» التي تمثل طفلة سورية لاجئة خلال جولة في أحد شوارع العاصمة الأميركية واشنطن يوم الأحد لتسليط الضوء على معاناة الأطفال المشردين جراء الحرب (إ.ب.أ)

جاء ذلك متواكباً مع قرار مفاجئ لوزارة التجارة الداخلية، مساء الأحد، برفع أسعار المشتقات النفطية: المازوت الحر، والفيول الحر، والغاز السائل، والبنزين. وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع جديد في أسعار السلع والمستلزمات المعيشية والنقل، بحسب ما يتوقع اقتصاديون.

وأقرّ رئيس مجلس الوزراء بأن ارتفاع سعر الصرف أسهم بشكل واضح في ارتفاع فاتورة تمويل الإنفاق العام بالأسعار الحقيقية إلى أرقام كبيرة تجاوزت الحدود الواردة في بعض بنود الموازنة العامة للدولة، وهو ما أدى إلى تفاقم فجوة العجز بين الموارد والإنفاق العام. ولفت إلى أن الفئات ذات الدخل المحدود على وجه الخصوص تعاني تراجع القوة الشرائية لدخولها، مشيراً إلى وجود صعوبة بالغة في الاستمرار بتقديم الدعم وفق الصيغ الموروثة التي تستنزف موارد الدولة.


مقالات ذات صلة

غليان في السويداء بعد «اغتيال» زعيم فصيل مسلح

المشرق العربي غليان في السويداء بعد «اغتيال» زعيم فصيل مسلح

غليان في السويداء بعد «اغتيال» زعيم فصيل مسلح

استيقظت محافظة السويداء السورية على نبأ «اغتيال» قائد فصيل «لواء الجبل» المسلح المحلي، الذي وُجد في منزله مقتولاً برصاص مجهولين، الأمر الذي خلف موجة غضب واسعة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)

هل يكسر موقف الأسد إلحاح إردوغان على لقائه ويحطم دوافعه للتطبيع؟

روسيا تريد دفع تركيا إلى انفتاح سريع على الأسد من دون حديث عن ضمانات، عبر إيجاد صيغ أخرى للقضاء على مخاوف تركيا من قيام «دولة كردية» على حدودها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نساء وأطفال ورجل عجوز ضمن موجة النازحين السوريين الأخيرة إلى الأراضي اللبنانية (الشرق الأوسط)

تردُّد الوزراء يعوق تفعيل لجنة التنسيق اللبناني - السوري في ملف النازحين

رغم مرور نحو شهرين على توصية البرلمان بتفعيل عمل اللجنة الوزارية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، لم تفعّل حتى الساعة هذه اللجنة أو تشكَّل لجنة جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
أوروبا تتهم النيابة العام الاتحادية المشتبه بهما بالانتماء لتنظيم «داعش» وارتكاب جرائم حرب (متداولة)

تحريك دعوى قضائية ضد سوريين اثنين بتهمة الانتماء لتنظيمين «إرهابيين» في ألمانيا

من المنتظر أن يمثل قريباً أمام المحكمة الإقليمية العليا في مدينة ميونيخ جنوب ألمانيا رجلان سوريان يشتبه في انتمائهما لتنظيمي «لواء جند الرحمن» و«داعش».

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)
المشرق العربي مدخل دير الزور (مواقع التواصل)

قتلى وجرحى في اشتباكات عشائرية بريف دير الزور الغربي

أفاد «مركز دير الزور الإعلامي»، باقتحام مهنا الفياض شيخ قبيلة «البوسرايا» مركز المحافظة بالسلاح الثقيل «بسبب الانتخابات».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إسرائيل تدك وسط قطاع غزة وتدفع بدبابات إلى شمال رفح

دخان يتصاعد بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على حي الجنينة في رفح (د.ب.أ)
دخان يتصاعد بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على حي الجنينة في رفح (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تدك وسط قطاع غزة وتدفع بدبابات إلى شمال رفح

دخان يتصاعد بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على حي الجنينة في رفح (د.ب.أ)
دخان يتصاعد بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على حي الجنينة في رفح (د.ب.أ)

قصفت القوات الإسرائيلية مناطق في وسط قطاع غزة (الأربعاء)، كما نفذت دبابات إسرائيلية توغلاً محدوداً داخل رفح جنوب القطاع.

وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن القصف على وسط القطاع تسبب في مقتل 9 فلسطينيين على الأقل حتى الآن.

وأضافوا أن ضربة جوية إسرائيلية وقعت في منتصف الليل تقريباً على منزل في الزوايدة وسط القطاع قتلت 8. وأودت ضربة أخرى بحياة رجل في مخيم النصيرات وهو موقع شهد مقتل 23 في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة قبل يوم.

