سوريا: تردي الأوضاع المعيشية يثير احتجاجات في السويداء

هتافات ضد الأسد ودعوات لإضراب عام

محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)
محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)
TT

سوريا: تردي الأوضاع المعيشية يثير احتجاجات في السويداء

محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)
محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)

شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا، صباح الخميس، نقاط احتجاج عدة، كان أبرزها في القريا وشهبا وصلخد وساحة السير وسط مدينة السويداء، حيث طالب المحتجون بتوقف حركة الموصلات العامة ومقاطعة الموظفين للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وإغلاق الدوائر الحكومية وإعلان حالة الإضراب العام في المحافظة، رداً على قرار الحكومة السورية رفع أسعار المحروقات والقرارات الاقتصادية الأخيرة التي صدرت يوم الأربعاء الماضي. وقال ريان معروف، مسؤول «تحرير شبكة السويداء24»، لـ«الشرق الأوسط»، إن المحتجين قطعوا الطرقات الرئيسية في معظم مناطق المحافظة، بما فيها طريق الأوتوستراد الدولي دمشق - السويداء، ورفعوا في وسط مدينة السويداء في ساحة السير شعارات سياسية تطالب برحيل بشار الأسد، منها «يخسى من قال عيشتنا ذليلة»، و«سوريا إلنا وما هي لبيت الأسد»، و«عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد»؛ تنديداً بتدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية في سوريا.

محتجون على أوتوستراد دمشق السويداء (الشرق الأوسط)

وفي بلدة نمرة شهبا، أغلق المحتجون بناء البلدية تنفيذاً لدعوة الإضراب العام في المحافظة، التي دعا إليها ناشطون في السويداء يوم الأربعاء، بعد أن انعكس تأثير رفع الحكومة أسعار المحروقات بشكل مباشر وسريع على أسعار كافة مجالات الحياة وحتى الأساسيات والمواصلات.

وفي بلدة القريّا جنوب السويداء، نفذ العشرات من المواطنين وقفة احتجاجية عند ضريح سلطان باشا الأطرش، وشهدت البلدة حالة إضراب عام، حيث أغلقت جميع المحال التجارية، وامتنع غالبية الموظفين عن الذهاب إلى عملهم، كما أضربت وسائل النقل العامة عن العمل.

وفي مدينة جرمانا، بالعاصمة دمشق، ذات الغالبية الدرزية رفع عدد من المحتجين عند ساحة السيوف شعارات تطالب بالعيش الكريم وتندد بالتدهور المعيشي في البلاد. وكانت الاحتجاجات الأخيرة بالسويداء بدأت، الأربعاء، بعد أن صدرت قرارات حكومية تفيد برفع أسعار المحروقات بنسبة 200 في المائة، وزيادة رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة مائة في المائة.

وقال سليمان، أحد الشباب المشاركين بالاحتجاجات لـ«الشرق الأوسط»: «إن الدافع لدعوات الإضراب والاحتجاج هو سوء الأحوال الاقتصادية، وضرورة تحسين حياة الشعب وعدم الاستمرار في إذلال الناس أمام موجات الغلاء المستمرة والمتزايدة من دون حلول حقيقية. فالناس لم تعد تتحمل التقصير الحكومي وسط أعباء ومتطلبات الحياة المعيشية، والغلاء الذي اكتسح كل جوانب الحياة، وسط تنامي شعور تخلي الحكومة السورية عن مسؤولياتها تجاه المواطنين، وغياب أي حلول أو مبادرات من الحكومة، لتخفيف وطأة تردي الأوضاع المعيشية والخدمات».

محتجون في وسط السويداء (الشرق الأوسط)

وقال فؤاد، من سكان مدينة شهبا في السويداء، إن حركة المواصلات شبه متوقفة تماماً، والعديد من الموظفين والطلاب لم يتمكنوا من الذهاب إلى وظائفهم وجامعاتهم منذ يوم الأربعاء.

