الفلسطينيون يحذرون من «انفجار مقبل» بسبب استهداف الأسرى

مقتل فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية

جناح يضم أسرى فلسطينيين في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)
جناح يضم أسرى فلسطينيين في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)
TT

الفلسطينيون يحذرون من «انفجار مقبل» بسبب استهداف الأسرى

جناح يضم أسرى فلسطينيين في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)
جناح يضم أسرى فلسطينيين في سجن إسرائيلي (مصلحة السجون)

حذر قادة السلطة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية من تبعات «القرارات الهوجاء» التي يصدرها وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، للإضرار بشروط اعتقال الأسرى الفلسطينيين، وآخرها تقليص مدة زيارة الأهل إلى النصف، أي من مرة في الشهر إلى مرة في الشهرين. وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في رام الله، قدورة فارس، أن «مواصلة استهداف الأسرى سيكون عنوان الانفجار المقبل في وجه الاحتلال وعلى كل الجبهات».

وقال فارس في تصريحات صحافية، إن «فصائل، وقوى شعبنا، ومؤسساته ستكون موحدة داخل المعتقلات الإسرائيلية وخارجها، خلف قضية الأسرى، وهو ما سيسحق هذا المنهج الفاشي الخطير، الذي يتصرف من واقع إحساسه بالفشل والإحباط، وعدم قدرته على تنفيذ الوعود التي كان يتشدق بها خلال الحملة الانتخابية». وأضاف أن «قرار المتطرف بن غفير يأتي في إطار سلوك انتقامي عنصري يريد من خلاله إيقاع الأذى بالأسرى وعائلاتهم، والمساس بحقوقهم الأساسية، بشكل يتعارض مع القوانين والأنظمة الإسرائيلية، وليس فقط القانون الدولي».

وأكد فارس أن «الأيام والأشهر المقبلة ستثبت أن بن غفير يشكل خطراً على الأمن والاستقرار في المنطقة، وخطراً على أمن إسرائيل نفسها».

أسرى فلسطينيون خلال زيارة عائلاتهم (صورة من مصلحة السجون)

زيارات عائلات الأسرى

وفي السياق نفسه، حذر نائب رئيس نادي الأسير، عبد الله الزغاري، من قرار بن غفير، المسّ بنظام زيارات عائلات الأسرى، وتقليصها، مشيراً إلى أنّ هذا القرار يأتي مع استمرار الاحتلال بحرمان الآلاف من أفراد عائلات الأسرى من الزيارة لذرائع أمنية. وكشف أن «خطوات مرتقبة للحركة الأسيرة بصدد الإعلان عنها لمواجهة هذا القرار، وأن الحركة الأسيرة، وعلى قاعدة الوحدة، مستعدة لاستئناف معركتها المستمرة ضد سياسات وإجراءات حكومة الاحتلال». وأوضح أن إجراءات بن غفير إذا نفذت، ستقود إلى مواجهة مفتوحة مع الأسرى، بعد عدة جولات من المعارك خاضتها الحركة الأسيرة على مدار الفترة الماضية، تحديداً منذ تولي حكومة الاحتلال الفاشية سدة الحكم، خصوصاً أن هذا القرار يأتي بعد أسبوع على إعلان بن غفير توجهه لحرمان الأسرى من القنوات التلفزيونية، والمس بالبُنى التنظيمية للأسرى، في إطار تهديداته غير المنتهية».

وكان بن غفير، الذي يواجه تراجعاً في قوته الانتخابية ويشار إليه بالبنان كوزير فاشل من الناحية المهنية، قد أوعز لمصلحة السجون الإسرائيلية بتقييد زيارات عائلات الأسرى من الضفة الغربية، لمرة كل شهرين بدلاً من مرة كل شهر. وقد أقدم على هذه الخطوة، حسبما أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوم الجمعة، من دون تنسيق مع أجهزة الأمن ذات الشأن، لا في مصلحة السجون ولا في المخابرات العامة (الشاباك) ولا في الجيش. وتبين أن المفوضة العامة لسلطة السجون، كيتي بيري، تعارض هذا القرار وحذرت بن غفير من عواقب شديدة له، داخل السجون وخارجها.

اعتصام سابق أمام مقر الصليب الأحمر في البيرة بالضفة الغربية لدعم الأسرى (وفا)

قضية حساسة

ونقلت الصحيفة عن عدد من المسؤولين في مصلحة السجون، أنهم يرون في قرار بن غفير أنه «غير مسؤول» في أحسن الأحوال، ويطالبون بأن يبحث المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) هذا الموضوع. وأكدوا أن تغيير ظروف الأسرى الفلسطينيين هو حدث ضخم، فللأسرى مكانة خاصة ومؤثرة على الشارع الفلسطيني ويشكلون قضية حساسة وقابلة لإشعال الوضع في الأراضي الفلسطينية كلها.

