هل ستختفي «الأونروا» من حياة اللاجئين الفلسطينيين مع «انهيارها المالي»؟

هل ستختفي «الأونروا» من حياة اللاجئين الفلسطينيين مع «انهيارها المالي»؟
TT

هل ستختفي «الأونروا» من حياة اللاجئين الفلسطينيين مع «انهيارها المالي»؟

هل ستختفي «الأونروا» من حياة اللاجئين الفلسطينيين مع «انهيارها المالي»؟

عمرها من عمر نكبة فلسطين... فاللاجئة أم علي تفتّحت عيناها عام 1948 في مخيم الوحدات بشرق العاصمة الأردنية عمان، ولا تعرف وطناً سواه.

رافقها اللجوء طوال سنوات عمرها الخمسة والسبعين. وكأي لاجئ فلسطيني كانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) رفيقاً لها في شتى مناحي الحياة.

وتقول إن «الأونروا» ليست جهة لدعم اللاجئين الفلسطينيين فقط، وإنما «بقاؤها إثبات لهويتنا، وبقاؤها من بقاء حق عودتنا لبلادنا».

تحتفظ أم علي بما يُطلق عليه «كارت المؤن»، وهو بمثابة بطاقة تسجيل هوية تمنحها «الأونروا» للاجئين الفلسطينيين من أجل الحصول على المساعدات. وتمثل هذه البطاقة اليوم إثباتاً قانونياً لأجيال من اللاجئين الفلسطينيين، يحتفظون بها رغم عدم استفادة غالبيتهم منها على صعيد الدعم المالي.

وتضيف «بوصفنا أبناء مخيمات، لمسنا تراجعاً في الخدمات التي تقدمها الوكالة في مجال التعليم والصحة في مخيم الوحدات، ولكن الأهم استمرارها لضمان حقوق الأجيال المقبلة من الفلسطينيين في الشتات».

ومن الجيل الثالث للجوء، ما زال الشاب زيد يحافظ على زيارته لمخيم الوحدات الذي سكنه أبوه وجده، ويحتفظ بالوحدة السكنية التي وزعتها «الأونروا» على اللاجئين الفلسطينيين عقب نكبتهم بديلاً عن الخيم.

ورغم أن زيد يسكن العاصمة عمان منذ ولادته، فإنه يقول للوكالة إن «كارت المؤن» والوحدة السكنية في المخيم سيظلان رابطاً يربطه هو وأطفاله وربما أحفاده بصفتهم كلاجئين فلسطينيين، ويضيف: «بقاء (الأونروا) هو اعتراف ببقاء قضية اللاجئين».

انهيار وشيك

باتت الأزمة المالية التي تعصف بـ«الأونروا» منذ سنوات هاجساً لدى مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، حيث يعيش في البلاد العدد الأكبر منهم على مستوى العالم، لكن تصريحات إدارة «الأونروا» تنذر بأن انهيارها بات وشيكاً.

ورداً على استفسارات «وكالة أنباء العالم العربي»، قال المستشار الإعلامي لـ«الأونروا» عدنان أبو حسنة إن الأزمة المالية عميقة ومركبة، وتتكرر منذ سنوات عديدة، إلا أنها هذا العام تأخذ بعداً آخر بسبب النقص الكبير في تبرعات الدول المانحة.

يقول أبو حسنة إنه في الوقت الذي ازدادت فيه أعداد اللاجئين ومتطلباتهم، لم تزد الميزانية منذ سنوات.

ويضيف أن «الأونروا» أنهت عام 2022 بعجز مالي بلغ 75 مليون دولار جرى ترحيله للعام الحالي، ما زاد من الأعباء المالية على ميزانيتها؛ إذ لم تعد قادرة على مزيد من الإجراءات التقشفية التي أصبحت تمس برامجها.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد حذر في تصريحات أدلى بها الشهر الحالي من أن وكالة «الأونروا» «على وشك الانهيار المالي».

فيما أعلن المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني أمس الخميس أن الوكالة لن تتمكن دون تمويل فوري من مواصلة عملها بعد شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، ما يهدد «بإغلاق أكثر من 700 مدرسة و140 مركزاً صحياً تابعة لـ(الأونروا)».

وقال لازاريني خلال اجتماع اللجنة الاستشارية للوكالة في العاصمة اللبنانية بيروت إن خدمات الطوارئ في كافة مناطق عمليات «الأونروا» ستتوقف، «ما يترك الملايين من لاجئي فلسطين الذين يعتمدون على المعونات من (الأونروا) على أعتاب مجاعة».

