سوريا والعراق يبحثان توحيد الموقف حول حصتهما من مياه دجلة والفرات

مشهد من مدينة العمارة يُظهر مدى انحسار مياه الفرات (رويترز)
مشهد من مدينة العمارة يُظهر مدى انحسار مياه الفرات (رويترز)
TT
20

سوريا والعراق يبحثان توحيد الموقف حول حصتهما من مياه دجلة والفرات

مشهد من مدينة العمارة يُظهر مدى انحسار مياه الفرات (رويترز)
مشهد من مدينة العمارة يُظهر مدى انحسار مياه الفرات (رويترز)

يسعى الجانبان السوري والعراقي إلى توحيد المواقف فيما يخص حقوقهما من مياه نهرَي دجلة والفرات. وقالت وسائل إعلام سورية رسمية إن وزير الموارد المائية، تمام رعد، بحث مع نظيره العراقي، عون ذياب، سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجال الموارد المائية، وأهمية توحيد المواقف من أجل ضمان حقوق البلدين المائية «وفقاً للأعراف والمواثيق الدولية».

لقاء الوزيرين الذي جرى في بغداد بعد اختتام مؤتمر المياه الثالث أعماله في بغداد، يوم الاثنين، جاء بينما تستعد بغداد لإرسال وفد إلى تركيا لبحث ملف المياه، حسبما كشفت عنه مصادر إعلامية عراقية، ووسط تحذيرات من كارثة بيئية قد تضرب مناطق واسعة خلال الصيف. ويأمل العراقيون أن يحصلوا على حصة عادلة من مياه نهرَي دجلة والفرات وفق المعاهدات الدولية.

وخلال لقاء وزيرَي الموارد المائية السوري والعراق في بغداد بعد اختتام مؤتمر المياه الثالث أعماله يوم الاثنين، جرى بحث أهمية توحيد المواقف والرؤى، من أجل ضمان حقوق البلدين المائية «وفقاً للأعراف والمواثيق الدولية».

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن الوزير السوري إشارته خلال اللقاء إلى «حرص البلدين على إدامة التشاور، وتفعيل أعمال اللجان المشتركة لمحطات القياس، لما فيه منفعتهما المتبادلة». كما نوه الوزير السوري إلى نجاح مؤتمر بغداد الدولي الثالث للمياه. ونقلت عن الوزير العراقي قوله إن التداعيات السلبية للتغيرات المناخية وشحّ المياه أديا إلى توجه الحكومة العراقية لاعتماد تقنيات الري الحديثة في تنفيذ مشاريعها الإروائية.

وتضمنت توصيات مؤتمر المياه الثالث في بغداد دعوة الدول المتشاطئة في حوضَي نهرَي دجلة والفرات إلى الانضمام لاتفاقية المياه «هلسنكي 1992» واتفاقية الأمم المتحدة عام 1997، بهدف الحفاظ على المياه العابرة للحدود من التلوث، بُغية ضمان استدامة التنوع الأحيائي في مناطق الأهوار وبيئة شط العرب والأراضي الرطبة بصورة عامة. وذلك بعد دخول الجفاف وانخفاض منسوب نهرَي دجلة والفرات الموسم الرابع جراء بناء تركيا مشاريع مائية ضخمة على المثلث الحدودي (سوريا والعراق وتركيا)، مثل سدّ «إليسو» الذي أدى إلى تخفيض كميات المياه المتدفقة عبر نهرَي الفرات ودجلة إلى سوريا والعراق، ووصلت المياه في نهر الفرات خلال السنوات الأخيرة إلى مستوى 200 متر مكعب في الثانية، وهو أقل من نصف الكمية المتفق عليها بين البلدين في عام 1987.

ويهدد انخفاض منسوب المياه والتغيرات مناخية، كالجفاف والتصحر، الموارد الزراعية على طرفي الحدود، وفق تقديرات البنك الدولي التي تشير إلى أن ندرة المياه ستكلف دول الشرق الأوسط بين 6 و14 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 بسبب التأثيرات المرتبطة بالمياه على الزراعة والصحة والدخل، ما يشير إلى تداعيات خطيرة على المدى القريب على الاستقرار الوطني والإقليمي.

وتسيطر تركيا على أكثر من 90 في المائة من المياه التي تصب في نهر الفرات، و44 في المائة منها في نهر دجلة. وأدت مواصلة تركيا قطع تدفق نهر الفرات إلى الدول المجاورة وصبه في السدود التركية، إلى نقص الغذاء والطاقة في سوريا، وتفاقم أزمة المياه في العراق، وفقدان ما لا يقل عن سبعة ملايين شخص إمكانيتهم الوصول إلى المياه. وذلك بعد 4 سنوات من الجفاف وتفاقم التغير المناخي، ما يزيد احتمالات تأجج الصراع في المنطقة.

ويطالب الجانبان السوري والعراقي بتطبيق مبادئ القانون الدولي بشأن تنظيم استغلال المياه. فنهرا دجلة والفرات دوليان طبقاً لتعريف الأمم المتحدة الذي يقول إن النهر الدولي هو «المجرى المائي الذي تقع أجزاء منه في دول مختلفة». كما يريان أن حوضَي نهرَي دجلة والفرات مستقلان بعضهما عن بعض، ولكل جانب منهما حوضه ومساره ومنطقته. ويطالبان بالتوصل إلى اتفاق ثلاثي، بين تركيا وسوريا وإيران، لتحديد الحصص المائية لكل دولة بالاعتماد على القانون والعُرف الدوليين.