لكن رد بن غفير على هذا الموقف جاء بقرار انتقامي ضد المفوضة، بيري، وصفه أحد المسؤولين بأنه صبياني. فقد منعها من السفر إلى بلجيكا للمشاركة في مؤتمر دولي بحجة أن تكاليف رحلتها هي ومرافقيها من رجال الأمن ستكون مكلفة جداً (30 ألف دولار).

يذكر أن هناك نحو 5 آلاف أسير فلسطيني يقبعون في السجون الإسرائيلية، بالإضافة إلى 2200 أسير رهن الاعتقال الإداري (بلا محاكمة ولا تهمة). ومنذ 9 مارس (آذار) 2022، تقوم القوات الإسرائيلية بتنفيذ عمليات اعتقال في كل يوم. وفي ليلة الخميس - الجمعة، اعتقلت مثلاً 9 فلسطينيين، 7 منهم في بلدة بيت أمر من قضاء الخليل.

وينتمي بن غفير إلى تيار يميني قوي في إسرائيل يزعم بأن الأسرى الفلسطينيين يتمتعون بشروط إيواء كفندق، ويسعى لإساءة هذه الشروط. ومنذ تشكيل حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو، يتخذ بن غفير قرارات بهذا الشأن، وفي بعض الأحيان تلقى معارضة شديدة حتى من مرؤوسيه. وكان آخر هذه القرارات يقضي بإلغاء التسريح الإداري (الإفراج المبكر) لأسرى مرضى ومسنين أوشكت مدة حكمهم على الانتهاء، الذي تستخدمه سلطة السجون من أجل تخفيف الاكتظاظ في السجون.

جانب من تشييع عبد الرحيم فايز غنام (36 عاماً) الذي قُتل برصاص القوات الإسرائيلية في بلدة عقابا يوم الجمعة (إ.ب.أ)

وفاة فلسطيني

قال مسؤولون فلسطينيون إن القوات الإسرائيلية قتلت فلسطينياً في الضفة الغربية المحتلة يوم الجمعة، بعد اندلاع اشتباكات خلال مداهمتها منزل رجل يشتبه بأنه مسلح. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن رجلاً يبلغ من العمر 36 عاماً توفي بعدما أطلقت عليه القوات الإسرائيلية الرصاص في الرأس في بلدة عقابا بغور الأردن، كما أصيب رجل آخر بالرصاص، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه وقع تبادل لإطلاق النار مع مسلحين خلال العملية، وإن قواته أصابت واحداً ممن كانوا يطلقون النار. لكن شهوداً قالوا إن القتيل لم يشارك في الاشتباكات، وكان في حقل قريب عندما أصيب بطلق ناري.

وذكر الجيش أن الجنود وشرطة الحدود حاصروا منزلاً في عقابا مستخدمين قذائف صاروخية تطلق من على الأكتاف وقنابل يدوية ثم عثروا في وقت لاحق على عبوتين ناسفتين داخل المبنى. وأضاف أنهم ألقوا القبض على اثنين من المشتبه بهم المطلوبين. وأفاد شهود بأن المنزل تعرض لأضرار جسيمة، وحدث ثقب كبير في أحد جدرانه الخارجية وتطايرت أجزاء من جدار داخلي وتناثر الحطام داخل غرفة معيشة.

مسلحون فلسطينيون يصاحبون جثمان عبد الرحيم فايز غنام (أ.ب)

موجة من العنف

وشهدت الضفة الغربية موجة من العنف على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، حيث وقعت سلسلة من الهجمات شنها فلسطينيون في مدن إسرائيلية، وهجمات نفذها مستوطنون يهود على بلدات وقرى فلسطينية، وكثف الجيش الإسرائيلي المداهمات.

وقتل سائق شاحنة فلسطيني جندياً إسرائيلياً يوم الخميس، في هجوم دهس بالقرب من نقطة تفتيش على الحدود مع الضفة الغربية. واعتُقل آلاف الفلسطينيين وقُتل المئات منذ العام الماضي، في اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، كان من بينهم مدنيون لم يشاركوا في الاشتباكات.


