أولى رحلات مصابي الحرب السوريين تصل إلى جدة مباشرة من دمشق

مشهد غاب 14 عاماً يعود بدفء إنساني

خدمات مساندة للمصابين تمهيداً لصعودهم للطائرة (الشرق الأوسط)
خدمات مساندة للمصابين تمهيداً لصعودهم للطائرة (الشرق الأوسط)
TT

أولى رحلات مصابي الحرب السوريين تصل إلى جدة مباشرة من دمشق

خدمات مساندة للمصابين تمهيداً لصعودهم للطائرة (الشرق الأوسط)
خدمات مساندة للمصابين تمهيداً لصعودهم للطائرة (الشرق الأوسط)

في لحظة انتظرها السوريون طويلاً، تصل فجر الجمعة إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة أول رحلة جوية مباشرة قادمة من مطار دمشق، تقل 192 حاجاً سورياً من أصحاب الإصابات البالغة جراء الحرب، وذلك في مشهد يغيب منذ أكثر من 14 عاماً.

وتأتي الرحلة ضمن منحة رئاسية خصصت لذوي الشهداء والجرحى، وسط جهود لوجستية وطبية كبيرة لتأمين وصولهم وأداء مناسك الحج هذا العام، في تنسيق مشترك بين الجهات المعنية في سوريا، والسعودية التي وفرت، بحسب المشرفين على بعثة الحج السورية، كافة التسهيلات لاستقبالهم، ورعايتهم.

وقال الدكتور فايز مطر، رئيس مجموعة أصحاب الهمم للحجاج السوريين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن هذه الرحلة تعد الأولى من نوعها، وجرى تنفيذها عبر إحدى شركات الطيران الأجنبية مباشرة إلى مدينة جدة، موضحاً أن ذوي الشهداء توزعوا على عدة أفواج، فيما تطلب تنسيق رحلة الجرحى إجراءات خاصة، نظراً لحالاتهم الصحية.

وأشار مطر إلى أن الإصابات بين الحجاج شملت حالات حرجة ومعقدة، منها 8 حالات فقد بصر كلي، و7 حالات بتر مزدوج للساقين، و11 حالة فقدان عين واحدة، إضافة إلى 18 حالة بتر طرف علوي، و42 حالة بتر طرف سفلي فوق الركبة، و55 حالة بتر تحت الركبة، إلى جانب 25 إصابة بشلل شقي، و25 إصابة متنوعة، فيما سجلت حالة واحدة لحروق كاملة بالجسم.

تجمع الجرحى السوريين في مطار دمشق قبل توجههم إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي (الشرق الأوسط)

وحول عملية اختيار المستفيدين من المنحة، قال إنها جرت من خلال لجنة مختصة ركزت على الجرحى الذين أصيبوا خلال السنوات الأخيرة نتيجة الحرب، خصوصاً أولئك الذين شاركوا في عمليات التحرير، مع تخصيص نسبة محدودة للإصابات القديمة، موضحاً أنه جرى اختيار الأسماء عبر قرعة علنية شملت جميع المناطق السورية، وتحت إشراف مباشر من لجان متخصصة، لضمان العدالة والشفافية.

ونُظمت ملفات الفائزين بعد صدور نتائج القرعة، واستخراج جوازات السفر من مديرية الهجرة والجوازات في حلب وفقاً لمطر الذي قال إنه جرى نقلهم من مختلف المناطق السورية إلى المدينة لهذا الغرض، ثم تسجيلهم في مكتب الحج، مع إعطاء الأولوية لملفاتهم، مؤكداً أن المتابعة الإدارية والشرعية للحجاج تمت عبر لقاءات مباشرة، إضافة إلى ورش عمل رقمية وتواصل عبر المنصات الاجتماعية، كما جرى تأمين فريق مختص بالأطراف الصناعية ضمن البعثة، مع توفير المستلزمات اللازمة، وفحص الأجهزة في مراكز متخصصة قبل موعد السفر.

وذكر مطر أن النقل إلى مطار دمشق جرى من خلال ست نقاط تجمع منتشرة في المحافظات لتخفيف أعباء التنقل، مع توفير مرافقين من بين الجرحى أنفسهم، بحيث تراعي خطة الإسناد أن ترافق الحالات الخفيفة نظيراتها المتوسطة أو الشديدة. كما جرى حجز غرف في الطوابق السفلية من الفنادق لتسهيل الحركة، إضافة لتوفير مستلزمات تنقل خاصة في مكة مثل الكراسي المتحركة، والعكازات.

