«الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» تشيّع قياديتين قُتلتا بمسيّرات تركية

مسؤول كردي بارز: جاهزون للحوار مع جميع الأطراف بما فيها دمشق

وقفة أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في  القامشلي احتجاجاً على الهجمات التركية المتصاعدة (الشرق الأوسط)
وقفة أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في القامشلي احتجاجاً على الهجمات التركية المتصاعدة (الشرق الأوسط)
TT

«الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» تشيّع قياديتين قُتلتا بمسيّرات تركية

وقفة أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في  القامشلي احتجاجاً على الهجمات التركية المتصاعدة (الشرق الأوسط)
وقفة أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في القامشلي احتجاجاً على الهجمات التركية المتصاعدة (الشرق الأوسط)

شيّعَ الآلاف من أبناء مناطق «الإدارة الذاتية» لشمال شرقي سوريا في بلدة عامودا، محافظة الحسكة (شمال شرق)، اثنتين من قياداتها قضتا بقصف طائرة تركيّة مسّيرة (درون)، (الثلاثاء)، راحت ضحيتها رئيسة «مقاطعة قامشلو» يسرى درويش، ونائبة الرئاسة ليمان شويش، وسائق عربتهما فرات توما، إلى جانب إصابة رئيس مجلس المقاطعة كابي شمعون بجروح بليغة.

رفع صورة رئيسة «مقاطعة قامشلو» يسرى درويش

واتهمت الإدارة في بيان نُشر على موقعها الرسمي، تركيا، بالقيام بهجوم وصفته بـ«الغادر والعدوان الغاشم»، وبارتكابها أفظع الجرائم ضد مناطق (الإدارة الذاتية) التي ترتقي في معظمها إلى مصاف «جرائم الحرب وجرائم ضدّ الإنسانية».

في الأثناء، قال مسؤول كردي بارز إن الإدارة الذاتية على أتمّ استعداد للدخول في حوارات مباشرة مع الحكومة السورية، وإنها جاهزة للحوار مع جميع الأطراف بما فيها دمشق لتحقيق الأمن والاستقرار، وجدد دعوة روسيا لأن تلعب دوراً ضامناً في هذا المسار السوري.

أهالي إحدى الفقيدتين في جنازة حضرها حشد من الأهالي

وخلال مراسم تشييع القياديتين التي جرت في بلدة عامودا أقصى شمالي سوريا، رفع المشاركون لافتات ورايات كُتبت بلغات عربية وكردية وإنجليزية، ندّدت بالهجمات التركية التي تصاعدت خلال الشهر الحالي ضد مناطق نفوذ الإدارة وقواتها العسكرية «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهتفوا بعبارات مناهضة للحكومة التركية ورئيسها رجب طيب إردوغان، كما طالبوا قوات التحالف الدولي والولايات المتحدة وروسيا وكل الدول الفاعلة في الحرب السورية، بإيقاف الهجمات وكبحها ومحاسبة تركيا.

تفاهمات آستانة

وحذرت الإدارة الذاتية من وجود تفاهمات وسياسات مشتركة بين مجموعة دول مسار «آستانة»، (روسيا وتركيا وإيران وسوريا)، التي ختمت أعمال اجتماعها الأخير في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان، وجاء في بيان الإدارة: «تستمر تركيا في سياساتها العدوانية تجاه شعوب المنطقة، كما ستستمر في سياسات الإبادة والحرب بجميع أشكالها لزعزعة الاستقرار في المنطقة، متذرعةً بحجج كاذبة ومنافية للحقيقة».

ويعد الهجوم التركي الأخير بالطائرة المسيّرة هو الـ11 منذ بداية شهر مايو (أيار) الماضي، والـ26 منذ بداية العام الجاري 2023، وأدت تلك الهجمات إلى مقتل العشرات من مقاتلي قوات «قسد»، حيث قصفت القوات التركية خلال هذه الفترة 34 موقعاً شمال شرقي سوريا، بأكثر من 90 ضربة من بينها 13 هجوماً نفّذتها بطائرات مسيّرة (دورن).

هذا ونظم 30 حزباً وتياراً سياسياً من العرب والأكراد والمسيحيين السريان من مكونات أبناء المنطقة، (الأربعاء)، وقفة احتجاجية أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في مدينة القامشلي، وسلم ممثلي الأحزاب، كرسالة احتجاجية للقائمين على المكتب تضمنت إدانة الهجمات التركية المتصاعدة، وانتقاد الصمت الدولي، وتغاضي الأطراف الدولية عن هذه الهجمات.

