لودريان يحاول إنقاذ الاستحقاق الرئاسي اللبناني

بتحييده عن تعدد الحوارات.... وتصرفه كأن رسالته إلى النواب لم تكن

الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)
الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)
TT

لودريان يحاول إنقاذ الاستحقاق الرئاسي اللبناني

الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)
الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)

يقف الموفد الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان مع عودته الاثنين إلى بيروت أمام مشهد سياسي لا يزال يعيق محاولته لفتح ثغرة في الحائط المسدود لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم بانتخاب رئيس للجمهورية؛ خصوصاً أن رسالته للنواب قوبلت بردود فعل متباينة، وبالأخص من قوى المعارضة بامتناعها عن الرد على رسالته ومعها عدد من النواب المنتمين إلى «قوى التغيير» على اختلاف انتماءاتهم السياسية، و«اللقاء الديمقراطي» الذي تمايز عن جميع هؤلاء بتأييده الحوار المؤدي إلى انتخاب الرئيس.

ومع أن لودريان يستهل لقاءاته باجتماع عمل يعقده مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد غد الثلاثاء، وإن كان استبق مجيئه بدعوته النواب لحوار يستمر أسبوعا يليه عقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، فإنه يود الوقوف على وجهة نظره ليبني على الشيء مقتضاه، آخذاً في الاعتبار ردود الفعل المتفاوتة على دعوته، لعله يضع خريطة طريق بالتعاون معه تفتح الطريق أمام عقد لقاءات عمل مع الكتل النيابية والنواب المشمولين برسالته للوقوف من المعترضين على الأسباب التي أملت عليهم التعاطي مع رسالته بسلبية في محاولة لتنعيم مواقفهم.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن اجتماع لودريان - بري يمهّد الطريق للقيام بمروحة واسعة من اللقاءات الثنائية، وباشرت السفارة الفرنسية التحضير لتحديد مواعيدها التي تستمر يومي الأربعاء والخميس.

إلا أن عودة لودريان إلى بيروت في زيارة ثالثة لن تحجب الأنظار عن السؤال عن موقف اللجنة الخماسية المؤلفة، إضافة إلى فرنسا، من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، حيال خريطة الطريق التي رسمها لنفسه لوقف تعطيل انتخاب الرئيس، والتي تتلازم هذه المرة مع وجود وفد سعودي في باريس برئاسة المستشار في ديوان رئاسة مجلس الوزراء نزار العلَولا الذي التقى المستشار الرئاسي المكلف الملف اللبناني باتريك دوريل، إضافة إلى لودريان.

فهل يحضر لودريان هذه المرة إلى بيروت مدعوماً بغطاء سياسي من اللجنة الخماسية التي تعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، بخلاف المبادرة الفرنسية التي كانت تقوم على مبدأ المقايضة بين انتخاب رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في مقابل تكليف السفير السابق نواف سلام تشكيل الحكومة العتيدة، مع أن للأخير وجهة نظر لا تقوم على المقايضة وينطلق فيها من رؤيته لوقف الانهيار في لبنان؟

ويبدو أن لودريان لن يحضر هذه المرة، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، لتعويم المبادرة الفرنسية في محاولة لتسويقها في ضوء ردود الفعل عليها من زاوية رفضها من قبل المعارضة وكتل نيابية ونواب، بذريعة أن باريس تسعى لفرض رئيس على اللبنانيين، وهذا ما حاول أن يتخطاه في لقاءاته السابقة بقوله إن مجرد وجوده هنا ما هو إلا إشارة لحث النواب على انتخاب الرئيس باعتبار أن القرار يبقى أولاً وأخيراً بيد البرلمان.

لذلك، فإن السباق الرئاسي محصورٌ حتى الساعة بين مرشح محور الممانعة النائب السابق فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور المدعوم من قوى المعارضة و«اللقاء الديمقراطي» و«التيار الوطني الحر» الذي كان أكد تقاطعه مع المعارضة على ترشيحه، إضافة إلى عدد من النواب التغييريين والمستقلين.

