«اعتدال»... 8 سنوات من جهود تطويق الفكر المتطرف

مبادرة سعودية عالمية لنشر السلام ومكافحة التشدد

خادم الحرمين لدى تدشينه مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف بحضور قادة ورؤساء الدول (واس)
خادم الحرمين لدى تدشينه مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف بحضور قادة ورؤساء الدول (واس)
TT

«اعتدال»... 8 سنوات من جهود تطويق الفكر المتطرف

خادم الحرمين لدى تدشينه مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف بحضور قادة ورؤساء الدول (واس)
خادم الحرمين لدى تدشينه مركز اعتدال لمكافحة الفكر المتطرف بحضور قادة ورؤساء الدول (واس)

منذ أن دشّنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في 21 مايو (أيار) 2017، بمشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقادة 55 دولة في العالم، عكف المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف «اعتدال» من مقره في السعودية، على التصدي بحزم للأفكار المتطرّفة، ومواجهة أنشطة التنظيمات الإرهابية على شبكة الإنترنت.

ونجح «اعتدال» على مدى ثماني سنوات من عمره، في إطلاق العديد من المبادرات التي حدّت من انتشار الفكر المتطرف، ومنع ملايين المحتويات المتطرفة والروابط المشبوهة والأطروحات المسمومة بالأفكار والآيديولوجيات الضارّة من الوصول إلى المجتمع، ونقل خبرته إلى أكثر من 78 دولة حول العالم، من خلال تمكين ممثلي الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المتخصصة في مكافحة التشدد، من زيارة المركز في مقره بالعاصمة السعودية والاطلاع عن كثب على أعماله وجهوده في تطويق الفكر المتطرف.

استقبل المركز في مقره بالرياض ممثلي أكثر من 78 دولة لنقل خبرته (واس)

من عنقودية الخلايا إلى سرية الشبكات

ويقوم مركز «اعتدال» في السعودية برصد الأنشطة التحريضية للتنظيمات الإرهابية التي تنشط في مراحل الكمون من خلال الخلايا النائمة واستراتيجية الذئاب المنفردة التي تحافظ على إبقاء خط التطرف ساخناً على الأرض، فيما تنشط جهودها التحريضية على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لضمان حيوية نظامها الدعائي وبثّ رسائلها التحريضية، حيث يعتمد التطرف على سلب التفكير بوصفه ممهداً لمرحلة التجنيد.

وتفضل الجماعات المتطرفة استخدام خطاب سرّي ومزدوج لاستقطاب الأتباع والمتعاطفين، من خلال العزف على الأوتار الأكثر ملامسة لقلوب الجمهور الواسع، فيما تخفي من وراء تلك الواجهات الاستعطافية واللغة المتلونة، شراك التورط والانتماء إلى الأجندة الحقيقية من وراء الألاعيب الخطابية.

وتعتمد التنظيمات المتطرفة في نشاطها على شبكة الإنترنت، على توظيف برمجيات سيبرانية متطورة لإخفاء الهويات الحقيقية وتشتيت انتباه السلطات الأمنية، لاستهداف المجتمعات العربية بالخطابات المتطرفة.

مركز «اعتدال» يؤكد رغبة السعودية في محاصرة الإرهاب على كل الجبهات (اعتدال)

مواجهة الإرهاب الشبكي

ويمثل «الإرهاب الشبكي» الذي يتصدى له «اعتدال»، واحداً من أشكال أنشطة المنظمات المتطرفة على الإنترنت، ويتمثل في الضخ الهائل للمحتويات المتطرفة على شبكات التواصل والألعاب الإلكترونية، لتشجيع حالة جديدة من نشوء الفكر المتطرف، تتداخل فيها مؤثرات الألعاب مع المعلومات المُجتزأة من المواد الرقمية المتداولة شبكياً؛ مما يجعل مرجعية الأتباع والمتعاطفين مع هذا النوع من التطرف عبارة عن تركيب آيديولوجي يتميز بالتفكك والضحالة.