وأعلن فرع جامعة دمشق بمحافظة السويداء تأجيل الامتحانات، التي كانت مقررة يوم الأربعاء إلى يوم الأحد المقبل. كما تشهد معظم محالات المدينة إغلاقاً منذ صدور قرار رفع الأسعار، ويحتج أصحابها بإغلاق المحلات لحين ثبات الأسعار وتوضيح الأسعار الجديدة.

أحد أصحاب المحال التجارية بالسويداء تحدث لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن تجار الجملة، أي المراكز الكبيرة التي تورد البضاعة للمحال المتوسطة والصغيرة، حذروهم منذ يوم الأربعاء من نشر أسعار جديد مرتفعة على جميع أنواع البضائع، ما أجبر أصحاب المحال على الإضراب عن العمل وإغلاق محالهم، إلى حين توضيح الأسعار الجديدة التي قد تصل إلى الضعف على قيمة كل منتج. ولفت إلى أن القوة الشرائية كانت ضعيفة أساساً؛ لأن الأسعار السابقة كانت باهظة، مقارنة مع الأجور الشهرية في سوريا التي لا تساوي 30 دولاراً في أحسن الأحوال بينما تحتاج العائلة، لترتيب أمورها الشهرية، أكثر من 300 دولار حداً أدنى.

طريق دمشق - السويداء عند قرية الخالدية (الشرق الأوسط)

وبشكل مستمر، تتكرر الاحتجاجات المعيشية في السويداء منذ عام 2020، وسط مطالب معيشية وأخرى سياسية.

وتعتبر السويداء من المدن السورية التي لم تخرج عن سيطرة النظام السوري، وعُرفت بتمردها في عدة مناسبات على النظام. ووفقاً لناشطين في المحافظة، دائماً ما كانت الحكومة السورية تقدم الوعود بتحسين الأحوال، وتبرير الوضع المعيشي والاقتصادي بأنها نتائج لحالة الحرب التي تعيشها البلاد، وفقدان أجزاء كبيرة من مواردها الاقتصادية النفطية والزراعية والسياحية.


مقالات ذات صلة

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

المشرق العربي صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

أثار قرار الحكومة السورية بأن يحصل المواطن العائد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد بانتقادات عارمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مسلحون من الفصائل المحلية في مدينة جاسم يستنفرون ضد القوات الحكومية (موقع شبكة كناكرالسوري)

تجدد التصعيد في جنوب سوريا وتفاقم الانفلات الأمني

تجدد التصعيد في درعا، جنوب سوريا، مع قيام مجموعات محلية مسلحة بقطع الطرق الرئيسية ومحاصرة نقاط التفتيش التابعة للقوات الحكومية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي حصيلة المخفيين قسراً لدى أطراف النزاع في سوريا منذ بداية الحرب (الشبكة السورية لحقوق الإنسان)

منظمة حقوقية: «لا أفق لإنهاء الاختفاء القسري في سوريا»

حذرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» من أنه «لا أفق لإنهاء جريمة الاختفاء القسري في سوريا».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي علاء حسو صاحب محل لبيع المستلزمات المنزلية بالدرباسية التابعة للحسكة يبيع أنواعاً متعددة من البوابير بسبب الطلب الزائد عليها مؤخراً (الشرق الأوسط)

رجعت أيام «بابور الكاز» في شمال شرقي سوريا

عادَ كثيرون من أهالي مناطق شمال شرقي سوريا إلى «بابور» (موقد) الكاز لطهي الطعام وتسخين المياه بعد فقدان جرة الغاز المنزلي والانقطاعات المتكررة للكهرباء.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع

قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع

أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، فرض قيود على تأشيرات دخول 14 مسؤولاً سوريّاً، بسبب تورطهم في قمع الحقوق والاختفاء القسري لعدد كبير من السوريين.

