اكتمل وصول حجاج بيت الله الحرام إلى «مشعر منى» لقضاء يوم التروية، الأربعاء، الثامن من شهر ذي الحجة 2025، مكثرين من التلبية والتسبيح والتكبير.
واجتمع قرابة 64 في المائة من الحجاج بمشعر مِنى، في حين أن 36 في المائة يتوجهون مباشرة إلى الوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودون إلى «مشعر منى» بعد «النفرة» من عرفة والمبيت بمزدلفة، وذلك لقضاء أيام (10 و11 و12 و13)، ورمي الجمرات الثلاث، جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى؛ إلا من تعجّل.

مكانة تاريخية ومعالم دينية
يقع «مشعر منى» بين مكة المكرمة و«مشعر مزدلفة» على بُعد سبعة كيلومترات شمال شرقي المسجد الحرام، وهو حد من حدود الحرم تحيطه الجبال من الجهتَيْن الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، وتحدُّه من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة «مشعر مزدلفة» وادي «محسر».

ويُعدّ «مشعر منى» ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم -عليه السلام- الجمار، وذبح فدي إسماعيل -عليه السلام-، ثم أكد نبي الهدى -صلى الله عليه وسلم- هذا الفعل في حجة الوداع، وحلق واستنّ المسلمون بسنته، يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.

ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية منها الشواخص الثلاث التي تُرمى، وبه مسجد «الخيف»، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى، وقد صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء من قبله.

أحداث تاريخية
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة الـ12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلاً من الأوس والخزرج لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تلتها الثانية في حج العام الـ13 من الهجرة وبايعه فيها -صلى الله عليه وسلم- 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه، الذي يقع من الشمال الشرقي لجمرة العقبة، حيث بنى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور مسجد البيعة في عام 144 هجرياً، الواقع بأسفل جبل «ثبير» قريباً من شعب بيعة العقبة، إحياء لهذه الذكرى التي عاهد حينها الأنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمؤازرته ونصرته وهجرته والمهاجرين إلى المدينة المنورة.

اهتمام سعودي بحجم المتطلبات
وجاء اهتمام الحكومة السعودية بـ«مشعر منى»؛ استشعاراً منها للفترة الزمنية التي يقضيها الحجاج في «منى»، وإيماناً من القيادة الرشيدة بحجم المتطلبات التي تضمن راحة ضيوف الرحمن خلال فترة أداء مناسكهم.

ووفّرت الخدمات الأمنية والطبية والتموينية ووسائل النقل للتسهيل على قاصدي بيت الله الحرام حجهم وأداء مناسكهم بروحانية وطمأنينة، مؤكدةً الجهات الحكومية والخدمية أهمية السعي لتنفيذ كل ما من شأنه إنجاح مهامها في موسم الحج.