وقال سكان إن دبابات إسرائيلية قصفت المناطق الشرقية من مخيمي البريج والمغازي في وسط القطاع. كما ذكر سكان أن ضربة جوية دمرت مسجداً.

وفي رفح، نفَّذت دبابات مداهمة في شمال المدينة قبل أن تنسحب، وهو أسلوب انتهجته القوات الإسرائيلية في مناطق أخرى قبل أن تشن عمليات توغل أعمق. وتنفّذ دبابات عمليات في أغلب مناطق المدينة منذ مايو (أيار) لكنها لم تتوغل بعمق في الأحياء الشمالية بعد.

وقال مسعفون إن غارة إسرائيلية قتلت شخصين في رفح (الأربعاء)، كما قال سكان إن القوات فجَّرت عشرات المنازل.

وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات «تواصل أنشطة عملياتية دقيقة ومبنية على معلومات مخابرات في منطقة رفح». وأضاف أن القوات قضت على ما وصفها بأنها «خلية إرهابية» ومنصة إطلاق استُخدمت لاستهداف قواته.

وتابع الجيش الإسرائيلي قائلاً إن ضربات جوية استهدفت 25 موقعاً في قطاع غزة في اليوم المنصرم، وإن القوات تواصل عملياتها في وسط القطاع بما يشمل تفكيك منشآت استخدمت لمراقبة الجنود.

ورغم مرور أكثر من تسعة أشهر على بدء الحرب، احتفظ مقاتلون فلسطينيون بقيادة حركة «حماس» بالقدرة على شن هجمات على القوات الإسرائيلية بصواريخ مضادة للدبابات وقذائف هاون، كما يطلقون من حين لآخر وابلاً من الصواريخ صوب إسرائيل.

وتوعدت إسرائيل بالقضاء على «حماس» وتشير في إحصاءاتها إلى أن الهجوم الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) تسبب في مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال الجيش، الثلاثاء، إنه تمكن من القضاء على نصف قيادات الجناح المسلح لـ«حماس» مع مقتل أو اعتقال نحو 14 ألف مقاتل منذ بداية الحرب.

وتقول السلطات الصحية في غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على القطاع أودت حتى الآن بحياة أكثر من 38 ألف فلسطيني. وأعلنت إسرائيل مقتل 326 جندياً في معارك في قطاع غزة.

ويبدو أن الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الوسطاء المصريون والقطريون بدعم من الولايات المتحدة لوقف الأعمال القتالية معلَّقة، لكنَّ مسؤولين من جميع الأطراف، بما في ذلك إسرائيل و«حماس» اللتان تبادلتا الاتهامات بالتسبب في الجمود الحالي، قالوا إنهم منفتحون على إجراء مزيد من المحادثات.

وسيهدف أي اتفاق يجري إبرامه إلى إنهاء الحرب وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل الإفراج عن عديد من الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.

وقال الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان إن إسرائيل أطلقت، الأربعاء، سراح 13 فلسطينياً كانت قد اعتقلتهم في هجومها العسكري على غزة ونُقلوا إلى مستشفى في وسط القطاع لتلقي العلاج.

واتهم عديد من بين مئات الفلسطينيين الذين أطلقت إسرائيل سراحهم خلال الأشهر الماضية، القوات الإسرائيلية، بسوء المعاملة والتعذيب.

وقال نادي الأسير الفلسطيني إن نحو 20 فلسطينياً لقوا حتفهم في السجون الإسرائيلية بعد اعتقالهم من غزة. وتنفي إسرائيل الاتهامات بالتعذيب.

على الجانب الآخر، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير نشرته الأربعاء، إن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، وأربعة فصائل فلسطينية مسلحة أخرى على الأقل «ارتكبت عديداً من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023».

ووفقاً لنتائج المنظمة، شمل هذا «هجمات متعمدة وعشوائية على المدنيين والأهداف المدنية، والقتل العمد لأشخاص محتجزين، والمعاملة القاسية وغيرها من سبل المعاملة اللا إنسانية؛ والعنف الجنسي والقائم على النوع، واحتجاز رهائن، وسرقة جثث والتمثيل بها، واستخدام دروع بشرية، والسرقة والنهب».

ورداً على تقرير المنظمة، عبّرت «حماس» عن رفضها «ما تضمنه تقرير (هيومن رايتس ووتش) من أكاذيب وانحياز فاضح للاحتلال، وافتقاد للمهنية والمصداقية»، وطالبت المنظمة بسحب التقرير والاعتذار عنه.

وقالت «حماس» في بيان «تبنى تقرير (هيومان رايتس ووتش) الرواية الإسرائيلية كلها وابتعد عن أسلوب البحث العلمي والموقف القانوني المحايد، فصار أشبه بوثيقة دعائية إسرائيلية».