هدوء حذر في كركوك ورفع حظر التجوال غداة اشتباكات دامية

أدخنة تتصاعد في شوارع كركوك (أ.ف.ب)
أدخنة تتصاعد في شوارع كركوك (أ.ف.ب)
TT

هدوء حذر في كركوك ورفع حظر التجوال غداة اشتباكات دامية

أدخنة تتصاعد في شوارع كركوك (أ.ف.ب)
أدخنة تتصاعد في شوارع كركوك (أ.ف.ب)

عاد الهدوء الحذر إلى محافظة كركوك الشمالية، بعد يوم عاصف من الاضطرابات والاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين؛ ما دفع السلطات إلى فرض حظر للتجوال، ثم عادت ورفعته، الأحد، وقامت بفتح الطريق الرابط بين كركوك وأربيل الذي عمد محتجون عرب وتركمان إلى إغلاقه خلال الأيام الماضية.

وجاءت هذه الأحداث في محاولة لمنع تسليم المقر الرئيسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي سيطرت عليه قيادة العمليات المشتركة بعد عمليات فرض القانون عام 2017.

وأمرت المحكمة الاتحادية العليا، اليوم (الأحد)، بوقف إجراءات فتح مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية. وقالت المحكمة في بيان إنها قررت «إيقاف تنفيذ أمر رئيس مجلس الوزراء المتضمن إخلاء البناية المشغولة حالياً من قبل المقر المتقدم لقيادة العمليات المشتركة في محافظة كركوك والآثار التي ترتبت عليه لحين حسم الدعوى المطالب بموجبها الحكم بإلغائه بغية الحفاظ على الأمن في محافظة كركوك». ووصفت المحكمة القرار بأنه «باتٌّ وملزم لكافة السلطات».

وفي وقت سابق، قال مصدر صحافي مطّلع في كركوك لـ«الشرق الأوسط» إن «التحريض على إغلاق الطريق حدث بدفع من الجهات العربية والتركمانية؛ ما تسبب بصعوبة الحركة في المحافظة، وعدم تمكن المواطنين العاديين من الانتقال أو السفر من كركوك إلى محافظة أربيل وبقية المناطق».

وحيال هذه المشكلة، قال المصدر: «قام مئات المواطنين الأكراد بمظاهرة مضادة لإرغام السلطات الأمنية على فتح الطريق، الأمر الذي أحدث صداماً مع القوات الأمنية الموجودة في المكان»، نافياً أن «يكون المتظاهرون قد رفعوا السلاح خلال المظاهرة، وجميع القتلى من الكرد».

وقال قائد شرطة كركوك اللواء، كاوة غريب، في تصريحات صحافية، إن حظر التجوال الذي فرضه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مساء السبت، «رُفِع».

وأكد أن «الوضع الآن مستقر في عموم مدينة كركوك».

وشهدت، السبت، مدينة كركوك التي يقطنها عرب وأكراد وتركمان، مظاهرات تخللتها اشتباكات بين متظاهرين أكراد من جهة، والمشاركين في اعتصام من العرب والتركمان من جهة أخرى.

وانتشرت قوّات الأمن للفصل بين الجانبين، وأطلقت أعيرة ناريّة تحذيريّة لتفريق المتظاهرين الأكراد. وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن مركبات في جادة رئيسية أُحرقت.

وقُتل 4 أكراد خلال هذه الأحداث، كما أصيب 15 بجروح، وفق ما أكده المتحدث باسم شرطة كركوك عامر شواني لوكالة الصحافة الفرنسية، الأحد.

متظاهرون عراقيون بعد احتجاجات في مدينة كركوك أمس (أ.ف.ب)

ودعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى «تشكيل لجنة تحقيق»، متعهّداً في بيان «محاسبة المقصّرين... لينالوا جزاءهم العادل».

وعلى وقع حالة التوتر الشديدة التي عمت المحافظة، أجرى رئيس الوزراء محمد السوداني اتصالين هاتفيين مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، شدد فيهما على ضرورة «تكثيف العمل المتكامل من أجل تفويت الفرصة على كل من يعبث بأمن مدينة كركوك واستقرارها، وعلى بسط القانون من قبل القوات الأمنية»، وفق بيان صادر عن مكتب رئاسة الوزراء.

وجرى التأكيد على «أهمية عدم إتاحة المجال أمام أي عناصر غير مسؤولة، تستهدف النسيج الاجتماعي المتجانس والمتآخي للمحافظة». ووجّه السوداني بـ«إجراء تحقيق لمعرفة من تسبب بوفاة مواطنين وإصابة آخرين».

وبدوره، توعد رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني المتسببين في الأحداث بأنهم «سيدفعون باهظاً ثمن سفك دماء أبنائنا في كركوك».

