«اللجنة الخماسية» تضع المبادرة الفرنسية في لبنان أمام مرحلة جديدة

هل يحمل لودريان معه خريطة طريق بديلة؟

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (رويترز)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (رويترز)
TT

«اللجنة الخماسية» تضع المبادرة الفرنسية في لبنان أمام مرحلة جديدة

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (رويترز)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مستقبلاً الموفد الفرنسي لودريان خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت (رويترز)

تبقى أنظار القوى السياسية في لبنان مشدودة إلى اجتماع اللجنة الخماسية الاثنين المقبل في الدوحة بحضور الموفد الخاص للرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان إلى بيروت لمواكبة ما ستؤول إليه من توجهات للدفع باتجاه انتخاب رئيس لبناني جديد.

ويفترض أن يشارك في اللقاء سفراء الدول الأعضاء في اللجنة لدى لبنان، الذين لم ينقطعوا عن التواصل مع الكتل النيابية ذات التأثير المباشر للانتقال من تعطيل الاستحقاق الرئاسي إلى الإنجاز بعد دخول الفراغ في رئاسة الجمهورية شهره التاسع.

لكن الجديد في انعقاد اللجنة الخماسية في قطر يكمن في أن الأبواب السياسية لا تزال موصدة أمام المبادرة الفرنسية التي ارتكزت على تسويق انتخاب رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، بذريعة أن انتخابه يبقى الأسهل والأقرب لإنهاء الفراغ الرئاسي، ما دام أنه يتمتع بتأييد الثنائي الشيعي ومن غير الجائز تجاوزه في العملية الانتخابية.

فالمبادرة الفرنسية انطلقت من ترشيح فرنجية وافتقدت مقاربة جامعة للخيارات الرئاسية، وهذا ما دفع قوى المعارضة إلى التعامل معها على أنها تحاول فرض رئيس للجمهورية بخلاف ميزان القوى داخل البرلمان، ما اضطر باريس لاحقاً إلى تكليف لودريان في مهمة رئاسية بقيت في إطار استطلاع المواقف، على أن يستكملها، في حال حسم أمر عودته إلى بيروت، في النصف الثاني من الشهر الحالي.

إلا أن عودة لودريان المرتقبة محكومة هذه المرة بأجواء المداولات داخل اللجنة الخماسية في اجتماعها في الدوحة، والتي يُتوقع ألا تتناغم مع مضامين المبادرة الفرنسية التي غابت عن جدول أعمال لقاءات لودريان في بيروت مع رؤساء الكتل النيابية.

وبكلام آخر فإن مجرد عودة لودريان إلى بيروت يعني من وجهة نظر المعارضة أن الاستحقاق الرئاسي مع انعقاد اللجنة الخماسية يدخل الآن في مرحلة سياسية جديدة غير المرحلة التي كانت قائمة في خلال زيارته الأولى.

وما يعزز هذا الاعتقاد قول لودريان للنواب الذين انتقدوا المبادرة الفرنسية إنه في بيروت للعمل بالتعاون معهم لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، خصوصاً أنه لم يأتِ على ذكر المبادرة ولو من باب الدفاع عنها، لاعتقاده أن جلسة الانتخاب الأخيرة أفضت إلى تسجيل تفوق سلبي لأزعور على منافسه فرنجية.

وفي هذا السياق، قال مصدر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن عودة لودريان محكومة بأجواء اجتماع الدوحة، وصولاً إلى وضع رؤية مشتركة مقرونة بآلية للتحرك في ضوء التباين بين المعارضة ومحور الممانعة حول استعداده لحض الكتل النيابية على الحوار من دون أن يحدد إطاره العام، سواءً في ما يتعلق برعايته أو بمكان انعقاده في لبنان أو في الخارج. ولفت إلى أن قوى المعارضة باقية على ترشيحها لأزعور وهي تلتقي مع «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، مع فارق أن الأخير يؤيد الحوار للتلاقي على رئيس توافقي لا يشكل تحدياً لأي فريق، بخلاف المعارضة التي تتناغم وفريق من النواب المنتمين إلى «قوى التغيير» بوجوب إعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس على أن يتولى هو لاحقاً رعاية الحوار، وهذا ما يضعه أمام تحدٍّ للخروج من الانقسام الحاد حول الحوار وأولويته.

وفي المقابل فإن محور الممانعة يؤيد الحوار بلا شروط مسبقة ويتمسك بترشيح فرنجية من دون أن يقفل الباب أمام التفاهم على مرشح توافقي، رغم أن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله توقف أمام دعمه لفرنجية ورأى فيه أنه الرئيس الذي يدعوه للاطمئنان ولا يطعنه في الظهر ولا يطلب منه أن ينزع سلاحه.

