بغداد وأربيل تتقدمان في مفاوضات الرواتبhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4548351-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%A8
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقائهما ببغداد الخميس (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني خلال لقائهما ببغداد الخميس (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)
أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، يوم الجمعة، تقديم حكومته مقترحين إلى الحكومة الاتحادية بشأن حل مشكلة تأمين المستحقات المالية لموظفي الإقليم. وقال بارزاني في مؤتمر صحافي عقب انتهاء محادثاته في بغداد، الخميس، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وعدد من الزعامات العراقية: «نحن باعتبارنا وفد حكومة إقليم كوردستان جئنا إلى بغداد للدفاع عن الحقوق الدستورية لشعب كردستان، ونتوصل مع الحكومة الاتحادية إلى عدة حلول للمشاكل الحالية».
وأضاف بارزاني: «أجرينا في البداية مناقشة مكثفة وطويلة مع رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم مع رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وقادة الأحزاب السياسية، وطالبنا حل هذه المشاكل بأي طريقة، وقدمنا مقترحين، قصير المدى وبعيد المدى لتوفير المستحقات المالية لإقليم كردستان... بالنسبة للمقترح بعيد المدى، نحتاج إلى تشريع وتعديل بعض القوانين، وحول المقترح قصير المدى فيوم الأحد سيتم عقد جلسة لمجلس الوزراء والجهات السياسية التي التقينا بها أبدت دعمها للمقترح، وذلك لنتمكن من توفير رواتب الموظفين في الإقليم لهذه السنة». وفي الوقت الذي أكدت فيه البيانات الصادرة من قبل المسؤولين العراقيين، الذين أجرى الوفد الكردي مفاوضات معهم على قرب التوصل إلى حلول جدية للأزمة القائمة بين الإقليم الكردي الذي يتمتع بالحكم الذاتي والحكومة الاتحادية، فإن الأنظار تتجه إلى ما يمكن أن يتخذه مجلس الوزراء الاتحادي، الأحد، من قرارات تدعم المفاوضات التي جرت بين الطرفين.
وتتمحور الخلافات الرئيسية بين الجانبين بشأن النفط والموازنة والرواتب. وفيما يبدو الحل صعباً بشأن النفط نتيجة لتباعد رؤية الطرفين (الحكومة الاتحادية والإقليم) بخصوص كيفية تشريع قانون النفط والغاز المؤجل منذ عام 2007، فإن حصة الإقليم من الموازنة العامة للدولة العراقية لا تزال مختلفاً عليها منذ إقرار الدستور العراقي الدائم عام 2005 بسبب عدم وجود إحصاء سكاني عام في البلاد، والخلاف النفطي بين الطرفين. بينما أزمة الرواتب بدأت منذ عام 2014 عندما امتنعت الحكومة الاتحادية آنذاك عن تسليم رواتب موظفي الإقليم ما لم تسلم حكومة الإقليم أموال النفط المصدر من داخل أراضي الإقليم.
أنقرة ونفط كردستان
وفي وقت كانت فيه تركيا أوقفت تصدير النفط المصدر من إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي خلال شهر مارس (آذار) 2023، بعد أن صدر حكم في قضية تحكيم صادر عن غرفة التجارة الدولية، يلزم أنقرة بدفع تعويضات لبغداد، بسبب تصدير النفط عبر إقليم كردستان دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية بين عامي 2014 و2018، فإن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار أعلن، الجمعة، اكتمال فحص خط أنابيب النفط من إقليم كردستان إلى ميناء جيهان، كاشفاً عن أن النفط أصبح جاهزاً من الناحية الفنية. وكانت تركيا بدأت بأعمال الصيانة في خط الأنابيب الذي يمر عبر منطقة نشطة زلزالياً، والذي تقول إنه تضرر بسبب فيضانات ناجمة عن الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة الجنوبية يوم 6 فبراير (شباط) الماضي. وفي تصريح صحافي له قال بيرقدار: «اعتباراً من اليوم، أكملت شركة مسح مستقلة أعمالها، وهم الآن يعدون التقرير»، فيما لم يذكر موعداً لاستئناف تدفقات النفط عبر هذا الخط. وأردف: «باعتبار أننا دولتان متجاورتان، نحتاج إلى إيجاد حل ودي. ولكن من منظور الشرعية، يجب علينا رعاية مصالحنا... لكن خط الأنابيب سيكون جاهزاً للعمل من الناحية الفنية». وكان العراق وتركيا اتّفقا في السابق على الانتظار حتى اكتمال أعمال الصيانة قبل استئناف التصدير عبر خط الأنابيب الذي يساهم بنحو 0.5 في المائة من إمدادات النفط العالمية.
