مربو «غنم العواس» المرغوبة في الجوار يطالبون بالسماح بتصديرها

بالتزامن مع التقارب مع دمشق واقتراب موسم الحج والأضحى

مربو الثروة الحيوانية في حماة (سانا)
مربو الثروة الحيوانية في حماة (سانا)
TT

مربو «غنم العواس» المرغوبة في الجوار يطالبون بالسماح بتصديرها

مربو الثروة الحيوانية في حماة (سانا)
مربو الثروة الحيوانية في حماة (سانا)

مع اقتراب موسم الحج وعيد الأضحى بالتزامن مع موسم إنتاج لحوم الأغنام، يأمل السوريون في انخفاض أسعار اللحوم، التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، فيما تطالب جهات زراعية رسمية، بالاستفادة من «الأجواء العربية الإيجابية» والتقارب مع دمشق، لتصدير لحوم غنم العواس السورية المرغوبة في الجوار، التي تستنزف عائداتها عمليات التهريب.

وقد وصل سعر كيلو لحم الغنم العواس، الذي تشتهر بإنتاجه سوريا، في السوق المحلية، إلى أكثر من 85 ألف ليرة، أي نحو 10$، في مدينة حماة، التي تعد مصدراً أساسياً للحوم الأغنام في سوريا.

وفي العاصمة دمشق تجاوز سعر الكيلو 120 ألف ليرة سورية، في حين يبلغ ثمنه في دول الخليج، الضعف، مما يسهم في ازدياد عمليات تهريب الأغنام، في ظل سريان قرار منع تصدير الغنم العواس، الذي تفرضه الحكومة سنوياً في موسم الولادات خلال فصل الربيع، حفاظاً لوقف تدهور قطاع الإنتاج الحيواني.

توزيع رؤوس غنم على النساء المعيلات لأسرهن بريف دير الزور الشرقي 2020 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (سانا)

وبحسب مصادر اقتصادية، تشهد الحدود السورية تهريب عشرين ألف رأس غنم يومياً، معظمها من المناطق الشرقية الخارجة عن سيطرة دمشق. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن فارق الأسعار بين سوريا ودول الخليج العربي بنسبة 100في المائة تساهم في ارتفاع معدلات التهريب، التي تزداد طردياً مع ازدياد صعوبات التصدير من حيث الرسوم وأجور النقل و التعقيدات الإدارية، التي ترهق كاهل المصدر، وبالتالي تحرم خزينة الدولة من عائدات تصدير الأغنام بالقطع الأجنبي.

يشار إلى أن عائدات سوريا من صادرات الأغنام نهاية عقد التسعينيات، بلغت ٢٦٥ مليون دولار، ومن محافظة حماة وحدها تم تصدير أكثر من ١٥٠ ألف رأس. وقدرت ثروة سوريا من الأغنام في حينها بـ20 مليون رأس غنم، تراجعت خلال الحرب إلى أقل من 15 مليون رأس، لتعود وترتفع في السنوات الأخيرة إلى نحو 16 مليون رأس. حسب تقديرات وزارة الزراعة السورية.

ولفتت المصادر إلى أن سياسات الحكومة في هذا الخصوص «ما تزال مرتبكة»، في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع الزراعي إلى تسهيلات استثنائية لتعويض الخسائر التي تكبدها خلال الحرب، لا سيما خسائر الثروة الحيوانية التي قدرتها منظمة الفاو بين 30 إلى 50 في المائة.

وقالت المصادر، إن أسباب تراجع الثروة الحيوانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، كثيرة، أبرزها، التهريب والذبح العشوائي، وارتفاع تكاليف تربية المواشي، وأسعار الأعلاف والمواد البيطرية المستوردة وصعوبات تأمينها، لا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، إذ يشكل إنتاج هاتين الدولتين 30 في المائة من احتياج السوق العالمية للأعلاف. بالإضافة لتزامن ذلك مع جفاف ضرب معظم المناطق الشرقية، جرَّاء شح الأمطار وتراجع منسوب المياه في نهر الفرات إلى مستويات مخيفة، بسبب إقامة تركيا مشاريع مياه جديدة وحجز تدفق مياه الفرات باتجاه الأراضي السورية.