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، عبر عدد من الجرحى في مطار دمشق عن مشاعر مختلطة من الفرح والامتنان، بعد تمكنهم من أداء مناسك الحج مباشرة من بلادهم، للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.

192 مصاباً سورياً ينهون إجراءات صعود الطائرة ونقل الأمتعة في مطار دمشق (الشرق الأوسط)

من بين هؤلاء، وديع حاج محمود، القادم من مدينة الأتارب جنوب حلب، مودعاً زوجته وأطفاله الأربعة، وقال بصوت يختلط بالدموع، بعد كل ما مررنا به من ألم وفقد، أكرمنا الله بأداء الركن الخامس، ويصعب وصف هذه اللحظة، لكن الفرحة تتضاعف حين أكون مع رفاق الأمس في المطار، نسترجع بعضاً من الماضي الذي لا يُنسى.

واستذكر محمود إصابته في أغسطس (آب) 2016، عندما كان ضابطاً مناوباً يتفقد «نقاط الرباط في منطقة الراشدين الرابعة» وقال: كنت مكشوفاً تماماً للعدو «جيش النظام» حين أُصبت بقذيفة موجهة من نوع بي 10، انفجرت بين قدمي وبترت أطرافي مباشرة، رغم ذلك لم أتراجع عن دوري، وكنت من أوائل من دخلوا مدينة حلب خلال عملية التحرير.

ولم تكن رحلة الجرحى السوريين إلى الحج هذا العام مجرد انتقال جغرافي، بل هي رحلة رمزية تعيد وصل ما انقطع، وتجسد التلاحم الإنساني والديني الذي يظل أقوى من سنوات الحرب، وهي أيضاً انعكاس لتغيير كبير في المشهد السوري، السياسي والإنساني، ولروح جديدة من الانفتاح والتكافل الإقليمي.

من بين الحجاج السوريين المصابين، كان جمعة قدور الشيخ، المعلم والأب لـ4 أبناء يخطو خطواته الأولى نحو مكة المكرمة ليؤدي مناسك الحج وسط مشاعر غامرة وصفها بـ«العظيمة».

الشيخ الذي فقد ساقه اليسرى في أغسطس من عام 2012 استعاد الذكريات وقال: «كنا نتحرك باتجاه نقطة قريبة من موقع تمركزنا، وأثناء عملية الالتفاف تعرضنا لهجوم مباشر من قوات النظام أدى ذلك لاستشهاد عدد من زملائي وإصابتي بشكل مباشر، كاشفاً أنه اليوم وهو يتجه بشكل مباشر إلى مكة المكرمة يشعر بأن كل الألم قد تلاشى.


مقالات ذات صلة

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

الاقتصاد جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

أعربت دول الخليج عن بالغ قلقها تجاه التشريعين الأوروبيين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد البديوي يتحدث في «قمة معهد ميلكن للشرق الأوسط وشمال أفريقيا» في أبوظبي (إكس)

البديوي: الموقع الجغرافي والاستقرار السياسي يجعلان الخليج وجهة عالمية للاستثمار

أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج أن موقعها الجغرافي، واستقرارها السياسي، وقوة أسسها الاقتصادية، تجعلها وجهةً عالميةً جاذبةً للاستثمار.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» بالعاصمة البحرينية الأربعاء (بنا) play-circle

«بيان قمة المنامة»: 162 بنداً ترسم ملامح المستقبل الخليجي

جاء البيان الختامي للقمة الخليجية في المنامة محمّلاً برسائل عديدة تعكس توجهاً خليجياً أكثر صراحة نحو تعزيز الأمن المشترك، والدفع باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الخليج جانب من الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق السعودي - البحريني في المنامة الأربعاء (واس) play-circle 00:42

وليا العهد السعودي والبحريني يرأسان الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق المشترك

أشاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في برقيتي شكر للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، وولي عهده الأمير سلمان بن حمد، بنتائج القمة الخليجية 46 في المنامة

«الشرق الأوسط» (المنامة)

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)
معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)
TT

قلق عربي - إسلامي لنية إسرائيل إخراج الغزيين باتجاه مصر

معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)
معبر رفح الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية (أرشيفية - رويترز)

أعربت السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الثمانية، في بيان، على الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مؤكدين ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أيٍ من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية.

