شيَّعَ المئات من أهالي مدينة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا بمشاركة قيادات عسكرية، 4 مقاتلات من «وحدات حماية المرأة» الكردية قتلن عن طريق الخطأ بقنبلة يدوية؛ أثناء تدريبات عسكرية في قرية طوق الملح غربي المدينة، في وقت قال مسؤول بارز في «حزب الاتحاد الديمقراطي» إن استبعاد وتغييب ممثلي «الإدارة الذاتية» عن العملية السياسية السورية؛ حالت دون التقدم بخطوة واحدة تجاه الحل السوري وإبقاء تقسيمها لثلاثة مناطق عسكرية ودولة فاشلة.
وذكر المركز الإعلامي لقوات «قسد» في بيان نُشر على موقعه الرسمي اليوم (الأحد)، أن أهالي منطقة الجزيرة، في إشارة إلى محافظة الحسكة، شيعوا جثامين أربعة مقاتلات من وحدات المرأة، «بمشاركة عدد من قيادات (قسد) ووحدات (حماية المرأة) وعوائل الشهداء والمجالس المدنية والمئات من أهالي وذوي المقاتلات». وألقت القيادية الكردية ريفين كوباني، كلمة رسمية أمام المشيعين بالإنابة عن قيادة الجناح النسائية للقوات بالتعاهد على «المحافظة على مكتسبات الشهداء ولن ننسى تضحياتهنّ، ونجدّد العهد بمتابعة النضال حتى تحرير الوطن».
الهجمات التركية
في سياق متصل، استنكرت «الإدارة الذاتية» لشمال شرقي سوريا، تصاعد وتيرة الهجمات التركية ضد مناطق نفوذها شرقي الفرات خلال الشهر الحالي، وذكرت في بيان نشر على موقعها الرسمي اليوم، بأن تركيا: «مستمرة بضرب مناطق شمال شرق، التي تتمثل في شكل الإبادة التي تمارسها ضد شعبنا، ورغبتها الجامحة في ضرب الاستقرار»، وحذرت الإدارة التي تدير مناطق شاسعة شمال وشمال شرقي البلاد، من تبعات الهجمات التركية التي تتعارض مع جميع المساعي الدولية والإقليمية في خفض التصعيد، «وتعرقل مكافحة الإرهاب ومواجهة خلايا تنظيم (داعش) على وجه الخصوص».
جاء البيان رداً على مقتل أربعة عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بعد هجوم شنته طائرة تركية مسيَّرة (درون) قرب الحدود مع تركيا في وقت متأخر من يوم (الجمعة). وأكد المركز الإعلامي للقوات عبر بيان أن طائرة تركية مسيَّرة استهدفت «قرية (خربة خوي) في ناحية عامودا، حيث ارتقى أربعة من مقاتلي واجب الدفاع الذاتي إلى مرتبة الشهادة»، وفي 27 من الشهر الحالي أعلنت قوى الأمن الداخلي «الآسايش»، فقدان 3 عناصر لحياتهم وإصابة اثنين آخرين باستهداف طائرة تركية مسيَّرة لسيارتين في ريف مدينة القامشلي.
وأشار مدير المركز الإعلامي للقوات فرهاد شامي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى تداعيات استمرار الهجمات التركية واتساع نطاقها ضد مناطق نفوذ القوات وحمَّل الأطراف الدولية مسؤولية تصاعدها، ليقول: «نؤكد على رفضنا التام لاستمرار هذه الجرائم وسط صمت التحالف الدولي والقوى الضامنة لوقف عملية إطلاق النار»، وحمَّل هذه الأطراف المسؤولية الكاملة عن استمرار الهجمات التركية «التي تزداد يوماً بعد يوم وهذه الهجمات ستؤثر بشكل مباشر على التنسيق العالي والكثير من النشاطات المشتركة».
وتابع حديثه ليزيد: «الأولوية المطلقة الحفاظ على صلابة الجبهة الداخلية لمواجهة الهجمات كافة»، منوهاً برفع مستوى الجاهزية الدفاعية للقوّات لحماية المنطقة وسكانها، وأشاد بالجهود المشتركة مع قوات التحالف الدولي.
سياسياً، قال سيهانوك ديبو مدير مكتب العلاقات العامة في «حزب الاتحاد الديمقراطي»، إن استبعاد وتغييب ممثلي الإدارة الذاتية عن العملية السياسية السورية، حالت دون التقدم بخطوة واحدة تجاه الحل السوري الشامل، وأوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن جميع مسارات العملية السورية سواء كانت «جنيف» أو «أستانا» أو «سوتشي» لم تحقق تقدماً «لغياب وإقصاء ممثلي الإدارة»، على حد تعبيره.
الدولة القومية المركزية
وأضاف سيهانوك، إنه من دون مشاركة الإدارة الذاتية في العملية السياسية سيعني تثبيت واقع تفكك سوريا «وإبقاء تقسيمها لثلاث مناطق عسكرية ودولة فاشلة كما حالها الراهن اليوم». وشدد على أن اللامركزية المفعلة في مناطق الإدارة نموذجاً وشكلاً هي الضامن لحل الأزمات الداخلية، «تبدأ أولاً بتقوية الجبهة الداخلية من خلال العيش المشترك، ومن خلال السياسة الديمقراطية، وممارسة وفعل وعملانية أخوة الشعوب ووحدة مصيرها وتاريخها».
ولفت ديبو إلى أن مفهوم الإدارة، تجسيد للتحول الديمقراطي الشامل الذي تحتاجه سوريا لحل جميع تناقضاتها وإشكالياتها «لا يمكن القول إن هذه الإدارة سوف تكون مؤقتة وضرورة نجمت عن مرحلة معينة»، وذكر بأن الأزمة السورية بحاجة لحلول جذرية، في مقدمتها، حل القضية الكردية وإنه من غير المقبول المُضي أكثر بعدم الاعتراف بقضايا الشعوب، ليختم حديثه بالقول: «لن نقبل إعادة إنتاج السلطة بصيغة ما قبل الحرب، ولا يمكن معايرة مسألة الحقوق والحريات ضمن مفهوم الدولة القومية المركزية التي تخلق أزمات بنيوية معرفية وثقافية سياسية».