تواصل الأوساط الرسمية والشعبية العراقية جهودها الرامية إلى إتمام الزيارة الأربعينية إلى محافظة كربلاء حيث مقام الإمام الحسين بن علي، التي تشهد ذروتها هذه الأيام وتنتهي يوم الثلاثاء المقبل، ما دفع معظم محافظات وسط وجنوب البلاد إلى إعلان 10 أيام عطلة رسمية، كما في محافظة كربلاء، بينما أعلنت محافظات أخرى تعطيل الدوام الرسمي بأيام أقل.
وقرر رئيس الوزراء محمد السوداني التعطيل في بغداد يومي الأربعاء الخميس المقبلين. وقال بيان لرئاسة الوزراء، يوم السبت، إن السوداني «يتابع عملية تفويج الزائرين القادمين عبر منفذ الشلامجة الحدودي في محافظة البصرة للمشاركة في إحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين، برفقة نائب الرئيس الإيراني». وخلافاً لسنوات العنف والاحتراب الداخلية الماضية، تراجعت الهجمات الإرهابية من الجماعات المتشددة على أرتال الزائرين خلال السنوات الثلاث والأربع الأخيرة الماضية.
وقد جرت العادة خلال العقدين الأخيرين أن يقوم مئات الآلاف من المواطنين، وعبر محافظات البلاد المختلفة، بالسير على الأقدام لأيام طويلة، خصوصاً من المحافظات البعيدة لتأدية مراسم الزيارة التي تستمر لأيام طويلة، وغالباً ما يقوم المتبرعون وأصحاب المواكب بتقديم الأكل والشرب و«الاستراحة المؤقتة» للزائرين بمختلف المحافظات، لا سيما أولئك الذين يُعرفون محلياً بـ«المشاية» الذين يفضلون الوصول سيراً. وقالت العتبة العلوية في محافظة النجف، يوم السبت، إنها توزع يومياً 100 ألف وجبة غذاء مجانية للزائرين.
3 ملايين ونصف المليون زائر
بدوره، قال رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر الوائلي، يوم السبت، لـ«وكالة الأنباء العراقية»، إن «عدد الوافدين من الزوار الإيرانيين والجنسيات الأخرى حتى الآن بلغ 3 ملايين و500 ألف زائر. أما عدد المغادرين من العراق إلى بلدانهم فقد بلغ حتى الآن مليون زائر». وأضاف أن «منفذ زرباطية (شرقاً) كان من أكثر المنافذ المستقبل للزائرين، حيث شهد دخول مليون و600 ألف زائر»، معظمهم من الإيرانيين. وأشار إلى أن «مطار النجف كان أكثر المطارات استقبالاً للزائرين، حيث استقبل دخول 160 ألف زائر». وأكد أن «دخول الزوار كان بانسيابية عالية، بناءً على التنسيق المسبق مع الجانب الإيراني من خلال التفويج التدريجي، وكذلك تفعيل تناقل البيانات بين المنافذ الإيرانية والعراقية، حي كان الأكثر عدداً لدخول الزائرين من منفذي زرباطية والشلامجة». ويتجاوز أعداد الزائرين من العراقيين والأجانب إلى كربلاء سنوياً، خلال زيارة الأربعين سقف الـ20 مليون زائر بحسب الإحصاءات الرسمية.
حوادث مروّعة بسبب النعاس
ويتسبب الزخم والأعداد الكبيرة التي تنقل الزائرين العراقيين والأجانب سنوياً في حوادث سير مروعة يذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى. وأعلنت صحة محافظة صلاح الدين، الجمعة، عن مصرع 16 زائراً وإصابة 13 آخرين بحادث سير على الطريق الرابطة بين الدجيل وسامراء، معظمهم من الإيرانيين. وتحدثت مصادر طبية، السبت، عن تسبب الحادث بوفاة معظم المصابين.
وحيال تكرار حوادث السير، وجهت مديرية المرور العامة، السبت، رسالة إلى سائقي المركبات خلال الزيارة الأربعينية. وقال مدير العلاقات والإعلام في المديرية العميد زياد القيسي، في تصريح لـ«وكالة الأنباء العراقية»، إن «هناك تداعيات مهمة جداً بسبب الحوادث المرورية التي حصلت خلال الزيارة، وأغلبية سائقي المركبات لا يحصلون على الراحة الكافية». وأضاف القيسي أن «قسماً من السواقين يسعون إلى خدمة أكبر عدد من الزائرين وقسماً منهم يريد كسب المال السريع، وبالتالي السائق يقضي 5 أيام من دون نوم. لهذا يكون جسمه متعباً ومنهكاً، وهو ما يتسبب بأغلب هذه الحوادث، والسبب الرئيسي لها هو النعاس، ما يسفر عن انحراف المركبات وحصول الحوادث».
ولفت إلى أن «الحوادث الثلاثة التي حصلت جميعها للسبب نفسه، وهو نوم السائق، وهناك أسباب أخرى لحصول الحوادث، منها السرعة المفرطة والتهور أثناء القيادة، وكذلك استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة». وتابع القيسي: «الإجراءات التي تتخذها مديرية المرور هي فرض الغرامة أو حجز المركبة وأيضاً إجراءات أخرى، منها نصب مفرزات مرورية في الطرق لكل 5 كيلومترات لمحاسبة سائقي المركبات».
الصدر غاضب... والخزعلي يشكر كردستان
ولم تغب السياسة عن المشهد العام للزيارة الأربعينية، خصوصاً بعد اعتداءات من عناصر متطرفة طالت بعض الزائرين الأجانب، ما دفع زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر إلى التعبير عن غضبه بصفحته على «إكس» قائلاً: «اعتدنا نحن العراقيين على الصراعات العشائرية والقبلية والسياسية والطائفية وما شاكلها، لكن الغريب الجديد هو افتعال صراعات بين المواكب الحسينية أو بين زوار الإمام الحسين عليه السلام في أربعينيته، كتعدي المنفتحين على الزوار الإيرانيين أو أعلام دولتهم، أو تعدي المتشددين على الزوار الخليجيين، لا سيما السعوديين، أو أعلام دولتهم على سبيل المثال، أو تعدي موكب لحزب معين أو انتماء معين على آخر». وأضاف أن «كل ذلك من المعيب والمخزي، بل الحرام، فالإمام الحسين (ع) لكل الطوائف، بل لكل إنسان يحب الإصلاح ويبغض الفساد، وكل مَن يتعدى على أي زائر مهما كان انتماؤه أو دينه أو عقيدته أو عرقه أو فكره أو دولته، فهو بعثي أو يؤيد أفكار الثالوث المشؤوم؛ بتفرقة الصف الإسلامي والإنساني من خلال التعدي على الزوار أو أعلامهم التي تمثل الشعوب لا الدول».
أما الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، وهو المعروف بعلاقاته المتوترة بإقليم كردستان، فقدم شكره إلى الإقليم ورئيسه نيجيرفان بارزاني بمناسبة زيارة الأربعين. وقال الخزعلي على موقع «إكس»: «نثمن الموقف الذي قامت به حكومة إقليم كردستان ورئيسها الأخ نيجيرفان بارزاني ومبادرته بتقديم المساعدة للزوار، من خلال تخصيص الحافلات لنقلهم، مما يؤكد أن حب الحسين يجمعنا».