آمال لبنانية بـ«مسار جدي» لانتخاب رئيس جديد للبلاد

نائب يتوقع الإنجاز خلال أسبوعين... وترّقب لموقف جنبلاط غداً

آمال لبنانية بـ«مسار جدي» لانتخاب رئيس جديد للبلاد
TT

آمال لبنانية بـ«مسار جدي» لانتخاب رئيس جديد للبلاد

آمال لبنانية بـ«مسار جدي» لانتخاب رئيس جديد للبلاد

دخلت المحادثات حول انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية «مساراً جدياً» لإنهاء الشغور القائم، ردته مصادر لبنانية إلى «ضغوط دولية، ومقاربات داخلية تمهّد لعقد جلسة جديدة لانتخاب الرئيس، تحتكم لآلية انتخاب ديمقراطية يفوز فيها من يحوز العدد الأكبر من الأصوات»، بعد تعذر التوافق على اسم واحد يمكن أن يفوز بأكثرية ثلثي أصوات أعضاء البرلمان في الدورة الأولى، بينما حدّد نائب لبناني مهلة أسبوعين لإنهاء الشغور.

وتسير المحادثات على عدة خطوط متوازية، أولها بين القوى الداعمة لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وأخرى بين قوى المعارضة الساعية للتوافق على شخصية واحدة يمكن أن تحظى بفرصة حيازة أصوات أكثرية في البرلمان، ومفاوضات ثالثة بين «التيار الوطني الحر» من جهة، و«القوات اللبنانية» وخلفها قوى معارضة أخرى مثل «الكتائب اللبنانية» وشخصيات مستقلة، من جهة أخرى، وهي مباحثات «قطعت شوطاً كبيراً حتى الآن»، حسبما تقول مصادر مواكبة لتلك الاتصالات.

وبعدما فشلت الاتصالات في التوافق على شخصية واحدة تتقاطع حولها القوى السياسية، إثر إصرار ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» على دعم ترشيح فرنجية، بات محسوماً أن المقاربات تتجه إلى الخيار الثاني، وهو ضرورة تأمين نصاب الثلثين في الدورة الثانية من الانتخاب، حيث يفوز من يحوز أكثرية أصوات النواب الحاضرين في الدورة الثانية، وهو أمر مرهون بحضور القوتين المسيحيتين الأكثر تمثيلاً نيابياً؛ أي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، أو حضور أحدهما.

وحسمت كتلة «اللقاء الديمقراطي» (الحزب التقدمي الاشتراكي) موقفها بالمشاركة في الجلسة، في حال حضور القوى المسيحية فيها، حسبما تؤكد مصادر مواكبة للاتصالات، وذلك في «موقف متقدم يحترم المكون المسيحي في البلاد»، ذلك أن «موافقة القوى المسيحية على الحضور، ستؤمن الميثاقية، وستلغي تقاذف المسؤوليات والتكهنات القائمة حول مواقف الكتلة لجهة دعم مرشح أو آخر»، علماً بأن حضور المكونين المسيحيين، سيؤمن نصاب الجلسة حكماً. ووفق هذه الآلية (تأمين نصاب الجلسة)، سيفوز أحد المرشحين بأغلبية الأصوات.

وأسهم الدفع الدولي وتأكيد قوى دولية مؤثرة في الملف اللبناني أنه لا «فيتوات» على أي من المرشحين، في تفعيل الحراك القائم أخيراً، ما أنتج جواً إيجابياً دفع قوى سياسية للتأكيد على أن البلاد «دخلت بالمسار الجدي لإنهاء الشغور الرئاسي، بما يتخطى أي أجواء كانت سائدة في السابق»، حسبما تقول مصادر نيابية مطلعة على اللقاءات الأخيرة للقوى السياسية. وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «هي أكثر المراحل التي نلتمس فيها إيجابيات لحسم الاستحقاق وإنهاء الشغور في سدة رئاسة الجمهورية التي ستكون بداية لانتظام عمل المؤسسات الدستورية»، لافتة إلى أن الجو القائم «يشير إلى قرب عقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس، يفوز فيها مرشح على قاعدة الاحتكام للمنطق الديمقراطي»، في إشارة إلى الفوز بأغلبية الأصوات في الدورة الثانية.

