قضية عزل مشايخ تتفاعل داخل المجلس الشيعي في لبنان

الشيخ ياسر عودة لـ«الشرق الأوسط»: يريدون إلغاء كل شخص يخالف تفكيرهم

الشيخ ياسر عودة (من صفحته على فيسبوك)
الشيخ ياسر عودة (من صفحته على فيسبوك)
TT

قضية عزل مشايخ تتفاعل داخل المجلس الشيعي في لبنان

الشيخ ياسر عودة (من صفحته على فيسبوك)
الشيخ ياسر عودة (من صفحته على فيسبوك)

تستمر قضية عزل عدد من المشايخ من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وأبرزهم الشيخ ياسر عودة، بالتفاعل في لبنان مع التضارب في الصلاحيات والتناقض في القرارات الصادرة عن الجهات المعنية.

وفي حين لم يصدر أي موقف من قبل الأحزاب الشيعية، رغم أن قرار العزل شمل 15 شيخاً، فإن عودة الذي عرف بمهاجمته الأحزاب الشيعية يعد أنه هو من كان المستهدف متحدثاً عن صراع قوى داخل المجلس وطموحات لتولي رئاسته.

ويوضح عودة الذي تقدم بطعن القرار أمام مجلس شورى الدولة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «بعد القرار الذي اتخذته هيئة التبليغ الديني بعزلي و14 شيخاً، وتحت الضغط الشعبي والرفض الذي قوبل على وسائل التواصل الاجتماعي، أبطل نائب رئيس المجلس العلامة الشيخ علي الخطيب القرار معلناً أنه لا يعبّر عن المجلس، لكن وإمعاناً منهم في تجاوز قرار الخطيب عادوا وعمموا قراراً يقضي بعدم الاعتراف بكل التواقيع المرتبطة بالأحوال الشخصية الصادرة عن المشايخ الذين أعلن عن عزلهم».

الشيخ علي الخطيب (الوكالة الوطنية للإعلام)

ومع تأكيد عودة أن نائب رئيس المجلس الشيعي الشيخ علي الخطيب غير راض عن القرار، يتحدث عن صراع قوى داخل المجلس وعن طموحات لتولي رئاسته، ويقول: «المجلس بات وكراً للأحقاد والتخلف والفرقة، فهو بدل أن يكون جامعاً لكل الطائفة الشيعية باتوا يريدون إلغاء كل شخص يخالف تفكيرهم». من هنا يؤكد عودة: «لا يشرفّني أن أكون ممثلاً في هذا المجلس ولا أتواصل مع أعضائه بتاتاً»، عاداً أن «هيئة التبليغ الديني التي أصدرت القرار ليست لها أي صفة قانونية وهي لم تنتخب من الهيئة التشريعية كما ينص القانون».

كانت هيئة التبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أصدرت قراراً في 16 أغسطس (آب) الحالي قضى بنزع الأهلية عن 15 من مشايخ الطائفة الشيعية، مما أثار جدلاً وانتقادات واسعة، لا سيما أنه طال مشايخ معروفين بمواقف سياسية معارضة ومختلفة عن الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل»، أبرزهم الشيخ ياسر عودة.

وعدّت الهيئة هؤلاء المشايخ «غير مؤهلين للقيام بالإرشاد والتوجيه الديني والتصدي لسائر الشؤون الدينية والأحوال الشخصية المتعلقة بأبناء الطائفة الشيعية، إما للانحراف العقائدي وإما للانحراف السلوكي، وإما للجهل بالمعارف الدينية وادعاء الانتماء للحوزة العلمية».

وبعد وقت قصير أعلن المجلس الشيعي أن البيان الصادر عن هيئة التبليغ الديني لا يعبّر عنه، ولم يطّلع عليه رئيس الهيئة العليا للتبليغ الديني نائب رئيس المجلس العلامة الشيخ علي الخطيب، وعده «كأنه لم يصدر»، في حين قال عودة في تصريح تلفزيوني، إن «رئيس البرلمان نبيه بري غير راضٍ عن القرار الصادر بحقي، وقام بالاتصال بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لإصلاح ما قاموا به».