وشهد العام الماضي، عدة حوادث لمربي مواشي، قاموا بالتخلص من قسم من قطعانهم، إما بإطلاق النار عليها أو بيعها بأقل من قيمتها، بسبب عجزهم عن تأمين الأعلاف والرعاية البيطرية، حيث تبلغ التكلفة اليومية لتربية 500 رأس غنم، أكثر من مليون ليرة.

صورة نشرتها مواقع لأغنام سوريا

ومع ازدياد عمليات تهريب الأغنام للموسم الحالي، طالب اتحاد غرف الزراعة السورية، بالسماح بتصدير ذكور الماعز والأغنام، بما لا يؤثر في حاجة السوق المحلية. وقال رئيس لجنة مربي ومصدري الأغنام في اتحاد غرف الزراعة، معتز السواح، في تصريحات أخيرة للإعلام المحلي، إنه «يمكن تصدير 200 ألف رأس من دون أن تتأثر السوق المحلية، وتحقيق عائدات جيدة من القطع الأجنبي وتأمين دخل جيد للمربي يسهم في تحسين قدرته على الاستمرار في التربية». ولفت السواح إلى أن لدى المديرية العامة للجمارك، نحو سبع قضايا تهريب، يومية، تصل غراماتها إلى أكثر من 200 مليون ليرة. علماً أن الغرامة تعادل خمسة أمثال قيمة الأغنام التي تم ضبطها.

وتأمل الحكومة السورية، في أن تسهم الأجواء الإيجابية العربية في تسهيل تصدير الأغنام إلى دول الخليج مع اقتراب عيد الأضحى، الذي يرتفع فيه الطلب على غنم العواس السورية، بعد فشل كافة المحاولات الحكومية، العام الماضي، بتصدير نحو 200 ألف رأس غنم إلى دول الخليج عبر الأراضي الأردنية. وينشط تهريب أغنام العواس السورية إلى دول الجوار العربي، مثل، العراق والأردن، ومنها إلى دول الخليج، تلبية لطلب الأسواق الخليجية على هذا النوع من اللحوم ذات الطعم المميز.

وبحسب الحكومة السورية، فإن المناطق الشرقية الخارجة عن سيطرتها، (جزء كبير تحت سيطرة الأكراد والميليشيات الإيرانية)، هي الأنشط في تهريب أغنام العواس.


مقالات ذات صلة

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

الخليج الأمير سعود بن مشعل أكد ضرورة تكثيف التنسيق بين كافة القطاعات لتهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

السعودية تعلن بدء التخطيط الزمني لموسم الحج المقبل

نحو تهيئة كافة السبل لتطوير الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها وتحسين المرافق التي تحتضن هذه الشعيرة العظيمة، أعلنت السعودية عن بدء التخطيط الزمني لحج 1446هـ.

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
TT

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)

في تسجيل مصور مدته نحو دقيقة، يروي شاب يمني أنه تم التغرير به وبزملائه الذين يظهرون معه في الفيديو، للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات أمنية خاصة، ليجدوا أنفسهم في جبهات الحرب الروسية مع أوكرانيا.

وأبدى الشاب الذي غطى وجهه، وزملاؤه رغبتهم في العودة إلى اليمن، ورفضهم أن يقتلوا كما قُتِل زملاؤهم.

وتكشّف، أخيراً، كثير من التفاصيل حول تجنيد القوات المسلحة الروسية لمئات الرجال اليمنيين للقتال في أوكرانيا، من خلال عملية تهريب غامضة، تبين وجود كثير من أوجه التعاون المتنامية بين موسكو والجماعة الحوثية في اليمن.

