مطالب عراقية جديدة باسترداد مسؤولين سابقين تورطوا في «سرقة القرن»

نواب عراقيون يناقشون «سرقة القرن» في أكتوبر الماضي (البرلمان العراقي)
نواب عراقيون يناقشون «سرقة القرن» في أكتوبر الماضي (البرلمان العراقي)
TT

مطالب عراقية جديدة باسترداد مسؤولين سابقين تورطوا في «سرقة القرن»

نواب عراقيون يناقشون «سرقة القرن» في أكتوبر الماضي (البرلمان العراقي)
نواب عراقيون يناقشون «سرقة القرن» في أكتوبر الماضي (البرلمان العراقي)

بعد أقل من أسبوعين من مطالبة بغداد استرداد عدد من كبار المسؤولين في حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بتهمة «سرقة القرن» تستعد بغداد للمطالبة باسترداد مسؤولين آخرين.

وقالت عضو البرلمان زهرة البجاري في بيان لها يوم السبت بأن «هنالك تحركاً حكومياً حثيثاً بإصدار مذكرة اعتقال وتجميد أموال وزير النفط السابق في حكومة الكاظمي إحسان عبد الجبار نظراً لتضخم أمواله واتهامه بالتورط في عدد من صفقات الفساد».

وأضافت البجاري أن «الجهات المعنية رصدت مخالفات كثيرة بالفساد المالي والإداري وسوء استخدام المنصب وإثراء فاحش قام به الوزير أثناء توليه مهمته الوزارية». وأوضحت أن «وزير النفط السابق قد شكل حقبة مهمة من الفساد وسوء استخدام المنصب والتلاعب بالمال العام، حيث فتحت النائب البجاري عليه في هيئة النزاهة والادعاء العام 76 قضية بالوثائق منها عدد من القضايا صدر فيها إلقاء القبض وتجميد الأموال».

وبينت البجاري بأن «عبد الجبار استغل مناصبه لتعيين عدد كبير من إخوته وأبناء عمومته في مناصب مهمة في وزارة النفط، إضافة إلى تسجيل شركات بأسمائهم وأسماء زوجاتهم وإجبار الوزارة على منح مشروعات ضخمة لها خلافاً للقانون».

وأكدت البجاري أن «المصادر الرقابية رصدت وجود تضخم وثراء فاحش في الأموال لوزير النفط السابق علاوة على امتلاكه عقارات مميزة تقدر بملايين الدولارات إضافة إلى شراء 14 عقاراً في مجمعات سكنية بالبصرة وبغداد فضلاً على شراء فلل في عدد من الدول منها الإمارات ولبنان وتركيا ولندن وجزر الكاريبي، الأمر الذي دعا الجهات الرقابية في النزاهة والادعاء العام بإصدار أوامر تجميد الأموال واسترداد للهارب إحسان عبد الجبار وعدد كبير من أقاربه».

كما قد طالبت بغداد الأسبوع الماضي واشنطن ولندن بتسليم وزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي، ورئيس جهاز المخابرات السابق رائد جوحي، ومستشار رئيس الوزراء مشرق عباس لتورطهم في قضية «سرقة القرن».

حيث دعا رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون بمؤتمر صحافي في بغداد كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بتسليم المسؤولين الهاربين والمتورطين في قضية سرقة الأمانات الضريبية.

وتسبب الكشف عن «سرقة القرن» صدمة للشارع العراقي لاختفاء ما يقارب مليارين ونصف المليار دولار من هيئة الأمانات الضريبية عبر شبكة من المسؤولين ورجال الأعمال أثناء الشهور الأخيرة من حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.

وألقي القبض على المتهم الرئيسي بالقضية أواخر أيام حكومة الكاظمي. وأصدر القضاء العراقي قراراً بإخراجه بكفالة مقابل استرداد ما بذمته من أموال الأمانات الضريبية والتي تقدر حصته منها بنحو مليار دولار أميركي. وفي غضون ذلك تم مؤخراً استرداد المتهم الرئيسي الثاني بسرقة الأمانات الضريبية من الأردن.


