العراق: غارات جوية تطيح قيادات لـ«داعش» في ديالى

إطلاق عملية أمنية لتعقب عناصر التنظيم

بدأ العراق يستشعر الأمان مع نجاحات جهود التصدي للإرهاب... وفي الصورة عوائل في حديقة أبو نواس على نهر دجلة في بغداد مطلع مايو (أ.ف.ب)
بدأ العراق يستشعر الأمان مع نجاحات جهود التصدي للإرهاب... وفي الصورة عوائل في حديقة أبو نواس على نهر دجلة في بغداد مطلع مايو (أ.ف.ب)
TT

العراق: غارات جوية تطيح قيادات لـ«داعش» في ديالى

بدأ العراق يستشعر الأمان مع نجاحات جهود التصدي للإرهاب... وفي الصورة عوائل في حديقة أبو نواس على نهر دجلة في بغداد مطلع مايو (أ.ف.ب)
بدأ العراق يستشعر الأمان مع نجاحات جهود التصدي للإرهاب... وفي الصورة عوائل في حديقة أبو نواس على نهر دجلة في بغداد مطلع مايو (أ.ف.ب)

أعلنت قيادة العمليات المشتركة في العراق، اليوم الاثنين، أن طائرات القوة الجوية العراقية نوع «إف 16» تمكنت من توجيه ضربة قاصمة إلى مفرزة أمنية تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي في إحدى مناطق محافظة ديالى (56 كم شمال شرقي بغداد).

وقالت القيادة في بيان لها إن «جهداً أمنياً واستخبارياً متميزاً تقوم به القطعات الأمنية للقصاص العادل والعاجل من بقايا عصابات (داعش) الإرهابية، واستكمالاً للعمليات الأمنية ضمن قاطع المسؤولية، وبعد أن زودت مديرية الاستخبارات العسكرية بالتنسيق مع خلية الاستهداف التابعة لقيادة العمليات المشتركة صقور الجو الأبطال بمعلومات عن وكر للإرهابيين في منطقة صنديج بمحافظة ديالى، نفذ صقور الجو ضربة جوية دقيقة على هذا الوكر». وأضاف البيان أنه «من خلال المتابعة الميدانية، أسفرت العملية عن قتل مفرزة إرهابية»، مؤكداً أن «من بين القتلى ما يسمى إداري ومسؤول مشاجب ولاية ديالى المدعو (إسماعيل خليل بليبل)، وما يسمى مسؤول الكفالات في قضاء الحويجة المدعو (أبو حسن النعيمي)».

وأشار البيان إلى أن «القطاعات الأمنية قطعت على نفسها عهداً بأن تزلزل الأرض تحت أقدام الإرهاب، ولن يكون لهم أثر على أرض العراق، وها هي قواتنا المسلحة تزف بشرى بعد أخرى بعد انتصاراتها المتتالية». إضافة إلى ذلك، نفذت قوة أمنية عملية مشتركة بهدف تمشيط المناطق التي يمكن أن يوجد فيها عناصر التنظيم في مناطق مختلفة من محافظة ديالى وقاطع حمرين.

وطبقاً لمصدر أمني بدأت «قوات أمنية مشتركة عملية تمشيط واسعة في تلال صنديج في عمق حوض حمرين (75 كم شمال شرقي بعقوبة)». وأضاف المصدر أن «العملية تهدف إلى تمشيط مناطق القصف الجوي العنيف الذي جرى هناك، واستهدف مضافات داعشية مهمة»، لافتاً إلى أن «العملية تجري وفق بُعد استخباري دقيق في تحديد الأهداف». وأشار إلى أن «القصف هو التاسع من نوعه في قاطع ديالى خلال العام الحالي 2023، والذي استهدف مضافة مهمة يختبئ بها إرهابيو داعش».

إضافة إلى ذلك، أصدرت محكمة جنايات الرصافة ببغداد حكماً بالسجن عشر سنوات بحق أربعة حراس في دائرة الإصلاح. وقال بيان لمجلس القضاء الأعلى إن «الحراس قاموا بإدخال هواتف وشرائح اتصال للنزلاء المحكوم عليهم من تنظيم (داعش) الإرهابي المودعين في السجون التابعة لدائرة الإصلاح لقاء مبالغ مالية». وأضاف أن «المحكمة أصدرت قرارها استناداً لأحكام القرار 160/ ثانياً /1 لسنة 1983».

