الأونروا تواجه خطر «الانهيار الداخلي» لعدم كفاية التبرعات

جمعت 107 ملايين دولار في مؤتمر المانحين

المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مساعدة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني (أ.ب)
المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مساعدة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني (أ.ب)
TT

الأونروا تواجه خطر «الانهيار الداخلي» لعدم كفاية التبرعات

المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مساعدة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني (أ.ب)
المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مساعدة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني (أ.ب)

جمعت وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن مساعدة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ما يزيد قليلا عن 100 مليون دولار أمس (الجمعة) في مؤتمر للمانحين، وهو مبلغ «غير كاف» لمواصلة مهماتها اعتبارا من سبتمبر (أيلول).

كانت الوكالة التي جمعت 1.2 مليار دولار السنة الماضية، قد أطلقت في يناير (كانون الثاني) نداء للحصول على 4.6 مليار دولار لعام 2023، معظمها (848 مليون دولار) لتمويل خدمات أساسية مثل المراكز الصحية والمدارس السبعمائة التي تديرها، فيما يخصص المبلغ الباقي لعمليات الطوارئ في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.

لكن الأونروا التي تمول بالكامل تقريبا من التبرعات باتت «على وشك الانهيار المالي» حسبما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح المؤتمر صباح أمس (الجمعة)، في خطاب ألقاه أحد ممثليه.

وأسف لوجود «ركود» مالي في حين أن «الاحتياجات تتزايد»، مضيفا أن «بعضا من أكبر المانحين وأكثرهم موثوقية قالوا للأونروا مؤخرا إنهم قد يخفضون مساهماتهم».

وأعلنت الأونروا في بيان أن المؤتمر أتاح جمع 107.2 ملايين دولار من التبرعات الجديدة، ليصل الإجمالي إلى 812.3 مليونا، مؤكدة أن هذا «غير كاف لتغطية الاحتياجات المالية اعتبارا من سبتمبر».

وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني «رغم امتناننا للوعود المعلنة، فإنها أقل مما تحتاجه الوكالة للإبقاء اعتبارا من سبتمبر على مدارس الأونروا السبعمائة والمائة والأربعين عيادة قيد التشغيل»، متحدثا عن خطر حدوث «انهيار داخلي» للوكالة. وأشار إلى مشاكل مزمنة في الموازنة، داعيا إلى «حلول طويلة الأجل» لتمويل الوكالة.

وكان لازاريني قال في مؤتمر صحافي الخميس إن «الأزمة حقيقية وهي تتعمق، وقدرتنا على إدارتها بالإمكانات الموجودة تقترب من نهايتها، ببطء ولكن بشكل أكيد»، مقارنا الوكالة بسفينة تغرق.

والأونروا التي تأسست عام 1949 تضم 5.9 ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين. وإضافة إلى المدارس والعيادات، تقدم الوكالة أيضا مساعدات غذائية لأكثر من 1.7 مليون فلسطيني معظمهم في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

بسبب نقص التمويل... «الأغذية العالمي» يحذر من خفض الدعم في السودان

شمال افريقيا امرأة سودانية نازحة تجلس إلى جانب أطفال في بلدة شمال دارفور (رويترز)

بسبب نقص التمويل... «الأغذية العالمي» يحذر من خفض الدعم في السودان

حذر برنامج الأغذية العالمي، اليوم الجمعة، من أنه يواجه نقصاً في التمويل قد يؤثر على قدرته على تقديم الدعم لمن يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
المشرق العربي جندي إسرائيلي داخل آلية عسكرية بقطاع غزة وتظهر أمامه دبابة (الجيش الإسرائيلي)

تحقيق للجيش الإسرائيلي يؤكد قتله موظفاً أممياً في غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي أن النتائج الأولية لتحقيقٍ أجراه بشأن مصرع موظف بالأمم المتحدة في وسط قطاع غزة، الشهر الماضي، خلصت إلى مقتله بنيران إحدى دباباته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي موظفون خلف أكوام من الأوراق النقدية المحلية أثناء خدمتهم للعملاء في محل صرافة بدمشق في 16 أبريل (أ.ف.ب)

وفد سوري يغادر إلى واشنطن لحضور اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي

غادر وفد سوري مكون من وزير المالية السوري وحاكم مصرف سوريا المركزي إلى الولايات المتحدة، الأحد، للمشاركة في اجتماعي صندوق النقد والبنك الدولي.

