إسرائيل تحتفل برأس السنة العبرية مع احتياطات أمنية كبيرة

الشرطة تعزز قواتها في كل مكان... ورفع الإغلاق عن الضفة وغزة رهن بتقييم أمني

جنديان إسرائيليان يطلقان رصاصاً مطاطياً خلال مواجهات مع فلسطينيين قرب نابلس الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
جنديان إسرائيليان يطلقان رصاصاً مطاطياً خلال مواجهات مع فلسطينيين قرب نابلس الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تحتفل برأس السنة العبرية مع احتياطات أمنية كبيرة

جنديان إسرائيليان يطلقان رصاصاً مطاطياً خلال مواجهات مع فلسطينيين قرب نابلس الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
جنديان إسرائيليان يطلقان رصاصاً مطاطياً خلال مواجهات مع فلسطينيين قرب نابلس الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حوّلت إسرائيل مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، وعززت قواتها على طول خط التماس مع الضفة الغربية وداخل الضفة وعلى حدود قطاع غزة، وفي إسرائيل نفسها، مع ورود إنذارات متزايدة حول نية فلسطينيين تنفيذ عمليات خلال فترة الأعياد اليهودية. واحتفل الإسرائيليون السبت بعيد رأس السنة العبرية، وسط تأهب أمني عالٍ، منع معه الفلسطينيون في الضفة الغربية أو قطاع غزة من الوصول إلى إسرائيل. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن إغلاقاً شاملاً على الضفة وغزة خلال عطلة رأس السنة اليهودية من الجمعة وحتى الأحد، مؤكدا أنه «سيتم إعادة فتح المعابر الحدودية للفلسطينيين بعد ذلك رهنا بتقييم الوضع الأمني». وأضاف الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه سيتم إجراء تقييم منفصل بشأن الإغلاقات المحتملة ليوم الغفران والعرش في وقت لاحق من هذا الشهر.

فلسطيني يتجادل مع جندي إسرائيلي خلال احتجاج ضد المستوطنات قرب نابلس الجمعة الماضي (أ.ب)

وعيد رأس السنة العبرية، هو بداية سلسلة من الأعياد اليهودية هذا الشهر وفي أكتوبر (تشرين الأول). ويفرض جيش الاحتلال إغلاقاً شاملاً على الضفة الغربية وقطاع غزة، في «يوم الغفران»، الموافق 24 من سبتمبر (أيلول) الحالي. كما يغلق جميع المعابر المؤدية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة لمناسبة «عيد العرش» لمدة ثمانية أيام كاملة، منذ يوم 29 سبتمبر حتى نهاية يوم 7 أكتوبر المقبل. والإغلاق الشامل يعني أنه لن يسمح للفلسطينيين من الضفة الغربية بدخول إسرائيل كما لا يسمح بالتحرك من قطاع غزة وإليه، ويتم وقف أي صادرات وواردات من والى القطاع. ويشمل ذلك إغلاق المعابر الحدودية مع الأردن وتغييرا في مواعيد عملها. وعادة تغلق إسرائيل الضفة بمناسبة الأعياد، ويحرم ذلك مئات آلاف الفلسطينيين من الوصول لإسرائيل، بمن فيهم عمال وأطباء ورجال أعمال. وتقول إسرائيل إنها تتجنب بذلك إمكانية تنفيذ الفلسطينيين أي عمليات فيما يحتفل الإسرائيليون بأعيادهم، كما أنها تعطي مواطنيها فرصة الاحتفال بالأعياد. والتأهب الإسرائيلي الكبير جاء في ضوء تلقي أجهزة الأمن أكثر من 200 إنذار حول احتمال وقوع عمليات خلال عيد رأس السنة العبرية. والجمعة، اعتقلت القوات الإسرائيلية فلسطينيين بعد ضبط عبوة ناسفة في مركبة على شارع 431، بالقرب من مدينة الرملة وسط إسرائيل، وذلك بعد ساعات من انفجار عبوة ناسفة في منتزه اليركون في تل أبيب.

جنود إسرائيليون بعد مواجهات مع فلسطينيين قرب نابلس الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

وقال جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في وقت لاحق إن الرجلين، وكلاهما من بلدة العيزرية الفلسطينية القريبة من القدس، يقيمان بشكل متقطع في مدينة يافا بضواحي تل أبيب، ويحملان الجنسية الإسرائيلية. وزعم «الشاباك» أن أحد المشتبه فيهما ربط نفسه أثناء التحقيقات الأولية في الانفجار في متنزه اليركون. وتم منع نشر المزيد من التفاصيل المحيطة بالحادث. وفي ضوء هذا الوضع، دفعت الشرطة الإسرائيلية بنحو 5 آلاف عنصر إلى شوارع إسرائيل، وعززت بشكل استثنائي من وجودها في القدس، وفي الأماكن التي قد تشهد اكتظاظات وفي مناطق التماس كذلك، فيما عزز الجيش الإسرائيلي قواته داخل الضفة الغربية وفي محيط قطاع غزة الذي يشهد توترات. وتتوقع إسرائيل عمليات أثناء الفترة الحالية قد تتحول إلى تصعيد يجرها إلى مواجهة متعددة الجبهات. ويعتقد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن التصعيد سيبدأ في الضفة الغربية وقد ينتقل إلى غزة ولبنان في ظل سعي كل من «حزب الله» و«حماس» و«الجهاد» إلى الربط بين هذه الساحات.