في المقابل ترفض تركيا الموافقة على اتفاقية الأمم المتحدة حول استخدام المجاري المائية للأنهار الدولية غير الملاحية، بزعم أنها لا تلحظ مبدأ سيادة الدول على الممرات المائية الدولية التي تمر من أراضيها، كما ترفض التوقيع على أي اتفاقية دولية لتحديد حصص الدول في المياه بموجب مبادئ القانون الدولي. وتركز على بحث التعاون الفني لضمان حسن الاستغلال الأمثل للمياه.

لأن تركيا ترى أن نهرَي دجلة والفرات ليسا نهرَين دوليين كي تنطبق عليهما أحكام القانون الدولي للمياه، وإنما هما مياه عابرة للحدود لكونهما ينبعان ويتغذيان ثم يجريان عبر الأراضي التركية. كما ترى أن حوضَي دجلة والفرات مجرى مائي واحد، وليسا حوضَين منفصلين بحكم أن النهرَين يلتقيان عند المصب.


مقالات ذات صلة

«حرب العطش»... معركة موازية يخوضها الغزيون بلا أسلحة

المشرق العربي طفل فلسطيني يراقب أقرانه بينما ينتظرون الحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس يوم الأحد (رويترز)

«حرب العطش»... معركة موازية يخوضها الغزيون بلا أسلحة

يواجه قطاع غزة شحاً شديداً في توفر المياه بعد تشديد إسرائيل للحصار بإغلاقها المعابر ومنع تدفق الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا جانب من مشروع تحلية مياه البحر في العين السخنة (خريطة مشاريع مصر)

مصر: كيف تُسهم تحلية مياه البحر في تحجيم أزمة «الشح»؟

مصر تعاني من «عجز مائي» يقدَّر بنحو 54 مليار متر مكعب سنوياً، وتبلغ مواردها المائية نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً.

رحاب عليوة (القاهرة )
شمال افريقيا الجزائر: تسريع خطة تحلية مياه البحر لحل «أزمة العطش»

الجزائر: تسريع خطة تحلية مياه البحر لحل «أزمة العطش»

سرّعت الحكومة الجزائرية تنفيذ خطة لتحلية مياه البحر، تم إطلاقها منذ سنوات طويلة، لتفادي الاحتجاجات الشعبية التي أصبحت مألوفة مع اقتراب فصل الصيف، حيث يزداد…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مصر تعتمد بشكل رئيسي على مياه النيل في تلبية احتياجاتها (أرشيفية - مجلس الوزراء المصري)

مصر تستعين بـ«الذكاء الاصطناعي» للتغلب على «الشح المائي»

تعمد مصر إلى الاستعانة بتطبيقات «الذكاء الاصطناعي» من أجل تحسين عملية إدارة المنظومة المائية وتطوير منظومة توزيع المياه، في ظل شكاواها المستمرة من «شح» مواردها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

تسعى الحكومة المصرية لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها».

أحمد إمبابي (القاهرة)

ورش عشوائية على أنقاض مصانع «كبتاغون الأسد»

أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب «الأمفيتامين» المعروفة باسم الكبتاغون في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب)
أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب «الأمفيتامين» المعروفة باسم الكبتاغون في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب)
TT
20

ورش عشوائية على أنقاض مصانع «كبتاغون الأسد»

أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب «الأمفيتامين» المعروفة باسم الكبتاغون في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب)
أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب «الأمفيتامين» المعروفة باسم الكبتاغون في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب)

بدأت القصة حين حوّل النظام السوري السابق أقراص الكبتاغون المخدرة إلى «عملةٍ دمويةٍ» لتمويل نفسه وآلة حربه، فتحوّلت هذه الحبوب إلى سيلٍ جارفٍ يجتاح الشوارع والأزقة، يسرق الأعمار، ويحوّل الأحلام كوابيس.

في عهد النظام السابق، كانت صناعة الكبتاغون مشروعاً منهجياً للدولة. فقد استغل الأسد «البنية التحتية الدوائية» لسوريا، التي كانت تُعدُّ واحدةً من الأكثر تطوراً في المنطقة قبل الحرب لإنتاج المواد المخدرة. ففي معامل حلب ودمشق المرخصة والمجهزة بتقنيات عالية، عمل كيميائيون وخبراء صيدلانيون على تطوير تركيباتٍ «آمنة نسبياً»، تضمن الإدمان من دون التسبب بوفياتٍ سريعة.

لكن سقوط نظام الأسد لم ينه المعاناة، بل كان شرارةً لفوضى أكثر تعقيداً وفتح الساحة لصناعة كبتاغون أكثر فتكاً. فالحكومة الجديدة، التي داهمت ودمرت المصانع العلنية، لم تدرك أن شبكات الإنتاج ستتجزأ إلى ورشٍ عشوائيةٍ تُدار بخبرة مهربين سابقين، ومدمنين استفاقوا على واقع جديد.