وقالت الأحزاب في رسالتها الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والتي حصلت جريدة «الشرق الأوسط» على نصها: إن هذه الهجمات «تهدف لزعزعة وحدة سوريا وضرب سيادتها وإفراغ مختلف المبادرات الوطنية الداعية للحل السياسي، خصوصاً أن هذه الجريمة أتت بالتزامن مع الاجتماع العشرين الخاص بالأزمة السورية الذي انعقد في آستانة».

الزهور تحيط بجثمان نائبة رئيسة قامشلو ليمان شويش (الشرق الأوسط)

ونعى «حزب الاتحاد الديمقراطي» عبرَ بيان على موقعه الرسمي، وفاة اثنتين من أبرز قياديات الإدارة الذاتية بالهجوم التركي، وقال: «بشكل سافر وفاضح مرة أخرى تستهدف الدولة التركية بمسيّراتها التي استباحت سماء البلد قياديات الإدارة، ليستمر نزيف الدم السوري».

ويعد الحزب إحدى الجهات السياسية البارزة التي تدير مؤسسات الإدارة وهياكلها المدنية شمال شرقي سوريا.

وربط البيان بين إعلان الإدارة عن البدء بمحاكمة قيادات وعناصر تنظيم «داعش» الأجانب المحتجزين في سجونها؛ والقصف التركي الجوي الأخير، «وهو ما لا يروق لتركيا راعية الإرهاب المتمثلة بحكومة (العدالة والتنمية) كي لا تظهر الحقائق»، حسب البيان.

في سياق آخر، أكد بدران جيا كرد، رئيس دائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة، في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط»، الخميس، عن استعداد الإدارة التام للحوار مع أي طرف سوري بما يخدم مصلحة البلاد، وقال: «كنا وما زلنا جاهزون للحوار مع جميع الأطراف بما فيها حكومة دمشق لتحقيق الحل والاستقرار».

انتقاد لتصريح روسي

وتعليقاً على تصريحات ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، الثلاثاء الفائت، بأن الولايات المتحدة ليست مهتمة بحل القضية الكردية وتمنع حلفاءها من الأكراد من التفاوض مع دمشق، فنّد المسؤول الكردي بالإدارة جيا كرد، تصريحات الروس، وقال إنها لا تمثل واقع الحال خصوصاً أنها تزامنت مع عقد اجتماع «آستانة»، وأنها «أثارت الريبة لدينا كونها تأتي في سياق إرضاء الأطراف الأخرى، وخلقت انطباعاً معادياً للإدارة الذاتية».

وشدّد جيا كرد على أن الإدارة الذاتية تتمتع بكامل الاستقلالية في قرارها الوطني السوري: «لسنا رهن قرار أحد، ونرفض زجّنا في ملفات وقضايا خلافية وصراعات بين قوى دولية وإقليمية تأتي في سياق شرعنة الهجمات التركية المتصاعدة على مناطقنا».

في ختام حديثه طالب المسؤول الكردي روسيا بأن تلعب دوراً إيجابياً فعالاً في موضوع الحوار مع دمشق.


مقالات ذات صلة

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

بعد إصدار المحكمة الدولية مذكرة توقيف بحقه... هل يستطيع نتنياهو السفر إلى أوروبا؟

وفق موقع «واي نت»، أي رحلة يقوم بها رئيس الوزراء إلى إحدى الدول الأعضاء في الاتفاقية قد تعرِّضه لخطر الاعتقال والتسليم لمحكمة العدل الدولية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا بوتين شولتس (أ.ف.ب)

بوتين المتقدم في أوكرانيا يتطلع لملامح اتفاق سلام برعاية ترمب

مصادر روسية مطلعة تنقل عن بوتين أنه يوافق أولاً على تجميد الصراع على الخطوط الأمامية لكنه يستبعد أي تنازلات تتعلق بالأراضي ويتمسك بتخلي كييف عن عضوية الناتو.

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
يوميات الشرق المايسترو لبنان بعلبكي حمل وطنه في فنّه ونغماته (فيسبوك)

المايسترو لبنان بعلبكي: تفخيخ منزل عائلتي في الجنوب قهرٌ ثقافي

يعيد لبنان بعلبكي سرد الحكاية لرفض طمسها كما فُعل بمنازل الجنوب المشتعل باللهب. وما يُدعِّم الرغبة في إخبار القصة أنه يرى بمنزل والده أبعد من جَمعةٍ عائلية.