وفي وقت سابق من الشهر، وصف لازاريني الوضع المالي للوكالة بأنه خطير للغاية، ودعا الدول الأعضاء إلى عدم النظر إلى قدرة الوكالة على تقديم الخدمات للاجئي فلسطين «بوصفه أمراً مسلّماً به».

وأضاف: «الوكالة لم تعد قادرة على تلبية مستوى التوقعات، وأصبح هذا التوتر بين نقص الموارد وزيادة الاحتياجات - عاماً بعد آخر - أمراً لا يطاق بالنسبة للوكالة. نحن المنظمة الوحيدة التي تعمل اليوم بتدفق نقدي سالب».

وحذر من أن هذا يضع الخدمات الأساسية التي تقدمها «الأونروا» لنحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني «على المحك».

لا بدائل

عن ذلك، قال المستشار الإعلامي لـ«الأونروا» عدنان أبو حسنة لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن تلك التصريحات تعكس رؤية حقيقية لواقع «الأونروا المالي» وعدم قدرتها في سبتمبر المقبل على مواصلة تقديم خدماتها، ودفع رواتب موظفيها، ما لم تستطع توفير الموارد المالية.

وأشار إلى أن ما حصلت عليه «الأونروا» من تعهدات جديدة هو 13 مليون دولار فقط حتى الآن، في حين بلغ مجموع ما تسلمته من ميزانية البرامج 57 في المائة فقط من ميزانيتها المقررة لهذا العام والبالغة 847 مليون دولار، يضاف إليها 75 مليوناً هو عجز العام الماضي.

وقال إن هذا يعني أنها «لن تكون قادرة على مواصلة تقديم خدماتها في الفترة ما بين سبتمبر حتى نهاية العام الحالي».

أما جمال الشوربجي، عضو المكتب التنفيذي للجنة العليا للدفاع عن حق العودة، فيرى أن أزمة «الأونروا» المالية تتكرر كل عام بسبب ما وصفه بعبارة «الابتزاز المالي الذي تمارسه بعض الدول المانحة». وقال إن هذا يعطل دور «الأونروا» في تقديم خدماتها للاجئين، ويضيف أن الدعم المالي لا يغطي 30 في المائة من موازنة الوكالة.

وقال الشوربجي إن هناك محاولات مستمرة «تقودها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية لتصفية قضية حق العودة» عن طريق إلغاء دور «الأونروا» بصفتها الشاهد التاريخي الأكبر على النكبة الفلسطينية والتهجير.

وأضاف أن «الأونروا» تمثل في ذهن اللاجئ الفلسطيني الرمز للمأساة والشتات، وهي الراية التي يقف خلفها لتبقى قضيته ظاهرة أمام العالم، مؤكداً أن لانسحابها آثاراً سلبية على اللاجئين لا سيما في قطاع التعليم والصحة.

أعباء اقتصادية إضافية على الأردن

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن «الأونروا» تتحمل جزءاً كبيراً من كلفة اللاجئين الفلسطينيين في المجال التعليمي والصحي في الأردن، لكنها تواجه «محاولات تصفية بوقف تمويلها أو تقليصه».

وأكد عايش أن التبرعات التي تحصل عليها «الأونروا» من الدول المانحة تقل عن حاجتها بنسبة 70 في المائة، وهو ما يمثل ضغطاً على الأردن المنهك اقتصادياً من قضية اللاجئين خصوصاً اللاجئين السوريين في الآونة الأخيرة.

إلا أن عايش يرى أن تحويل قضية «الأونروا» إلى قضية مالية «أمر خطير لأنه محاولة لإزاحة الأنظار عن القضية الأصلية وهي حقوق الفلسطينيين بأرضهم»، وقال إن محاولة إلغاء دور «الأونروا» «يشغل الفلسطينيين عن الهم الأصلي، ويحوّل اهتمامهم إلى هم خاص يتعلق بمعيشتهم».

ويقول إن هذا يبعد أيضاً الأردن عن التفكير بحقوق مواطنيه من أصل فلسطيني، فيما يتعلق بأرض فلسطين، ويحوّله إلى التفكير فقط بتدبير مزيد من العون والمساعدات المالية للاجئين.

