«الإدارة الذاتية» تطالب واشنطن بمنطقة حظر طيران شمال شرقي سوريا

مسؤولة كردية تنشد دوراً سعودياً وخليجياً في حل الأزمة السورية

اجتماع السفير الأميركي نيكولاس غرينجر مع أحزاب الإدارة الذاتية في الحسكة
اجتماع السفير الأميركي نيكولاس غرينجر مع أحزاب الإدارة الذاتية في الحسكة
TT

«الإدارة الذاتية» تطالب واشنطن بمنطقة حظر طيران شمال شرقي سوريا

اجتماع السفير الأميركي نيكولاس غرينجر مع أحزاب الإدارة الذاتية في الحسكة
اجتماع السفير الأميركي نيكولاس غرينجر مع أحزاب الإدارة الذاتية في الحسكة

بحث وفد من أحزاب «الإدارة الذاتية لشمال شرقي» سوريا مع البعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا نيكولاس غرينجر، التصعيد التركي الأخير وسياسة الإدارة الأمريكية في سوريا.

وكشفت مسؤولة كردية بارزة شاركت في اللقاء الذي عُقد مساء (الأحد) الماضي في مدينة الحسكة؛ أن واشنطن تعمل على تخفيف التوتر بين تركيا والإدارة الذاتية، لكنها غير قادرة على فرض منطقة حظر طيران جوي في المجال السوري، وستضغط على أنقرة حليفتها في الناتو لكبح هجماتها على مناطق نفوذ الإدارة (شمال شرقي) البلاد.

ونقلت رئيسة مركز الدراسات والاستشارة الدبلوماسية بـ«الإدارة الذاتية»، رولا داوود، لـ«الشرق الأوسط»، أن رؤساء وقادة 10 أحزاب وكيانات سياسية، عقدوا اجتماعاً مطولاً مع السفير الأمريكي الخاص لسوريا نيكولاس غرينجر «طالبوا خلاله بفرض منطقة حظر طيران جوي لحماية شعوب المنطقة من الضربات التركية الموجعة التي زعزعت الاستقرار»، بعد تصاعد الهجمات الجوية مؤخراً وراح ضحيتها قياديتان قُتلتا بمسيّرات تركية في 21 من الشهر الحالي وسقوط عشرات المدنيين.

المبعوث الأمريكي نيكولاس غرينجر (2 يسار) وبدران جيا كرد (2 يمين)

ضم الوفد رؤساء وقادة أحزاب كردية وعربية وسريانية مسيحية، وتعمل هذه الجهات السياسية في الإدارة الذاتية وأعضاء في مظلتها السياسية «مجلس سوريا الديمقراطية».

وأفادت داوود بأن الأحزاب عبّرت للمبعوث الأمريكي عن رفضها مخرجات البيان الختامي لاجتماعات (آستانة)، وقالت إن الإدارة تؤكد في جميع مواقفها الرسمية، أن «لغة الحوار هي المَخرج الوحيد للأزمة السورية، ولا تمتلك مشاريع انفصالية كما يتهمها بعض الأطراف، ولا تهدد وحدة الأراضي السورية».

كما تناول الاجتماع الانفتاح العربي على دمشق، وناشد الحضور أن يكون التطبيع العربي «خطوة باتجاه الشعب وخطوة باتجاه الحكومة»، كما تطرقوا إلى المبادرة العربية وأهميتها في لعب دور عربي فعال لإنهاء المأساة السورية.

وطالبت الجهات السياسية السورية التحالف الدولي بقيادة واشنطن، باتخاذ مواقف حازمة تجاه الاعتداءات التركية، وقالت داوود: «أكدنا أهمية الشراكة بين التحالف و(قوات قسد) في محاربة الإرهاب وخلاياه النائمة، وطلبنا توسيع التعاون، ليشمل الدعم السياسي ولعب دور فعال لحماية سكان المنطقة»، إلى جانب إشراك ممثلين عن الإدارة ومظلتها السياسية في المحادثات الدولية الخاصة بالأزمة السورية، حسب رولا داوود.

يُذكر أن نيكولاس غرينجر هو الممثل الأعلى للولايات المتحدة الأميركية بشمال شرقي سوريا، ومستشار السياسة الخارجية لدى قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط. تولى منصبه أغسطس (آب) 2022.

5 نقاط لموقف أميركا

وأكدت المسؤولة الكردية أن نتيجة اللقاء مع السفير غرينجر، حول الموقف الأمريكي، تمحورت حول 5 نقاط رئيسية.

أولاها: «تعهُّد الولايات المتحدة وقوات التحالف بالتزام الشراكة مع (قوات سوريا الديمقراطية) ودعمها لمكافحة الإرهاب في المنطقة»، وتقديم الدعم لهياكل الإدارات المدنية وتطوير البنى التحتية والخدمية ودعم القطاعين الصحي والتعليمي في هذه المناطق.