كما كشفت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية في تقرير لها، الأحد الماضي، عن تفاصيل تحويل مئات الرجال اليمنيين إلى مقاتلين في صفوف الجيش الروسي، من خلال «عملية تهريب غامضة».

وفي هذه التسجيلات تتكشف جوانب من تفاصيل ما تمارسه مجموعة من المهربين الحوثيين الذين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لليمنيين لتنفيذ حملة تجنيد للمئات منهم، وإرسالهم للقتال إلى جانب القوات الروسية، وتعمل هذه المجموعة من داخل اليمن ومن دول عربية أخرى، بالتعاون مع آخرين داخل الأراضي الروسية.

وتسهل الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية في اليمن قبل نحو عشرة أعوام، تجنيدَ كثير من الشباب اليمنيين الذين نزحوا خارج البلاد وفشلوا في البحث عن فرص عمل أو الوصول إلى دول أوروبا، سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية لتقديم طلبات لجوء.

وتمكن السماسرة من تجنيد المئات من هؤلاء وإرسالهم للقتال في روسيا، وفق ما أكدته مصادر مقربة من عائلاتهم وأخرى في الحكومة اليمنية.

وفي مقطع مصور آخر، يظهر مجموعة من الشبان اليمنيين، ويذكر أحدهم أنهم كانوا يعملون في سلطنة عمان، وأن شركة للمعدات الطبية تابعة للقيادي الحوثي عبد الولي الجابري أغرتهم بالحصول على عمل لدى شركة روسية في المجال الأمني وبرواتب مجزية.

مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

ويضيف: «غرورا بنا بأنهم سيدفعون رواتب شهرية تعادل 2500 دولار لكل فرد، وعند وصولنا إلى المطار في روسيا، استقبلنا مندوبون عن وزارة الدفاع الروسية، وأبلغونا أنه سيتم توظيفنا حراسَ أمن في منشآت».

وبعد يومين من وصولهم، تم إرسالهم إلى معسكرات للتدريب، حيث يجري إعدادهم للقتال منذ شهرين، ولم يتقاضوا من الرواتب التي وُعِدوا بها سوى ما بين 185 دولاراً و232 دولاراً (ما بين 20 إلى 25 ألف روبل فقط).

ويؤكد الشاب أن الروس أخذوا 25 من زملائه إلى الجبهات، وأن هؤلاء جميعاً لقوا مصرعهم؛ إما داخل العربات التي كانوا يستقلونها، أو داخل المباني التي كانوا يتمركزون فيها، بينما هو وبقية زملائه ينتظرون، بقلق، نقلهم من موقع وجودهم في معسكر قريب من الحدود الأوكرانية، إلى الجبهات. وطالب الحكومة اليمنية بالتدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

شركة أدوية للسمسرة

لكن أحد اليمنيين، واسمه أحمد، وهو على معرفة بإحدى المجموعات التي تم تجنيدها، يوضح أنه وأصدقاء له حذروا هؤلاء الشبان من الذهاب إلى روسيا؛ لأن هناك حرباً قد يتورطون فيها، إلا أنهم ردوا عليه بأنهم قادرون على الفرار إلى أوروبا لطلب اللجوء كما فعل المئات من اليمنيين سابقاً، حين وصلوا إلى روسيا البيضاء، ومن هناك تم تسهيل نقلهم إلى الأراضي البولندية.

أحد الشباب اليمنيين داخل عربة عسكرية روسية وتفيد المعلومات بمصرعه داخل العربة (فيسبوك)

وبحسب ما أفاد به أحد أعضاء الجالية اليمنية في روسيا لـ«الشرق الأوسط»، فإن سماسرة يقومون بإغراء شبان يمنيين للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات مقابل رواتب تصل إلى 2500 دولار شهرياً، ويتم نقل الراغبين إلى عواصم عربية؛ منها مسقط وبيروت ودمشق، ليجري نقلهم إلى الأراضي الروسية.