وفي هذا السياق يقول الخبير الاستراتيجي بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور معتز محيي الدين رئيس المركز الجمهوري للدراسات في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق لا يزال مهدداً من قبل الإرهاب والإرهابيين، ولا يمكن توقع نهاية قريبة له، وهو ما ينبغي الاعتراف به لا سيما على صعيد التهديدات المستمرة للقوات الأمنية برغم تخفيف حدتها». وأضاف أن «تجفيف منابع الإرهاب مستبعد في الوقت الحالي لكون هناك مجاميع كبيرة جداً لا تزال موجودة في ريف دمشق في سوريا، فضلاً على وجود إرهابيين في محافظات أخرى لا يزالون يسيطرون عليها هناك، وتأوي قيادات مهمة تتوالد بين الحين والآخر من بينها قيادات عراقية كانت تشترك في عمليات عسكرية واستخبارية وسواها، وهربت بعد تحرير المدن العراقية من التنظيم خصوصاً في مدينة الموصل».

وأكد محيي الدين: «هذا يبين أن الحدود لا تزال مشكلة كبيرة للعراق؛ لأن الحدود بين العراق وسوريا ليست منضبطة تماماً بين البلدين، وهو ما يجعل عملية تهريب السلاح من سوريا إلى العراق عملية لا تزال سهلة إلى حد كبير، فضلاً على أن عراقيين كثراً انضموا إلى هذه المجاميع الإرهابية لأسباب مختلفة.

وأشار إلى أن القوات العراقية لم تدرس بشكل جدي أسباب بقاء هؤلاء العراقيين خلال كل تلك الفترات الزمنية داخل تلك التنظيمات، وهم يقومون الآن بعمليات نوعية مثل شراء الأسلحة، وجمع الأموال من أجل منحها إلى عوائل المسلحين الذين قتلوا أو الذين لا يزالون ضمن الحركة». وتابع الدكتور محيي الدين: «لذلك نجد أن تكتيكات الإرهاب تختلف في الوقت الحاضر عما كانت عليه سابقاً؛ حيث بدأ التكتيك يختلف لا سيما بعد أن أخذت القوات العراقية تكثف العمل الاستخباري والمراقبة الجوية، وتسريع محاكمة الإرهابيين الموجودين في السجون، وهو ما يدفع الإرهابيين إلى الهروب إلى خارج العراق، ما يتطلب تشريع قوانين جديدة لموضوع السلم المجتمعي، فضلاً على وجود نداءات من أجل عودة الذين هم في الخارج لكنها لا تزال بحاجة إلى تفعيل وتشريع».

 


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
TT

سوريون اندمجوا في ألمانيا مرتبكون أمام تحدي العودة

أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)
أنس معضماني ملتقطاً السيلفي الشهير مع المستشارة الألمانية السابقة في برلين عام 2015 (غيتي)

بعد 12 عاماً على صورته بطريقة «السيلفي» مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، يبدو اللاجئ السوري الأكثر شهرة في ألمانيا، أنس معضماني، مُرتاحاً في وطنه بالتبني.

ورغم أنه لم يكن يعرف من هي ميركل حينما التقط معها الصورة وهي تزور مركز اللجوء الذي كان فيه؛ فإنه بات اليوم معلقاً بألمانيا قدر ارتباطه بوطنه الأم سوريا.

مثل باقي السوريين الذين وصلوا لاجئين إلى ألمانيا بعد شرارة الثورة في بلادهم عام 2011، يواجه أنس وغيره من أبناء جيل اللجوء، قراراً صعباً: هل نعود إلى سوريا أم نبقى في ألمانيا؟

وخلال فترة ما بعد سقوط الأسد، يبدو أن خطط أنس بدأت تتضح معالمها: يريد الشاب المتحدر من داريا في ريف دمشق، العودة إلى سوريا لزيارة أهله، ومساعدتهم على إعادة بناء منزلهم كخطوة أولى.

بعدها، يقول أنس لـ«الشرق الأوسط»، إنه يريد أن يُقسّم وقته بين ألمانيا وسوريا، ويفتح مشاريع في البلدين. وكما لو أنه يبرر ذنباً ارتكبه يستدرك: «دمشق أجمل مدينة على الأرض، ولكني أحب ألمانيا وبرلين أصبحت مدينتي الثانية».

في ألمانيا، بات أنس مثالاً للاجئ السوري المندمج؛ فهو تعلم اللغة، وحصل على الجنسية ودخل سوق العمل، حتى إنه تعرف على فتاة أوكرانية تُدعى آنا، ويخططان لمستقبلهما معاً.