متظاهرون فلسطينيون وجنود إسرائيليون قرب نابلس الجمعة الماضي (رويترز)

والمواجهة أو الحرب متعددة الجبهات؛ حيث يتدرب الجيش الإسرائيلي على مواجهة أحد السيناريوهات، ويقوم على اندلاع مواجهة مع غزة ولبنان وسوريا وربما إيران إلى جانب الضفة وعرب الداخل (جميعهم أو جزء من هذه الجبهات). وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حذر من وجود خطط لهجمات فلسطينية ضد اليهود أثناء عطلة الأعياد، قائلا: «أقترح على جميع الجماعات الإرهابية: لا تجربونا». أضاف غالانت: «نحن نمر بفترة أمنية معقدة في القطاعات كافة، وخاصة في الضفة الغربية ومحيط القدس... خلال هذه الفترة سيكون هناك من سيحاول إيذاءنا وللتأكد من أن مواطني إسرائيل سيعيشون هذه الفترة بأمان، سيعمل جهاز الأمن على نطاق واسع في حماية الطرق والبلدات. رسالتي إلى رجال الأمن واضحة: يجب علينا حماية مواطني إسرائيل».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يستهدف قوة إسرائيلية شمال ثكنة «يفتاح» بالمسيرات

المشرق العربي طائرة مسيرة أطلقها «حزب الله» اللبناني في إحدى عملياته (لقطة من فيديو)

«حزب الله» يستهدف قوة إسرائيلية شمال ثكنة «يفتاح» بالمسيرات

أعلن «حزب الله» اللبناني أن عناصره استهدفوا قوة مدرعات إسرائيلية تمركزت مؤخرا شمال ثكنة «يفتاح» الإسرائيلية بالمسيرات الانقضاضية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة سبق أن وزَّعها إعلام «حزب الله» لباخرة الحفر «إنرغين» قرب حقل «كاريش» بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» يلوّح باستهداف منصات الغاز في إسرائيل خلال «الحرب الشاملة»

عاد «حزب الله» ليهدد باستهداف حقول الغاز في إسرائيل في حال قررت الأخيرة توسعة الحرب على لبنان، بعدما بلغت الضغوط والتهديدات من قبل الطرفين مراحل غير مسبوقة.

بولا أسطيح (بيروت)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تحاول اعتراض هجوم مصدره لبنان فوق منطقة الجليل (أ.ب)

إسرائيل: اعتراض مسيّرة آتية من لبنان باتجاه المياه الاقتصادية

أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي اليوم (السبت) أن سفينة حربية تابعة للأسطول الإسرائيلي، وبالتعاون مع القوات الجوية، اعترضت مسيّرة آتية من لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

أميركا ترجئ ترحيل بعض اللبنانيين بسبب التوتر بين إسرائيل و«حزب الله»

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، أن الولايات المتحدة أرجأت ترحيل بعض المواطنين اللبنانيين من البلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
TT

«روما الرباعي»... زخم يتصاعد نحو هدنة في غزة

فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في مستشفى «شهداء الأقصى» في أعقاب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

في مسعى جديد لإقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، يلتقي الوسطاء (قطر ومصر والولايات المتحدة)، في اجتماع رباعي، الأحد، بروما بمشاركة إسرائيلية، وسط مخاوف من «تجدد العراقيل الإسرائيلية». وأعد لـ«اجتماع روما الرباعي» خبراء ضمن زخم يتصاعد وحراك مكثف في مسار المفاوضات يشي بإمكانية أن يكون هناك جديد في مستقبل مفاوضات الهدنة.

ويتوقع الخبراء أن يكون اجتماع روما «إجرائياً» ويناقش «الخلافات» التي من بينها كيفية عودة النازحين وفتح معبر رفح الحدودي؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من الهدنة الممتدة إلى 42 يوماً، من بين 3 مراحل تضمنها مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، لوقف إطلاق النار في غزة.

ويجتمع الأحد مسؤولون من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل في روما، في «إطار استمرار جهود الوسطاء للوصول لاتفاق هدنة بقطاع غزة»، حسب ما نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى». ويبحث الوفد الأمني المصري تطورات مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق المصدر ذاته، الذي أكد تمسك مصر بضرورة الوصول لصيغة تحمل 4 بنود؛ هي: «وقف فوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان حرية حركة المواطنين في القطاع، والانسحاب الكامل من منفذ رفح».