 

فرنجية وأزعور

 

ورغم أن المنافسة بين فرنجية وأزعور ستحضر بامتياز على طاولة اللقاءات الثنائية التي يعقدها لودريان، فإن قوى المعارضة بالتفاهم مع «اللقاء الديمقراطي» لم تقفل الأبواب أمام التوافق على رئيس من خارج الاصطفافات السياسية ولا يشكل هذا تحدياً لأي فريق، بخلاف الثنائي الشيعي الذي لا يزال يتمسك بترشيح فرنجية، وهذا ما يصر عليه «حزب الله» الذي يتزعّم الحملة السياسية دعماً لحليفه.

لكن حصر المنافسة بين فرنجية وأزعور لا يعني بالمطلق، كما تقول المصادر، أن السباق إلى رئاسة الجمهورية سيقتصر عليهما، طالما أن لودريان سيوسع هذه المرة مروحة لقاءاته الثنائية، وأدرج اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون في عداد المشمولين بلقاءات من خارج البرلمان لكونه يحظى بتقدير دولي وإقليمي يتناغم مع التقدير المحلي لدوره على رأس المؤسسة العسكرية التي هي بمثابة صمام الأمان لمنع انحلال الدولة وحماية السلم الأهلي والحفاظ على الاستقرار بالتعاون مع القوى الأمنية الأخرى، مع أنه لم يترشح ويبقى همه الأساسي في توفير الاحتياجات الضرورية في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها أسوة بالسواد الأعظم من اللبنانيين.

عودة حاسمة؟

الرئيس نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان يوليو الماضي (إ.ب.أ)

ويبقى السؤال: هل عودة لودريان ستكون حاسمة هذه المرة؟ خصوصا أن مصادر دبلوماسية غربية تتعاطى مع رسالته إلى النواب كأنها لم تكن، وتدعو إلى إنقاذ الاستحقاق الرئاسي بدءاً بتحييده عن تعدد الحوارات، وتأمل في أن تتلازم مع إنضاج الظروف الخارجية المؤدية إلى انتخاب الرئيس، رغم أنها توقفت ملياً أمام الموقف الذي أعلنه الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في أثناء استقباله البطريرك الماروني بشارة الراعي في دارته في المختارة، الذي يعكس فيه مخاوفه من استمرار الشغور الرئاسي إلى أمد مديد، ما يعني أنها تجاريه في مخاوفه محملة «الناخبين الكبار» مسؤولية عدم التدخل كما يجب لوقف تعطيل انتخاب الرئيس.

أما على صعيد المواقف من دعوة بري للحوار فإنه يتريث في حسم موقفه إلى حين بلورة الحصيلة السياسية للقاءات لودريان، وما إذا كانت الظروف تسمح بملاقاته في منتصف الطريق لتجاوز العقبات التي تعترض إطلاقه حواره تجاه الكتل النيابية وإمكانية تحييده عن تعدد الحوارات، لا سيما أن حواره لن يكون نسخة طبق الأصل عن حوار «حزب الله» والنائب جبران باسيل الذي سرعان ما تراجع عن تأييده لحوار بري بمطالبته بإدخال تعديلات، لئلا يبقى جدول الأعمال محصوراً بانتخاب الرئيس.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص، في مؤتمر صحافي لوزارة الصحة في مدينة خان يونس: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال لإدخال الوقود».

وأضاف، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «ندعو المؤسسات الدولية لاستغلال قرار محكمة الجنائية الدولية لوقف حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وإدخال كل ما يحتاج إليه قطاع غزة من وقود ودواء واحتياجات أساسية، وإرسال وفود طبية لقطاع غزة عامة وشماله خاصة».

وفي وقت سابق، قالت الوزارة، في بيان: «في ساعات متأخرة من ليلة أمس، أعادت قوات الاحتلال استهداف مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، وأصابت 6 من الكوادر الطبية العاملة، بينها حالات خطيرة أدخلت إلى العناية المركزة».

وأضاف البيان: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير مولد الكهرباء الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى حيث يوجد 80 مريضاً و8 حالات في العناية المركزة».

وأدانت وزارة الصحة «هذا العمل الإجرامي المتكرر والمستمر على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، ونكرر مناشدتنا للمؤسسات الدولية والإنسانية ضرورة توفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في قطاع غزة، بحسب ما كفلته ونصت عليه القوانين الدولية».

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

وقال الدفاع المدني في قطاع غزة، الجمعة، إنه انتشل جثث 12 قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل في قطاع غزة 5 من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم السابع من أكتوبر 2023، غداة إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في قطاع غزة منذ شنت حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص على الأقل، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.