انتخابات العراق المحلية تهز «الإطار التنسيقي» من الداخل

الصدر لا يزال «لاعباً متخفياً»... والمالكي متهم بالتفرد

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)
TT

انتخابات العراق المحلية تهز «الإطار التنسيقي» من الداخل

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني في فبراير الماضي (واع)

قبل 5 أشهر من موعد إجراء الانتخابات المحلية العراقية، يحاول «الإطار التنسيقي» الحاكم، الذي يضم أبرز القوى الشيعية باستثناء «التيار الصدري»، رسم خريطة التحالفات بين أحزابه، بعد أن حسم أمره بالتخلي تماماً عن دخول المنافسة بقائمة واحدة تضم الجميع.

ومنذ أسابيع، يتداول صحافيون ومصادر مقرَّبة من المطبخ الانتخابي، مؤشرات يومية تتبدل مثل البورصة، لاتجاهات التحالف بين قوى «الإطار»، بين تشكل وتفكك جبهة واعدة بين حزبين أو ثلاثة من قواه.

لكن المؤشر الأبرز في هذا التباين اليومي لتحركات قوى «الإطار»، أنها تمضي سريعاً نحو رسم خريطة جديدة على مستوى المحافظات، ستفرز قوتين متنافستين بين رئيسي الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، والأسبق نوري المالكي.

ورغم أن السوداني لن يشترك فعلياً في هذه الانتخابات، لكن المرجح حتى الساعة أنه سيدعم مرشحين مستقلين، كجزء من تحالف انتخابي يقوده أمين حركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، إلى جانب النائب محمد الصهيو، وهو منشق سابق عن حركة «ائتلاف دولة القانون».

ومع ذلك فإن المقربين من السوداني يؤكدون أنه «لن يشترك في الانتخابات المحلية بأي شكل من الأشكال، لا يريد التنافس الآن على مجالس المحافظات، ويفضل التركيز على تقوية منصبه رئيساً للوزراء».

موقف إيران

ولم تُبدِ إيران أي اهتمام بتشكل خريطة التحالفات، في البداية، لكنها الآن تحاول صياغة فرضيات للحلفاء الشيعة بشأن كيفية التنافس في مجالس المحافظات، بعد تصاعد القلق من تفكك الغطاء السياسي للحكومة الحالية.

وتتركز بؤر النزاع الداخلي حول ما يتردد داخل مكاتب الأحزاب الشيعية، أنه «التفرد المطلق الذي يمارسه نوري المالكي على بقية الأحزاب الشيعية»، وأن عدداً من التحالفات التي تتحرك حوله تهدف أساساً إلى الإفلات من هذه القبضة السياسية، التي يصفها كثيرون بالمحكمة.

وتتضارب الرسائل الصادرة من داخل «الإطار التنسيقي»، بشأن العلاقة بين السوداني والمالكي. كثيرون يقولون إن الرجلين على وفاق تام ويعملان معاً من أجل إنجاح هذه الحكومة، وهي مصلحة إقليمية مطلوبة بشدة في طهران، لكن دائرة محدودة من القيادات تسرب بحذر مؤشرات عن تنافس حاد بينهما يمهد لتفجر الأوضاع قريباً، بتفكك «الإطار التنسيقي».

وفي هذه الأجواء، يكون من الصعب التحقق من أن هذه المؤشرات ليست سوى رسائل سياسية لجس النبض أو تحويل مسارات التفاوض بين أقطاب الإطار التنسيقي، ومع ذلك فإن شكل التحالفات النهائي سيكون حاسماً في معرفة مصير التحالف الحاكم، وفيما إذا كان سيبقى صامداً إلى النهاية.

التنافس على فراغ الصدر

صحيح أن المالكي يحاول كبح طموحات زعماء شيعة في «الإطار التنسيقي» لتعزيز نفوذهم السياسي، بوصفهم «الجيل السياسي الشيعي الجديد»، لكن محركاً آخر يدفع الأمور إلى التصادم داخل البيئة الشيعية، وهو التنافس على شغل الفراغ الذي تركه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.

ولم تشعر قوى «الإطار» بهذا المستوى من الحماسة من قبل إلا بعد أن أتيحت فرصة نادرة للسيطرة على الحكومة المركزية، والآن تستعد للانقضاض على المجالس المحلية، بغياب تام للمرشحين الصدريين، ويشعر كثيرون داخل «الإطار» بأن ذلك يعني ضرب أوتادهم عميقاً في النظام السياسي لسنوات طويلة.

لكن الحصول على تركة الصدر لن يجري وفق تحالف واحد يشكل قوى «الإطار»؛ لأنه من الواضح أن كل حزب يحاول الظفر بها على حساب الآخرين، وعلى هذا المنوال فإن المفاجآت التي ستخرج من الإطار «لن تكون عادية أبداً»، وفقاً لتعبير قيادي في «تحالف الفتح».