ورأى المصدر أن قول نصر الله إن الضمانات يؤمنها شخص الرئيس وليست دستورية، يعني من وجهة نظر المعارضة أنه لن يفرّط بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة التي تصطدم بمعارضة داخلية وخارجية، كونها تبقي قرار السلم والحرب بيد «حزب الله» وتعيق سيطرة الدولة على كامل أراضيها.

ويبقى السؤال: هل سيحمل لودريان معه إلى بيروت خريطة طريق بالتفاهم مع الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية تؤدي إلى إعادة تحريك انتخاب رئيس للجمهورية بخلاف ما نصّت عليه المبادرة الفرنسية؟ وكيف سيتصرف حيال الانقسام الحاد حول الحوار؟ وماذا سيقول للذين يصرون على انتخاب الرئيس أولاً، ومدى استعداد محور الممانعة للانتقال إلى الخطة -ب- بحثاً عن خيار رئاسي ثالث؟ وهل يأتي موقف نصر الله في سياق رفع السقوف لتحسين شروطه لدى البحث عن رئيس توافقي؟

وعليه فإن الكرة الآن في مرمى لودريان، إذا أصر أعضاء اللجنة على إعطاء الأولوية للمواصفات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس من دون الدخول في الأسماء، خصوصاً أن الرهان على إعادة خلط الأوراق داخل البرلمان يتوقف على معاودة الحوار بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ومدى استعداده لطي صفحة تقاطعه مع المعارضة على دعم ترشيح أزعور.

لذلك يقف لودريان أمام مهمة صعبة للالتفاف على الضبابية التي تلف دعوته لتسهيل الحوار الذي يدفع للسؤال عمن يمثل الطائفة السنية في ظل تشتت نوابها، ما يحول دون تشكيل كتلة نيابية وازنة أسوة بالطوائف الأخرى؟


مقالات ذات صلة

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام «يستشير» النواب في شكل حكومته… وتفاؤل بـ«أداء جديد»

برزت دعوات الكتل النيابية اللبنانية إلى تشكيل «حكومة كفاءات» مع إطلاق الرئيس المكلف، نواف سلام، الاستشارات النيابية غير الملزمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون ينتشرون قرب الجدار الفاصل مع لبنان (رويترز)

إسرائيل تدفع بتعزيزات إلى كفركلا وتواصل نسف بيوت جنوب لبنان

دفعت القوات الإسرائيلية الأربعاء بتعزيزات جديدة إلى المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، استعداداً للتوجه إلى بلدة كفركلا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام (رويترز)

لبنان: سلام يحتوي تداعيات مقاطعة «الثنائي الشيعي» الاستشارات بلقاء بري

قاطع الثنائي الشيعي «حزب الله» و«حركة أمل»، الأربعاء، الاستشارات النيابية غير الملزمة التي عقدها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، نواف سلام، في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)

السيسي يدعو للإسراع في إدخال المساعدات إلى غزة دون عراقيل

معبر رفح الحدودي (أرشيفية - رويترز)
معبر رفح الحدودي (أرشيفية - رويترز)
TT

السيسي يدعو للإسراع في إدخال المساعدات إلى غزة دون عراقيل

معبر رفح الحدودي (أرشيفية - رويترز)
معبر رفح الحدودي (أرشيفية - رويترز)

رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأكد السيسي في منشور على موقع «إكس» على ضرورة سرعة تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقال «مع هذا الاتفاق، أؤكد على أهمية الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة لأهل غزة، لمواجهة الوضع الإنساني الكارثي الراهن، وذلك دون أي عراقيل».
وأوضح أنه تم التوصل إلى هذا الاتفاق «بعد جهود مضنية على مدار أكثر من عام بوساطة مصرية قطرية أميركية».

وتعهد بأن مصر «ستظل دائما وفية لعهدها، داعمة للسلام العادل، وشريكا مخلصا في تحقيقه، ومدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».
وعبر عن أمله في أن يقود الاتفاق إلى سلام مستدام وأن «تنعم المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية في عالم يتسع للجميع».

وفي وقت سابق، نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» عن مصدر أمني مصري قوله إنه يجري التنسيق من أجل «فتح معبر رفح الفلسطيني للسماح بدخول المساعدات الدولية».

وأضاف المصدر أن مصر «تستعد لإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى قطاع غزة».

جاء ذلك بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب، مع أن إسرائيل قالت إنه ما زالت هناك مسائل عالقة قبل التوقيع النهائي عليه.