وأشارت مصادر إلى أنّه من غير المتوقّع أن تبدأ تدفّقات النفط قبل أكتوبر (تشرين الأول). وخسرت حكومة كردستان العراق نحو 4 مليارات دولار منذ توقّف تدفّقات النفط إلى ميناء جيهان التركي عبر خط أنابيب. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في بغداد الدكتور عصام فيلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «موضوع تصدير النفط الآن وبوادر حلحلة الأزمة بين العراق وتركيا تفرضهما المرحلة الراهنة، لا سيما نحن مقبلون على فصل شتاء، وتركيا تدرك تماماً أنها لا يمكن أن تستغني عن دورها كونها محطة ترانزيت دولية لعبور الطاقة»، مبيناً في الوقت نفسه أن «قرار تصدير النفط من المؤمل أن يساهم في حلحلة الأزمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان ويقرب وجهات النظر بين الطرفين».
وأضاف فيلي أن «العراق ينتظر زيارة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بغداد، حيث ستكون على الأرجح بعد زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة».
وأوضح أن «استقرار العلاقة بين بغداد وأنقرة تنعكس إيجاباً على الأوضاع الصعبة التي يعيشها كردستان؛ كون الإقليم هو البوابة الرئيسية باتجاه تركيا، كما يعطي هذا الاستقرار قوة للإقليم كون مجمل القضايا العالقة مرتبطة إلى حد كبير بإيقاف تصدير النفط، وهو ما يشكل عائقاً في هذا السياق، حيث إنه يشكل مورداً مالياً كبيراً». وأشار إلى أن «حدة التوتر بين المركز والإقليم ازدادت بعد إيقاف تصدير النفط من تركيا، علماً بأن الزيارات استمرت بين الطرفين من أجل التوصل إلى حل ينهي الأزمة العالقة بينهما».
أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان، مقتل عدد من الضباط وجرح جنود، جراء انفجار أكثر من عبوة مزروعة في المكان نفسه، محدثة انفجاراً سُمع لمسافات بعيدة.
جدد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، السبت، دعواته المتكررة لتوحيد صفوف قوات الأمن الكردية (البيشمركة) وعدها جزءاً مهماً من منظومة الدفاع العراقية.
شدد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، على أربعة مبادئ أساسية لتشكيل حكومة إقليم كردستان، أبرزها توحيد الإدارات وقوات «البيشمركة».
فاضل النشمي (بغداد)
جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمانhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5084403-%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86
الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)
يتعامل الأردن مع تحديات أمنية وسياسية خطِرة على حدوده الشمالية مع سوريا، والشرقية مع العراق، والغربية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. ومع التحدّي الأخير يتعامل الأردن بحذر شديد مع مخطّطات الحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب، ودعوات تهجير الفلسطينيين التي عدّتها عمّان «إعلان حرب عليها»، لتتعاظم هواجس داخلية تفرض نفسها على صنّاع القرار بقوة.
ومع بدء الدورة الأولى من عمر مجلس النواب العشرين الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل وجود كتلة معارضة «حرجة» تملك 31 مقعداً قابلة للزيادة تمثلها كتلة «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع الحزبية لجماعة الإخوان المسلمين غير المرخّصة في البلاد.
قياس شرعية الانتخابات
بدأت القصة الجديدة بين السلطة الأردنية والحركة الإسلامية من قياس «شرعية» الانتخابات الأخيرة، بعد مشاركة نواب الحركة حصولهم على قرابة نصف مليون صوت على مستوى البلاد كافة، من أصل نحو مليون و600 ألف مقترع شاركوا في الانتخابات، إلى جانب حصدهم أيضاً مقاعد مُخصّصة للمرأة والشركس والشيشان في عدد من الدوائر المحلية، على مستوى المحافظات.