مقالات ذات صلة

الحسّان يخلف بلاسخارت في «مهمة تصريف أعمال يونامي» لدى العراق

المشرق العربي مجلس الأمن يصوّت على قرار بشأن تجديد تفويض بعثة «يونامي» لدى العراق في مايو الماضي (الأمم المتحدة)

الحسّان يخلف بلاسخارت في «مهمة تصريف أعمال يونامي» لدى العراق

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان مقتضب (الاثنين)، تعيين محمد الحسّان من سلطنة عمان ممثلاً خاصاً جديداً له في العراق، ورئيساً لـ«يونامي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عَلم العراق يرفرف أمام حقل نفطي (رويترز)

مخاوف عراقية من «التطبيع» مع إسرائيل... فما السبب؟

يبلغ عمر مشروع أنبوب نقل النفط من البصرة في العراق إلى ميناء العقبة الأردني، أكثر من 40 عاماً، لكنَّ الجدل حوله تجدد اليوم، وسط مخاوف من التطبيع مع إسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي وزير الداخلية العراقية عبد الأمير الشمري (إعلام حكومي)

طرد 320 شرطياً و36 ضابطاً عراقياً خلال 6 أشهر

أعلنت وزارة الداخلية العراقية، الأحد، عن «طرد 320 شرطياً، و36 ضابطاً من الخدمة خلال النصف الأول من العام الجاري»، وذلك في إطار مساعيها لمحاربة «الفساد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لدى إعلانه استرداد أموال من قضية «سرقة القرن» (أ.ف.ب)

بعد مرور سنتين... ما مصير «سرقة القرن» العراقية؟

أعاد رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، التذكير بالقضية المعروفة باسم بـ«سرقة القرن» إلى الواجهة، بعدما أقر بأن «نصف أموال القضية هُرِّب إلى خارج البلاد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي القوات الأمنية العراقية شرعت في عمليات بحث لملاحقة عناصر «داعش» في ديالى (الإعلام الأمني)

مقابر «داعش» في الموصل تبوح بجثث جديدة

انتشلت السلطات العراقية رفات 139 شخصاً من شق جيولوجي طبيعي ضخم يبدو أن «داعش» استخدمه لإلقاء ضحاياه فيه خلال سيطرته على مدينة الموصل شمال العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)

هل يكسر موقف الأسد إلحاح إردوغان على لقائه ويحطم دوافعه للتطبيع؟

لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)
لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)
TT

هل يكسر موقف الأسد إلحاح إردوغان على لقائه ويحطم دوافعه للتطبيع؟

لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)
لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق خلال مايو 2008 (أ.ب)

أعادت دمشق الجهود المبذولة لكسر الجمود المستمر لأكثر من عام في مسار محادثات إعادة العلاقات الطبيعية مع أنقرة، التي قادتها روسيا على مدى أكثر من 3 سنوات، إلى المربع الأول بإعلان التمسك بمطلبها الأساسي؛ وهو انسحاب تركيا من شمال سوريا ووقف دعم «المجموعات الإرهابية»، وتقديم ضمانات واضحة بذلك.

وبعدما أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً، السبت الماضي، كسر صمت دمشق المثير للتساؤلات تجاه تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المتكررة، عن توجيهه الدعوة إلى الرئيس بشار الأسد للقاء في تركيا أو في دولة ثالثة، خرج الأسد بنفسه ليؤكد استعداده للقاء «إذا كان ذلك يحقق مصلحة»، موضحاً أن المشكلة «ليست في اللقاء بحد ذاته؛ وإنما في مضمونه».

إردوغان (الرئاسة التركية)

ورفض الأسد وصف متطلبات دمشق بـ«الشروط» في ما يتعلق بالانسحاب التركي ووقف دعم «المجموعات الإرهابية»، قائلاً إن «هناك متطلبات تنبع من القانون الدولي وليست طلبات أو شروطاً».

أهداف ودوافع متباينة

وبينما تتمسك دمشق بالانسحاب و«وقف دعم الإرهاب» بوصف ذلك مطلباً وحيداً من أجل البدء في جهود إعادة العلاقات مع تركيا إلى طبيعتها، يشدد المسؤولون الأتراك، وفي مقدمهم الرئيس إردوغان، على سببين رئيسيين يدفعان باتجاه الرغبة القوية في إعادة العلاقات الطبيعية مع دمشق، هما: منع جهود «حزب العمال الكردستاني» و«امتداده في سوريا»؛ أي «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، لإنشاء «دويلة إرهابية» في شمال سوريا. والثاني حل مشكلة اللاجئين وضمان عودتهم الآمنة واسترداد ممتلكاتهم.