«الشرق الأوسط» (لندن - دمشق )
المشرق العربي فلسطينيون ينتظرون أمام نقطة توزيع طعام مجانية لتلقِّي حصتهم من وجبة ساخنة في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«الأغذية العالمي» يحث جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لاحتياجات المدنيين في غزة

حث برنامج الأغذية العالمي جميع الأطراف على إعطاء الأولوية للمدنيين وحماية العاملين بالمجال الإنساني في قطاع غزة، مع تفاقم المعاناة الإنسانية بسبب الحرب.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي لقطة من فيديو تظهر اشتعال النيران في خزان نفط بميناء رأس عيسى باليمن من جراء ضربات جوية أميركية (أ.ب) play-circle

الأمين العام للأمم المتحدة «قلق للغاية» من الضربات الأميركية على اليمن

قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ الأمين العام «قلق للغاية» إزاء الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة في اليمن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

لماذا توترت العلاقات بين البابا فرنسيس وإسرائيل؟

البابا فرنسيس خلال لقاء جمعه بالرئيسين الفلسطيني محمود عباس والإسرائيلي حينها شمعون بيريز عام 2014 (رويترز - أرشيفية)
البابا فرنسيس خلال لقاء جمعه بالرئيسين الفلسطيني محمود عباس والإسرائيلي حينها شمعون بيريز عام 2014 (رويترز - أرشيفية)
TT

لماذا توترت العلاقات بين البابا فرنسيس وإسرائيل؟

البابا فرنسيس خلال لقاء جمعه بالرئيسين الفلسطيني محمود عباس والإسرائيلي حينها شمعون بيريز عام 2014 (رويترز - أرشيفية)
البابا فرنسيس خلال لقاء جمعه بالرئيسين الفلسطيني محمود عباس والإسرائيلي حينها شمعون بيريز عام 2014 (رويترز - أرشيفية)

أعربت الحكومة الإسرائيلية، الخميس، عن تعازيها في وفاة بابا الفاتيكان الراحل فرنسيس، بعد ثلاثة أيام من رحيله عن عمر يناهز 88 عاماً.

وجاء في منشور صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: «تعبر دولة إسرائيل عن خالص تعازيها للكنيسة الكاثوليكية والكاثوليك في جميع أنحاء العالم في وفاة البابا فرنسيس، رحمه الله».

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد نشرت بعد ساعات من إعلان وفاة البابا فرنسيس، تعزية على منصة «إكس»: «ارقد بسلام، البابا فرنسيس. رحم الله ذكراه»، وبعد ساعات حُذفت التعزية دون إبداء أي تفسير.

علما الفاتيكان وإسرائيل خلال إقامة البابا فرنسيس صلاة الملائكة في الساحة الرئيسية بالكرسي الرسولي الخميس (رويترز)

وقالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إنه في ظل حزن عالمي شديد على وفاة البابا فرنسيس، بدا قرار حذف المنشور وكأنه يعكس التوترات التي برزت بين إسرائيل والفاتيكان بسبب انتقادات البابا المتكررة لسلوك إسرائيل خلال حرب غزة.

وأضافت أن نتنياهو عادةً ما يُسارع إلى إصدار بيانات حول وفاة الشخصيات الدولية البارزة لكنه التزم الصمت لأيام حيال وفاة البابا، فيما جاءت التعازي من الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، الذي يتولى منصباً شرفياً إلى حد كبير، والذي أشاد بالبابا فرنسيس لكونه «رجل إيمان عميق ورحمة لا حدود لها».

وتحسنت العلاقات بين إسرائيل وبابا الفاتيكان الراحل بشكل مطرد وبرز ذلك جلياً من خلال زيارته للأراضي المقدسة عام 2014 لكن كل شيء تغير بعد اندلاع حرب غزة بهجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومع تعبيره عن تعاطفه مع القتلي والرهائن الإسرائيليين، أشار البابا فرنسيس إلى أن هجمات إسرائيل اللاحقة على غزة ولبنان كانت «غير أخلاقية وغير متناسبة»، كما دعا إلى إجراء تحقيق لتحديد ما إذا كانت هجمات إسرائيل على غزة تُشكل إبادة جماعية، وهي تهمة تنفيها إسرائيل بينما تستمر التحقيقات بواسطة الأمم المتحدة.

البابا فرنسيس يجتمع بوفد الفلسطينيين في الفاتيكان الذين لديهم أقارب معتقلون لدى إسرائيل (رويترز)

وقال وديع أبو نصار، رئيس مجموعة تمثل المسيحيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية: «أدان البابا فرنسيس ما حدث في 7 أكتوبر، لكنه كان واضحاً أيضاً في أن ما حدث يوم 7 أكتوبر لا يبرر ما يحدث منذ ذلك الحين».