في حين تركزت النقطة الثانية على عدم قدرة واشنطن على فرض منطقة حظر طيران جوي في الأجواء السورية التي تنتشر فيها قوات التحالف والجنود الأمريكيون شرقيّ البلد. ولفتت داوود إلى أن المبعوث الأمريكي أكد أنهم «سيضغطون دبلوماسياً من أجل كبح الهجمات التركية، وأن بلاده تعمل على تخفيف التوتر بين تركيا والإدارة الذاتية، وعدم نظر أي طرف إلى الآخر على أنه إرهابي».

جانب من مراسم تشييع قياديات قتلن بمسيّرات تركية 21 يونيو الحالي

وتناول غرينجر، في النقطة الثالثة، دعم واشنطن لأي توافق بين أطراف المعارضة السورية، وإنجاح الجهود الرامية لتوحيد صفوفها، في إشارة إلى الاتفاق السياسي الأخير بين «هيئة التنسيق الوطنية» و«مجلس سوريا الديمقراطية». لتزيد أن «السفير أكد دعم القرار الأممي 2254، ومشاركة كل السوريين في العملية السياسية». وقال لمجلس (مسد) إنه «يجب أن يكون هناك حوار مع الائتلاف السوري المعارض، وكل الجهات السورية لتوحيد جهودها وصفوفها».

في النقطة الرابعة، حدد المبعوث غرينجر موقف الإدارة الأمريكية من الحوار مع الحكومة السورية.

ونقلت داوود عنه أن «واشنطن لا تمانع الحوار، شرط تطبيق القرار الدولي 2254، وأنها تدعم حقوق الشعب الكردي وكل المكونات السورية وتطالبها برؤية سياسية، لأنها كانت سبباً رئيسياً في اندلاع الحراك المناهض للنظام الحاكم».

وأكد في النقطة الخامسة والأخيرة، أن أميركا تشجع كل الدول والحكومات على إعادة رعاياها القاطنين في المخيمات شمال شرقي سوريا، والمحتجزين في سجونها ومحاكمتهم على أراضيها.

دور سعودي في الحل السوري

داوود رأت أن المنطقة تعيش ظروفاً استثنائية خاصةً بعد الاتفاق السعودي-الإيراني الذي ألقى بظلاله على المناطق الساخنة كافة في الشرق الأوسط، وقالت: «عودة سوريا للجامعة العربية، وصفها البعض بالتطبيع؛ لكننا نتفهم أبعاد هذا التقارب، فالسعودية تلعب دوراً مركزياً في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط».

وأعربت عن أملها أن تلعب دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً، دوراً فاعلاً في الحل السوري الشامل، «فالرياض تستطيع من خلال علاقاتها بجميع الأطراف السورية، أن تمارس دوراً محورياً في إحلال السلام، فهي تمتلك وزناً عربياً وإقليمياً فاعلاً ومؤثراً في المنطقة».


مقالات ذات صلة

طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

المشرق العربي «ميدان الساعة» في مركز مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

«طريق أبيض» عمرها تجاوز 70 سنة، وهي تصل محافظتَي الحسكة والرقة بمحافظات الداخل السوري، وأُعيدَ افتتاحها بعد توقف الطريق الرئيسية «إم4 (M4)» بسبب التصعيد والقصف.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

أثار قرار الحكومة السورية بأن يحصل المواطن العائد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد بانتقادات عارمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مسلحون من الفصائل المحلية في مدينة جاسم يستنفرون ضد القوات الحكومية (موقع شبكة كناكرالسوري)

تجدد التصعيد في جنوب سوريا وتفاقم الانفلات الأمني

تجدد التصعيد في درعا، جنوب سوريا، مع قيام مجموعات محلية مسلحة بقطع الطرق الرئيسية ومحاصرة نقاط التفتيش التابعة للقوات الحكومية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي حصيلة المخفيين قسراً لدى أطراف النزاع في سوريا منذ بداية الحرب (الشبكة السورية لحقوق الإنسان)

منظمة حقوقية: «لا أفق لإنهاء الاختفاء القسري في سوريا»

حذرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» من أنه «لا أفق لإنهاء جريمة الاختفاء القسري في سوريا».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي علاء حسو صاحب محل لبيع المستلزمات المنزلية بالدرباسية التابعة للحسكة يبيع أنواعاً متعددة من البوابير بسبب الطلب الزائد عليها مؤخراً (الشرق الأوسط)

رجعت أيام «بابور الكاز» في شمال شرقي سوريا

عادَ كثيرون من أهالي مناطق شمال شرقي سوريا إلى «بابور» (موقد) الكاز لطهي الطعام وتسخين المياه بعد فقدان جرة الغاز المنزلي والانقطاعات المتكررة للكهرباء.

كمال شيخو (القامشلي)

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)
أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)
TT

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)
أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)

أخفت جماعة الحوثي أكثر من 2400 مدني بشكل قسري، منهم 133 امرأة، و117 طفلاً، في 17 محافظة يمنية منذ يناير (كانون الثاني) 2017، حسب تقارير رسمية يمنية.