مقالات ذات صلة

عباس يطالب باتفاق على غرار لبنان... و«حماس» تؤكد أنها «جاهزة»

شؤون إقليمية عائلات وأنصار المحتجزين الإسرائيليين يحملون ملصقات أثناء مناقشة الموضوع في الكنيست الإسرائيلي في القدس 18 نوفمبر 2024 (رويترز)

عباس يطالب باتفاق على غرار لبنان... و«حماس» تؤكد أنها «جاهزة»

طالبت الرئاسة الفلسطينية بوقف إطلاق نار في قطاع غزة على غرار الاتفاق في لبنان، فيما أعادت إسرائيل مركز الثقل إلى قطاع غزة، معلنة أن استعادة المحتجزين من القطاع…

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)

السلطة الفلسطينية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان

رحبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أثناء ترؤسه جلسة للحكومة الفلسطينية في رام الله... الثلاثاء (وفا)

مصر تحاول مجدداً دفع آلية لإعادة فتح معبر رفح 

حركتَا «فتح» و«حماس» تجاوبتا مع محاولة مصرية لإعادة فتح معبر رفح، لكن لا يوجد اختراق كامل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.


إسرائيل تقطع آخر المعابر بين لبنان وسوريا... وضبط الحدود من ضبط الجبهات

زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)
زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)
TT

إسرائيل تقطع آخر المعابر بين لبنان وسوريا... وضبط الحدود من ضبط الجبهات

زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)
زحمة سيارات عند نقطة المصنع الحدودية بانتظار أن تقوم الجرافات باعادة فتحه (أ ب)

اختتمت إسرائيل موجة العنف الجديدة لضرباتها على لبنان، بغارات قوية استهدفت المعابر البريّة الشمالية ما بين لبنان وسوريا، منها معابر غير رسمية في منطقة وادي خالد بالإضافة إلى الدبوسية وجوسيه في ريف حمص و3 جسور على النهر الكبير الفاصل بين البلدين، كما استهدفت للمرة الأولى معبر العريضة في ريف طرطوس، ما أدى إلى إقفال تلك المعابر بشكل تام وخروجها عن الخدمة نهائياً.

وحملت هذه العمليات التي نُفّذت قبل ساعة واحدة من دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ رسالة أمنية وسياسية إلى الدولة اللبنانية، تفيد بأن تل أبيب «عازمة على منع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وعدم تكرار أخطاء عام 2006. كما انطوت على رسالة غير مباشرة إلى النظام السوري، وهذا ما لَمَّح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمته، ليل الثلاثاء، التي حذّر فيها الرئيس السوري بشّار الأسد من (اللعب بالنار)، وعدم السماح بتمرير السلاح إلى (حزب الله)».

معبر الدبوسية الشمالي مع سوريا مدمراً بالكامل بعد القصف الإسرائيلي (إ. ب. أي)

وبدا لافتاً أن إسرائيل لم تقفل الحدود الشمالية مع سوريا إلّا في الساعة الأخيرة التي سبقت تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، واعتبر النائب السابق لرئيس الأركان للتخطيط في الجيش اللبناني العميد زياد الهاشم، أن «قصف إسرائيل للمعابر الشمالية مع سوريا رسالة تأكيد على ضرورة تطبيق أحد أهم بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وهو إقفال المعابر الشرعية وغير الشرعية أمام دخول الأسلحة من سوريا إلى (حزب الله)، وأنه على الحكومة اللبنانية أن تنفذ هذا القرار».

وأشار الهاشم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إسرائيل عبّرت عن هذا التوجّه بالنار، وقالت للدولة اللبنانية: (إذا لم تطبقي هذا البند نطبقه نحن بالقوة)»، مشدداً على «أهمية التزام الدولة اللبنانية بما وقَّعت عليه».

الجيش اللبناني... والاختبار الصعب

وعمّا إذا كان الجيش اللبناني قادراً على ضبط الحدود، أو العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما فتح «حزب الله» جبهة المساندة مع غزة؛ خصوصاً أن الجيش لم يستكمل بناء قدراته على صعيد تطويع عناصر جديدة والتجهيزات التسليحية واللوجستية، أوضح العميد الهاشم أنه «عندما تتخذ الحكومة قراراً سياسياً، فإن الجيش قادر على تنفيذه بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الشرعية، وأن يوقف عمليات التهريب؛ سواء السلاح أو البضائع والسلع وإنهاء حالة تفلّت الحدود مع سوريا التي كانت سائدة في السابق».

وذكّر بأن «هناك ضابط إيقاع أميركياً يضع ثقله لمراقبة تنفيذ الاتفاق، ولن يتساهل مع أي خرق لمضامينه». وقال: «إسرائيل تنفذ يومياً غارات في الداخل السوري، وأعتقد أنها لن تتوقّف حتى بعد وقف إطلاق النار مع لبنان».

