آلاف السوريين ينضمون إلى احتجاجات السويداء... وتشديد على سلميتها

مُوالون للحكومة ينظمون تحركات في دمشق وطرطوس

جانب من الاحتجاجات اليوم الجمعة في مدينة السويداء (السويداء 24 - أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات اليوم الجمعة في مدينة السويداء (السويداء 24 - أ.ف.ب)
TT

آلاف السوريين ينضمون إلى احتجاجات السويداء... وتشديد على سلميتها

جانب من الاحتجاجات اليوم الجمعة في مدينة السويداء (السويداء 24 - أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات اليوم الجمعة في مدينة السويداء (السويداء 24 - أ.ف.ب)

لبّى معظم قرى وبلدات محافظة السويداء في جنوب سوريا، نداء «الفزعة» الذي أطلقه المحتجّون للانضمام إلى مظاهرة اليوم الجمعة في ساحة «السير» بمدينة السويداء، حيث شارك الآلاف من أبناء المحافظة في احتجاجات مناهضة للحكومة في دمشق، وذلك لليوم السادس على التوالي.

وأُفيد بأن آلاف المواطنين توافدوا إلى مدينة السويداء من بلدات وقرى المحافظة، بينما احتشد آخرون في بلدة القرّيا عند ضريح سلطان باشا الأطرش وشهداء الثورة السورية عام 1925، حيث انضمّ للمحتجّين شيخ العقل حمود الحناوي، الذي ألقى كلمة في مضافة سلطان باشا الأطرش، شدّد فيها على سلمية الاحتجاجات، وعلى أن أهالي جبل الدروز دعاة سلام ومحبة وكرامة، وكل شيء مسخَّر من أجل الوطن. وقال إن «الأمة والوطن والمواطن كلٌّ لا يتجزأ"، في نفي لتهمة طائفية المظاهرات في السويداء ذات الغالبية الدرزية. وأكد حرص مشيخة العقل على كل أبناء الوطن السوري، وليس فقط أبناء السويداء.

وقالت مصادر محلية في جبل العرب، لـ«الشرق الأوسط»، إن شيخ العقل حمود الحناوي واحد من ثلاثة رجال دين (مشايخ عقل) يتمتعون بتأثير قوي في السويداء، وهم، بالإضافة إلى الحناوي، شيخ العقل حكمت الهجري الذي أعلن تأييده للمتظاهرين، ودعا منذ بدء الإضراب العام في السويداء، يوم الأحد، إلى «وقفة لا رجعة فيها»، وشيخ العقل يوسف جربوع الذي أيّد الحراك الشعبي ضمن حدود المطالب المعيشية، وتجنب المواجهة مع النظام؛ حفاظاً على سلامة جبل العرب، وذلك وفق ما ظهر من بيان ألقاه في ختام اجتماع لمشيخة العقل، في مقام عين الزمان، يوم الخميس الماضي. إلا أن بيان الشيخ يوسف جربوع لم يلق ترحيباً في أوساط المتظاهرين، الذين أصروا على هتافات «رحيل النظام»، اليوم الجمعة.

جانب من الاحتجاجات في بصرى الشام اليوم الجمعة (أ.ف.ب)

ووثّقت مقاطع فيديو بثّها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، حجم المظاهرة الكبرى التي خرجت، الجمعة، سادس أيام الاحتجاجات في ساحة السير بالسويداء، كما أظهرت الصور المتداولة مشاركة نسائية لافتة، في غالبية الاحتجاجات التي شهدتها المحافظة.

وردّ المتظاهرون على الانتقادات بشأن رفع عَلم الطائفة الدرزية في الاحتجاجات، وتفسير ذلك أنه يحمل منحى طائفياً ومناطقياً، وربما ينمُّ عن نزعة انفصالية. وقال أحد أبناء مدينة صلخد، التابعة لمحافظة السويداء، في مقطع فيديو بثّه موقع «السويداء 24»، إن عَلم الطائفة هو «رمز كرامة أهل الجبل وعزّتهم، وأن ثورتهم، اليوم، ليست ثورة جياع، بل ثورة كرامة ولا تخص السويداء وحدها، بل كل سوريا».

ورفع متظاهرون في ساحة السير، الجمعة، وللمرة الأولى، عَلم المعارضة السورية (علم الثورة)، إلى جانب عَلم الطائفة الدرزية الخماسي الألوان: الأخضر ويرمز إلى الطبيعة والأرض، والأحمر ويرمز إلى الشجاعة، والأصفر ويرمز إلى النور والثقافة، والأزرق ويرمز إلى الطهارة والحشمة، والأبيض ويرمز إلى الأخوّة والسلام.

وأقسم المتظاهرون في ساحة السير على أن يبقوا متوحدين يداً بيد مع كل السوريين.

تضامن مع احتجاجات السويداء قرب لب اللوز في ريف إدلب يوم الخميس (إ.ب.أ)

كذلك خرجت مظاهرات بريف حلب (شمال البلاد)، رفعت فيها أعلام الطائفة الدرزية؛ تعبيراً عن التضامن مع المتظاهرين في السويداء. وأظهرت صور بثّها ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي لمظاهرات خرجت في الأتارب، غرب حلب، ومارع شمال حلب، وقد رفع فيها العَلم الدرزي إلى جانب عَلم الثورة السورية، كما تجددت المظاهرات في محافظة درعا بالجنوب في بلدات ومدن الطيبة والمزيريب وجاسم وطفس ونوى والحراك وبصرى الشام، وجرى فيها رفع عَلم الثورة والمطالبة بـ«رحيل النظام».

في المقابل، حاول مُوالون للحكم السوري إطلاق مسيرات مؤيّدة للنظام في مدينة طرطوس على الساحل السوري. وأظهرت مقاطع فيديو خروج سيارات في طرطوس، في مسيرة تأييد دعا إليها مقرَّبون من النظام.

وفي ساحة الأمويين بدمشق، قام مُوالون للنظام برفع صور للرئيس بشار الأسد، قبل انطلاق مسيرة سيارات تمكنت من قطع السير في الساحة لفترة قصيرة، دون أن تترك أثراً يُذكَر في العاصمة المُنهكة تحت وطأة الضغط المعيشي.

وتشهد محافظتا درعا والسويداء، منذ بداية الأسبوع، مظاهرات واحتجاجات تطالب برحيل النظام، وإطلاق سراح المعتقلين، وتطبيق القرار الأممي 2254. وخلال اليومين الماضيين، توسعت الاحتجاجات لتصل إلى ريف دير الزور (شرق)، وريف حلب (شمال).

في سياق آخر، حذّرت وزارة الدفاع السورية من أن «بعض المواقع والصفحات المشبوهة، والمرتبطة بدوائر العدوان والتآمر، تحاول بث الفوضى والتأثير على معنويات الجيش والشعب، عبر نشر أخبار ومعلومات تضليلية كاذبة تتعلق بقواتنا المسلَّحة». ولم توضح الوزارة سبب هذا التحذير.


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».