فاطمة عبد الله (بيروت)

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

TT

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأوضحت الوزارة في بيان أن 35 شخصاً قُتلوا، وأصيب 94 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وأكدت الوزارة أن هناك عدداً من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وأصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة للسكان في مناطق بأحد الأحياء الواقعة في شرق مدينة غزة؛ ما أدى إلى موجة نزوح جديدة، الأحد، في الوقت الذي أعلن فيه مسعفون فلسطينيون إصابة مدير مستشفى في غزة خلال هجوم بطائرة مسيَّرة إسرائيلية.

وفي منشور على منصة «إكس»، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة في حي الشجاعية، وعزا ذلك إلى القذائف الصاروخية التي يطلقها مسلحون فلسطينيون من تلك المنطقة الواقعة في شمال قطاع غزة. وأضاف المتحدث: «من أجل أمنكم، عليكم إخلاؤها فوراً جنوباً».

وأعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، السبت، وقالت إن الهجوم استهدف قاعدة للجيش الإسرائيلي على الحدود، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

أحدث موجة نزوح

أظهرت لقطات مصورة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام فلسطينية سكاناً يغادرون حي الشجاعية على عربات تجرها حمير وعربات أخرى صغيرة، بينما كان آخرون يسيرون على الأقدام من بينهم أطفال.

وقال سكان ووسائل إعلام فلسطينية إن العائلات التي تعيش في المناطق المستهدفة بدأت في الفرار من منازلها منذ حلول الظلام، السبت، وحتى الساعات الأولى من صباح الأحد، وهي أحدث موجة نزوح منذ بدء الحرب قبل 13 شهراً.

وفي وسط قطاع غزة، قال مسؤولون في قطاع الصحة إن 10 فلسطينيين على الأقل قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية على مخيمي المغازي والبريج منذ الليلة الماضية.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية بمقتل وإصابة عدد من الفلسطينيين، ظهر الأحد، في قصف إسرائيلي لمخيمي جباليا والنصيرات، في شمال ووسط قطاع غزة.

إصابة مدير مستشفى

في شمال غزة، حيث تعمل القوات الإسرائيلية منذ أوائل الشهر الماضي ضد مسلحي «حماس» الذين يحاولون إعادة تنظيم صفوفهم، قال مسؤولون بوزارة الصحة إن طائرة مسيرة إسرائيلية أسقطت قنابل على «مستشفى كمال عدوان»؛ ما أدى إلى إصابة مدير المستشفى حسام أبو صفية.

وقال أبو صفية في بيان مصور وزعته وزارة الصحة، الأحد: «لكن والله هذا شيء لن يوقفنا عن إكمال مسيرتنا الإنسانية، وسنبقى نقدم هذه الخدمة مهما كلفنا».

وأضاف من سريره في المستشفى: «(بيستهدفوا) الكل لكن والله هذا شيء لن يوقفنا... أنا أصبت وأنا في مكان عملي نحن نُضرب يومياً استهدفونا قبل هيك استهدفوا مكتبي وأمس 12 إصابة لأطبائنا العاملين وقبل قليل استهدفوني، ولكن هذا لن يثنينا سنبقى نقدم الخدمة».

وتقول القوات الإسرائيلية إن المسلحين يستخدمون المباني المدنية ومنها المباني السكنية والمستشفيات والمدارس غطاءً لعملياتهم. وتنفي «حماس» ذلك، وتتهم القوات الإسرائيلية باستهداف المناطق المأهولة بالسكان بشكل عشوائي.

نسف مئات المنازل

و«كمال عدوان» هو أحد المستشفيات الثلاثة في شمال غزة التي لا تزال بالكاد تعمل؛ إذ قالت وزارة الصحة إن القوات الإسرائيلية احتجزت وطردت الطاقم الطبي، ومنعت الإمدادات الطبية الطارئة والغذاء والوقود من الوصول إليهم.

وقالت إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية إنها سهلت توصيل الإمدادات الطبية والوقود ونقل المرضى من مستشفيات شمال غزة بالتعاون مع وكالات دولية مثل منظمة الصحة العالمية.

وقال سكان في 3 بلدات محاصرة في شمال غزة، جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية نسفت مئات المنازل منذ تجدد العمليات في منطقة قالت إسرائيل قبل أشهر إنها جرى تطهيرها من المسلحين.

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تبدو عازمة على إخلاء المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود الشمالية لغزة، وهو اتهام تنفيه إسرائيل.