وأضاف أبو نصار أن البابا فرنسيس «كان بمثابة صديق يقول الحقيقة، حتى لو لم يكن ذلك ما تريد سماعه بالضبط».

وطوال الحرب، حافظ البابا فرنسيس على توازن دقيق بين علاقاته الوثيقة بإسرائيل وإدانة الخسائر الفادحة في غزة، وفقاً لأمنون رامون، الخبير في المسيحية بإسرائيل والباحث البارز في معهد القدس لأبحاث السياسات.

وكان البابا فرنسيس قريباً بشكل استثنائي من كاهن الرعية المحلي في غزة، وهو، مثل البابا السابق، من الأرجنتين.

تاريخ من التوتر

ولطالما كانت علاقة إسرائيل بالفاتيكان هشة تاريخياً، وينبع هذا من الغضب إزاء ما يُنظر إليه على أنه تقاعس من جانب الفاتيكان خلال الحرب العالمية الثانية، حيث يجادل النقاد بأن البابا بيوس الثاني عشر التزم الصمت خلال الهولوكوست على الرغم من علمه المحتمل بالخطة النازية لإبادة اليهود، ويصر المؤيدون على أنه استخدم الدبلوماسية الهادئة لإنقاذ أرواح اليهود.

وأطلق الكرسي الرسولي رسمياً علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 1993.

ويشكل المسيحيون أقل من 2 في المائة من سكان الأرض المقدسة. ويوجد نحو 182 ألفاً في إسرائيل، و50 ألفاً في الضفة الغربية، و1300 في غزة، وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية.

وفي بداية تولي البابا فرنسيس منصبه تحسنت العلاقة مع إسرائيل بشكل ملحوظ، وزار البابا فرنسيس الأراضي المقدسة عام 2014 في أولى زياراته الدولية، حيث التقى نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي. كما زار الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز الفاتيكان مرات عدة، بما في ذلك زيارته إلى فلسطين مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لغرس شجرة سلام في حدائق الفاتيكان.

إلا أن تحول الحكومة الإسرائيلية نحو اليمين، والحرب الدائرة في غزة، أدى إلى توتر العلاقات وأعرب البابا عن قلقه بشأن الرهائن المحتجزين في غزة.

وقال القس ديفيد نيوهاوس، وهو كاهن شغل منصب المتحدث الرسمي خلال زيارة البابا عام 2014: «عبّر البابا فرنسيس عن قلقه لأول مرة في 8 أكتوبر، في اليوم التالي لبدء الحرب، وواصل النهج نفسه حتى نهاية حياته: الحرب هزيمة، لا نصر للحرب».

البابا فرنسيس خلال لقائه الوفد الإسرائيلي الذين لديهم أقارب محتجزون لدى «حماس» (أ.ف.ب)

وأضاف: «أعرب البابا فرنسيس عن قلقه البالغ بشأن الرهائن، لكنه قال إن العنف يجب أن يتوقف، وإن إسرائيل تستخدم القوة لتحقيق أمر لا يمكن تحقيقه بالقوة».

والتقى البابا فرنسيس بعائلات الرهائن المحتجزين في غزة والفلسطينيين المتضررين من الحرب.

وفي مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» في أبريل (نيسان) 2023، قال بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، إن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة قد زادت من تدهور حياة المسيحيين في مهد المسيحية، وأشار إلى تزايد الهجمات على المواقع المسيحية والحجاج ورجال الدين.

على الرغم من أن قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيحضرون جنازة البابا فرانسيس، فإن إسرائيل سترسل سفيرها لدى الفاتيكان فقط، وهو دبلوماسي بمستوى أدنى.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، أورين مارمورشتاين، إن هذا يرجع جزئياً إلى تضارب المواعيد، وجنازة يوم السبت، السبت اليهودي، الذي يُلزم السياسيين الإسرائيليين بالبقاء على بُعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من الجنازة، وذكر أن القرار لا يُشير إلى أي توتر مع الفاتيكان.

وقال مارمورشتاين: «ستُمثل إسرائيل رسمياً في الجنازة من خلال سفيرنا هناك». وأضاف: «كانت هناك أمور لم نتفق عليها، لكننا سنشارك في الجنازة».

وقال أبو نصار: «كان البابا فرنسيس من أفضل أصدقاء إسرائيل، لكن القيادة الإسرائيلية لم تفهمه جيداً»، وأضاف أبو نصار، وهو كاثوليكي من مدينة حيفا شمال إسرائيل: «كان الرجل زعيم أهم كنيسة في العالم. كان الرجل رئيس دولة وله أتباع من بين دافعي الضرائب الإسرائيليين يستحق الرجل بعض الاحترام».