ووفق وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، فإن ميليشيا الحوثي التابعة لإيران استخدمت منذ انقلابها على الدولة، الإخفاء القسري أداةً لتكميم الأفواه وإرهاب المعارضين، مما يُضعف أي جهود لتحقيق السلام والاستقرار، على حد تعبيره.

كانت مصادر مطَّلعة في العاصمة اليمنية صنعاء قد أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الحوثي بدأت بإعداد نظام تحرٍّ جديد يربط مختلف السجون وأماكن الاحتجاز بما في ذلك أقسام الشرطة، وترتبط جميعها بالأجهزة الأمنية العليا، وعلى رأسها ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الذي يعمل تحت إشراف مباشر من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

استحداثات جديدة في سجون جهاز الأمن والمخابرات الحوثي في مدينة إب (إكس)

وأوضح الإرياني أن ميليشيا الحوثي اختطفت عشرات الآلاف من قيادات الدولة والسياسيين والإعلاميين والصحفيين والنشطاء والحقوقيين والمواطنين، إلى جانب 51 من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية والسفارة الأميركية، من منازلهم ومقرات أعمالهم والأسواق والشوارع ونقاط التفتيش.

وكشف الوزير في حديث إعلامي بمناسبة اليوم العالمي لمناصرة ضحايا الإخفاء القسري (30 أغسطس/آب من كل عام) عن أن جماعة الحوثي مارست بحق هؤلاء المختطفين «أبشع الجرائم والانتهاكات من احتجاز تعسفي وتعذيب نفسي وجسدي، وإخفاء قسري، والابتزاز لهم ولأسرهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم».

المنظمات الحقوقية وثّقت –حسب الإرياني– ارتكاب ميليشيات الحوثي جريمة الإخفاء القسري بحق 2406 من المدنيين بينهم 133 امرأة و117 طفلاً في 17 محافظة منذ الأول من يناير (كانون الثاني) 2017، حتى منتصف 2023.

ولفت الوزير إلى أن هذه الجرائم «توزعت بين 642 جريمة إخفاء قسري بحق فئات عمالية: 189 سياسيين، و279 عسكريين، و162 تربويين، و53 ناشطاً، و71 طالباً، و88 تاجراً، و117 طفلاً، و118 شخصية اجتماعية، و31 إعلامياً، و39 واعظاً، و13 أكاديمياً، و133 امرأة، و382 أجنبياً لاجئاً أفريقياً، و52 محامياً، و37 طبيباً».

وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

الوزير الإرياني أشار كذلك إلى أن «ميليشيا الحوثي تُدير نحو 641 معتقلاً، منها 237 سجناً رسمياً واقعاً تحت سيطرتها، و128 معتقلاً سرياً استحدثتها بعد الانقلاب، بالإضافة إلى 32 مختطفاً تعرضوا للتصفية الجسدية، فيما انتحر آخرون للتخلص من قسوة وبشاعة التعذيب، كما سُجلت 79 حالة وفاة للمختطفين و31 حالة وفاة لمختطفين بنوبات قلبية، بسبب الإهمال الطبي ورفض إسعافهم للمستشفيات».

وشدد وزير الإعلام والثقافة والسياحة على أن «ميليشيا الحوثي ترتكب هذه الجرائم الشنيعة التي ترقى إلى جرائم حرب، وتنتهك القوانين الدولية كافة، بما في ذلك اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، التي تُجرِّم الإخفاء القسري وتعدها جريمة ضد الإنسانية، وانتهاكاً صارخاً للحق في الحرية والأمان الشخصي، وتخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتُخلف آثاراً نفسية وجسدية مدمرة على الأسر، الذين يعيشون في حالة من الألم والمعاناة بحثاً عن ذويهم المختفين».

وطالب الإرياني، في ختام حديثه، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان، بممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي للكشف عن مصير جميع المخفيين قسراً، وأماكن احتجازهم، ووضع حد لمأساتهم، والعمل على إطلاقهم بشكل فوري وفي مقدمتهم السياسي محمد قحطان، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم، والشروع الفوري في تصنيف الميليشيا «منظمة إرهابية عالمية».

جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

واستحدثت الجماعة الحوثية منذ أشهر قطاعاً أمنياً استخباراتياً لنجل مؤسس الجماعة حسين الحوثي، لملاحقة النشطاء ومن يعارضون أو يكشفون عن وقائع فساد ومن يجري تصنيفهم تحت مسمى «الطابور الخامس»، بينما تعمل على إنشاء جهاز أمني جديد للرقابة على القبائل ومجتمعات الأرياف، في مواجهة مظاهر الغضب والتمرد المتصاعدين ضد نفوذها وممارساتها، والمرجح تسميته «الشرطة المجتمعية».