كيف يؤثر مقترح اعتماد الجنيه والليرة في معاملات مصر وتركيا؟

سفير أنقرة في القاهرة طرح الفكرة

وزير الخارجية المصري سامح شكري (يمين) ونظيره التركي السابق مولود مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في قصر التحرير بالقاهرة مارس 2023 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (يمين) ونظيره التركي السابق مولود مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في قصر التحرير بالقاهرة مارس 2023 (أ.ف.ب)
TT

كيف يؤثر مقترح اعتماد الجنيه والليرة في معاملات مصر وتركيا؟

وزير الخارجية المصري سامح شكري (يمين) ونظيره التركي السابق مولود مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في قصر التحرير بالقاهرة مارس 2023 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (يمين) ونظيره التركي السابق مولود مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في قصر التحرير بالقاهرة مارس 2023 (أ.ف.ب)

وسط ترقب لقمةٍ تجمع رئيسَي البلدين، أعاد السفير التركي الجديد لدى مصر، صالح موتلو شين، طرح فكرة اعتماد العملتين المحليتين في المعاملات التجارية الثنائية، وذلك بعد نحو 10 أيام، من رفع العلاقات، بين القاهرة وأنقرة، إلى «مستوى السفراء». ورغم أزمة شح الدولار في مصر وتركيا، فإن خبراء يرون أن القاهرة بحاجة إلى «دراسة المقترح التركي بتأنٍ».

وفي الرابع من يوليو (تموز) الحالي، أعلنت مصر وتركيا، «تبادل السفيرين»، بعد نحو عقدٍ من خفض العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى «مستوى القائم بالأعمال»، عقب إطاحة حكم تنظيم «الإخوان» في مصر، في عام 2013. وقبل تسميته سفيراً، كان صالح موتلو شين يقود الطاقم الدبلوماسي لبلاده في القاهرة، بوصفه قائماً بالأعمال، منذ أبريل (نيسان) 2022».

وقال السفير التركي، في تصريحات نقلتها صحيفة «الشروق» المصرية، (السبت)، إن موافقة أنقرة والقاهرة على العُملتين المحليتين للدولتين في التبادل التجاري «ستصب في مصلحة الطرفين»، وإنه «من الممكن التفاوض على تحديد مبلغ محدد من إجمالي التبادل التجاري تُطبق عليه هذه الآلية حال الموافقة عليها».

وبينما يقول الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور مدحت نافع، إن كثيراً من الدول تثير هذا الأمر في فرص التبادل التجاري لها مع دول أخرى، يطالب بـ«دراسة مصرية متأنية للمقترح التركي». ويوضح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «من المهم لمصر، قبل الدخول في أي اتفاقية من هذا النوع، دراسة العائد الصافي لها من هذا الاتفاق».

ويضيف نافع: «في ختام كل عام، تكون هناك تسوية نهائية للمعاملات، فإذا كانت هذه التسوية تحتاج إلى طلب كبير على الدولار، أو على أي عملة صعبة أخرى، فلن تكون أنجزت شيئاً بذلك، بل بالعكس، ستخلق ضغطاً على العملة الصعبة لديك في تواريخ معينة».

ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حالياً 9.7 مليار دولار سنوياً، يغطي قطاعات متنوعة. ويقترح الجانب التركي تطبيق التعامل بعُملتي البلدين «بما يساوي نحو 6 مليارات دولار»، بحسب السفير التركي، وهو مطلب سبق أن أعلنته «جمعية رجال الأعمال الأتراك - المصريين» (تومياد).

بعبارة أخرى، يقول الخبير المصري: «الشيطان يكمن في التفاصيل، التي تجب دراستها بعناية، فالاتفاق المماثل بين مصر وروسيا كانت أهميته واضحة، حيث ينفق الروس بالروبل من خلال السياحة، وينفق المصريون بالجنيه لشراء القمح الروسي. هذه فائدة مشتركة يمكن رؤيتها بالعين المجردة، لكن هناك أشكالاً أخرى من التبادل التجاري تحتاج إلى دراسة اقتصادية بحتة، بعيداً عن السياسة، أو العواطف».

ويقرر نافع أن «مدى الاستفادة من عدمه، لأي من البلدين، مرتبط بطريقة تسوية المعاملات التجارية، وبطريقة الاتفاق بين البلدين، التي يمكنها تعزيز كفة أحد الطرفين، أو استفادة الطرفين معاً، بطريقة عادلة. المهم، أن يكون لمصر تصور لشكل هذا الاتفاق بما يحقق النفع المشترك، والمصلحة المصرية في المقام الأول»، مشيراً إلى أن هذه العوامل مجتمعة «تفسر التأني المصري» في التجاوب مع الطرح التركي.

وأفادت تقارير تركية بأن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، سيلتقي نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، في السابع والعشرين من الشهر الحالي، وسط تأكيدات على أن «التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر وتركيا سيحتل جانباً مهماً من المباحثات خلال القمة المرتقبة».

