اقتصاد السودان «الجريح» يرزح تحت وطأة النهب والمعارك

مركبة محترقة وسط المعارك في السودان (رويترز)
مركبة محترقة وسط المعارك في السودان (رويترز)
TT

اقتصاد السودان «الجريح» يرزح تحت وطأة النهب والمعارك

مركبة محترقة وسط المعارك في السودان (رويترز)
مركبة محترقة وسط المعارك في السودان (رويترز)

على وقْع المعارك الدائرة في السودان، خاصة في العاصمة الخرطوم، وفي غياب للمنظومة الأمنية، تعرَّضت العديد من المتاجر والمحال للنهب أو التخريب، ما زاد من حالة التردي الاقتصادي في البلاد. ومن بين ضحايا الأزمة السودانية المستعرة، خسر محسن عبد الرحمن الذي يملك محلاً لبيع الحليّ الذهبية في الخرطوم 10 كيلوغرامات من الذهب كان يملكها، كما اختفت بضائع كل متاجر سوق سعد قشرة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وبالرغم من القصف الجوي والمعارك التي تدور في شمال الخرطوم، حرص الرجل على الذهاب من مسكنه في الطرف الآخر من المدينة في منطقة بحري، على الضفة الأخرى للنيل الذي يقسم العاصمة السودانية، للتأكد من الخبر الذي أبلغه به جاره، فكانت الصدمة. وقال عبد الرحمن: «نهبوا كل رأسمالي، كل الحليّ الذهبية سُرقت، لم يبق شيء مطلقاً. أتمنى أن تتوقف الحرب حتى نحاول أن نتدبر أمرنا ونبدأ بداية جديدة». ولكن حتى لو توقفت الحرب المستمرة منذ 15 أبريل (نيسان) بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، فإن اقتصاد السودان، أحد أفقر بلدان العالم، يعاني منذ عقود. وبعد 20 عاماً من العقوبات الدولية، عاد السودان إلى المجتمع الدولي إثر سقوط نظام عمر البشير في 2019. ولكن انقلاب عام 2021، الذي قام به الجنرالان المتحاربان، أدى إلى وقف المساعدات الدولية البالغة ملياري دولار، والتي حصلت عليها الخرطوم خلال العامين السابقين. وفقد السودان في يوم واحد نحو 40% من دخله (وهي قيمة المساعدات الدولية) فيما كان يعاني بالفعل من الفساد ومن آثار العقوبات الدولية، واستقلال جنوب السودان في عام 2011 الذي أدى إلى خسارة الخرطوم تقريباً كل حقول النفط. ولم تعلن السلطات السودانية موازنة العام 2023 ولكنها أشادت بتراجع التضخم إلى ما دون الـ100%. وقال خبراء إن هذا التراجع لم يكن بسبب تحسُّن في الوضع، بل ناتج عن ركود كبير. ومع ذلك، احتفظت الخرطوم قبل اندلاع الحرب بمظاهر تحسُّن للوضع الاقتصادي تتمثل في مطاعم دولية أو تقدم أطباقاً صديقة للبيئة ومتاجر مليئة بالمنتجات الأميركية، الواردة إلى العاصمة السودانية غالباً من خلال طرق التهريب في دول الساحل. أما اليوم، في جميع أنحاء الخرطوم التي يقطنها نحو 5 ملايين نسمة، فباتت الأبواب الزجاجية لمعارض السيارات وواجهات محلات الأجهزة المنزلية الكهربائية المهشمة وأبواب المحلات الصغيرة التي كسرت أقفالها شاهداً على حجم عمليات النهب. وتوقَّف مطار الخرطوم عن العمل منذ بدء المعارك، وميناء بورتسودان، الرئة الاقتصادية للبلاد على البحر الأحمر، لم يعد يصل إليه سوى السفن والطائرات التي تنقل مدنيين يفرون من الحرب أو مساعدات إنسانية. ولم تنج من عمليات النهب لا المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية ولا المنازل التي تركها نحو 500 ألف من سكانها في الخرطوم بسبب القتال وفرّوا إلى مدن أخرى أو إلى دول مجاورة. من جهته، قال نور الدين آدم، صاحب محل لبيع الهواتف الجوالة في وسط الخرطوم بحري: «تم كسر قفل المحل بعد 5 أيام من بداية القتال ونهبوا كل البضاعة ولم يتركوا شيئاً». وأضاف: «صرت لا أملك أي رأسمال، بل إنني مَدين لبعض التجار ولا أعرف كيف سأسدد هذه المديونية». وفي المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري، أكد شهود عيان أن مخزن مطحنة سيقا لدقيق القمح تعرَّض للنهب، وهي أكبر مطحنة في البلاد، ما زاد من أزمة الخبز في بلد قد يعاني 19 مليوناً من سكانه البالغ عددهم 45 مليوناً من الجوع بعد 6 أشهر إذا استمرت الحرب. كما لن يفتح عمر عبد الدايم محل الملابس الذي يملكه في سوق الخرطوم بحري مجدداً. وقال إنه «في ثالث أيام الحرب سقطت قذيفة في السوق واشتعلت النيران في المحلات. بعضها احترق تماماً والبعض الآخر جزئياً، لكن ما تبقّى تم نهبه، وهذا ما حدث لمحلي».وأضاف أن «السبب ببساطة أنه لم تكن هناك أي حراسة من الشرطة على الرغم من أن رئاسة شرطة بحري مقرها داخل السوق».