هبة القدسي (واشنطن)

«لم يتبقَّ شيء»... غزيّون يعودون إلى منازلهم ليجدوا ركاماً ودماراً

فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«لم يتبقَّ شيء»... غزيّون يعودون إلى منازلهم ليجدوا ركاماً ودماراً

فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

لأول مرة منذ بدء الجيش الإسرائيلي حربه في غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، أرسل رسائل إلى جوالات المواطنين وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن سكان بعض المناطق يمكنهم العودة إلى أحيائهم.

وعادت أسر لتجد منازلها تحولت إلى ركام، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن» الأميركية.

ونشر جيش الدفاع الإسرائيلي على موقع «إكس»، يوم الخميس، أن الأشخاص الذين أُمروا بمغادرة 3 أحياء في دير البلح في وسط غزة يمكنهم العودة إلى منازلهم.

دمية طفل... فقط

وقال عبد الفتاح البرديني: «عدنا إلى المنزل ولم نجد شيئاً، لا كهرباء، ولا غاز، ولا منزل، ولا يمكننا تغيير ملابسنا». وكل ما تمكن من إنقاذه هو دمية دب لابنه الذي كان يأمل في أن يكون له يوماً ما.

وأضاف البرديني: «أنا مفلس مثل اليوم الذي ولدت فيه. ليس لدي أي شيء. جئت لأتفقد منزلي، ولم أجد منزلاً أو أي شيء، لم يتبقَّ شيء... لم يتبقَّ شيء للبكاء عليه».

فلسطينيون وسط أنقاض مبنى متضرر بعد الحرب التي شنتها القوات الإسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

ووقف شقيقه موسى البرديني في مكان الحادث مذهولاً، وقال لشبكة «سي إن إن»: «لماذا يريدون تدمير هذا المنزل؟ هذا المنزل كان يمكن أن يؤوي 120 شخصاً... ماذا فعلوا بالمنزل؟ لم يجدوا إنساناً واحداً فيه، ومع ذلك ضربوه بالصواريخ ودمروا حياً بأكمله».

وقال إنه عاد إلى منزله ومعه مفتاح لمبنى مجاور له، لكنه لم يجد له بيتاً. وأضاف: «الآن سنحضر خيمة، إذا وجدنا خيمة، ونضعها بجوار منزلنا».

أزمة إنسانية متفاقمة

وقال عدة أشخاص إنهم نزحوا من دير البلح قبل نحو 10 أيام، عندما نشر الجيش الإسرائيلي على موقع «إكس» منشورات تأمر الناس بإخلاء المنطقة من أجل أمنهم.

وقد نزح كثير من سكان غزة عدة مرات منذ أكتوبر، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة؛ ويحذر الخبراء أيضاً من أن أوامر الإخلاء أدت إلى تعقيد جهود الإغاثة.

وفي منشوره على موقع «إكس» يوم الخميس، قال الجيش الإسرائيلي إنه «في أعقاب العمليات ضد المنظمات الإرهابية بمنطقة (دير البلح)، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي يتيح العودة إلى هذه الكتل التي تشكل جزءاً من المنطقة الإنسانية المعينة».

فلسطينيون نازحون يتحركون على طول شارع متضرر أثناء تفقدهم المنطقة بعد الحرب التي شنتها القوات الإسرائيلية في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وفي يوم الجمعة، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي أن الناس في 3 كتل أخرى في منطقة خان يونس جنوب غزة يمكنهم أيضاً العودة إلى منازلهم، قائلاً على موقع «إكس»: «بعد أنشطة جيش الدفاع الإسرائيلي ضد المنظمات الإرهابية في المنطقة، يمكنكم العودة إلى هذه الكتل. وفي غضون ذلك، سيتم تكييف المنطقة الإنسانية وسيتم تصنيف تلك المناطق من الآن فصاعداً كجزء من المنطقة الإنسانية».

