القضاء يلاحق رياض سلامة بتهم ارتُكبت في لبنان بمعزل عن الملف الفرنسي 

الاستجوابات تبدأ منتصف الشهر المقبل باستدعاء شقيقه 

TT

القضاء يلاحق رياض سلامة بتهم ارتُكبت في لبنان بمعزل عن الملف الفرنسي 

المقر الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت (إ.ب.أ)
المقر الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت (إ.ب.أ)

حدد قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، 15 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لاستجواب رجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في ادعاء النيابة العامة ضدهما وضدّ ماريان الحويك بجرائم «الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي»، على أن يحدد مواعيد لاحقة لاستجواب رياض وماريان وكلّ من يظهره التحقيق في هذه القضيّة.

تنطلق جلسات الاستجواب منتصف الشهر المقبل، بعد أن ردّ أبو سمرا الدفوع الشكلية المقدمة من وكلاء الدفاع عن الأخوين سلامة والحويك، التي طلبوا فيها «إخراج هيئة القضايا في وزارة العدل من الملف، وإبطال ادعائها لعدم حصولها على إذن مسبق من وزير المال».

وأفاد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، بأن أبو سمرا ردّ الدفوع «بعد أن أرسل وزير المال يوسف خليل كتاباً إلى هيئة القضايا (التي تمثّل الدولة)، فوضها بموجبه اتخاذ ما تراه مناسباً لجهة حماية حق الخزينة اللبنانية، وهذا يشكل موافقة على دور هيئة القضايا في الدعوى». وقال المصدر إن «وكلاء الدفاع عبّروا عن رغبتهم بعدم استئناف قرار ردّ الدفوع وأخذوا علماً بموعد استجواب رجا سلامة»، معتبراً أن «عدم الطعن بالقرار، يعني أن الملف تحرر من القيود القانونية وأطلق يد قاضي التحقيق لتسريع إجراءاته».

ولم تترك مذكرة التوقيف الغيابية التي أصدرتها قاضية التحقيق في باريس أود بوريزي بحقّ رياض سلامة، أي أثر على الملف اللبناني، وأكد المصدر القضائي أن سلامة ورفاقه «يلاحقون أمام قاضي التحقيق في بيروت على أفعال جرمية ارتكبوها في لبنان، لا علاقة لها بما يحصل في فرنسا». وأوضح أن «القاضية الفرنسية وأثناء استماعها إلى سلامة في بيروت أواخر شهر مارس (آذار) الماضي، طرحت عليه 194 سؤالاً كلّها تدور حول حساباته وعقاراته والمنازل التي يملكها في فرنسا ودول أوروبية أخرى». وجزم المصدر بأن حاكم المركزي «لم يسأل أي سؤال مرتبط بعمل مصرف لبنان والمصارف اللبنانية ولا عن أسعار الصرف والمعاملات المالية الداخلية».

ورداً على سؤال عن عدم تعليق عمل رياض سلامة رغم الشروع بملاحقته قضائياً، ذكّر المصدر بأن «القضاء ليس الجهة المختصة لوقف سلامة ومنعه من ممارسة مهامه، بل الأمر يعود للحكومة». لكنه لفت إلى أن «ثمّة صلاحيات ومهاماً محصورة بشخص الحاكم تحديداً، ولا يمكنه أن يفوض أحداً بها، ومنها توقيعه الإلزامي على كلّ المعاملات الخاصة بالمصارف المراسلة في الخارج، وبصمته على فتح خزنات الذهب وامتلاكه وحده الرمز السرّي لعدد من الأبواب الحساسة في البنك المركزي، حيث لا يجوز تفويض أحد آخر بها، إلّا حاكماً جديداً تعينه السلطة السياسية فتنتقل هذه الصلاحيات له بشكل طبيعي».

وينتظر القضاء اللبناني تلقيه نسخة عن مذكرة التوقيف الفرنسية ليحدد موقفه منها، وأشار مصدر في النيابة العامة التمييزية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «مكتب الإنتربول في لبنان لم يتسلّم هذه المذكرة ليحيلها على القضاء». وأعلن أن «القضاء اللبناني سيتعامل معها وفق ما يقتضيه القانون اللبناني والسيادة الوطنية».

