تصعيد سياسي بين «حزب الله» وخصومه عقب حادث «شاحنة الذخيرة»

رئيس «الكتائب»: لسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلحة

من الشعارات التي رفعها أبناء المنطقة ضد سلاح «حزب الله» (إ.ب.أ)
من الشعارات التي رفعها أبناء المنطقة ضد سلاح «حزب الله» (إ.ب.أ)
TT

تصعيد سياسي بين «حزب الله» وخصومه عقب حادث «شاحنة الذخيرة»

من الشعارات التي رفعها أبناء المنطقة ضد سلاح «حزب الله» (إ.ب.أ)
من الشعارات التي رفعها أبناء المنطقة ضد سلاح «حزب الله» (إ.ب.أ)

عكست المواقف السياسية وردود الفعل على حادث الشاحنة المحملة بذخيرة عائدة لـ«حزب الله» في الكحالة في جبل لبنان، تصعيداً بين الحزب وخصومه وانتقادات متزايدة لسلاح الحزب وتمدده في المناطق اللبنانية. أكد رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل «إننا غير مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلّحة في لبنان» ولوّح بخطوات عملية وقرارات ستتخذ، في حين وصف الحزب خصومه بـ«فتنويي الداخل»، متهماً إياهم بـ«افتعال توتر خطير»، وسط إجراءات رسمية، عسكرية وقضائية، لتطويق تداعيات الحادث.

وأعلن الجيش اللبناني، الخميس، مصادرة حمولة ذخائر كانت في شاحنة تابعة لـ«حزب الله» انقلبت ليل الأربعاء على طريق عام بيروت - دمشق في بلدة قريبة من بيروت؛ ما أثار توتراً واشتباكاً بين سكان البلدة وعناصر الحزب أديّا إلى سقوط قتيلين. وقال الجيش: إن تحقيقاً «بإشراف القضاء المختص» فُتح في «الإشكال» الذي وقع في بلدة الكحالة، وطوّقته قوة من الجيش أقدمت على نقل حمولة «ذخائر» من شاحنة كانت انقلبت في المكان «إلى أحد المراكز العسكرية».

عناصر من الأمن اللبناني في موقع الحادث (إ.ب.أ)

وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»: إن النيابة العامة التمييزية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية يشرفان على التحقيقات الأولية، مضيفة أن لا تطورات قضائية بعد بانتظار التحقيقات، وأكدت أن الذخيرة تمت مصادرتها ولا تزال بعهدة الجيش من غير أن يتم اتخاذ أي قرار حولها.

وبدأ الإشكال مساء الأربعاء بعد انقلاب شاحنة تابعة لـ«حزب الله» على طريق يُعدّ المدخل الرئيسي إلى العاصمة من منطقة البقاع (شرق) الحدودية مع سوريا، قبل أن يحاول سكان المنطقة الكشف عن محتويات الشاحنة، وحاول حراسها من عناصر الحزب بملابس مدنية منعهم بالقوة، فانزلق الأمر إلى إشكال وإطلاق نار بين الطرفين، قُتل على أثره شخصان.

وتجمّع عدد من أهالي بلدة الكحالة والقرى المجاورة قرب مكان انقلاب الشاحنة وقطعوا الطريق ومنعوا الجيش من إخراج الحمولة والشاحنة احتجاجاً على عبور السلاح في منطقتهم ومقتل مواطن من البلدة. وحمل بعضهم لافتات منددة بـ«الاحتلال الإيراني» للبنان، وأطلقوا هتافات مناهضة لـ«حزب الله».

وتمكّن الجيش اللبناني فجراً من رفع الشاحنة وفتح الطريق. وأورد في بيانه، أنه يواصل «متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة».

ويعد هذا الحادث، الثاني من نوعه خلال عامين؛ إذ تسبب مرور شاحنة محملة براجمات صواريخ، بعد وقت قصير من إطلاق صواريخ على إسرائيل في أغسطس (آب) 2021، في قرية شويا ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، بتوتر بين الحزب وسكان رفضوا إطلاق الصواريخ من مناطق سكنية.

الشارع الذي انقلبت فيه شاحنة «حزب الله» في منطقة الكحالة (إ.ب.أ)

انقسام سياسي

ولم يمر الحادث دون تداعيات سياسية وسط انقسام حول سلاح الحزب، ومخاوف من انزلاق إلى توترات أمنية، وأكد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل، أن «لبنان في موقع خطر ولا يُمكن أن نكمل على هذا النحو فنحن نصل إلى نقطة اللاعودة والمشاكل المتنقّلة في كلّ المناطق مترابطة مع بعضها وهي نتيجة وجود سلاح خارج إطار الدولة».

ورأى الجميّل خلال مؤتمر صحافي عقده في الكحالة، أن «السلاح غير الشّرعي يحظى بغطاء من دولة مخطوفة ولهذا السبب لن نتوجّه إلى أركان الدولة لأنّ قرارهم ليس بأيديهم». وقال: «نعرف قيمة الشهادة والحرب وقسوتها، وهذا ما نحذّر منه كي لا نقع فيها مرّة جديدة، ولكن هذا يتطلّب أن يُدرك الفريق الذي يقوم بهذه الممارسات أنّ اللبنانيين ليسوا لقمة سهلة».