لكن غياب الصدر ليس حقيقة ثابتة، إذ يحاول التيار الصدري إطلاق رسائل متناقضة للتلاعب بخصومه، ولا سيما بعد تسريب معلومات عن دخوله التنافس في مجالس المحافظات عبر 3 قوائم لم يعلن عنها حتى الآن، ولا يعرف إن كان مرشحوها من بطانة الصدر والمنتمين للتيار.

ويقول مصدر مقرَّب من بيئة الصدر إن «كل شيء وراد... حتى اللحظة الأخيرة قبل موعد الانتخابات قد يحدث شيء ما»، وهذه عادة يجيدها الصدريون في مواسم الانتخابات، وتهدف إلى إجبار الخصوم على تغيير خططهم.

ويؤكد قيادي في «التيار الصدري»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الكادر الانتخابي في «التيار الصدري» يعمل كما لو أن الصدريين سيشاركون بالفعل في مجالس المحافظات.

خريطة أولية للإطار

من الصعب التثبت من الصيغة النهائية للتحالفات؛ نظراً للتغيرات المتسارعة، والتي وصلت لدرجة أن يقضي حزب شيعي ليلة من التفاوض المثمر على تحالف مع فريق شيعي آخر، ليجد نفسه في اليوم التالي منفرداً يبحث عن شريك جديد.

لكن ثمة ملامح راهنة تشكل 3 تيارات قد تعبر عن الشكل النهائي لتنافس «الإطار التنسيقي» على مجالس المحافظات.

تحالف المالكي

يفضل رئيس الوزراء الأسبق دخول الانتخابات منفرداً، مدفوعاً بما يصفه مقرَّبون منه بـ«الثقة المطلقة بتصاعد تأثيره في الشارع الشيعي»، لكن مفاوضات الأيام الأخيرة شهدت تفاهمات أولية مع فالح الفياض، رئيس «هيئة الحشد الشعبي».

تحالف العصائب

يخطط قيس الخزعلي لتعزيز نفوذه في الشارع الشيعي، ضمن استراتيجية قال عنها مقرَّبون منه إنها تهدف إلى صعود قادة أكثر حيوية للمجتمع الشيعي، بالاستفادة من صعود نجم رئيس الحكومة، لكنه يواجه صعوبات جدية في الحصول على حلفاء موثوقين من الإطار، بسبب حالة الشك المتزايدة من طريقة إدارة الخزعلي المعركة الانتخابية.

وتحوم حول نقطة الخزعلي قوى شيعية صغيرة، من بينها «تحالف النصر والحكمة»، سوى أن هذا الأخير انشغل، في الأسبوعين الماضيين، باستعادة المنشقّين القدامى في «المجلس الإسلامي الأعلى» و«منظمة بدر»، وحققت المفاوضات نتائج متقدمة، لكنها فشلت في النهاية.

تحالف ثالث

يوجد في هذه الجبهة جميع المترددين من التحالف مع المالكي والخزعلي، وتبدو المفاوضات بين هؤلاء لا تعتمد خطة عمل واضحة؛ لأنها تبدو، على الأقل الآن، محطة انتظار للخارجين والداخلين من مفاوضات التحالف مع العصائب ودولة القانون.


مقالات ذات صلة

العراق يرحب بوقف النار في لبنان ويتأهب لهجمات محتملة

المشرق العربي عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

العراق يرحب بوقف النار في لبنان ويتأهب لهجمات محتملة

في وقت رحبت فيه الحكومة العراقية بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، أعلنت أنها «في حالة تأهب قصوى»؛ لمواجهة «أي تهديد خارجي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

«وحدة الساحات» في العراق... التباس بين الحكومة والفصائل

تسير حكومة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، منذ أشهر في خط متقاطع مع الفصائل المسلحة المنخرطة في «وحدة الساحات».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

رفض رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» انجرار العراق نحو الحرب، وحذر من مخاطر انسحاب القوات الأميركية خصوصاً في المناطق المتنازع عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص جنود أميركيون يُسقطون تمثال صدام حسين في بغداد 7 أبريل 2003 (رويترز) play-circle 07:43

خاص جمال مصطفى: عجزت عن تأمين الرشوة للقاضي فأبقوني محتجزاً 10 سنوات إضافية

في الحلقة الأخيرة من الحوار معه، يتحدث جمال مصطفى السلطان عن اعتقال عمّه صدام حسين، وسقوط «أمل المقاومة» ضد الأميركيين.

غسان شربل

الحكومة اللبنانية تقر «وقف النار» وتؤكد مرجعية الجيش الأمنية في الجنوب

TT

الحكومة اللبنانية تقر «وقف النار» وتؤكد مرجعية الجيش الأمنية في الجنوب

جلسة الحكومة اللبنانية (دالاتي ونهرا)
جلسة الحكومة اللبنانية (دالاتي ونهرا)

أقرت الحكومة اللبنانية «الصيغة الإجرائية» لاتفاق وقف النار بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء، فيما حض رئيس البرلمان، نبيه بري، النازحين على العودة إلى منازلهم «حتى لو كانت الإقامة فوق ركام المنازل»، عادّاً أن الحرب مع إسرائيل مثّلت «مرحلة تاريخية كانت الأخطر» التي يمر بها لبنان، وذلك بعد ساعات من دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ.