تأسست «الأونروا» بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة والتشغيل للاجئي فلسطين. ووفقاً لموقعها الرسمي، يعيش في الأردن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين وبنسبة 41 في المائة من إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين.

ويوجد أكثر من 2.2 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لدى الوكالة في الأردن حتى عام 2020.

ويتمتع اللاجئون الفلسطينيون بالمواطنة الأردنية الكاملة باستثناء نحو 140 ألف لاجئ أصلهم من قطاع غزة الذي كان حتى عام 1967 يتبع الإدارة المصرية، وهم يحملون جوازات سفر أردنية مؤقتة لا تخولهم حق المواطنة الكاملة مثل حق التصويت وحق التوظيف في الدوائر الحكومية.

وبالأردن عشرة مخيمات رسمية وثلاثة غير رسمية، يعيش فيها 400 ألف لاجئ، بينما يعيش اللاجئون الآخرون في مختلف المدن الأردنية.

وتقدم «الأونروا» تعليماً أساسياً لأكثر من 122 ألف طالب وطالبة في 169 مدرسة تابعة لـ«الأونروا» في مخيمات الأردن.


مقالات ذات صلة

السويد توقف تمويل «الأونروا» وتزيد إجمالي المساعدات إلى غزة عبر قنوات أخرى

المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزّعته وكالة «الأونروا» في دير البلح بقطاع غزة (رويترز)

السويد توقف تمويل «الأونروا» وتزيد إجمالي المساعدات إلى غزة عبر قنوات أخرى

قالت السويد إنها ستتوقف عن تمويل وكالة «الأونروا»، وستزيد بدلاً من ذلك إجمالي المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر قنوات أخرى.

شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الجامعة العربية تُحذر من تدهور سريع للوضع الإنساني في قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجامعة العربية تُحذر من تفاقم «المجاعة المروعة» في غزة

حذرت جامعة الدول العربية، الأحد، من تفاقم «المجاعة المروعة» و«الكارثة الإنسانية» في قطاع غزة، جراء العدوان الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود لدول ومنظمات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر القاهرة الوزاري للمساعدات الإنسانية لغزة المنعقد في مصر (واس) play-circle 00:19

وزير الخارجية السعودي: ما تتعرض له غزة من إبادة يعد أكبر اختبار للنظام الدولي

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أن ما تتعرض له غزة من إبادة وحشية يعد أكبر اختبار للنظام الدولي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

TT

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)
القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز)

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي، يشار غولر، جولة تفقدية لمنطقة الحدود مع سوريا، وعقد اجتماعاً مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرة هناك.

والتقى فيدان الذي يعد أول وزير خارجية يزور دمشق عقب سقوط نظام بشار الأسد، الشرع بحضور وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد حسن الشيباني، ومن الجانب التركي نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، والقائم بالأعمال التركي في دمشق، السفير برهان كور أوغلو.

وجاءت زيارة فيدان بعد الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات التركي، إبراهيم كالين، لدمشق، الذي كان أول مسؤول أجنبي يزورها ويجتمع مع إدارتها الجديدة، قبل أسبوعين تقريباً، وأعقب ذلك بيومين إعادة فتح السفارة التركية بعد 12 عاماً من إغلاقها، وهي أول سفارة أجنبية تفتح أبوابها بعد سقوط الأسد.

دعم تركي

وقالت مصادر دبلوماسية تركية لـ«الشرق الأوسط» إن مباحثات فيدان والشرع تناولت «هيكلة الإدارة الجديدة في سوريا، وخطوات المرحلة الانتقالية، ووضع دستور جديد للبلاد يعبر عن المرحلة الجديدة، ويتضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري في العملية السياسية».

جانب من لقاء الشرع وفيدان في دمشق (الخارجية التركية)

وأضافت المصادر أن فيدان أكد «دعم تركيا للإدارة السورية الجديدة في هذه المرحلة، واستعدادها لتقديم كل ما يلزم من أجل اجتيازها بنجاح، ودعم مرحلة إعادة الإعمار وتلبية احتياجات الشعب السوري».

وبحسب المصادر، تطرقت المباحثات أيضاً إلى «تهيئة الظروف لعودة طوعية آمنة وكريمة للاجئين السوريين، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في هذه المرحلة».

كما تم التطرق إلى «مكافحة التنظيمات الإرهابية» وتصدي الإدارة السورية الجديدة للمجموعات التي تعمل على تقسيم البلاد، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تخوض القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لأنقرة حرباً ضدها في شمال وشرق سوريا بالمناطق المحاذية لحدود تركيا الجنوبية.