وعبَّر عن اعتقاده بأن «طهران كانت جزءاً من هذا الاتفاق، وشاركت في صياغته، وهذا كفيل بأن الاتفاق سينفّذ من دون عراقيل تُذكر».

شاحنات نقل متضررة عند نقطة الدبوسية الحدودية بين لبنان وسوريا جرّاء القصف الإسرائيلي (أ. ب. إي)

ضبط الحدود وضبط الجبهة

وتشكّل مراقبة الحدود اللبنانية - السورية تحدياً كبيراً للدولة اللبنانية يوازي أهمية فرض سلطتها جنوب الليطاني، وهذا يستدعي تعزيز قدرات الجيش اللبناني للقيام بهذه المهمّة، وأشار مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية»، الدكتور سامي نادر، إلى أن «الهدف الأساس من الغارات وإقفال المعابر البرية في الشمال هو منع إعادة تسليح (حزب الله)، وعدم تكرار تجربة العامة 2006، وفشل تطبيق القرار 1701».

وأكد أن «وقف إطلاق النار وضع القرار الدولي (1701) موضع التطبيق بإشراف لجنة دولية بقيادة الولايات المتحدة بما لديها من قدرات عسكرية وسياسية ومادية ولوجستية».

وشدد نادر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على أن «استهداف الحدود البرية في الشمال رسالة واضحة بضرورة إقفالها أمام سلاح (حزب الله)؛ خصوصاً أن إسرائيل لن تكرر تراخيها في عام 2006، عندما تمكن الحزب من تسليح نفسه بسرعة عبر الحدود السورية، وبفضل تحالفه الوثيق مع نظام بشار الأسد، من هنا نفهم كلام نتنياهو، الذي وجه رسالة قاسية إلى الأسد، وحذَّره من إعادة تمكين إيران و(حزب الله) عبر استخدام الأراضي السورية».

نازحون لبنانيون إلى سوريا يقطعون نقطة المصنع الحدودية لجهة البقاع سيراً على الاقدام بعد وقف إطلاق النار (أ ب)

ونجح «حزب الله» من منع تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1680» الذي ينصّ على ترسيم الحدود اللبنانية - السورية، ونشر مراقبين دوليين بمساعدة دول أوروبية؛ خصوصاً أن الحدود البرية بين لبنان وسوريا كانت مستباحة أمام الحزب طيلة سنوات الحرب السورية، ومعبراً لإدخال السلاح والمقاتلين بالاتجاهين.

وذكّر سامي نادر بأن «الإسرائيلي طلب في الورقة الأولى الحلّ بتنسيق أميركي - روسي لوقف مدّ (حزب الله) بالسلاح بالنظر لدور روسيا وتأثيرها على النظام السوري، وهذا ما يهدف إليه الآن في مرحلة وقف إطلاق النار»، مشيراً إلى أن تل أبيب «ستسعى بكل قوّه إلى عدم السماح لـ(حزب الله) بإعادة التسلّح وبناء منظومة عسكرية جديدة، خصوصاً بعد أن قلّمت أظافره وأضعفته خلال هذه الحرب»، لافتاً إلى أن «المشهد الأخير من العمليات العسكرية الإسرائيلية ركزت على مسألتين مهمتين هما السلاح والمال، بما يحملان من رمزية لقدرات (حزب الله)، فكان استهداف مقرات مؤسسة (القرض الحسن)، حتى في آخر جولة من الغارات، وانتهاء بضرب الحدود البرية مع سوريا، ورسالتها تخفيف مصادر تسليح وتمويل (حزب الله) للمرحلة المقبلة، وعدم تكرار خطأ عام 2006 مرة جديدة».

رسالة مزدوجة لدمشق وموسكو

ومن الجانب السوري، أفادت مصادر مطلعة في دمشق بأن استهداف معبر العريضة رسالة تحذير إسرائيلية «مباشرة» لدمشق، لمنع نقل السلاح إلى لبنان، ورسالة غير مباشرة لموسكو كي تمارس المزيد من الضغوط على دمشق في هذا الخصوص.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «جميع المعابر سبق أن استهدفتها إسرائيل لأكثر من 36 مرة منذ بدء التصعيد في سبتمبر (أيلول) الماضي، لقطع إمداد (حزب الله)، ومنع تمرير السلاح من سوريا إلى لبنان، ما عدا معبر العريضة الذي تم استهدافه قبل سريان وقف إطلاق النار، علماً بأنه استخدم كمعبر بديل لمعبر (جديدة يابوس - المصنع) شبه المخصص لعبور المدنيين وقوافل الترانزيت بعد تعرضه لقصف متكرر».

