لودريان يدعم مبادرة بري الحوارية: بداية مسار الحل للشغور الرئاسي

حطّ في بيروت لـ«إكمال مهمته»... وترقب لموقف المعارضة

بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
TT

لودريان يدعم مبادرة بري الحوارية: بداية مسار الحل للشغور الرئاسي

بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)
بري مجتمعاً مع لودريان (أ.ف.ب)

دعم الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان مبادرة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لحوار غير مشروط بين القوى السياسية حول الملف الرئاسي، وذلك في مستهل جولته على السياسيين اللبنانيين في بيروت، الثلاثاء، في انتظار لقاءات مع قوى المعارضة التي لا تزال على موقفها الرافض لحوار لبناني، وتدعم بدلاً منه انتخاب الرئيس في جولات انتخابية متتالية في البرلمان.

وبدأ لودريان جولة جديدة من المحادثات مع ممثلي القوى السياسية اللبنانية الممثلة في البرلمان. وقالت مصادر مواكبة لجولته إن دعمه لمبادرة بري «بدا صريحاً لكونها المبادرة الوحيدة القادرة على إحداث خرق في الجمود القائم وتمترس القوى السياسية وراء مطالبها»، لكنها سألت عما إذا كان لودريان قادراً على تسويق الحوار لدى قوى المعارضة الرافضة للحوار والداعمة لعقد جلسات انتخاب متتالية، وثانياً ما إذا كان قادراً على تسويقه لدى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي تراجع عن موافقته على مبادرة بري الحوارية. وأكدت المصادر أن الحوار الذي يؤيده لودريان هو حوار غير مشروط، وغير محصور بأسماء، ويسعى لطرح كل الملفات على الطاولة دون «فيتوات» وشروط مسبقة.

كان رئيس مجلس النواب اللبناني دعا نهاية الشهر الماضي الكتل النيابية والفرقاء السياسيين لإجراء حوار في سبتمبر (أيلول) الحالي وعقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية.

بري: الحوار ثم الحوار

واستهل لودريان جولته في بيروت بلقاء بري؛ إذ عرض الطرفان الأوضاع العامة والمستجدات السياسية، لا سيما الاستحقاق الرئاسي.

وأكد بري بعد اللقاء أن «وجهات النظر متطابقة مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بأن لا سبيل إلا الحوار، ثم الحوار، ثم الحوار، للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهذا ما هو متاح حالياً لمن يريد مصلحة لبنان»، حسبما أفاد بيان صادر عن رئاسة مجلس النواب.

وظهر لودريان داعماً لمبادرة بري الحوارية؛ إذ قال إنه يأمل في أن تكون المبادرة التي أعلن عنها بري بشأن إجراء حوار لانتخاب رئيس الجمهورية «بداية مسار الحل».

ميقاتي: بداية الحل

وذكرت رئاسة وزراء لبنان في بيان أن تصريحات لودريان جاءت خلال لقاء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في بيروت.

وأكد المبعوث الفرنسي على أنه «آتٍ إلى لبنان لإكمال مهمته»، وأنه لن يبدي رأيه قبل استكمال الاتصالات واللقاءات التي سيجريها، بحسب البيان.

ميقاتي ولودريان خلال لقائهما (دالاتي ونهرا)

من جانبه، جدد ميقاتي خلال الاجتماع التأكيد على أن «بداية الحل للأزمة الراهنة في لبنان تقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان وإتمام الإصلاحات الاقتصادية، لا سيما المشاريع الموجودة في مجلس النواب، لوضع البلد على سكة التعافي».

دعم الجيش

قائد الجيش مستقبِلاً لودريان والوفد المرافق (الجيش اللبناني)

وبعد الظهر، زار لودريان قائد الجيش العماد جوزف عون واطّلع على الوضع الأمني وما يواجهه الجيش من تحديات، بخاصة النزوح السوري والوضع الفلسطيني. وأكّد لودريان استمرار بلاده في دعم الجيش لتعزيز قدراته على تنفيذ مختلف المهمات.

وبينما تشكك مصادر لبنانية معارضة بأن تكون مهمة لودريان تحظى بدعم «الخماسية» الدولية التي اجتمع ممثلوها في الدوحة في الشهر الماضي، قالت مصادر قريبة من «حركة أمل» التي يترأسها بري، إنه لا سبيل لإحداث خرق في جمود الملف الرئاسي من دون حوار لبناني غير مشروط وغير محدد، ويطرح فيه كل طرف وجهة نظره واقتراحاته، عادّة أن المبادرة التي قدمها بري لجهة إجراء حوار بسقف زمني أقصى هو سبعة أيام تليه جلسات انتخابية مفتوحة، «تعد طرحاً متقدماً جداً وربما يتخطى أي طرح آخر للحوار ولإنهاء معضلة الشغور الرئاسي». وشددت على أنه «لا حل إلا بالجلوس على طاولة حوار وإجراء تسوية حوارية»، متوقفة عند تصريح لودريان بالقول إنه «للمرة الأولى يكون حاسماً بوصف المبادرة بأنها بداية لمسار الحل».