وباعتراف الحزب المعارض بنزاهة الانتخابات، تكون المعايير التي سعى الإسلاميون إلى تكريسها مرتبطة فقط بعدد المقاعد التي يحصلون عليها، مستندين إلى سيطرتهم على وعي الرأي العام، من خلال امتلاكهم منابر دينية وإعلامية غير متوافرة لخصومهم.
كانت ثمة تحذيرات جاءت على ألسنة شخصيات سياسية وازنة وخبرات قانونية، من أن قانون الانتخاب الذي توافقت عليه لجنة ملكية، ومنح صوتين للناخب أحدهما لدائرته المحلية والآخر للدائرة العامة المخصصة مقاعدها الـ41 للأحزاب، أبرزها أن الصوت الثاني سيكون «صوتاً مجانياً» مُعطىً لمرشحي الحركة الإسلامية، لكن هذه التحذيرات قوبلت بالسخرية.
كان «عرّابو» القانون يسخرون من التحذيرات، وسط ثقة مُفرطة بأنفسهم، بينما سعى «طباخو» القانون إلى تشكيل أحزاب سياسية قيل إنها ستنافس الحركة الإسلامية، بل ستقلّص عدد مقاعدهم. لكن الحقيقة جاءت بعكس توقعات استطلاعات الرأي السرّية، بل إن تلك التوقعات جاءت بمبالغات لا صلة لها بالواقع.
استناداً إلى ما سبق، ونتيجة لمراجعات مراكز قرار و«جرد الحسابات»، أُقيل ضباط كبار في جهاز الاستخبارات العامة، وسياسياً أعيد تموضُع شخصيات في مواقع متقدمة في الديوان الملكي، وتحييد آخرين، مع إلزام الحكومة الجديدة بتدوير الزوايا الاقتصادية الحادة في موازنة العام المقبل، واختصار تصريحاتها بالشأن السياسي. ومن المتوقع أن تطال التغييرات مواقع متقدِّمة، أمنية وسياسية قبل نهاية العام.
وحسب مخضرمين سياسيين، كان من السهل الطعن بدستورية قانون الانتخاب النافذ، خصوصاً في ظل التعارض الواضح في نصوص احتساب درجة الحسم (العتبة) التي جاءت نتيجتها بمضاعفة عدد مقاعد الحركة الإسلامية على الأقل.
وقد استند هؤلاء إلى نصّين متعارضين في حسابات الفوز والخسارة في الانتخابات، ثم إنه رغم التحذيرات أدّى الإصرار على الخطأ لنتائج غير متوقعة، وسقوط استطلاعات الرأي المسكوت عنها، والتي «أُجريت بطرق غير علمية»، كما وصفها مطّلعون تحدثت معهم «الشرق الأوسط».
خطاب العرش... بين السطور
في الثامن عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي انطلقت أعمال الدورة العادية من عُمر مجلس النواب العشرين، بعد إلقاء العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خطاب العرش. وحمل الخطاب بين سطوره «مفاتيح» لسياسة الأردن، في ظل تحوّلات كبيرة، لعل أهمها إدارة العلاقات الأردنية مع الحليف الأميركي بعد فوز دونالد ترمب بفترة رئاسية جديدة، والمفاجآت التي قد تحملها سياساته، عطفاً على سياساته وقراراته في دورته السابقة، ومدى الحرج الذي قد يتسبّب به الرجل في لقاءاته الرسمية وتصرفاته الشخصية.
لم يأخذ الكلام الملكي المساحة اللازمة من التحليل وقراءة ما بين السطور، واكتفى المحللون بإبراز فقرات من الخطاب تتعلق بالشأن الداخلي، إثر قول الملك إن مستقبل بلاده «لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبّي مصالحه أو تخرج عن مبادئه»، واصفاً الأردن بـ«الدولة الراسخة الهوية، التي لا تغامر في مستقبلها».
ولم يتطرّق المحلّلون إلى سقوط عبارة «حل الدولتين» من الخطاب والاكتفاء بالإشارة إلى «السلام العادل والمشرّف هو السبيل لرفع الظلم التاريخي عن الأشقاء الفلسطينيين»، مع تمسّك الأردن بأولوية إعادة «كامل الحقوق لأصحابها ومنح الأمن للجميع، رغم كل العقبات وتطرّف الذين لا يؤمنون بالسلام».