واجتمعت الحكومة صباحاً، حيث أعلن رئيسها نجيب ميقاتي أنها أكدت مجدداً «التزام الحكومة اللبنانيّة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (1701) بتاريخ 11 آب (أغسطس) 2006 بمُندرجاته كافّة، لا سيّما ما يتعلّق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني؛ وفقاً للترتيبات المُرفقة ربطاً، والتي صدرت بالأمس ببيان مشترك عن الولايات المُتحدة الأميركية وفرنسا، والتي تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا القرار، بعد أن أخذ المجلس علماً بها ووافق على مضمونها، كما واستناداً إلى خطة عمليات تضعها قيادة الجيش وترفعها وفقاً للأصول إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها قبل المُباشرة بتنفيذها».

وأكد ميقاتي التمسك بسيادة لبنان على كل أراضيه؛ براً وبحراً وجواً، مشدداً على «المرجعية الأمنية للجيش في الجنوب؛ ما يُسقط الحجج التي يرتكز عليها العدو». وقال في كلمة بعد جلسة مجلس الوزراء: «نبدأ، اليوم، مسيرة إعادة ما تهدَّم، ونُعلِّق الأمل على الجيش لإعادة الأمن إلى الجنوب»، مضيفاً: «أكدنا التزام الحكومة بتنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) بكل بنوده». وتابع ميقاتي: «إننا نعيش لحظات استثنائية، والمسؤولية كبرى وجماعية للتكاتف وبناء دولة تحمي المكتسبات»، مضيفاً: «نستعيد ثقة العالم بنا، ونعيد ثقة اللبنانيين بالدولة، ونؤكد المرجعية الأمنية للجيش في الجنوب».

وطالب ميقاتي بـ«التزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار، والانسحاب من الأراضي التي احتلها»، مضيفاً: «نحن على ثقة تامة بأن الغد سيكون أفضل للبنان، شرط أن نضع خلافاتنا جانباً».

بري دعا النازحين إلى العودة... «ولو فوق الركام»... (مجلس ألنواب)

بري: العودة فوق الركام

ودعا رئيس مجلس النواب اللبناني النازحين؛ جراء الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، إلى العودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وتوجّه بري، الذي تولّى التفاوض خلال مباحثات وقف إطلاق النار، إلى النازحين بالقول في كلمة مُتَلفزة: «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة (...)، عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها»، داعياً كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية»، بعد عامين من شغور المنصب.

كما أكد رئيس البرلمان اللبناني زعيم حركة «أمل» أن «لبنان تمكّن من إحباط مفاعيل العدوان الإسرائيلي». وقال إن «الحرب أظهرت وجه لبنان الحقيقي في التلاحم والوحدة الوطنية». وأضاف: «نحن في أشد الحاجة إلى الوحدة الوطنية بين جميع أبناء الشعب اللبناني». وتابع: «نشكر كل من أسهم في وقف إطلاق النار». وأشار إلى أن «الدماء الغالية جداً التي سالت تستدعي حفظ لبنان واحداً قادراً على الخروج أكثر ثباتاً ومنعة ووحدة»، مطالباً بـ«الإسراع في انتخاب رئيس جمهورية».

وقال: «أخاطبكم ونحن نطوي لحظة تاريخية كانت هي الأخطر التي مرت على لبنان، مهددة أرضه وشعبه وتاريخه وحاضره وتراثه ومستقبله وثرواته؛ جراء الحرب العدوانية الإسرائيلية التي طالت كل مقومات الحياة في وطننا. أناشدكم؛ لأنها لحظة الحقيقة التي يجب أن نستدعي فيها كل عناوين الوحدة من أجل لبنان. فاللحظة ليست لمحاكمة مرحلة، ولا للقفز فوق الجراح، ولا للرقص فوق الدماء، ولا لتجاوز التضحيات الجسام الغالية والغالية جداً جداً والتي لا يعوضها إلا شيء واحد هو أن نحفظ لبنان واحداً قادراً على الخروج مما تعرض له؛ الخروج أكثر قوة ومنعة، وإصراراً وثباتاً على صنع قيامته، وتثبيت دوره أنموذجاً في التعايش الواحد بين مكوناته الروحية بما يمثل من نقيض لعنصرية إسرائيل». وأضاف: «اللحظة هي امتحان لكل لبناني؛ للشيعي قبل أي لبناني آخر... هي امتحان لكل اللبنانيين إلى أي طائفة انتموا. هو امتحان كيف ننقذ لبنان؟ كيف نبنيه؟ وكيف نعيد الحياة إلى مؤسساته الدستورية، وفي مقدمها الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون تحدياً لأحد، يجمع ولا يفرق... هو امتحان كيف نحمي لبنان في مواجهة الأخطار التي تتهدده، وفي مقدمها الخطر الإسرائيلي. اللحظة هي لحظه تحمل المسؤولية في التلاقي من أجل لبنان ومن أجل الإنسان».