وفي بيان صدر يوم الجمعة يفصل عملياته في الأسابيع الأخيرة، قال الجيش الإسرائيلي إن «قوات الفرقة 98 أكملت عمليتها التقسيمية في منطقة خان يونس ودير البلح، بعد نحو شهر من النشاط العملياتي المتزامن فوق وتحت الأرض».

وقال البيان إن القوات الإسرائيلية «قضت على أكثر من 250 إرهابياً»، ودمرت البنية التحتية للإرهاب بما في ذلك 6 مسارات أنفاق تحت الأرض خلال العملية. وتابع: «في بعض مسارات الأنفاق، قضت القوات على الإرهابيين وحددت مخابئ وأسلحة الإرهابيين».

«لم نجد سوى الدمار»

وقال عبد الرؤوف رضوان إنه وعائلته انتقلوا إلى خيمة أقرب إلى الساحل هرباً من القصف. ثم عادوا على أمل السكن في منزلهم، وتابع: «أملاً في العثور على حياة، والعثور على شيء، وإيجاد غرفة للعيش فيها، ولم نجد سوى الدمار. لقد دمرت أحلامنا، ودمرت ذكرياتنا... المنزل الذي بناه أسلافنا ذهب بالكامل».

وقال شقيقه محمد رمزي رضوان إنه فقد بالفعل ابناً نتيجة للحرب الإسرائيلية في غزة، وتابع: «شاب يبلغ من العمر 30 عاماً، بنى نفسه من الصفر، التعليم، الزواج، الابن. كل شيء ذهب، لم يبقَ شيء».

رجل على مقعد متحرك مع ممتلكاته قبل النزوح من خان يونس في قطاع غزة (أ.ب)

وقال رضوان: «رسالتي هي وقف الحرب. لم يتبقَّ وقت لإعادة بناء أنفسنا... لقد تحملنا هذا. هذا يتجاوز قدرتنا».

كما دمر منزل يامن التابعي. وقال إن العائلة غادرت الحي خوفاً وعادوا ليجدوا منزلهم مدمراً تماماً.

وقال رؤوف عايش لشبكة «سي إن إن»: «أتمنى لو دفنت في المنزل. أتمنى لو مت في المنزل ولم أعد لأرى المشهد الذي رأيته. إلى أين سنذهب الآن بلا مأوى؟».

وقال رؤوف عايش إنه وأطفاله لجأوا إلى الخيام، وتابع: «رغبنا في العودة إلى منازلنا، ربما نجد أمتعتنا وملابسنا وملابس الشتاء». لكنهم عادوا إلى الحطام فقط.

دمار شامل

وتقول حنان العربيد، التي فقدت زوجها وعادت إلى بيتها مع أطفالها إنها وجدته خراباً، وأردفت: «هل أذهب إلى خيمة أنا الآن في الشارع؟ لدي طفلان معوقان، لم آخذ معي أي شيء من بيتي، هناك دمار شامل كما ترون».

وقالت شقيقتها أم كريم العربيد إنها تجمع ما تستطيع من أنقاض شقتها. وتابعت: «للأسف، اتخذت إسرائيل قرارها بإبادة قطاع غزة. بل إنها تريد إبادة الشعب الفلسطيني حتى لا يرفع رأسه من هنا لمدة 100 عام. ولكن كما تعلمون، نحن شعب صامد، شعب قادر على الصمود». وأضافت: «سنبدأ من البداية ومن جديد. سنبدأ من جديد».

ووفقاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تم وضع ما يقرب من 84 في المائة من القطاع تحت أوامر الإخلاء منذ بداية الحرب.

وفي الوقت نفسه، كانت «المنطقة الإنسانية» التي حددتها إسرائيل تتقلص بشكل مطرد. ففي الشهر الماضي وحده، قلص الجيش الإسرائيلي هذه المنطقة بنسبة 38 في المائة - حيث تشكل المساحة المتبقية ما يزيد قليلاً على عُشر إجمالي مساحة غزة، وفقاً لتحليل شبكة «سي إن إن».