قراءة في سلوك «الإسلاميين»
بعد الرسائل الملكية تلك، دخل النواب في منافسة محمومة على مقاعد الرئاسة وانتخاب أعضاء المكتب الدائم للمجلس. وجاءت النتيجة حاسمة لصالح الرئيس الأسبق أحمد الصفدي الذي نافسه النائب صالح العرموطي (الإسلامي)، الآتي محمولاً على أكتاف أعلى الأصوات على مستوى الدوائر المحلية.
أراد «الإسلاميون» في المجلس إيصال «مظلوميتهم» إلى الشارع، فبعد إعلان خمس كتل حزبية تحالفها في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، كانت منافسة كتلة حزب «جبهة العمل الإسلامي» غير مُجدية؛ نظراً لقرارهم بعزل أنفسهم عن أي تحالفات حتى مع المستقلين من أعضاء المجلس، ولم ينجحوا إلا في استقطاب 6 نواب من خارج كتلتهم (الـ31 نائباً)، على الرغم من وجود 23 نائباً مستقلاً، مع توزّع 115 من النواب على 12 حزباً فازوا بمقاعد بعد تجاوز درجة الحسم في الانتخابات النيابية الأخيرة.
هؤلاء، بالإضافة إلى حزب «جبهة العمل الإسلامي»، جاؤوا على التوالي: حزب «الميثاق»، و«إرادة»، و«الوطني الإسلامي»، و«تقدّم»، و«الاتحاد»، و«الأرض المباركة»، وحزب «عزم»، وحزب «العمل»، وحزب «العمال»، و«المدني الديمقراطي»، وحزب «نماء».
ويُدرك الإسلاميون صعوبة التحالف، وكانوا قد ضيّعوا فرصة قدّمها قبل انتخابات الرئاسة وقتها المرشح الصفدي؛ إذ ضمن لهم مقعدين في المكتب الدائم هما مقعد النائب الثاني للرئيس، وأحد مقعدي المساعدين للرئيس، ورئاسة بعض اللجان. غير أنهم آثروا الانعزال ورفض التفاوض، فكانت فكرتهم المركزية - كما وصفها مقربون منهم في حوارات مع «الشرق الأوسط» - أنهم يريدون «إيصال رسائل» تُفيد بتعرّضهم لحصار ومحاربة من قبل الأحزاب الرسمية، وبذلك يحصدون المزيد من الشعبية أمام الشارع الأردني، وهذا ما حصل فعلاً.
وبالفعل، تابع الإسلاميون خطتهم في انتخابات الرئاسة والمكتب الدائم، وسعوا للترشح عن مقعدي النائب الأول والثاني للرئيس. وبعد استعراضات تحت القبة، انسحب مرشحو الحركة في رسالة أرادوا منها التذكير بقدرتهم على المشاغبة في مواجهة توزيع المواقع القيادية في المجلس.
إلا أن ما استقرت عليه خطة المواجهة معهم تحت القبة سيحرمهم أيضاً فرص الفوز برئاسة اللجان النيابية الدائمة، وعلى رأس هذه اللجان: المالية، فلسطين، التوجيه الوطني، الاقتصاد والاستثمار، الشؤون الخارجية، والحريات العامة، وفق مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
مواجهة مرتقبة
يُدرك صنّاع القرار في الأردن اليوم مدى خطورة وجود كتلة «حرجة» بحجم كتلة «جبهة العمل الإسلامي» تحت قبة المجلس، لا سيما أنه عُرف عنهم التزامهم في حضور الجلسات التشريعية، وبراعتهم في اختيار مداخلاتهم في الجلسات الرقابية، في ظل احتكارهم لعبة النصاب في التصويت على قرارات المجلس.
ثم إن للإسلاميين صدقيتهم في الإعلام المحلي، وهم الذين استخدموا التواصل الاجتماعي بفاعلية في إيصال صوتهم. ولذا فهم يستخدمون لعبة شحن الشارع بمظلوميتهم وكشفهم عن خفايا التصويت على القرارات في المجلس.
وبرأي متابعين، فإن الحصيلة الشعبية لحزب «جبهة العمل الإسلامي» قابلة للارتفاع في ظل ضعف حجة من يواجههم في العمل العام.