ولعل مسألة حصول أنس على جواز سفر ألماني هي ما يسهل قراره بالعودة وإن كانت جزئية إلى سوريا؛ فهو يعلم أنه يمكنه التحرك بحرّية بين الجانبين من دون أن يخشى خسارة أوراقه أو إقامته.

أنس معضماني (الشرق الأوسط)

وأنس واحد من قرابة 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف من مواطنيه يعيشون بإقامات لجوء، أو إقامات حماية مؤقتة يمكن أن تُسحب منهم عندما يستقر الوضع في سوريا.

الارتباك للجميع

غير أن الارتباك لم يكن من نصيب اللاجئين السوريين فقط؛ فالتغيير السريع للوضع في دمشق أربك أيضاً سلطات الهجرة في ألمانيا، ودفعها إلى تعليق البت في 47 ألف طلب لسوريين راغبين في الهجرة... الجميع ينتظر أن تتضح الصورة.

ولقد كان الأساس الذي تعتمد عليه سلطات اللجوء لمنح السوريين الحماية، الخوف من الحرب أو الملاحقة في بلادهم. وبعد انتفاء هذه المخاوف بسبب سقوط النظام، ربما سقط السند القانوني.

وامتد هذا الإرباك بشأن وضع اللاجئين السوريين إلى السياسيين الذين سارعوا بالحديث عن «ترحيل السوريين» إلى بلادهم بعد ساعات قليلة على سقوط الأسد.

ولم تصدر تلك الدعوات من الأحزاب اليمينية فقط، بل أيضاً من الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة، ووزيرة الداخلية نانسي فيزر المنتمية للحزب، والتي تحدثت عن المساعي لتغيير قواعد اللجوء للسوريين، والعمل على إبقاء «المندمج ومن يعمل» وترحيل المتبقين.

سورية ترتدي علم المعارضة السورية ضمن مظاهرات في شوارع برلين 10 ديسمبر احتفالاً بسقوط نظام الأسد (أ.ب)

ولكن الترحيل ليس بهذه البساطة. والكثير مما يتردد عن ترحيل السوريين قد تكون أسبابه انتخابية قبل أسابيع قليلة عن الانتخابات العامة المبكرة التي ستجري في 23 فبراير (شباط) المقبل.

وصحيح أنه من حيث المبدأ، يمكن سحب الإقامات المؤقتة من حامليها؛ لكن ذلك يتطلب أن تصنف وزارة الخارجية سوريا «دولة آمنة ومستقرة»، وهو ما قد يستغرق سنوات.

نيات البقاء والمغادرة

وحتى مع تأخر التصنيف الألماني لسوريا آمنة ومستقرة، لا يبدو أن الكثير من اللاجئين متشجعون للعودة. وبحسب «المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين» الذي يجمع معلومات دورية حول نيات اللاجئين بالبقاء أو المغادرة، فإن 94 في المائة من السوريين قالوا قبل سقوط الأسد إنهم يريدون البقاء في ألمانيا.

ورغم أنه ليست هناك إحصاءات جديدة منذ سقوط الأسد بعد، فإن المكتب يشير إلى أنه في العادة تزداد نيات البقاء مع زيادة فترة وجود اللاجئ في البلاد. وكلما طالت فترة وجوده، ازدادت إرادة البقاء.

وصل معظم السوريين إلى ألمانيا قبل أكثر من 5 سنوات، جزء كبير منهم قبل عقد من الزمن، وهذا يعني، حسب المركز، أن تعلقهم بألمانيا بات قوياً.

وتنعكس هذه الدراسة فعلاً على وضع اللاجئين السوريين في ألمانيا.

سيامند عثمان مثلاً، لاجئ سوري كردي، وصل إلى ألمانيا قبل 11 عاماً، يتحدر من القامشلي، وهو مثل مواطنه أنس، تعلم اللغة، وحصل على جواز ألماني، وما زالت معظم عائلته في القامشلي. ومع ذلك، لا يفكر بالعودة حالياً.

سيامند عثمان سوري كردي يعيش بألمانيا لا يفكر في العودة حالياً (الشرق الأوسط)

يقول عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في مناطق الأكراد «صعب في الوقت الحالي، وما زال غير مستقر»، ولكنه يضيف: «أنا أحب العودة وهذه أمنيتي، فأهلي هناك، ولكن أتمنى أولاً أن تتفق كل الأطراف في سوريا، ويصبح هناك أمان في منطقتنا».

أكثر ما يخيف سيامند هو عودة الحرب في سوريا، يقول: «تخيلي أن أترك بيتي هنا وأسلم كل شيء وأبيع ممتلكاتي وأعود إلى سوريا لتعود معي الحرب بعد أشهر وأضطر للنزوح مرة جديدة». ومع ذلك فهو مصرّ على أنه سيعود عندما تستقر الأمور.

