يراهن مسؤولون لبنانيون على حل أزمة الشغور الرئاسي العالق، بما يتيح للبنان تذليل العقبات التشريعية والحكومية المواكبة لعملية استخراج الطاقة من مياهه الاقتصادية، فيما تترقب زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان في سبتمبر (أيلول) المقبل وما سيحمله في مسعاه لحل هذا الملف.
ويحول الفراغ الرئاسي دون مشاركة قوى سياسية في جلسات تشريعية تُعقد في مجلس النواب، ويؤكدون أن المجلس تحول إلى هيئة ناخبة للرئيس. كما لا تجتمع الحكومة إلا لاتخاذ القرارات الضرورية المتصلة بتيسير أمور اللبنانيين، بعد تحولها إلى حكومة تصريف أعمال. وينص الدستور اللبناني على أن رئيس الجمهورية يوقع ورئيس الحكومة المكلف من قبل البرلمان تأليف الحكومة، على تشكيلة حكومية تحوز ثقة المجلس النيابي بناء على بيانها الوزاري.
وإثر الانقسام السياسي القائم، ينتظر اللبنانيون ما سيحمله معه لودريان في زيارته، رغم أنه «لا آمال كبيرة» لتحقيق خرق أساسي، بالنظر إلى أن «القرار في آخر المطاف هو بيد اللبنانيين»، وفق ما تؤكد مصادر نيابية مواكبة للحراك السياسي لحل الملف الرئاسي. وتؤكد المصادر أنه «إذا لم يتعاون اللبنانيون مع أي مبادرة، فلا يمكن لأي مسعى أن يسلك طريق الحل».
ودخل لبنان في المهلة التي تمثل العد العكسي أمام موعد زيارة لودريان لاستئناف مهمته، وتؤكد المصادر أن شهر سبتمبر المقبل «يجب أن يكون حاسماً لإنهاء هذا الخلاف الذي يؤثر على جهود إنقاذ لبنان وإخراجه من أزماته»، لافتة إلى أن انتخاب الرئيس «هو المدخل الإلزامي لتنفيذ الإصلاحات ووضع البلاد على سكة النهوض عبر اتخاذ القرارات التشريعية اللازمة، والقرارات الحكومية الأساسية لتحقيق النهوض». وتضيف: «المشهد الذي يحيط بنا يحفز على اتخاذ القرارات الجريئة للنهوض»، فضلاً عن «ضرورة مواكبة الجهود القائمة في عملية التنقيب عن النفط والغاز، بالتشريعية والقرارات الحكومية المطلوبة لتسهيل المهمة وعدم عرقلتها».
ويعوّل لبنان على نشاط التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الاقتصادية، للخروج من أزماته المالية والاجتماعية والاقتصادية، ووصلت بالفعل منصة التنقيب في منتصف الشهر الحالي إلى موقع حفر البئر الأولى في «البلوك رقم9» الحدودي مع إسرائيل، وسط توقعات بأن تظهر نتائج عملية قبل نهاية العام للكميات المتوقعة في الرقعة الجنوبية، فيما بدأ لبنان الإعداد لطرح رقعات إضافية للتلزيم.
ومع تأكيد مصادر نيابية أن «التنقيب يجب أن يكون محفزاً إضافياً لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي وتبديد العقبات القانونية أمام النشاط»، تظهر مخاوف من أن يهدد الفراغ الرئاسي والانقسام السياسي هذه التشريعات اللازمة، ومن ضمنها «إقرار الصندوق السيادي» الذي يفترض أن تُودع فيه عائدات النفط والغاز، في حال كانت هناك كميات تجارية.
ويقول النائب السابق علي درويش، المقرب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إن هناك إمكانية لتيسير أمور التنقيب والاستخراج إذا وجدت الإرادة السياسية. وأوضح درويش لـ«الشرق الأوسط» أنه في الشق المتصل بالصندوق السيادي الذي يُفترض أن تودع عائدات النفط فيه، فهناك مشروع قانون جاهز وينتظر تشريعه في البرلمان، لافتاً إلى أن هناك، وفق القانون اللبناني، «تشريع الضرورة»، ما يعني أنه «إذا كانت هناك رغبة في تشريع يتلاءم مع طبيعة استخراج النفط بعد الانتقال إلى المرحلة المقبلة التي ستلي التنقيب والدراسات، فـ(تشريع الضرورة) يمكن أن يكون حلاً يواكب الجهود».
أما على المستوى الحكومي، فإن الحكومة «تجتمع باستمرار، وتتخذ القرارات التي يجب اتخاذها»، وفق ما يقول درويش، لافتاً إلى أن الاتفاق الأساسي لترسيم الحدود كان أنجز قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ووقعه الرئيس السابق ميشال عون، وبدأت عملية التنقيب نتيجة هذا الاتفاق.
لكن رغم ذلك، فإنه «لا يوجد أي شيء محسوم في ظل التركيبة السياسية الحالية»، كما يقول درويش، مشيراً إلى «أننا نعيش حالة عدم استقرار بالموضوع السياسي، وللأسف هناك تناقضات تكون في أحيان كثيرة على حساب ملفات أساسية، وعليه؛ فإنه لن ننتظم إلا بانتخاب رئيس وتطبيق الإصلاحات وتحقيق الاستقرار»، آملاً أن «لا نصل إلى المرحلة المقبلة في ظل شغور رئاسي».
ومن المفترض أن تنتهي عملية الحفر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفق تقديرات وزارة الطاقة اللبنانية؛ التي قال وزيرها، وليد فياض، قبل أيام، إن شركة «توتال وشركاءها (إيني الإيطالية وقطر للطاقة القطرية) ملتزمون كامل الالتزام بالعمل المهني، كما أن التوقعات حتى يومنا هذا إيجابية جداً»، كما أشار إلى اهتمام تحالف الشركات الثلاث بـ«بالبلوكات المحيطة بـ(البلوك9)، وستكون هناك تطورات في هذا الإطار سنعلن عنها عندما تترسخ وتتبلور بشكل أكبر».