ويتابع أنه، وبعد وصولهم، تم إدخالهم معسكرات للتدريب على الأسلحة، بزعم أنهم موظفون لدى شركة أمنية، لكنهم بعد ذلك يرسلون إلى جبهات القتال في أوكرانيا، حيث يوجد شبان عرب من جنسيات أخرى ذهبوا إلى روسيا للغرض نفسه.

ويقدر ناشطون وأفراد في الجالية اليمنية في روسيا بأن هناك نحو 300 شاب يمني يرفضون الذهاب إلى جبهات القتال ويريدون العودة إلى بلدهم، وأن هؤلاء كانوا ضحية إغراءات بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيشها اليمن نتيجة الحرب المستمرة منذ عشرة أعوام.

وطبقاً لأحد الضحايا الذين نشروا أسماء وأرقام المتورطين في هذه العملية، فإن أبرز المتهمين في عمليات التجنيد، عبد الولي الجابري، وهو عضو في البرلمان التابع للجماعة الحوثية، ويساعده في ذلك شقيقه عبد الواحد، الذي عينته الجماعة مديراً لمديرية المسراخ في محافظة تعز.

القيادي الحوثي الجابري المتهم الرئيسي بتجنيد الشبان اليمنيين خلال زيارة صالح الصماد رئيس مجلس الحكم الحوثي السابق له بعد إصابته في المعارك (إعلام حوثي)

وتضم المجموعة، وفقاً لهذه الرواية، شخصاً يدعى هاني الزريقي، ومقيم في روسيا منذ سنوات، ومحمد العلياني المقيم في دولة مجاورة لليمن.

تخفّي السماسرة

ويتهم اثنان من أقارب المجندين الجابري ومعاونيه بترتيب انتقال المجندين من اليمن إلى البلد المجاور، ومن هناك يتم إرسالهم إلى موسكو، بحجة العمل لدى شركات أمنية خاصة، وأن هؤلاء السماسرة يحصلون على مبالغ بين 10 إلى 15 ألف دولار عن الفرد الواحد.

وانتقل القيادي الحوثي الذي يدير الشركة أخيراً إلى مكان غير معروف، وبدّل أرقام هواتفه وانقطع تواصله مع الضحايا، بعد انتشار مقاطع مسجلة لمناشداتهم الحكومة اليمنية التدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

وعينت الجماعة الحوثية الجابري، إلى جانب عضويته بالبرلمان التابع لها، قائداً لما يسمى بـ«اللواء 115 مشاة»، ومنحته رتبة عميد، بينما صدر بحقه حكم إعدام في عام 2020 من محكمة في مناطق سيطرة الحكومة، كما أن ابن أخيه، جميل هزاع، سبق وعُيِّن في اللواء نفسه، في منصب أركان عمليات، وهو حالياً عضو ما يسمى مجلس الشورى التابع للجماعة.

ولا تقتصر مهام سماسرة التجنيد على إرسال شبان من اليمن للقتال في روسيا، بل تتضمن تجنيد عدد من اليمنيين المقيمين هناك للقتال في صفوف الجيش الروسي.

وأُعْلِن منتصف العام الحالي عن مقتل الدبلوماسي اليمني السابق في موسكو، أحمد السهمي، في إحدى الجبهات، حيث كان يقاتل إلى جانب القوات الروسية، وبحسب رواية زملاء له، أنه وبعد انتهاء فترة عمله، أقدم على المشاركة في القتال من أجل الحصول على راتب يمكنه من مواجهة التزاماته لعائلته وأطفاله.

ومنذ شهر، كرّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشاب اليمني، سعد الكناني، الذي قُتل في جبهة لوغانسك، وكان قد حصل على الجنسية الروسية قبل فترة قصيرة من التحاقه بالقتال في صفوف القوات الروسية.