وينتظر موقف حاسم لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مساء الاثنين، في الملف الرئاسي، بعدما استمهل يوم الأحد الماضي الإعلان عن موقفه، بانتظار التشاور مع نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النيابية تيمور جنبلاط. وقالت مصادر «التقدمي الاشتراكي» إن جنبلاط سيتطرق في المقابلة إلى الواقع السياسي والاستحقاق الرئاسي، وحيث سيجدد موقفه الثابت من ضرورة انتخاب رئيس توافقيّ لا يعتبر رئيس تحدٍّ لأحد، وقادر على إجراء إصلاحات ويعيد لبنان إلى علاقاته العربية، فضلاً عن ضرورة أن يحظى بموافقة الكتل المسيحية الأساسية.

كذلك، سيتطرق جنبلاط إلى ما حُكي في الإعلام عن اختلاف في المواقف بينه وبين نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط، حسبما قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، حيث «سيحسم هذا الملف، ويضع حداً للفوضى والشائعات ويقدم مقاربة حاسمة في هذا الملف الحزبي والنيابي». إضافة إلى ذلك، سيتطرق إلى الملفات الساخنة في البلد مثل ملف النازحين السوريين والموضوع الاقتصادي والاجتماعي، ويتحدث عن خطورة الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي جعل بعض الملفات فريسة المواقف الارتجالية وإجراءات خاضعة للابتزاز والشعبوية.

وتنسحب الأجواء الإيجابية على سائر القوى السياسية، وكان لافتاً إعلان عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب سجيع عطية «أننا سنكون أمام رئيس جديد للجمهورية في الأسبوعين المقبلين»، وقال إن «هناك استعجالاً سعودياً لانتخاب رئيس لتستقيم المؤسسات»، مشيراً إلى أن «السفير السعودي وليد بخاري في لقائه مع الكتلة لم يسمِّ أحداً ولم يضع (فيتو) على أحد حتى على اسم سليمان فرنجية، وكان الحديث متمحوراً حول أن الجميع صديق للمملكة ومن ينجح ستكون المملكة إلى جانبه».

وقال في حديث إذاعي: «حتى اللحظة كتلتنا في نقاش داخلي ويهمها برنامج المرشح، ونحن على مسافة واحدة وفي حال ترقب تام بانتظار الشخصية التي سيتفق عليها المسيحيون ليُبنى على الشيء مقتضاه». وتابع: «نحن قاب قوسين من إعلان اسم ستتفق عليه المعارضة، وبحسب المعلومات فإن (الفيتوات) سقطت عن الجميع وسنصبح أمام مرشَحَين للرئاسة»، مضيفاً: «برأيي لن يبقى ميشال معوض مرشحاً للرئاسة و(حزب الله) لا يريد فرنجية مرشح تحدٍّ».



شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
TT

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)
تكريم أحد المقاتلين اليمنيين في صفوف القوات الروسية (إعلام محلي)

في تسجيل مصور مدته نحو دقيقة، يروي شاب يمني أنه تم التغرير به وبزملائه الذين يظهرون معه في الفيديو، للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات أمنية خاصة، ليجدوا أنفسهم في جبهات الحرب الروسية مع أوكرانيا.

وأبدى الشاب الذي غطى وجهه، وزملاؤه رغبتهم في العودة إلى اليمن، ورفضهم أن يقتلوا كما قُتِل زملاؤهم.

وتكشّف، أخيراً، كثير من التفاصيل حول تجنيد القوات المسلحة الروسية لمئات الرجال اليمنيين للقتال في أوكرانيا، من خلال عملية تهريب غامضة، تبين وجود كثير من أوجه التعاون المتنامية بين موسكو والجماعة الحوثية في اليمن.