لكن ومع الاستمرار بالخطوات التنفيذية لقرار العزل، أعلنت يوم الاثنين الدائرة الإعلامية في جمعية «الشعب يريد إصلاح النظام»، في بيان، أن الشيخ ياسر عودة «تقدم بواسطة وكيليه القانونيين المحاميين حسن بزي ونجيب فرحات من الدائرة القانونية في (جمعية الشعب يريد إصلاح النظام) بمراجعة إبطال مع طلب وقف تنفيذ أمام مجلس شورى الدولة طعناً بالقرار الصادر عن إدارة التبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى». وأشارت الجمعية إلى أنه «من المتوقَّع إبلاغ المراجعة إلى سماحة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالإنابة الإمام الشيخ علي الخطيب ليُبنى على الشيء مقتضاه»، لافتة إلى أن «الدائرة في صدد اتخاذ إجراءات أخرى حول الموضوع نفسه سيتم الإعلان عنها في حينه».

ورداً على سؤال حول سبب الطعن بالقرار رغم إعلان المجلس في بيان أنه يعده كأنه لم يصدر، قال المحامي نجيب فرحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الموقف صدر في بيان لم يُترجم بشكل رسمي. وبالمقابل قرار إدارة التبليغ تم تعميمه على المحاكم الجعفرية، ولذلك كان قرار الطعن به»، لافتاً إلى أنه يفترض أن يصدر قرار واضح ورسمي عن الرئاسة والشيخ الخطيب، وأن يتم تعميمه على المحاكم، وأنا لا أعتقد أن الشيخ بعيد عن اتخاذ إجراء مماثل».



قائد «قسد» لـ«الشرق الأوسط»: تركيا لا تستجيب للوساطة... وكوباني مهدَّدة بكارثة

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (الشرق الأوسط)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (الشرق الأوسط)
TT

قائد «قسد» لـ«الشرق الأوسط»: تركيا لا تستجيب للوساطة... وكوباني مهدَّدة بكارثة

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (الشرق الأوسط)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (الشرق الأوسط)

كشف قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، عن تنسيق ميداني مع «إدارة العمليات العسكرية» منذ اليوم الثاني لمعارك «ردع العدوان»، رغم عدم وجود مفاوضات سياسية مباشرة مع «هيئة تحرير الشام» التي يقودها أحمد الشرع. وقال إن قوات «قسد» مستعدة للاندماج في الجيش السوري الجديد، لكن بعد الاتفاق على «صيغة مناسبة» عبر التفاوض.

وشدد عبدي، خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، على ضرورة أن «تبقى سوريا بلداً موحداً»، لكن تحديد شكل نظامها السياسي «متروك لإرادة الشعب السوري والنقاشات الدستورية».

وحذر عبدي من «كارثة» تهدد مدينة «كوباني» مع استمرار التحشيد العسكري التركي، رغم أن «قسد» اقترحت على أنقرة عبر وسطاء «منطقة منزوعة السلاح»، لكنها لا تستجيب حتى الآن.

ودعا عبدي إلى حوار كامل ومباشر، وبشكل عاجل، لتحقيق «عصر من السلام والأمن حتى تتمكن سوريا من المضي قدماً وإعادة البناء»، على حد تعبيره، كما أعرب عن استعداده «من حيث المبدأ» لنقل مسؤولية أمن الحدود إلى السلطات الجديدة في دمشق.

وفيما يلي نصّ الحوار الذي أُجري عن بُعد:

* هل كانت لديكم معلومات عن تحرك الفصائل السورية قبل يوم 27 ديسمبر (كانون الأول) 2024؟ وهل توقعتم انهيار نظام الأسد في عشرة أيام؟

- كانت هناك معلومات تشير إلى بدء حملة عسكرية من الفصائل السورية المسلحة على النظام السوري السابق، وهذا كان متوقعاً، لكن ما لم يكن متوقعاً هو الانهيار السريع في صفوف الجيش السوري وعدم مقاومته، وأيضاً تخلي حلفائه الداعمين له على طول عمر الثورة السورية. لقد حدث ما حدث، وأعتقد أنه سيُكشف عن المزيد مستقبلاً، وما دار خلف الكواليس عن هذه المرحلة.