ورغم سطحية المحتوى المتطرف، تقول نشرة صادرة عن «اعتدال» إن محتوى الجماعات المتطرفة على الإنترنت يتمتع بسهولة الانتشار، خصوصاً لدى صغار السن، الذين تتقاطع لديهم أزمة الذات مع أزمات مُتخيّلة ترتبط بمصيرهم وبمصير العالم، ما يدفعهم إلى دعم أو تبنّي حالات عنف معينة ولو عبر عمليات محدودة الأثر تستلهم في الغالب سيناريوهات الألعاب الرقمية؛ إذ يجدون فيها تعبيراً عن توتراتهم واضطراباتهم، لكونها قريبة بفعل بساطة وتفاهة إثارتها إلى أفقهم الذهني والوجداني.

ويشجع «اعتدال» على تحصين البيئة الإلكترونية التي تجذب فئة الشباب، على منصات الألعاب الإلكترونية، ومحاولة بناء منظومة تتبع ودراسة للرسائل الصريحة والضمنية التي يجري تمريرها عبر هذه المنصات المتعددة، والتي تتجاوز في حالات إلى عملية إعادة برمجة لهذه الفئة من المجتمع، على تقبل مشاعر وانفعالات بالغة الخطورة، وهو ما قد يكون منزلقاً نحو تسهيل الوقوع في فخ الاستقطاب الشبكي للتنظيمات.

مركز «اعتدال» يعتمد تقنيات غير مسبوقة لمكافحة التطرّف (اعتدال)

176 مليون محتوى متطرف

وتمكنت شراكة مثمرة انطلقت بين مركز «اعتدال» ومنصة «تلغرام» عام 2022، من تفكيك شبكات التطرف ومستعمرات التحريض التي تنشط على المنصة العالمية، وبثّ التنظيمات الإرهابية محتويات مغرضة لتمرير رسائلها وتضليل المجتمعات المستهدفة واستقطاب أفرادها لتجنيدهم كعناصر في بنية التنظيمات المقاتلة في بؤر الصراع الإقليمي والدولي.

ويتعاون المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) منذ ثلاث سنوات، مع منصة «تلغرام» من خلال مراجعة المحتوى الإرهابي المنشور باللغة العربية عبر الإنترنت، ويعمل المركز من خلال فرقه المتخصصة، على رصد وتصنيف وتحليل أي محتوى متطرف في غضون 6 ثوانٍ فقط من ظهوره على شبكة الإنترنت، وبمستوى غير مسبوق عالمياً من الدقة يتعدى 80 في المائة، مما يتيح آفاقاً جديدة في مجال مكافحة الأنشطة المتطرفة في المجال الرقمي.

ومنذ فبراير (شباط) 2022 وحتى الربع الأول من عام 2025، بلغ إجمالي عدد المحتويات المتطرفة التي تمت إزالتها أكثر من 176,758,457 مادة متطرفة تم حذفها، و16.201 قناة تم إغلاقها، مساهمة بذلك في تطويق المحتويات المتطرفة، وتحصين المجتمعات العربية من آثارها المدمرة من خلال رصد وإزالة المحتويات الممنهجة التي تمجّد الإرهاب.

يشجع «اعتدال» على تحصين البيئة الإلكترونية في مواجهة المحتويات المتطرفة (اعتدال)

التزام مستمر

وكشف المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، في مايو الحالي، عن تصاعد نشاط عدد من التنظيمات الإرهابية في نشر المحتويات المتطرفة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، خلال الربع الأول من عام 2025، معلناً عن نجاح جهود فرق الرصد لدى المركز في إزالة 16 مليون مادة متطرفة، وأكثر من 1.2 مليون رابط إلكتروني، نشرت للتحايل على الرصد الرقمي، وتوجيه المستخدمين إلى محتويات بديلة، إضافة إلى إغلاق 1408 قنوات متطرفة، وذلك خلال شهور الثلاثة الأولى من العام الحالي، الأمر الذي يعكس أن الالتزام مستمر في مواجهة إصرار منظمات الفكر المتطرف على بث آيديولوجياتها المسمومة في المجتمعات.