كما كشفت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية في تقرير لها، الأحد الماضي، عن تفاصيل تحويل مئات الرجال اليمنيين إلى مقاتلين في صفوف الجيش الروسي، من خلال «عملية تهريب غامضة».

وفي هذه التسجيلات تتكشف جوانب من تفاصيل ما تمارسه مجموعة من المهربين الحوثيين الذين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لليمنيين لتنفيذ حملة تجنيد للمئات منهم، وإرسالهم للقتال إلى جانب القوات الروسية، وتعمل هذه المجموعة من داخل اليمن ومن دول عربية أخرى، بالتعاون مع آخرين داخل الأراضي الروسية.

وتسهل الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية في اليمن قبل نحو عشرة أعوام، تجنيدَ كثير من الشباب اليمنيين الذين نزحوا خارج البلاد وفشلوا في البحث عن فرص عمل أو الوصول إلى دول أوروبا، سواء بالهجرة الشرعية أو غير الشرعية لتقديم طلبات لجوء.

وتمكن السماسرة من تجنيد المئات من هؤلاء وإرسالهم للقتال في روسيا، وفق ما أكدته مصادر مقربة من عائلاتهم وأخرى في الحكومة اليمنية.

وفي مقطع مصور آخر، يظهر مجموعة من الشبان اليمنيين، ويذكر أحدهم أنهم كانوا يعملون في سلطنة عمان، وأن شركة للمعدات الطبية تابعة للقيادي الحوثي عبد الولي الجابري أغرتهم بالحصول على عمل لدى شركة روسية في المجال الأمني وبرواتب مجزية.

مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

ويضيف: «غرورا بنا بأنهم سيدفعون رواتب شهرية تعادل 2500 دولار لكل فرد، وعند وصولنا إلى المطار في روسيا، استقبلنا مندوبون عن وزارة الدفاع الروسية، وأبلغونا أنه سيتم توظيفنا حراسَ أمن في منشآت».

وبعد يومين من وصولهم، تم إرسالهم إلى معسكرات للتدريب، حيث يجري إعدادهم للقتال منذ شهرين، ولم يتقاضوا من الرواتب التي وُعِدوا بها سوى ما بين 185 دولاراً و232 دولاراً (ما بين 20 إلى 25 ألف روبل فقط).

ويؤكد الشاب أن الروس أخذوا 25 من زملائه إلى الجبهات، وأن هؤلاء جميعاً لقوا مصرعهم؛ إما داخل العربات التي كانوا يستقلونها، أو داخل المباني التي كانوا يتمركزون فيها، بينما هو وبقية زملائه ينتظرون، بقلق، نقلهم من موقع وجودهم في معسكر قريب من الحدود الأوكرانية، إلى الجبهات. وطالب الحكومة اليمنية بالتدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

شركة أدوية للسمسرة

لكن أحد اليمنيين، واسمه أحمد، وهو على معرفة بإحدى المجموعات التي تم تجنيدها، يوضح أنه وأصدقاء له حذروا هؤلاء الشبان من الذهاب إلى روسيا؛ لأن هناك حرباً قد يتورطون فيها، إلا أنهم ردوا عليه بأنهم قادرون على الفرار إلى أوروبا لطلب اللجوء كما فعل المئات من اليمنيين سابقاً، حين وصلوا إلى روسيا البيضاء، ومن هناك تم تسهيل نقلهم إلى الأراضي البولندية.

أحد الشباب اليمنيين داخل عربة عسكرية روسية وتفيد المعلومات بمصرعه داخل العربة (فيسبوك)

وبحسب ما أفاد به أحد أعضاء الجالية اليمنية في روسيا لـ«الشرق الأوسط»، فإن سماسرة يقومون بإغراء شبان يمنيين للذهاب إلى روسيا للعمل لدى شركات مقابل رواتب تصل إلى 2500 دولار شهرياً، ويتم نقل الراغبين إلى عواصم عربية؛ منها مسقط وبيروت ودمشق، ليجري نقلهم إلى الأراضي الروسية.