ورأى وزير العدل الأسبق المحامي إبراهيم نجار، أن «مفاعيل مذكرة التوقيف التي أصدرتها القاضية بوريزي محصورة ضمن الحدود الفرنسية، وليس لها أي وقع قانوني في لبنان». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «القضاء اللبناني لا يستطيع أن يحقق بجرائم وقعت في فرنسا، إلا إذا صدر حكم فرنسي نهائي، وحصل تنسيق مع القضاء اللبناني، وبعد إحالة الملف إلى لبنان، حينها تطبق المعاهدات والاتفاقيات الدولية»، لافتاً إلى أن «مذكرة التوقيف الفرنسية لها وقع سياسي ومالي ومعنوي في لبنان، لكن عندما ينتقل الملف من فرنسا إلى لبنان، يصبح القضاء اللبناني صاحب الصلاحية المطلقة».

 

الرأي


مقالات ذات صلة

زوجة نتنياهو تطلب اعتبارها ضحية لهجوم استهدف منزل العائلة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة نتنياهو يصلان إلى مطار سيدني في أستراليا 22 فبراير 2017 (رويترز)

زوجة نتنياهو تطلب اعتبارها ضحية لهجوم استهدف منزل العائلة

طلب محامي سارة نتنياهو - زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - من المحكمة الاعتراف بزوجة رئيس الوزراء كضحية لهجوم استهدف منزلهما في قيسارية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)
أوروبا خلال عمليات الإسعاف بعد انفجار أجهزة «البيجر» التي يستخدمها عناصر «حزب الله» للتواصل في جميع أنحاء لبنان... الصورة في بيروت 17 سبتمبر 2024 (رويترز)

النرويج تلغي تحقيقاً بشأن أجهزة «البيجر» التي انفجرت في لبنان

قالت قوة شرطة الأمن النرويجية، الاثنين، إنها لم تجد أي أساس للتحقيق في صلات نرويجية بتوريد أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) الملغومة لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)

المحكمة العليا الإسرائيلية تباشر مداولات عزل نتنياهو

رفضت النيابة العامة الإسرائيلية، طلب نتنياهو تأجيل مثوله أمام المحكمة المركزية في القدس للإدلاء بشهادته في ملفات الفساد.

نظير مجلي (تل ابيب)
شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
TT

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

اختارت إسرائيل وقت ذروة الحركة في منطقة القصير عند الحدود مع لبنان، لتعيد قصف المعابر التي دمرتها بغارات سابقة، بينما أكدت مصادر أهلية في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات الإسرائيلية تفاقم المعاناة المعيشية لسكان المنطقة على جانبي الحدود؛ لأنها تغلق المتنفس المتاح لحصولهم على المواد المعيشية الأساسية.

واستهدفت غارات إسرائيلية، مساء الاثنين، جسور الحوز ومطربة والجوبانية وجوسيه في منطقة القصير جنوب غربي حمص، وقال مصدر عسكري سوري إن إسرائيل شنت «عدواناً جوياً» من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفة نقاط عبور على الحدود بين سوريا ولبنان، وهي نفسها التي استهدفتها إسرائيل سابقاً على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص. وحسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أسفرت الضربة عن إصابة مدنيين اثنين بجروح، ووقوع خسائر مادية.

قطع طرق إمداد

قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الغارة استهدفت طرق استخدمها «حزب الله» اللبناني لنقل وسائل قتالية من سوريا إلى لبنان، وقال إن «حزب الله» وبدعم من السلطات السورية، يواصل استغلال بنى تحتية مدنية لـ«أغراض إرهابية»، مؤكداً أن الضربات الأخيرة تمت في إطار الجهود المستمرة الهادفة إلى «عرقلة القدرات العملياتية لـ(حزب الله)، وضمان أمن إسرائيل».

ورأى أدرعي أن الغارات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة ركزت على إحباط قدرات «الوحدة 4400» التابعة لـ«حزب الله» والمسؤولة عن نقل الأسلحة المستخدمة في شن عمليات ضد إسرائيل.