مشيعون يُصلّون على أشخاص قتلوا في غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

بلينكن والحراك المكثف

ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن «اجتماع روما» سيكون بمشاركة مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، ورئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومدير الموساد، ديفيد بارنياع.

تلك التطورات تشي بـ«حراك مكثف» في طريق المفاوضات قد يؤدي إلى نتيجة، أو يعود إلى سلسلة جديدة من الجولات من دون الوصول لاتفاق، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وفق ما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط».

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، خلال اجتماع رابطة «آسيان» في فينتيان، إن واشنطن «تعمل يومياً بشكل حثيث» للوصول إلى اتفاق هدنة، بعد مطالبة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لواشنطن، تنفيذ الاتفاق في أقرب وقت ممكن ووقف الحرب، وذلك قبيل الإعلان عن عقد اجتماع بروما.

شكوك في النجاح

وإزاء توالي المواقف الأميركية الضاغطة بشكل أكبر، سواء من بايدن أو هاريس ثم اجتماع روما، يأمل الكثيرون أن يقود هذا الزخم الكبير، إلى اتفاق هدنة جديدة، شريطة أن تكون هناك رغبة إسرائيلية حقيقة في التوصل إلى اتفاق، وفق الخبير في العلاقات الدولية عمرو الشوبكي.

ولا يُتوقع أن يتضمن اجتماع روما «مفاوضات مفصلة حول الفجوات المتبقية، لكنه سيركز بشكل أساسي على الاستراتيجية للمضي قدمًا»، وفقاً لما نقله موقع «أكسيوس» عن مصدر مطلع. وقال المصدر «لم يكن المفاوضون الإسرائيليون متفائلين بأن الاجتماع في روما سيؤدي إلى انفراجة، وشككوا في أن ضغوط بايدن على نتنياهو قد أقنعته بتخفيف بعض مطالبه الصعبة الجديدة في الاقتراح الإسرائيلي المحدث»، في إشارة لما ذكره، الجمعة، مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدران مصريان لـ«رويترز» عن سعي إسرائيل إلى «إدخال تعديلات قد تعقّد التوصل إلى اتفاق».

وكانت أهم التعديلات، وفق حديث المصادر الأربعة، بند يتمثل في «مطالبة إسرائيلية بفحص النازحين الفلسطينيين لدى عودتهم إلى شمال القطاع، خشية أن يكون من بينهم مسلحون من حماس أو متعاطفون مع الحركة»، وهو ما ترفضه حماس. وبند آخر تمثل في «احتفاظ الجانب الإسرائيلي بالسيطرة على حدود غزة مع مصر»، وهو ما ترفضه القاهرة بوصفه «يتجاوز أي إطار لاتفاق نهائي ترضى به الأطراف».

فلسطينيون يجلسون بجوار مبنى دمره القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

الانسحاب الكامل من غزة

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مصدر قيادي فلسطيني لم تسمه، السبت، أن «حماس» لا تزال على موقفها بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، بما فيه ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، وعدم قبول أي صيغة جديدة لا تتضمن نصاً واضحاً على وقف إطلاق النار.

وإذا لم يتجاوز اجتماع روما عقبات الحكومة الإسرائيلية وشروطها الجديدة، فإن عملية تفاوض ستكون صعبة جداً، وفق تقدير رخا أحمد حسن، متوقعاً ألا يتجاوب نتنياهو مع الموقف المصري - الذي سيضع مطالب القاهرة الـ4 على الطاولة في اجتماع روما - أملاً في إطالة أمد التفاوض لما بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية، رغم أن إسرائيل حققت قدراً من أهدافها العسكرية، لكنها تريد المزيد على صعيد الجانب السياسي.

كما يتوقع أن يبحث اجتماع روما نقاط الخلاف في الاتفاق، مثل الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن، واستمرار إسرائيل في السيطرة على معبر رفح وتفتيش النازحين، ودور «حماس» بعد الحرب، بجانب نقاط فرعية مثل أعداد الأسرى.

نصب فلسطينيون خيماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة في غزة (د.ب.أ)

ويعتقد عمرو الشوبكي أن «المطالب المصرية سوف تنفذ حال الوصول إلى اتفاق، كونها بعضا من كل، ودون ذلك سيماطل نتنياهو ويواصل كسب الوقت». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هذه المرة الزخم كبير» نحو إقرار هدنة في غزة، وبالتالي فرصة إبرام اتفاق وتحقيق انفراجة قائمة، لكن «نتعامل معها بحذر» في ضوء تكرر تلك المؤشرات مع مسارات تفاوضية سابقة دون الوصول إلى صفقة جادة وحقيقية.