ويضيف بعض الخبراء والمحللين دوافع أخرى، مثل فتح طرق التجارة الدولية عبر سوريا أمام البضائع التركية بغية إنعاش الاقتصاد التركي الذي يواجه أزمة خانقة، دفعت بدورها إلى حالة من الغضب والممارسات العنصرية تجاه اللاجئين السوريين في تركيا.

سوريون في إدلب يحتجّون على مواقف إردوغان بخصوص التطبيع مع الأسد (د.ب.أ)

ويبدو من سياق التطورات أن روسيا تريد دفع تركيا إلى انفتاح سريع على الأسد من دون الحديث عن ضمانات أو تنازلات، من خلال إيجاد صيغ أخرى ستتطور خلال المحادثات للقضاء على مخاوف تركيا من قيام «دولة كردية» على حدودها.

لكن الواضح أيضاً أن الجانب الإيراني، وهو الضلع الثالث في «مسار آستانة» للحل السياسي في سوريا مع كل من تركيا وروسيا، لا يرغب في الوجود العسكري التركي في شمال سوريا، وبالتالي يريد ضمانات للانسحاب.

وكانت محادثات إعادة العلاقات بين تركيا وسوريا قد أدرجت ضمن «مسار آستانة» بعد عامين من إجرائها على مستوى ثلاثي ضم روسيا وتركيا وسوريا.

نطاق ضيق

وأظهرت تركيا في الأشهر الأخيرة «مرونة طفيفة» في مناقشة مسألة الانسحاب التي كانت تعدّها من «الخطوط الحُمر» من قبل، وربطت الانسحاب بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا «2254» الصادر عام 2015، والانتهاء من العملية السياسية، وإعداد الدستور، وإجراء انتخابات حرة بمشاركة جميع الأطياف السورية.

جنود أتراك قرب مدينة منبج التي تسيطر عليها قوات «قسد» بريف حلب الشرقي في أكتوبر 2019 (أ.ب)

وإذا كانت أنقرة يمكن أن تقبل صيغاً معينة؛ منها الصيغة الروسية التي طرحت خلال جولات المحادثات السابقة بشأن تحديث «اتفاقية أضنة» لعام 1998 التي أعطت لتركيا الحق في إرسال قواتها لمسافة 5 كيلومترات في عمق الأراضي السورية لمطاردة مسلحي «العمال الكردستاني»، مع توسيع مداها إلى ما يتراوح بين 30 و40 كيلومتراً كما تطلب أنقرة، فإنها تؤكد أن الجيش السوري غير قادر في الظروف الراهنة على بسط سيطرته على الحدود ومنع تهديدات المسلحين الأكراد، فضلاً عن أن هناك تنسيقاً بين القوات السورية و«قسد»، التي تسيطر على نحو 30 في المائة من مساحة البلاد، في كثير من المناطق بشمال سوريا.

التمسك بالوجود العسكري

وفي ما عُدّ رداً رسمياً من جانب أنقرة على بيان «الخارجية السورية»، الذي أكد تمسك دمشق بالانسحاب التركي، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأحد غداة البيان السوري، إن «مساعي تركيا واضحة وصريحة، ورغبتها في تطبيع العلاقات مع سوريا طبيعية، وموقفها من تطبيع العلاقات سيصب في مصلحة جميع دول المنطقة».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (أ.ف.ب)

واستدرك: «أما بالنسبة إلى الوجود العسكري لتركيا في شمال سوريا، فإنه يستهدف الإرهاب والتنظيمات الانفصالية». وأضاف أن «مساعينا المستمرة ضد التنظيمات الإرهابية داخل أو خارج حدودنا والقضاء على خلايا تنظيم (داعش)... وغيره من التنظيمات الإرهابية، لا سيما (حزب العمال الكردستاني) وامتداداته، إلى جانب قضية اللاجئين... كلها ستكون على طاولة المفاوضات».