ماذا عن الاقتصاد؟

المخاوف من عدم الاستقرار ليست وحدها التي تجعل السوريين مترددين في العودة. فالوضع الاقتصادي يلعب دوراً أساسياً، وفق ما تُقدر آلاء محرز التي وصلت عام 2015 إلى ألمانيا.

تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها «بنت نفسها من الصفر»؛ تعلمت اللغة، وعادت وتدربت على مهنتها (المحاسبة)، وهي الآن تعمل في هذا المجال، وحصلت على الجنسية الألمانية.

آلاء محرز لاجئة سورية تعمل في ألمانيا (الشرق الأوسط)

ورغم تفاؤلها الكبير بمستقبل سوريا، فإن آلاء المتحدرة من حمص ما زالت تحمل تحفظات حول الوضع هناك، والمسار الذي قد تسلكه سوريا في السنوات المقبلة، وتخشى أن تترك وظيفتها ومنزلها في برلين وتعود من دون أن تجد عملاً مناسباً.

مصاعب العائلات

وإذا كان قرار فرد المغادرة أو البقاء صعباً، فإنه قد يكون أكثر صعوبة للعائلات السورية التي وصلت مع أبنائها الذين نسوا اللغة العربية وأضاعوا سنوات لتعلم الألمانية.

يقول أنس فهد، المتحدر من السويداء، الذي وصل إلى ألمانيا قبل 3 أعوام تقريباً مع عائلته وابنه المراهق، إنه «ما زال يحمل إقامة حماية مؤقتة، ويعمل مهندساً كهربائياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الوقت مبكر الآن لاتخاذ قرار بالعودة»، شارحاً أن ابنه أمضى عاماً من الدراسة يتعلم اللغة الألمانية، وهو يحقق نتائج جيدة جداً في المدرسة ببرلين، ومن الصعب إعادته إلى مدارس سوريا حيث سيضطر لإضاعة عام آخر لدراسة اللغة العربية.

«وصلت يوم سقط الأسد»

وحتى الواصلون الجدد لا يخططون للعودة. لعل أحدثهم باسل حسين الذي وصل إلى برلين يوم سقوط الأسد، بعد أن دفع أكثر من 13 ألف يورو ليدخل عن طريق التهريب، والذي يقول إنه لن يعود الآن وقد وصل للتوّ.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع ما زال غير واضح، وهناك قرارات جديدة كل يوم». يفضل باسل أن يستكشف مستقبله في ألمانيا حتى ولو كان ذلك يعني أن عليه البدء من الصفر، على أن يعود إلى مستقبل غير معروف.

باسل حسين لاجئ سوري وصل إلى ألمانيا يوم سقوط الأسد (الشرق الأوسط)

وليس فقط السوريون هم المترددين حيال العودة، بل إن الألمان يخشون خسارة كثير منهم دفعة واحدة، خصوصاً أولئك الذين دخلوا سوق العمل ويملأون فراغاً في مجالات كثيرة.

ويعمل أكثر من 5 آلاف طبيب سوري في مستشفيات ألمانيا، ويشكلون بذلك الشريحة الأكبر من بين الأطباء الأجانب في ألمانيا. ويعمل المتبقون في مهن تعاني من نقص كبير في العمال؛ كالتمريض والبناء وقطاع المطاعم والخدمات.

وبحسب معهد أبحاث التوظيف، فإن معدل دخول السوريين سوق العمل هو 7 سنوات لتعلم اللغة وتعديل الشهادات. ويشير المعهد إلى أن السوريين يملأون شغوراً في وظائف أساسية في ألمانيا، ومع ذلك فإن معدل البطالة مرتفع بينهم، خصوصاً بين النساء اللواتي تعمل نسبة قليلة منهن فقط.

وقد حذرت نقابات الأطباء والعمل من الدعوات لتسريع ترحيل السوريين، لما قد يحمله ذلك من تأثيرات على سوق العمل في ألمانيا.

وحذر كذلك مانفريد لوشا، وزير الصحة في ولاية بادن فورتمبيرغ في غرب ألمانيا التي يعمل بها عدد كبير من الأطباء السوريين، من النقاشات حول تسريع الترحيل، وقال: إذا غادر العاملون السوريون في قطاع الصحة «فستكون هناك ثغرة هائلة».

وقالت نقابة المستشفيات في الولاية نفسها، إن «مغادرة كل طبيب أو عامل صحة سوري ستشكل خسارة لنا».