الدمار الذي لحق بمعبر العريضة الشمالي جراء القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

وبحسب المصادر، يكتسب معبر العريضة أهمية تجارية أكبر كونه جسراً حيوياً يربط بين طرفي النهر الكبير الجنوبي ومرفأ طرابلس ومحافظة طرطوس حيث تقع القاعدة الروسية، وميناء طرطوس الذي تديره روسيا، مع الإشارة إلى أن معبر العريضة شبه مخصص لنقل الفوسفات والرمل ومواد البناء والمحروقات، بالإضافة للمنتجات الأخرى. ويوجه تعطيله «ضربة اقتصادية خانقة» لدمشق، التي تعتمد على طرق لبنان في الالتفاف على العقوبات الاقتصادية الدولية، كما أنها رسالة «تحذير غير مباشرة للجانب الروسي كي يمارس دوره في الضغط على دمشق لمنع نقل السلاح إلى (حزب الله)».

واعتبر مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، في تصريح إعلامي، أن إسرائيل تهدف إلى إغلاق «كامل الحدود أمام (حزب الله) لمنع تدفق السلاح المستقبلي وعودة النازحين»، مرجحاً بقاء سوريا «هدفاً للغارات الإسرائيلية، إلا إذا نجحت الوساطة الروسية غير المعلنة بالحد من تحركات (حزب الله) في المنطقة والحد من نقل السلاح».

وفي حين بدأت وزارة الأشغال العامة في لبنان تردم الحفر وتحاول إعادة تأهيل المعبر تمهيداً لعودة النازحين، قال مدير فرع المواصلات الطرقية في طرطوس حسين ناصر في تصريحات للإعلام المحلي إن جسر العريضة دُمّر بالكامل من الركائز وحتى بلاطات الجسر، إضافة لتدمير الجسر القديم الموازي له. وقد تمت المباشرة بالكشف عن الأضرار من قِبَل المهندسين والفنيين المعنيين تمهيداً لإجراء المعالجة المناسبة.

وارتفعت حصيلة ضحايا الاستهداف الإسرائيلي للمعابر الحدودية ليل الثلاثاء - الأربعاء إلى 7 قتلى بينهم عسكريان ومتطوع في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري وطفل، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، كما أُصيب نحو 23 شخصاً آخرين، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية.

طريق جانبي مدمر كلياً لمعبر العريضة الشمالي جراء القصف الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

وفي السياق ذاته، قام محافظ حمص نمير مخلوف يوم الأربعاء بتفقد معبر الدبوسية الحدودي وجسر قمار بريف حمص الغربي، اليوم (الأربعاء)، بعد الاستهداف الإسرائيلي، وقالت وسائل إعلام محلية إن حجم الأضرار التي لحقت بالمعبر والجسر كبيرة، وأدَّت إلى خروجهما عن الخدمة بسبب تدمير جسرَيْه (الإسمنتي والحديدي) والنقطة الطبية والدوائر الحكومية في المعبر. وباشرت الآليات والورشات بعمليات التنظيف وإزالة الركام وتقدير الأضرار التي لحقت بالدوائر الحكومية وأقسام المعبر بشكل كامل.

كما قام محافظ ريف دمشق أحمد إبراهيم خليل بتفقد أعمال إعادة تأهيل الطريق الدولي الواصل إلى معبر ‏جديدة - يابوس، على الحدود السورية - اللبنانية وردم الحفر الناجمة عن العدوان الإسرائيلي ‏عليه.

وبعد ساعات من وقف إطلاق النار، عادت حركة عبور المدنيين والسيارات على الطريق الواصل بين معبر «جديدة يابوس والمصنع على الحدود السورية - اللبنانية، بعد ردم الحفرة الكبيرة التي خلفها القصف الإسرائيلي، وفتح طريق ترابي مؤقت للمرور»، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) فيما باشرت السلطات السورية العمل على ترميم باقي المعابر التي تعرضت مجدداً للقصف الإسرائيلي.

من جانبها، أعلنت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، سحب طواقمها من المعابر الحدودية مع لبنان ضماناً لسلامتهم، وذلك بعد وفاة أحد متطوعيها وإصابة عدد من المتطوعين وتضرُّر عدد من سيارات الإسعاف ونقاط عملها جراء القصف الإسرائيلي.