وأكد أن دعوة تركيا إلى إحلال السلام وإعادة العلاقات مع سوريا «لا تنبع من موقف ضعف؛ بل ندعو الجانب السوري إلى التعاون معنا؛ لأن سوريا في أزمة كبيرة، ولذلك يجب أن نجلس إلى طاولة المفاوضات، التي من المعلوم أنها ستستغرق وقتاً طويلاً؛ لأن هناك أطرافاً كثيرة في سوريا، مثل روسيا وإيران والولايات المتحدة، ومناطق تحت سيطرة المعارضة، وأخرى تحت سيطرة تنظيمات إرهابية (وحدات حماية الشعب - الكردية)، مع ظهور لتنظيم (داعش) الإرهابي من فترة لأخرى».

وتطرق إلى مشكلة اللاجئين السوريين في تركيا، قائلاً: «إننا لم ولن نجبر أي لاجئ على العودة إلى بلاده قسراً، وسنواصل السياسة ذاتها. إرادتنا واضحة؛ هي إحلال السلام وإيجاد الحلول لجميع المشكلات في المنطقة، وننتظر من حليفتينا روسيا وإيران الدعم في هذا الأمر».

تدريبات مشتركة لـ«قسد» وقوات «التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أ.ف.ب)

وبينما يشكل ملف اللاجئين هاجساً للجميع في تركيا؛ حكومة ومعارضة وعلى مستوى المجتمع بشكل عام، يعبر أكراد تركيا، عبر ممثلهم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، وهو ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي بعد حزبي «العدالة والتنمية» الحاكم، و«الشعب الجمهوري» المعارض، عن مخاوف من إعادة العلاقات أو «التطبيع» مع سوريا، ومن احتمالات نشوء تحالف تركي - سوري - عراقي ضد الأكراد في المنطقة.

وتساءلت المتحدثة باسم الحزب، عائشة غل دوغان، تعليقاً على تصريحات وزير الخارجية، فيدان، عن رغبة تركيا في «إحلال السلام في سوريا»، وإشارته إلى أن الأمر سيحتاج إلى مفاوضات تستغرق وقتاً طويلاً، وأن الوضع في سوريا معقد، قائلة: «نحن نتحدث عن حالة حرب مستمرة لأكثر من 10 سنوات؛ ما الدور الذي لعبته تركيا في هذا الوضع المعقد في سوريا؟ وماذا ستفعل هذه المرة؟ إذا بدأ جنون التطبيع واستمر؛ فماذا سيحدث؟ ألا نرى في الأشهر الأخيرة أنه لا تطبيع بقول تطبيع؟».

وأضافت: «إذا كانت الحكومة تبحث عن التطبيع مع سوريا، وإذا كانت ستفعل ذلك بالفعل من خلال إعادة التفكير في الماضي، فلا بد من مشاركة ذلك مع الجمهور بطريقة مفتوحة وشفافة، وأن توضح ماذا ستفعل تركيا بشأن اللاجئين، وما نوع التخطيط الذي سيجري؛ بما في ذلك العودة الطوعية».

القوات التركية في منبج (إكس)

وتابعت: «الشعب الذي يعيش في سوريا يريد أن يعيش في سوريا موحدة وديمقراطية، هل تحترم أيضاً إرادة هذا الشعب؟ نحن قلقون للغاية بشأن ما يحدث في إقليم كردستان العراق (العمليات العسكرية التركية في شمال العراق). يتعين على الأكراد أن يناضلوا من أجل البقاء في جميع المناطق الجغرافية، أينما كانوا، ويستخدموا حقوقهم المشروعة تماماً ضد هذه الهجمات».

وعدّت أن «التحالف الذي سيقام بين أنقرة وبغداد ودمشق وأربيل ينبغي ألا يكون تحالف حرب وصراع، وإذا كان للتحالف أن يقام، فيجب أن يكون تحالفاً ضد الحرب والصراع ولحماية مكتسبات الشعب، على عكس ما جرى تأسيسه حتى الآن. كل الحسابات التي يجب إجراؤها في هذه الفترة يجب أن تكون من أجل مزيد من السلام والتعايش».