تدمير للجسور الفرعية في القصير السورية (الشرق الأوسط)

المصادر الأهلية في القصير قالت إن الجسور والبنى التحتية سبق أن تم تدميرها بالكامل، ولا يمكن للآليات والسيارات عبورها، وتكرار ضربها يؤذي المدنيين الذين يستخدمونها مضطرين للحصول على أساسيات العيش على جانبي الحدود. وأكدت المصادر أن الغارات، مساء الاثنين، حصلت في وقت ذروة الحركة للحصول على المواد الأساسية للمعيشة، حيث يتوجه الأهالي على الجانبين قبل مغيب الشمس لتأمين حاجتهم من الوقود اللازم للتدفئة والغاز المنزلي اللبناني، بسبب أزمة المحروقات على الجانب السوري، وازدياد الحاجة إليها مع تدني حرارة الطقس والبرودة الشديدة. وفي المقابل، يحصل سكان الجانب اللبناني على مواد غذائية أرخص ثمناً كالألبان والأجبان وبعض الأصناف الأخرى.

وأشارت المصادر إلى أنه في ظل التأزم المعيشي جراء الحرب تمثل الحدود متنفساً لسكان المنطقة، وقطع تلك الطرقات وتدميرها بشكل كامل يزيد معاناتهم، ويعرضهم للخطر الدائم حيث يقومون ببناء جسور مؤقتة خطيرة، أو يضطرون لعبور مياه نهر العاصي في أجواء شديدة البرودة.

القصير معقل لـ«حزب الله»

تقع منطقة القصير على الحدود مع لبنان، وتضم نحو 80 قرية وبلدة، يعيش فيها خليط ديني غالبية من السنة وأقليات من الشيعة والمرشديين والعلويين والمسيحيين، ومعظم سكان تلك المناطق من المزارعين الفقراء، حيث ترتبط القصير بمناطق الهرمل ـ بعلبك بعدة معابر منها جوسية ومطربا كمعبرين شرعيين والكثير من المعابر غير الشرعية كحوش السيد علي وجرماش والقصر وغيرها.

تبادل سلع ومحروقات عند جانبي الحدود السورية - اللبنانية لجهة المصنع في البقاع (أ.ف.ب)

ومنذ عام 2013 سيطر «حزب الله «على القصير بعد تهجير أهلها، وأصبحت أحد أبرز معاقله في سوريا، ثم استغل فقر أهالي القرى الشيعية لتجنيدهم في صفوفه، ومنحهم امتيازات مالية وسلطوية. وحسب مصادر محلية، تكتسب منطقة القصير أهمية استراتيجية كبيرة لدى «حزب الله»، وإن حركة الامداد فيها شهدت تراجعاً جراء التصعيد الإسرائيلي، مع الإشارة إلى عدم إمكانية قطعها تماماً لوجود طرق بديلة في جغرافية ممتدة على طول الحدود.

ومنذ بداية التصعيد الإسرائيلي على لبنان، استهدفت إسرائيل المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان 36 مرة، بحسب تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد، الثلاثاء، بأن الضربات الإسرائيلية على المناطق الحدودية جاءت في سياق تعطيل عودة النازحين إلى لبنان ومنع وصول الإمدادات والمساعدات إلى الداخل اللبناني، وقطع طرق إمداد «حزب الله»، ومنعه من نقل سلاحه من داخل الأراضي السورية باتجاه لبنان. وتركز القصف على المعابر الرسمية وغير الرسمية، بالإضافة إلى الطرق الترابية والفرعية في منطقة الحدود السورية - اللبنانية، مع استمرار المراقبة المكثفة للمنطقة الحدودية.

تدمير ممرات وجسور صغيرة بين لبنان وسوريا قرب القصير (الشرق الأوسط)

وحسب توثيقات المرصد، بدأت أولى الغارات في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأسفرت عن تدمير مواقع عدة، وخروج معابر رسمية وغير رسمية عن الخدمة، ما أعاق حركة عبور النازحين من لبنان إلى سوريا والعكس. كذلك تسببت هذه الضربات بمقتل 30 شخصاً، بينهم 4 من عناصر «حزب الله»، وشخص لبناني الجنسية، و6 من السوريين العاملين مع «حزب الله»، و8 مدنيين، إلى جانب ذلك، أصيب 22 آخرون، هم: 8 من قوات النظام وأجهزته الأمنية، و12 من العاملين مع الحزب، بالإضافة إلى إصابة مدنيين اثنين.