وتوقفت وسائل إعلام تركية عند بعض النقاط اللافتة في اللقاء بين فيدان والشرع، منها وضع ظهور العلمين السوري والتركي خلال اللقاء بعدما كان يتم وضع العلم السوري فقط في اللقاءات السابقة للشرع مع الوفود الأجنبية.

كما لفتت إلى أن الشرع ظهر للمرة الأولى وهو يرتدي رابطة عنق (كرافتة) خلال لقائه فيدان. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن في طريق عودته من مصر، حيث شارك في قمة مجموعة الثماني في القاهرة، أن فيدان سيزور دمشق، وسيبحث مع إدارتها الجديدة هيكلة المرحلة المقبلة في سوريا.

تعاون مع «تحرير الشام»

وأكد فيدان، في تصريحات السبت، أن تركيا لم ترصد انخراط «هيئة تحرير الشام»، التي يقودها الشرع، في أي أنشطة إرهابية خلال السنوات الـ10 الأخيرة، مضيفاً: «هذا ليس تقييمنا فحسب، بل هذا ما خلُصت إليه أجهزة الاستخبارات الغربية أيضاً».

وعدّ فيدان الذي تولّى رئاسة المخابرات التركية لمدة 13 عاماً قبل توليه وزارة الخارجية، في يونيو (حزيران) 2023، في مقابلة مع قناة «فرانس 24»، أن «هيئة تحرير الشام» لعبت دوراً في «مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة)»، وقال إن «(تحرير الشام) أظهرت تعاوناً جيداً، خصوصاً في تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بمكافحة (داعش)، وأسهمت بشكل كبير في هذا الصدد».

ولفت إلى أن «تحرير الشام» تعاونت أيضاً مع تركيا حول أهداف معينة، مثل القضاء على زعيم «داعش» السابق، أبو بكر البغدادي، وأنهم لم يعلنوا عن ذلك من قبل؛ «نظراً لحساسية الأمر».

الشرع خلال استقباله فيدان بقصر الشعب في دمشق (إعلام تركي)

وعما إذا كانت تركيا ستتدخل عسكرياً ضد «الوحدات الكردية» في شمال شرقي سوريا، قال فيدان: «(وحدات حماية الشعب) منظمة إرهابية، تم إنشاؤها بشكل مصطنع من أشخاص من تركيا والعراق وسوريا وبعض دول أوروبا، ويجب حلها على الفور، هناك إدارة جديدة في سوريا الآن، ولم تعد روسيا وإيران ونظام الأسد يدعمون (وحدات حماية الشعب) و(حزب العمال الكردستاني)، وأعتقد أن عليهم التعامل مع هذا الأمر من خلال وحدة أراضي سوريا وسيادتها، لكن إذا لم يحدث ذلك؛ فبالطبع علينا حماية أمننا القومي»، وأضاف: «علينا أن نتوصل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة أيضاً حول هذا الأمر».

وزير الدفاع يتفقد الحدود

وبالتزامن مع زيارة فيدان لدمشق، تفقد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، مناطق الحدود مع سوريا، وعقد لقاء مع قادة الوحدات العسكرية التركية المتمركزة على الحدود.

وقال غولر إن تركيا تعتقد أن الإدارة الجديدة في سوريا، بما في ذلك «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، سيطردون مسلحي «وحدات حماية الشعب الكردية» من جميع الأراضي التي تحتلها في شمال شرقي سوريا.

وتدعم الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب»، التي تعدها تركيا ذراعاً في سوريا لحزب العمال الكردستاني المصنف لدى تركيا وحلفائها الغربيين منظمة إرهابية، بوصفها حليفاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.

وتخوض تركيا والفصائل السورية الموالية لها قتالاً ضد «الوحدات الكردية» في مناطق سيطرة «قسد»، منذ سقوط حكم بشار الأسد، وسيطرت على تل رفعت ومنبج، وتواصل القتال حول عين العرب كوباني والرقة مع استمرار الاستهدافات في الحسكة.

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية السورية الأحد (الدفاع التركية)

وقال غولر، الذي رافقه رئيس الأركان التركي وقادة القوات البرية والبحرية والجوية بالجيش التركي خلال زيارته لقيادة الجيش الثاني في غازي عنتاب: «نعتقد أن القيادة الجديدة في سوريا والجيش الوطني السوري، الذي يشكل جزءاً مهماً من جيشها، إلى جانب الشعب السوري، سيحررون جميع الأراضي التي احتلتها المنظمات الإرهابية».