ويتابع أنه، وبعد وصولهم، تم إدخالهم معسكرات للتدريب على الأسلحة، بزعم أنهم موظفون لدى شركة أمنية، لكنهم بعد ذلك يرسلون إلى جبهات القتال في أوكرانيا، حيث يوجد شبان عرب من جنسيات أخرى ذهبوا إلى روسيا للغرض نفسه.

ويقدر ناشطون وأفراد في الجالية اليمنية في روسيا بأن هناك نحو 300 شاب يمني يرفضون الذهاب إلى جبهات القتال ويريدون العودة إلى بلدهم، وأن هؤلاء كانوا ضحية إغراءات بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيشها اليمن نتيجة الحرب المستمرة منذ عشرة أعوام.

وطبقاً لأحد الضحايا الذين نشروا أسماء وأرقام المتورطين في هذه العملية، فإن أبرز المتهمين في عمليات التجنيد، عبد الولي الجابري، وهو عضو في البرلمان التابع للجماعة الحوثية، ويساعده في ذلك شقيقه عبد الواحد، الذي عينته الجماعة مديراً لمديرية المسراخ في محافظة تعز.

القيادي الحوثي الجابري المتهم الرئيسي بتجنيد الشبان اليمنيين خلال زيارة صالح الصماد رئيس مجلس الحكم الحوثي السابق له بعد إصابته في المعارك (إعلام حوثي)

وتضم المجموعة، وفقاً لهذه الرواية، شخصاً يدعى هاني الزريقي، ومقيم في روسيا منذ سنوات، ومحمد العلياني المقيم في دولة مجاورة لليمن.

تخفّي السماسرة

ويتهم اثنان من أقارب المجندين الجابري ومعاونيه بترتيب انتقال المجندين من اليمن إلى البلد المجاور، ومن هناك يتم إرسالهم إلى موسكو، بحجة العمل لدى شركات أمنية خاصة، وأن هؤلاء السماسرة يحصلون على مبالغ بين 10 إلى 15 ألف دولار عن الفرد الواحد.

وانتقل القيادي الحوثي الذي يدير الشركة أخيراً إلى مكان غير معروف، وبدّل أرقام هواتفه وانقطع تواصله مع الضحايا، بعد انتشار مقاطع مسجلة لمناشداتهم الحكومة اليمنية التدخل لإعادتهم إلى بلدهم.

وعينت الجماعة الحوثية الجابري، إلى جانب عضويته بالبرلمان التابع لها، قائداً لما يسمى بـ«اللواء 115 مشاة»، ومنحته رتبة عميد، بينما صدر بحقه حكم إعدام في عام 2020 من محكمة في مناطق سيطرة الحكومة، كما أن ابن أخيه، جميل هزاع، سبق وعُيِّن في اللواء نفسه، في منصب أركان عمليات، وهو حالياً عضو ما يسمى مجلس الشورى التابع للجماعة.

ولا تقتصر مهام سماسرة التجنيد على إرسال شبان من اليمن للقتال في روسيا، بل تتضمن تجنيد عدد من اليمنيين المقيمين هناك للقتال في صفوف الجيش الروسي.

وأُعْلِن منتصف العام الحالي عن مقتل الدبلوماسي اليمني السابق في موسكو، أحمد السهمي، في إحدى الجبهات، حيث كان يقاتل إلى جانب القوات الروسية، وبحسب رواية زملاء له، أنه وبعد انتهاء فترة عمله، أقدم على المشاركة في القتال من أجل الحصول على راتب يمكنه من مواجهة التزاماته لعائلته وأطفاله.

ومنذ شهر، كرّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشاب اليمني، سعد الكناني، الذي قُتل في جبهة لوغانسك، وكان قد حصل على الجنسية الروسية قبل فترة قصيرة من التحاقه بالقتال في صفوف القوات الروسية.