مقالات ذات صلة

الجيش يتقدم شرق ولاية الجزيرة وفي الخرطوم

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أُقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف مؤخراً (أ.ف.ب)

الجيش يتقدم شرق ولاية الجزيرة وفي الخرطوم

شن الجيش السوداني هجوماً واسعاً باتجاه ولاية الجزيرة محققاً تقدماً لافتاً، اضطرت معه «قوات الدعم السريع» للتراجع، قبل أن ينسحب الجيش ويعود إلى مواقعه السابقة.

أحمد يونس
شمال افريقيا الفريق كباشي، لدى تفقده ضباط وجنود قيادة المنطقة الشرقية بالفاو أمس (موقع مجلس السيادة السوداني فيسبوك)

السودان: الجيش على حدود ولاية الجزيرة ومخاوف من توسع المعارك

تفقد نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الجمعة، قواته في المنطقة الشرقية بالفاو على حدود ولاية الجزيرة وسط مخاوف من توسع المعارك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي بتشاد (رويترز)

دوقة إدنبرة: ما يحدث في السودان شبيه بمجازر رواندا

قالت دوقة إدنبرة، خلال زيارتها لمعسكر أدري على الحدود بين السودان وتشاد، والذي يحتضن الفارين من الحرب، إن الصراع بالسودان يشبه ما حدث في رواندا منتصف التسعينات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا السلطات المحلية بولاية كسلا تقوم بتطهير مركز عزل ريفي للمصابين بالكوليرا في بلدة ود الحليو شرق السودان (أ.ف.ب)

السودان: أكثر من 24 ألف إصابة كوليرا و699 حالة وفاة

كشفت إحصائية حديثة لوزارة الصحة السودانية عن ارتفاع حالات الإصابات بوباء الكوليرا إلى 24 ألفاً و604 إصابات، منها 699 حالة وفاة، بينما تمدّد المرض إلى 11 ولاية.

وجدان طلحة (بورتسودان)
العالم العربي صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة سابقة من المفاوضات حول السودان في جنيف

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لمعالجة مسألة حماية المدنيين

حثّت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان» الأطراف السودانية على تعزيز الوصول الإنساني إلى جميع أنحاء البلاد، ومعالجة مسألة حماية المدنيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

استهداف منزل نتنياهو يُنذر بتعجيل استهداف إيران

الدخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس... وفي الإطار رجال أمن قرب منزل نتنياهو بعد استهدافه أمس (أ.ب)
الدخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس... وفي الإطار رجال أمن قرب منزل نتنياهو بعد استهدافه أمس (أ.ب)
TT

استهداف منزل نتنياهو يُنذر بتعجيل استهداف إيران

الدخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس... وفي الإطار رجال أمن قرب منزل نتنياهو بعد استهدافه أمس (أ.ب)
الدخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس... وفي الإطار رجال أمن قرب منزل نتنياهو بعد استهدافه أمس (أ.ب)

اتهمت إسرائيل، إيران، بمحاولة اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إثر استهداف منزله بطائرة مسيّرة انطلقت من لبنان، وسقطت في مدينة قيسارية الساحلية شمال تل أبيب، ما طرح تساؤلات عما إذا كان هذا الاتهام من شأنه أن يعجل باستهداف إيران، أم لا.

وفتح الجيش الإسرائيلي تحقيقاً في الحادثة التي شهدت إخفاقات عدة بما في ذلك في نظام الإنذار الإسرائيلي، بعدما لم يتم إطلاق صفارات الإنذار في قيسارية قبل سقوط المسيّرة وانفجارها.

ويُفترض أن تهاجم إسرائيل إيران خلال الفترة القريبة المقبلة بعدما أقر نتنياهو، بالتشاور مع وزير الدفاع يوآف غالانت، الأسبوع الماضي، مسار الضربة وقوّتها وتوقيتها، بانتظار موافقة مجلس الوزراء للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، الذي يفترض أن يجتمع الأحد.

وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الرد الإسرائيلي سيأتي قبل الانتخابات في الولايات المتحدة بداية الشهر المقبل.

وبعد ساعات من استهداف منزل نتنياهو، استأنف الجيش الإسرائيلي ضرباته للضاحية الجنوبية لبيروت بعد توقف 4 أيام، وذلك بعيد إصدار الجيش الإسرائيلي إنذارات جديدة بالإخلاء لسكان المنطقة.

وأفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية عن «استهداف العدو الإسرائيلي» بغارة أحد المباني في منطقة حارة حريك مرتين، ما أدّى إلى تدمير بالكامل وتضرر المباني المحيطة قبل أن يعود ويستهدف حي الأمراء في الشويفات و«سانت تيريز».