لكن ما غاب عن حسابات المطبخ السياسي لـ«جبهة العمل الإسلامي» (وحاضنته الأم جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة)، أنهم قد يكونون الأداة الأهم في التحذير من مخاطر أمن واستقرار المملكة في ظل استمرار نشاطهم السياسي الذي يعرف استخدام الشارع وعاطفته في الاشتباك مع مؤسسات الدولة؛ إذ بمجرد وجود الإسلاميين في المجالس المنتخبة سيوزّع رسائل إلى عدة جهات، أهمّها تحكم اليمين الإسلامي في دولة عُرفت بالاعتدال... وهذا قد يقلب الطاولة على أحلام الحركة في السيطرة والسلطة.
بداية مُقلقة لعلاقة متوترة
أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية حزمة استحقاقات صعبة. وستكون البداية بـ«حفلة» البيان الوزاري وبدء «ماراثون» مناقشة النواب لمضامينه، وهنا سيستغل نواب الحركة الإسلامية المنبر البرلماني لشن هجمات على الحكومة، وتشويه صورتها، منتصرين بذلك أمام الشارع بعد حجبهم الثقة.
وبعد طيّ صفحة الثقة المضمونة للحكومة، سيدخل استحقاق مشروع قانون الموازنة والوحدات المستقلة لسنة 2025. وتكراراً سيصعد نواب الحركة إلى المنبر ليضاعفوا حصّتهم في الشارع، ولن تنتهي الدورة البرلمانية العادية قبل أن يكون لـ«جبهة العمل الإسلامي» الحصّة الأكبر من معركة الرأي العام.
في المقابل، ما يمكن أن تشهده الدورة الحالية في ملف ساخن قد يعيد المشهد لما قبل عام 2011، هو القرار المُرتقب في حل نقابة المعلمين مطلع ربيع العام المقبل. هذا الملف قد يعيد «تسخين» المشهد المحلي على «صفيح» قضية المعلمين وعودتهم إلى الحراك. وللعلم، كان آخر نقيب للمعلمين قبل قرار قضائي جمّد أعمال النقابة وأغلق أبوابها، نائب جاء عن قائمة الحزب الإخواني التي ترشحت على مقاعد الدائرة الحزبية العامة.
نقاط ضعف الحكومة وقوتها
مرتكز القوة لحكومة جعفر حسّان التي أقسمت اليمين مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو شخصية رئيسها. فحسّان يتمتع بصفات الاستقامة والنزاهة، ورفض الاستجابة للضغوط من مختلف القوى والجهات، وقدرته على العمل تحت الضغط بعيداً عن الأضواء. لكن إذا كانت هذه الصفات تصلح لمهمة من نوع إدارة مكتب الملك الخاص، فإنها قد لا تكون مطلوبة تماماً في شخصية رئيس الحكومة.
وحسّان أدار مكتب الملك في حقبتين مختلفتين، وفي عودته للمرة الثانية خلال السنوات الخمس الماضية استطاع الرجل الانفتاح على الآراء، مستفيداً من تنوع ناصحيه ومحبيه، إلا أن مزايا الرئيس نفسه لا تنسحب بالضرورة على بقية فريقه الحكومي؛ إذ بين اختياراته الوزارية مَن قد يدخل الحكومة كاملة في أزمات متعددة.
وأيضاً، بين وزراء حسّان أشخاص لم يسبق لهم تجربة العمل العام، ناهيك بأن ضمن فريقه طامحين في موقع حسّان نفسه، وبينهم من سبق له العمل البرلماني، بل عُرف عن هؤلاء قدرتهم على استفزاز مجالس النواب ومحاولة التذاكي على التشريعات، قبل كشف الأخطاء التي ارتكبت، ومنها أخطاء قانوني الانتخاب والأحزاب.
في هذا السياق، يحقّ عُرفاً لرئيس الوزراء إجراء أول تعديل وزاري على فريقه الحكومي مباشرةً بعد نيل الحكومة الثقة من مجلس النواب، مع توفير مظلة مشاورات «شكلية» لصالح فرص توزير شخصيات من أحزاب لها أذرع نيابية في المجلس الذي بدأت أعماله رسمياً منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.