وأضاف: «سنتخذ أيضاً كل الإجراءات اللازمة بالعزم نفسه حتى يتم القضاء على جميع العناصر الإرهابية خارج حدودنا».

وتابع: «الأزمة التي بدأت في سوريا عام 2011 إضافة إلى البيئة غير المستقرة اللاحقة، أعطت تنظيمات (حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، وداعش الإرهابي) الفرصة لكسب مساحة في سوريا، وهددت أمن حدودنا».

ولفت إلى أن تركيا دفعت ثمناً باهظاً قبل دخولها سوريا، ونفذت عمليات عبر الحدود، بدءاً بعملية «درع الفرات» عام 2016، لجعل التنظيمات الإرهابية تدفع الثمن ولضمان أمن حدودها وشعبها.

وقال إنه في هذا السياق، يعد الجيش التركي الجيش الوحيد سواء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو خارجه الذي يقاتل تنظيم «داعش» ميدانياً، وتحدث عن ثقته بأن «(الجيش الوطني السوري) سينقذ الأرض بأكملها».

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال اتصال بالفيديو مع الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود السورية (الدفاع التركية)

وأضاف غولر خلال لقاء عبر «الفيديو كونفرس» مع قادة الوحدات العسكرية المنتشرين على الحدود التركية - السورية من مقر القيادة العسكرية في كليس جنوب، أنه بعد الإطاحة بنظام الأسد الدموي في سوريا، بدأت حقبة جديدة الكلمة الحقيقية فيها للشعب السوري، ومن الآن فصاعداً، سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، كما فعلنا حتى الآن، وسنكون على تعاون وتنسيق وثيق مع الإدارة الجديدة لضمان سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وأمنها واستقرارها.

وأشار إلى أنه نتيجة للعملية التي بدأت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، في إشارة إلى عملية «فجر الحرية» للجيش الوطني السوري، تم تطهير تل رفعت في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومنبج في 9 ديسمبر من العناصر الإرهابية.

وتابع: «أود أن ألفت الانتباه إلى نقطة مهمة وهي أن ما يحدث في سوريا اليوم لا ينبغي النظر إليه فقط على أنه (تطورات الشهر الماضي)، فتصرفات النظام، الذي اضطهد شعبه لسنوات، والجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب سوريا الحقيقيون، الذين قالوا للنظام (توقف الآن)، جلبت أياماً جيدة».

تركيا وفصائل الجيش الوطني تواصلان القصف على محاور منبج وعين العرب (المرصد السوري)

وذكر أن «النجاح الذي تحقق هو أيضاً نتيجة للكفاح البطولي لقواتنا المسلحة التركية، وخصوصاً شهدائنا وقدامى المحاربين، الذي بدأ في أغسطس (آب) 2016 في عملية (درع الفرات) في حلب شمال غربي سوريا، لحماية وطننا من وراء الحدود، وتضامن وتضحيات شعبنا النبيل».

وعد غولر أنه ينبغي على جميع الأطراف الفاعلة في الميدان أن تأخذ بعين الاعتبار «التضحيات التي قدمتها تركيا والمبادرات التي قامت بها في الخطوات التي يجب اتخاذها في المستقبل؛ ومن أجل التوصل إلى حل عادل ودائم ومستدام، يجب احترام حساسيات تركيا التي ستواصل القيام بدورها لتحقيق الاستقرار في سوريا وضمان العودة الكريمة لملايين اللاجئين الذين استقبلتهم من سوريا».

هجمات ضد «قسد»

في الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 6 من عناصر الوحدات الكردية في عملية نفذتها القوات التركية في منطقة «نبع السلام» ضد عناصر كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم في المنطقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن منطقة «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، بالمدفعية الثقيلة، محطة للوقود ومدرسة في بلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، ما أدى إلى تدميرهما، كما استهدفت مناطق في ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.

ويشهد محور جسر قرة قوزاق بريف حلب الشرقي، اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني» وقوات «قسد»، بالأسلحة الثقيلة، مع قصف مدفعي عنيف استهدف أطراف الجسر الاستراتيجي الذي يربط ضفتي نهر الفرات غرباً وشرقاً، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تقدم الفصائل، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.