كما أشار رئيس «الكتائب» إلى «أنّ السلطة السياسية مخطوفة وأنّ هناك معادلة مفروضة على اللبنانيين اسمها «جيش وشعب ومقاومة». وعدّ أن «يجب أن تعرف قيادة الجيش أنّ أسلوب (حزب الله) في التعاطي سيوصل البلد إلى أماكن خطرة وإذا لم يتحمّل الجيش مسؤوليّته ولم يضع حدًّاً لكلّ الممارسات يكون بدوره شاهد زور على ما يُمكن أن يصل إليه البلد».

وفي المقابل، وصفت كتلة «حزب الله» النيابية (الوفاء للمقاومة) مقتل عنصر من الحزب بأنه «اعتداء موصوف نفذه موتورون ينتمون إلى ميليشيا مسلّحة في بلدة الكحّالة». وأدانت الكتلة «التوتير المبرمج والظهور الميليشاوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة عقب انقلاب شاحنة عند أحد منعطفاتها، وتعرض أفرادها للاعتداء في محاولة للسيطرة عليها وإطلاق النار الموجّه الذي أدّى إلى استشهاد أحد الإخوة، وإعاقة تدخّل الجيش اللبناني ومحاولة منعه من ضبط الاستفزاز».

ورأت الكتلة أنّ ذلك «هو نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة»، مضيفة أن «هذا التوتير وما نجم عنه هو بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والمحرضين وسوقهم إلى العدالة».

إلى ذلك، رأى الرئيس السابق ميشال سليمان في تصريح أن «المعادلة الثلاثية _جيش وشعب ومقاومة) ولدت ميتة وقد أسقطها (حزب الله)؛ كونه لم يعدّ أن الجيش والشعب (الذي تمثله الدولة برئيسها وبحكومتها) هما متساويان به بل يطلب منهما تأييد خطواته وقراراته دون الحاجة حتى إلى التنسيق معهما قبل الفعل».وكتب الرئيس السابق ميشال عون على حسابه على منصة «إكس»: شاء القضاء والقدر أن تقع حادث الأمس في الكحالة، وتطوّرت تداعياتها، وكاد التحريض والاستثمار أن يجعلا منها مدخلاً لفتنة نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي. وأضاف: المطلوب اليوم هو التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل بثّ سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق.


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

الخليج رجل يُلوّح بعَلم لبنان بمدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

السعودية ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بوقف إطلاق النار في لبنان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي طفل يقف بالقرب من المراتب بينما يحزم النازحون أمتعتهم للعودة إلى قراهم بجنوب لبنان في ملجأ بصيدا (رويترز) play-circle 00:52

بري: نطوي مرحلة تاريخية كانت الأخطر على لبنان

قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن الحرب مع إسرائيل مثّلت «مرحلة تاريخية كانت الأخطر» التي يمر بها لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية» وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تعزيزات عسكرية سورية إلى ريف حلب

دخان يتصاعد من مواقع القتال بين القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة ضمن عملية «ردع العدوان» في حلب (د.ب.أ)
دخان يتصاعد من مواقع القتال بين القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة ضمن عملية «ردع العدوان» في حلب (د.ب.أ)
TT

تعزيزات عسكرية سورية إلى ريف حلب

دخان يتصاعد من مواقع القتال بين القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة ضمن عملية «ردع العدوان» في حلب (د.ب.أ)
دخان يتصاعد من مواقع القتال بين القوات الحكومية السورية وفصائل المعارضة ضمن عملية «ردع العدوان» في حلب (د.ب.أ)

أفادت وسائل إعلام محلية مقربة من الحكومة السورية بوصول تعزيزات عسكرية كبيرة للقوات الحكومية إلى محاور القتال في جبهات ريف حلب الغربي بالتزامن مع استمرار الاشتباكات العنيفة في محيط قبتان - الجبل و الشيخ - عقيل عنجارة ومحور الفوج 46، وسط تواصل القصف الجوي والمدفعي على مواقع الفصائل المسلحة المعارضة في ريفي حلب وإدلب، وتصعيد ينذر باحتمال بدء عملية عسكرية كبيرة في إدلب، فيما أعلنت فصائل المعارضة على مواقع تابعة لها استعادة سيطرتها على 11 منطقة كانت خاضعة لسيطرة الحكومةوأسر عناصر واستحواذها على آليات عسكرية في ريف حلب الغربي.

وأفادت تقارير إعلامية باستهداف القوات الحكومية السورية مواقع لـ«هيئة تحرير الشام» في بلدات البارة ودير سنبل ومعربلبيت جنوب إدلب بالمدفعية الثقيلة، كما استهدفت مدفعية القوات الحكومية مواقع لمسلحي الهيئة و«أنصار التوحيد» في قرى المشيك والقرقور وخربة الناقوس في منطقة سهل الغاب في ريف حلب الغربي وغرب حماة. كذلك تم استهداف خطوط إمداد «هيئة تحرير الشام» و«الحزب الإسلامي التركستاني» على جبهتي دارة عزة وقبتان الجبل في ريف حلب الغربي، وجرت اشتباكات عنيفة على عدد من المحاور، فيما استهدف الطيران الحربي للقوات الحكومية مواقع المعارضة المسلحة شرق مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي. وأوقعت الاشتباكات 35 قتيلاً بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وجاء هذا التصعيد بعدما أطلقت «هيئة تحرير الشام» و«إدارة العمليات العسكرية» للفصائل بشمال غربي سوريا ضمن غرفة عمليات «الفتح المبين»، صباح اليوم عملية سمتها «ردع العدوان»، تستهدف مواقع الجيش السوري في حلب، وقالت إن الهدف منها «توسيع المناطق الآمنة تمهيداً لعودة أهلنا إليها».