* هل كان هناك تنسيق أو اتصالات مع «هيئة تحرير الشام» خلال أيام المعارك العشرة؟

- لم يكن هناك تنسيق قبل بدء عملية «ردع العدوان» من «هيئة تحرير الشام»، لكن حدث تنسيق ميداني بيننا في اليوم الثاني من المعركة لتجنب الاصطدام بين قواتنا الموجودة في بعض أحياء حلب، وأيضاً لإجلاء النازحين من المخيمات في منطقة تل رفعت التي تعرضت لهجوم من فصائل مدعومة تركياً، وما زال هذا التنسيق الميداني مستمراً.

مظلوم عبدي قال إن شكل النظام السياسي لسوريا الجديدة تحدده النقاشات الدستورية (الشرق الأوسط)

* كيف ترون مستقبل سوريا بعد إسقاط نظام بشار الأسد؟ هل تشاركون في مفاوضات مع «هيئة تحرير الشام» حول شكل الدولة ونظامها السياسي؟

- لم نصل بعد إلى مفاوضات مباشرة مع «هيئة تحرير الشام»، لكن نعتقد أنه يجب أن تكون سوريا دولة لا مركزية تعددية ديمقراطية، حيث تتم حماية هوية البلاد المتنوعة دستورياً، وحقوق جميع مكونات الشعب السوري بمن فيهم الشعب الكردي.

لا نبحث عن تقسيم سوريا ومستعدون للعب دورنا في البناء والمشاركة في الحكومة التي ستدير البلاد. لقد شهدت سوريا الكثير من إراقة الدماء. وندعو اليوم بشكل عاجل إلى حوار كامل ومباشر لتحقيق عصر من السلام والأمن حتى تتمكن سوريا من المضي قدماً وإعادة البناء.

* هل سوريا التي يطمح إليها الكرد فيدرالية أم كونفيدرالية؟

- من المهم أن تبقى سوريا موحَّدة قبل كل شيء، أما شكل نظام الحكم الذي نعتقد أنه ستتم مناقشته كثيراً، فهو أمر متروك لإرادة الشعب السوري والمناقشات الدستورية.

* ما شروط «قسد» لو حدث تفاوض حول مصير مناطق الإدارة الذاتية؟

- لا نرغب في تسميتها شروطاً، لكن هناك أمور يفرضها الواقع لا بد من أخذها بعين الاعتبار. الأولوية تكمن في أن تتوقف العمليات العسكرية على كامل التراب السوري خصوصاً الهجمات التي تقوم بها تركيا والفصائل الموالية لها على قوات سوريا الديمقراطية لنتمكن، نحن بوصفنا سوريين، من مناقشة مستقبل بلدنا فيما بيننا من دون تدخلات خارجية أو وصايات. مناطق الإدارة الذاتية هي مناطق سورية ويجب أن يكون لممثليها دور وصوت مسموع، ويتم مشاركتهم لبناء المستقبل.

وبخصوص موارد البلاد، فإن ملكيتها تعود إلى جميع الشعب السوري. ونحن ملتزمون بمستقبل تُوزع فيه الموارد من الدولة لصالح جميع السوريين، بطريقة عادلة ومتساوية تحقق الاستقرار والازدهار للجميع مع الأخذ بالاعتبار وضع المناطق التي هُمِّشت من نظام بشار الأسد.

قوات «قسد» في أثناء تقدمها باتجاه مدينة منبج (أرشيفية - المرصد السوري)

* قائد الإدارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع طالب جميع الفصائل السورية بنزع سلاحها، بعضها وافق بالفعل. ما موقف «قسد»؟

- سوريا المستقبل يجب أن يكون لها جيش وطني واحد يدافع عن البلاد والمواطنين السوريين. هذا أمر لا خلاف عليه، وسلاح قوات سوريا الديمقراطية سيكون سلاحاً لهذا الجيش الوطني ومندمجاً فيه بكل تجاربه وقوته، ولكي يحدث هذا لا بد من مناقشات مباشرة للتوصل إلى صيغة حول كيفية تنفيذ هذا الأمر.