وهنا، يقول كرم سعيد، الباحث في الشؤون التركية، إن المقترح التركي باعتماد العملتين المحليتين للبلدين في المعاملات التجارية المشتركة «ينصب على جزء من المبادلات التي تشهد استمرارية في التصدير والاستيراد بينهما».

ويضيف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذا المقترح يستهدف «توفير بيئة خصبة للمستثمرين الأتراك في مصر، والتحايل على موضوع نقص الدولار في الأسواق العالمية، وتعزيز فرص المبادلات التجارية مع مصر، ودفعها إلى نطاق أوسع، حتى ينتقل حجمها إلى حدود 15 و20 مليار دولار بين البلدين، بشكل تدريجي».

ويرى سعيد أن مسألة نقص الدولار «تمثل أزمة في انتقال جانب من الاستثمارات في أسواق البلدين، وتحديداً من تركيا إلى مصر، وبالتالي يحاول الداعون إلى فكرة اعتماد العملتين المحليتين في التبادل التجاري بين مصر وتركيا، تجاوز أزمة نقص العملة الصعبة لدى الطرفين».

وفي السياق نفسه، يشير سعيد إلى تبني الاتفاق نفسه بين روسيا وتركيا، حيث «سمحت موسكو للأتراك بسداد جزء من سعر وارداتهم من الغاز الروسي بالليرة، كما سعت أنقرة إلى تطبيق الأمر نفسه مع دول أخرى، مثل قطر، وسط اتجاه لتوسيع المعاملة بالمنهج نفسه، مع بعض الدول الخليجية، والآسيوية، ومع الصين، خصوصاً في القطاعات التي تشهد كثافة في عمليات التصدير والاستيراد.

ومع القناعة التركية بالمقترح، كيف تبدو عوائق تنفيذه من وجهة النظر المصرية؟، يجيب كرم سعيد: «الموضوع قيد الدراسة في مصر؛ لأن الإقدام على الموافقة عليه أو تنفيذه مرتبط بدراسة العوائد الإيجابية على الاقتصاد المصري، والتأكد من الفوائد والأرباح التي ستعود على مصر جراء اتخاذ تلك الخطوة».


مقالات ذات صلة

إردوغان يكشف عن قمة محتملة مع بوتين والأسد لتطبيع العلاقات مع دمشق

المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (رويترز)

إردوغان يكشف عن قمة محتملة مع بوتين والأسد لتطبيع العلاقات مع دمشق

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن احتمال عقد قمة ثلاثية تجمعه مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد في أنقرة دون تحديد موعد لها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
يوميات الشرق توفير أماكن اختباء آمنة للقطط وفرص اللعب يمكن أن يساعد في تقليل التوتر لديها (رويترز)

كيف تمنع قطتك من إتلاف أثاثك؟

كشف العلماء عن أنهم حددوا استراتيجيات لإنقاذ الوسائد والسجاد والأرائك من القطط الأليفة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الخليج خالد بن سلمان لدى اجتماعه مع غورغون ورؤساء شركات صناعية تركية في إسطنبول (واس)

خالد بن سلمان يستعرض فرص التعاون الدفاعي مع تركيا

عقد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في إسطنبول اجتماعاً مع رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية خلوق غورغون، ورؤساء عدة شركات صناعية كبرى.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول - أنقرة)
المشرق العربي أرشيفية لمعبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية فبراير 2023 (إ.ب.أ)

«باب الهوى» يعود للعمل و«هدوء حذر» يسود شمال غربي سوريا

عاود معبر «باب الهوى» الحدودي العمل صباح الأربعاء، بعد إغلاق أعقب الاحتجاجات التي سادت أرياف حلب وإدلب والاشتباكات مع القوات التركية.

«الشرق الأوسط» (إدلب)
الخليج 
صورة نشرتها الرئاسة التركية في «إكس» لاستقبال الرئيس رجب طيب إردوغان الأمير خالد بن سلمان في أنقرة

السعودية وتركيا تبحثان التعاون الدفاعي

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الدفاع السعودي، في قصر الرئاسة التركي بأنقرة أمس (الثلاثاء) جلسة مباحثات «مغلقة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

وزير الخارجية البريطاني الجديد يدعو لـ«وقف فوري لإطلاق نار» بغزة

وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي (إ.ب.أ)
TT

وزير الخارجية البريطاني الجديد يدعو لـ«وقف فوري لإطلاق نار» بغزة

وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي (إ.ب.أ)

دعا وزير الخارجية البريطاني الجديد، ديفيد لامي، إلى «وقف فوري لإطلاق النار» في غزة، في أول موقف له بعد تعيينه، اليوم (الجمعة)، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال لامي الذي تولى حقيبة الخارجية بعد فوز العماليين في الانتخابات التشريعية، أمس (الخميس)، إنه «سيعمل (...) على دعم وقف فوري لإطلاق النار (في غزة) والإفراج عن الرهائن».

وأضاف: «سأبذل كل ما في وسعي لمساعدة (الرئيس الأميركي) جو بايدن على التوصل إلى وقف لإطلاق النار».