ويترقب اللبنانيون موقف قوى المعارضة التي يفترض أن يلتقي بها لودريان، الأربعاء، وفي مقدمها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي كرم عبر حسابه على منصة «إكس»: «شيئاً فشيئاً يضيق الخناق على محور المُمانعة في لبنان، يفشل في فرض مرشّحه الرئاسي، تنكشف حواراته التسووية، تسقط مبادراته للاستنجاد بالخارج، تصدر القرارات الأممية لغير صالحه، وأخيراً تنطلق المواقف الأممية الداعمة لمطلبنا لإنشاء لجنة تقصّي حقائق دولية بانفجار المرفأ».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

المشرق العربي فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

أكد «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي الجماعة في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
TT

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)

يعد اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله، زعيم «حزب الله» منذ أكثر من 30 عاماً، تصعيداً كبيراً في حرب الدولة العبرية مع الجماعة اللبنانية. ومن المحتمل أن يكون ذلك قد جعل المنطقة أقرب خطوة إلى صراع أوسع نطاقاً وأكثر ضرراً، يجذب كلاً من إيران والولايات المتحدة.

فإلى أين قد يتجه الأمر بعد هذا الاغتيال؟ يعتمد الأمر على حد كبير على الإجابة عن 3 أسئلة أساسية.

ماذا سيفعل «حزب الله»؟

تعاني الجماعة اللبنانية من «ضربة تلو الأخرى»، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وقد تم تفكيك هيكلها القيادي، مع اغتيال أكثر من 12 من كبار قادتها، كما تم تخريب سلسلة اتصالاتها من خلال تفجيرات أجهزة «البيجر» وأجهزة الاتصال اللاسلكية الخاصة بها، كما تم تدمير كثير من أسلحتها في الغارات الجوية الإسرائيلية.

يقول محمد الباشا، المحلل الأمني ​​لشؤون الشرق الأوسط المقيم في الولايات المتحدة، إن «خسارة نصر الله ستكون لها تداعيات كبيرة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الجماعة وتغيير استراتيجياتها السياسية والعسكرية على المدى القصير».

لكن أي توقع بأن الجماعة سوف تستسلم فجأة وتسعى للسلام بشروط إسرائيل، من المرجح أن يكون في غير محله. وقد تعهد «حزب الله» بالفعل بمواصلة القتال. ولا يزال لديه آلاف المقاتلين وهم يطالبون بالانتقام. كما لا تزال لديه ترسانة كبيرة من الصواريخ، كثير منها عبارة عن أسلحة بعيدة المدى ودقيقة التوجيه يمكنها الوصول إلى تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى. وسيكون هناك ضغط داخل صفوف الحزب لاستخدامها قريباً، قبل أن يتم تدميرها أيضاً.

لكن إذا فعلوا ذلك، في هجوم جماعي يتغلب على الدفاعات الجوية الإسرائيلية ويقتل مدنيين، فمن المرجح أن يكون رد إسرائيل مدمراً، ويلحق الدمار بالبنية التحتية في لبنان، أو حتى يمتد إلى إيران.

ماذا ستفعل إيران؟

يشكل هذا الاغتيال ضربة لطهران بقدر ما يمثل ضربة لـ«حزب الله». ولقد تم الإعلان بالفعل عن الحداد لمدة 5 أيام في إيران. كما تم اتخاذ احتياطات طارئة، حيث تم نقل الزعيم علي خامنئي إلى منطقة آمنة.

ولم تنتقم إيران بعد لـ«الاغتيال المهين» لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية، في دار ضيافة بطهران في يوليو (تموز). ومن المرجح أن اغتيال نصر الله سوف يدفع المتشددين في صفوف النظام إلى التفكير في نوع من الرد.

وتدعم إيران عدة ميليشيات وحركات مسلحة في المنطقة. فإلى جانب «حزب الله»، هناك الحوثيون في اليمن، وكثير من الجماعات في سوريا والعراق. ويمكن لإيران أن تطلب من هذه الجماعات تكثيف هجماتها على إسرائيل والقواعد الأميركية في المنطقة.

لكن أياً كان الرد الذي ستختاره إيران، فمن المرجح أن تكون حذرة فيه، بحيث لا يؤدي إلى إشعال حرب لا يمكنها أن تأمل في الفوز بها.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

إذا كان هناك أي شك في نوايا إسرائيل قبل هذا الاغتيال، فلن يكون كذلك الآن. ومن الواضح أن إسرائيل ليس لديها أي نية لوقف حملتها العسكرية ضد لبنان، ولا حتى لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً الذي اقترحته 12 دولة، بما في ذلك أقرب حليف لها، الولايات المتحدة.

ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» أصبح في موقف دفاعي الآن، لذا فهو يريد الاستمرار في هجومه، حتى تتم إزالة التهديد الذي تشكله صواريخ الحزب.

ومن دون استسلام «حزب الله»، وهو أمر غير مرجح، فمن الصعب أن نعرف كيف تستطيع إسرائيل تحقيق هدفها الحربي المتمثل في إزالة التهديد الذي تشكله هجمات الحزب دون تدخل بري في لبنان. ونشر الجيش الإسرائيلي لقطات لتدريبات المشاة بالقرب من الحدود لهذا الغرض بالذات، وفق «بي بي سي».

لكن «حزب الله» أمضى أيضاً السنوات الـ18 الأخيرة، منذ نهاية الحرب الأخيرة مع إسرائيل، في التدريب لخوض الحرب التالية. وفي خطابه العلني الأخير قبل وفاته، أخبر نصر الله أتباعه بأن التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان سيكون، على حد تعبيره، «فرصة تاريخية». وبالنسبة للجيش الإسرائيلي، سيكون الدخول إلى لبنان سهلاً نسبياً، لكن الخروج قد يستغرق شهوراً، كما يحدث في قطاع غزة.