وقال بارزاني في بيان إن «مجموعة من المشاغبين قاموا منذ عدة أيام بقطع الطريق بين أربيل وكركوك بحجة منع افتتاح مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك، وعدم السماح للمواطنين بأن يعيشوا حياتهم الطبيعية، كما أنهم أحدثوا أوضاعاً غير مناسبة وخطيرة جداً لأهالي كركوك».

متظاهرون عراقيون يغلقون طريقاً بعد احتجاجات في مدينة كركوك أمس (أ.ف.ب)

وأضاف أنه «من المثير للدهشة، أن القوات الأمنية والشرطة في كركوك لم تتمكن خلال الأيام القليلة الماضية من منع هذه الفوضى وهذا السلوك غير القانوني. لقد جرى اليوم استخدام العنف ضد الشباب الكردي والمتظاهرين في كركوك، وسُفكت دماء شباب الكرد».

وغالباً ما تتهم أربيل جماعات «الحشد الشعبي» و«حشد العشائر» والتركمان بالوقوف وراء افتعال أزمة كركوك.

«الاتحاد الوطني» يوزع اتهامات للجميع

ومن جانبه، قام حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، المنافس اللدود للحزب الديمقراطي، بشن هجوم لاذع على جميع الأطراف في كركوك، وقال في بيان: «بكل أسف، ودون وازع من ضمير ومنذ عدة أيام قام الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبعض الأطراف الشوفينية في كركوك، ومن خلال سيناريوهات مختلفة بإحداث المشكلات وتأجيج الأوضاع». وذكر الحزب أن «الديمقراطي الكردستاني وبسبب إخفاقه في إدارة الإقليم والانفراد في السلطة، وللتستر على فشله، يحاول تصدير المشكلات إلى كركوك، خصوصاً أنه أصبح واضحاً للعيان أن جميع المشاركين في التظاهرات يجري توجيههم من أربيل».

وتابع أن «الديمقراطي الكردستاني والأحزاب الشوفينية العربية والتركمانية، والذين هم أصدقاء وحلفاء لبعضهم البعض، ليست لديهم مشكلة مع المقر، لأن مقراتهم وفروعها جرى إخلاؤها، ولكنهم لا يريدون العودة، وإنما حجة لضرب السلم المجتمعي الكركوكي».

وسبق أن رد الديمقراطي الكردستاني بشكل مقتضب على بيانات حزب الاتحاد العدائية تجاهه بالقول: «لن نرد على بيان الاتحادِ المليءِ بالاتهاماتِ والبعيدِ عن الحقيقة؛ لأن محتواه يُظهر مستواهم، وجوابُ الأحمقِ السكوت».

«الإطار» يدعم السوداني

ومن جهته، قدم «الإطار التنسيقي» الذي يضم معظم القوى الشيعية عدا التيار الصدري ويهيمن على الحكومة، مساء السبت، إلى نبذ التصعيد واعتماد الحوار في حل المشكلات في كركوك. وأعرب عن دعمه لـ«كل الإجراءات الحكومية التي أوعز بها القائد العام للقوات المسلحة في ضبط الأوضاع الأمنية والاستقرار في المحافظة».

وكانت هناك أنباء ترد عن إيعاز السوداني إلى إيقاف عملية تسليم المقر الذي أثار المشكلة الكبيرة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وعملية التسليم أقرت في وقت سابق وفق تفاهمات حدثت بين القوى الشيعية والحزب الديمقراطي خلال مرحلة تشكيل الحكومة في إطار تحالف «إدارة الدولة» الذي يضم معظم القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية الذي شكل حكومة السوداني.

وقال بيان صادر عن «الإطار التنسيقي»، مساء السبت: «نُتابع باهتمام بالغ تطورات الأحداث في محافظة كركوك، من تظاهرات واحتجاجات وما رافقها من أعمال عنف، ما أدّى إلى سقوط ضحايا وإصابة عدد من المواطنين، وتعرض عددٍ من الممتلكات الخاصة إلى الحرق والدمار».

وأضاف أن «العنف وتصعيد الموقف ليسا حلاً بين الأطراف والمكونات في المدينة، ونطلب من القوى السياسية الابتعاد عن الخطاب المتشنج، والعمل على التهدئة، ودعم الأجهزة الأمنية في القيام بواجباتها في الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة».