* تتفاقم المخاوف الكردية بشأن مدينة عين العرب (كوباني). ما مصير المدينة؟ ما خطة «قسد» مع احتمالات الهجوم عليها؟

- ما زال التهديد بالهجوم على كوباني من الفصائل المدعومة تركياً مرتفعاً جداً، وهناك خطر حقيقي. نعمل مع شركائنا في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية على خفض التصعيد هناك، لذا اقترحنا منطقة منزوعة السلاح لتبديد المخاوف التي تدّعيها تركيا، لكنّ الأخيرة لم تستجب حتى الآن لهذه الوساطة، ولا تزال التحشيدات العسكرية التركية متواصلة. في الحقيقة، الهجوم على كوباني سيكون بمثابة الكارثة، وسيشكل تهديداً كبيراً لاستقرار المنطقة، وهذا ما لا نرغب فيه.

* هل هناك اتصالات أو مفاوضات -مباشرة أو غير مباشرة- مع أنقرة حول وضع المناطق السورية المحاذية للحدود التركية؟

- الاتصالات مع تركيا غير مباشرة، إذ تتم عن طريق شركائنا في التحالف الدولي الذي تقود الولايات المتحدة الأميركية، لكننا نرغب في أن تكون هناك مفاوضات مباشرة لتحييد المخاوف التركية، لكن إلى الآن لم تُبدِ تركيا جاهزيتها لهكذا مفاوضات رغم جاهزيتنا لها.

* قوى إقليمية ودولية تطالبكم باستمرار بفك الارتباط مع حزب «العمال الكردستاني». كيف تتعاطون مع هذه المطالبات التي تشغل دولاً وجهات دولية؟

- أكدنا سابقاً أن «قسد» ليست لديها ارتباطات تنظيمية مع حزب العمال الكردستاني. بعض عناصره وآخرون انضموا إلينا في معركتنا مع «داعش» وشاركونا القتال جنباً إلى جنب، لكن سيتم إخراجهم فور توقف العمليات العسكرية وإيجاد آلية مناسبة لتنفيذ ذلك. القرار في شمال وشرق سوريا لطالما كان بيد السكان وسيبقى، وليس هناك أي مبرر لهذه المخاوف.

مظاهرة دعم لـ«قسد» في القامشلي بمحافظة الحسكة ضد التصعيد التركي (أ.ف.ب)

* ثمة قلق كردي من غياب جبهة سياسية موحدة في مناطق الإدارة الذاتية. كيف تتعاملون مع القوى الكردية الأخرى في مناطقكم؟

- مناطق الإدارة الذاتية لا تضم الكرد فقط. يفضل أن تكون هناك رؤية متفق عليها بين جميع المكونات التي تعيش في هذه المناطق بمن فيهم الكرد الذين نعمل على توحيد وجهات نظرهم ليمثّلوا أنفسهم بالشكل المطلوب.

* هل ستسمح «قسد» بعودة «البيشمركة» السوريين من كردستان العراق إلى سوريا؟

- نحن نتحدث عن بناء جيش وطني سوري ونزع السلاح ودمج الفصائل في هذا الجيش، وإذا عاد أفراد «بيشمركة روج» إلى وطنهم من الخارج فهذا أمر طبيعي للمساهمة في بناء وطنهم.

* كيف تقيّمون المخاطر التي يشكّلها تنظيم «داعش» في الأراضي السورية؟

- محاربة «داعش» أولوية للشعب السوري والمنطقة. قوات «قسد» مستعدة للعمل مع الحكومة الجديدة بدمشق في العمليات ضد التنظيم ومشاركتها مسؤوليات مكافحة الإرهاب.

نحن ملتزمون بضمان حماية أمن جيراننا، لأن سوريا لن تشكل تهديداً لسلامتهم واستقرارهم. ومستعدون للعمل مع الحكومة المركزية لوضع تدابير تضمن عدم تهديد أي جهة غير سورية لأمن سوريا أو جيرانها، كما أننا جاهزون من حيث المبدأ لنقل مسؤوليات مراقبة الحدود بشكل سلس إلى السلطات في دمشق وفق صيغة يُتفَق عليه.

* هل يخطط مظلوم عبدي لزيارة دمشق؟

- بكل تأكيد، دمشق هي عاصمتنا، سنزورها عندما تكون الظروف مهيَّأة.