وجدَّد الوزراء تقديرهم لالتزام الرئيس ترمب بإرساء السلام في المنطقة، مؤكدين أهمية المضي قدماً في تنفيذ خطته بكل استحقاقاتها دون إرجاء أو تعطيل، بما يحقق الأمن والسلام، ويُرسّخ أسس الاستقرار الإقليمي.

وشددوا على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار بشكل كامل، ووضع حد لمعاناة المدنيين، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيود أو عوائق، والشروع في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وتهيئة الظروف أمام عودة السلطة الفلسطينية لتسلم مسؤولياتها في القطاع، بما يؤسس لمرحلة جديدة من الأمن والاستقرار بالمنطقة.

وأكد الوزراء استعداد دولهم لمواصلة العمل والتنسيق مع أميركا وكل الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، لضمان التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2803، وجميع قرارات المجلس ذات الصلة، وتوفير البيئة المواتية لتحقيق سلام عادل وشامل ومستدام، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين، بما يؤدي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، بما في ذلك الأراضي المحتلة في غزة والضفة الغربية، وعاصمتها القدس الشرقية.


برنامج سعودي لتحسين وضع التغذية في سوريا

المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)
المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)
TT

برنامج سعودي لتحسين وضع التغذية في سوريا

المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)
المهندس أحمد البيز مساعد المشرف العام على المركز للعمليات والبرامج لدى توقيعه البرنامج في الرياض الخميس (واس)

أبرم «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، الخميس، برنامجاً تنفيذياً لتحسين وضع التغذية لأكثر الفئات هشاشة، من الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات، في المناطق ذات الاحتياج ومجتمعات النازحين داخلياً بمحافظات سورية.
ويُقدِّم البرنامج خدمات تغذية متكاملة وقائية وعلاجية، عبر فرق مدربة ومؤهلة، بما يسهم في إنقاذ الأرواح وضمان التعافي المستدام. ويستفيد منه 645 ألف فرد بشكل مباشر وغير مباشر في محافظات دير الزور، وحماة، وحمص، وحلب.

ويتضمن تأهيل عيادات التغذية بالمرافق الصحية، وتجهيزها بالأثاث والتجهيزات الطبية وغيرها، وتشغيل العيادات بالمرافق الصحية، وبناء قدرات الكوادر، وتقديم التوعية المجتمعية.

ويأتي هذا البرنامج في إطار الجهود التي تقدمها السعودية عبر ذراعها الإنساني «مركز الملك سلمان للإغاثة»؛ لدعم القطاع الصحي، وتخفيف معاناة الشعب السوري.


انعقاد اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري في الرياض

الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)
الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)
TT

انعقاد اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري في الرياض

الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)
الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني يرأسان اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري (واس)

استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض الخميس، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر، وجرى خلال الاستقبال بحث العلاقات الثنائية وأوجه التعاون المشترك، وسبل تنميتها بما يلبي تطلعات قيادتَي وشعبَي البلدين الشقيقين.

وترأَّس الأمير فيصل بن فرحان والشيخ محمد آل ثاني، اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - القطري، حيث استعرضا العلاقات الأخوية المتينة، وسبل تطويرها على الصعيدَين الثنائي ومتعدد الأطراف في إطار أعمال مجلس التنسيق السعودي - القطري، وتكثيف التعاون المشترك من خلال عددٍ من المبادرات التي من شأنها الارتقاء بالعلاقات نحو آفاق أرحب.

وأشاد الجانبان بالتعاون والتنسيق القائم بين لجان مجلس التنسيق المنبثقة وفرق عملها، وشدَّدا على أهمية استمرارها بهذه الوتيرة؛بهدف تحقيق المصالح النوعية المشتركة للبلدين الشقيقين وشعبيهما.

الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر (واس)

كما استعرضت أمانة اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري، خلال الاجتماع، مسيرة أعمال المجلس ولجانه المنبثقة منه خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى المستجدات والأعمال التحضيرية للاجتماع الثامن للمجلس التنسيقي السعودي - القطري.

وفي ختام الاجتماع، وقَّع وزير الخارجية السعودي، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، محضر اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي - القطري.

حضر الاجتماع، أعضاء اللجنة التنفيذية من الجانب السعودي، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد العيبان، ووزير المالية محمد الجدعان، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية السفير الدكتور سعود الساطي، ورئيس فريق عمل الأمانة العامة المهندس فهد الحارثي.