مقالات ذات صلة

لماذا استأنفت الميليشيات العراقية عملياتها ضد الأميركيين؟

المشرق العربي جندي من قوات التحالف الدولي خلال دورية قرب قاعدة «عين الأسد» الجوية في العراق (أرشيفية - سانتاكوم)

لماذا استأنفت الميليشيات العراقية عملياتها ضد الأميركيين؟

الهجوم على قاعدتين تضمّان قوات للتحالف الدولي أعاد التساؤل عن الأسباب التي تقف وراء «التحرشات» الجديدة بالقوات الأميركية في العراق وسوريا.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
رياضة عالمية سجاد غانم (الأولمبية العراقية)

«الأولمبية العراقية»: لن نقف مكتوفي الأيدي بعد سقوط غانم في اختبار المنشطات

قرر عقيل مفتن، رئيس اللجنة الأولمبية العراقية، اليوم (السبت) فتح تحقيق لكشف ملابسات سقوط مصارع الجودو سجاد غانم في اختبار منشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

حمزة مصطفى (بغداد)

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
TT

«تسخين» إيراني - أميركي شرق سوريا وغارات روسية مكثفة على مواقع «داعش»

حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)
حقل «كونكو» للغاز الذي استهدفته ميليشيات تابعة لإيران (موقع دير الزور 24)

بعد أقل من يومين على تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد من اتجاه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط نحو التصعيد، شنَّت قوات التحالف الدولي غارات جوية على مواقع ميليشيات رديفة للقوات الحكومية السورية تابعة لإيران في شرق سوريا، ليل الجمعة - السبت، وذلك رداً على استهداف قاعدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في حقل غاز «كونيكو» بريف دير الزور، فيما أفادت مصادر إعلامية السبت بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية بمسح جوي في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان، كما شهدت الحدود السورية - العراقية، شمال شرقي محافظة الحسكة، تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي.

بالتوازي، شنَّت قوات الجو الروسية غارات مكثفة على مواقع لتنظيم «داعش» في بادية تدمر والسخنة في ريف حمص الشرقي، وفق ما ذكره «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، يوم السبت، لافتاً إلى أن هذه الغارات جاءت بعد فترة من تسجيل تراجع ملحوظ في الغارات الروسية على مواقع تنظيم «داعش»، قياساً إلى أكثر من 100 غارة جوية نفذتها على مواقع «داعش»، في بادية حماة وحمص ودير الزور والرقة، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وترافقت الغارات الجوية الروسية المكثفة السبت مع حملة التمشيط التي تقوم بها القوات الحكومية بدعم من سلاح الجو الروسي من بادية حماة الشرقية، وصولاً إلى بادية الرقة الغربية، وبادية تدمر والسخنة وجبالها في ريف حمص الشرقي وتلال البشري وكباجب والتبني ومعدان، جنوب دير الزور، وفق ما ذكرته مصادر محلية قالت إن غارات السبت تركزت على منطقة السخنة، وصولاً إلى كباجب وجبال البشري الممتدة على طول البادية، وترافقت مع تحليق طائرات استطلاع روسية.

وكان الرئيس الروسي قد حذر من أن «الوضع يزداد توتراً في الشرق الأوسط»، خلال استقباله الرئيس السوري، يوم الأربعاء الماضي، في موسكو، معتبراً «المباحثات مع الأسد فرصة لبحث كل التطورات والسيناريوهات المحتملة»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء السورية (سانا)»، لافتة إلى أن الرئيس الأسد رد بأنّ كلاً من سوريا وروسيا «مرّ بتحديات صعبة واستطاعا تجاوزها دائماً»

وتوقعت المصادر ارتفاع درجة التسخين الإيراني - الأميركي شرق سوريا، حيث مراكز وجودهما الأقوى في سوريا والمنطقة، بهدف تعزيز كل منهما مواقعه، ولفتت إلى وجود مخاوف من استغلال تنظيم «داعش» التوتر الحاصل للعودة إلى نشاطه شرق سوريا، وربما هذا ما دفع الجانب الروسي إلى تكثيف غاراته على مواقع التنظيم بالتعاون مع القوات الحكومية، وفق المصادر التي رأت أن احتمال عودة نشاط «داعش» إلى سوريا والعراق سيخلط الأوراق ويدفع الأوضاع نحو المزيد من التعقيد.

مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، قال إن الميليشيات الرديفة للقوات الحكومية السورية التي تتبع إيران تلقت أوامر بالتصعيد ضد القاعدة الأميركية في حقل كونيكو للغاز «بعينها»، وقد تم استهدافها يوم الجمعة بـعشرة صواريخ، ويوم الخميس بثلاثة.

وردَّت قوات التحالف على تلك الضربات السبت دون إيقاع خسائر بشرية، واعتبر عبد الرحمن تبادل الضربات الإيرانية - الأميركية «رسائل متبادلة بين الطرفين».

من جانبه، أفاد موقع «صوت العاصمة» بقيام طائرة استطلاع وتجسس أميركية من طراز RQ - 4B Global Hawk بمسح جوي استمر لأكثر من 21 ساعة متواصلة. وبحسب الموقع «تركز المسح في المنطقة الجنوبية والعاصمة دمشق وريفها وحمص حتى الساحل السوري ولبنان»، دون ذكر تفاصيل أخرى أو مصدر المعلومة، فيما قال موقع «الخابور» إن تحليقاً مكثفاً لطائرات التحالف الدولي جرى السبت على الحدود السورية - العراقية شمال شرقي الحسكة.