مقالات ذات صلة

المغرب: وكالات مكافحة الإرهاب تبحث سبل تعزيز الأمن في أفريقيا

شمال افريقيا أكد المشاركون في الاجتماع أن التهديد الإرهابي «يتغير باستمرار وأصبح معقداً» (متداولة)

المغرب: وكالات مكافحة الإرهاب تبحث سبل تعزيز الأمن في أفريقيا

تتواصل اليوم الأربعاء بمدينة أكادير المغربية، الدورة الرابعة للاجتماع رفيع المستوى لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب والأمن في أفريقيا، المعروف باسم «منصة مراكش».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا أفراد من الشرطة الفرنسية في باريس (أ.ف.ب)

فرنسا تعزز الأمن في محيط مواقع أميركية ويهودية

تعمل فرنسا على تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط المواقع اليهودية والأميركية على أراضيها، في ظل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا وحدات من الجيش وقوات الأمن الصومالي استهدفت عناصر الحركة في منطقة «عيل هريري» بمحافظة «هيران» (أ.ب)

مقتل 40 مسلحاً من حركة «الشباب» في عملية عسكرية وسط الصومال

قضت عناصر الجيش وقوات الأمن الصومالية على نحو 40 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية، المرتبطة بتنظيم «القاعدة» الإرهابي، في عملية عسكرية مشتركة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (مقديشو/الصومال)
آسيا عناصر من الشرطة الباكستانية بإقليم خيبر (أرشيفية)

قوات الأمن الباكستانية تحيد 14 إرهابياً بشمال غربي البلاد

تأتي العملية بعد يوم من مقتل 5 «إرهابيين ترعاهم الهند»، رمياً بالرصاص، خلال عملية استخباراتية تمت بمنطقة ماخ في بالوشستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
شؤون إقليمية صورة للقيادي في «داعش» أوزغور ألطون المكنّي «أبو ياسر التركي» بعد ترحيله إلى تركيا عقب القبض عليه على حدود أفغانستان في عملية مشتركة للمخابرات التركية والباكستانية (إعلام تركي)

تركيا تلقي القبض على أرفع مسؤوليها في «داعش» بالتعاون مع باكستان

تمكنت المخابرات التركية والباكستانية من القبض على أرفع مسؤول تركي بتنظيم «داعش» الإرهابي، في عملية مشتركة على حدود أفغانستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

السعودية تؤكد التزامها الراسخ بدعم القضايا الإنسانية العالمية

السفير عبد المحسن بن خثيلة لدى إلقائه بياناً أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة لدى إلقائه بياناً أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد التزامها الراسخ بدعم القضايا الإنسانية العالمية

السفير عبد المحسن بن خثيلة لدى إلقائه بياناً أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة لدى إلقائه بياناً أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية، الجمعة، التزامها الراسخ بدعم القضايا الإنسانية العالمية، ومساهمتها في التخفيف من معاناة المتضررين من الحروب والكوارث.

وقال مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، السفير عبد المحسن بن خثيلة، لدى إلقائه بياناً أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، إن السعودية، ورغم التحديات الاقتصادية العالمية، تواصل نهجها السخي، وتُعد من أكبر الدول المانحة في المجالين الإنساني والتنموي.

وأشار بن خثيلة إلى أن الأزمات الإنسانية باتت أكثر تفاقماً نتيجة تزايد النزاعات المسلحة وتراجع الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، مشدداً على أن معالجة جذور الأزمات هو السبيل لتخفيف المعاناة الإنسانية.

وأضاف أن انضمام السعودية إلى المبادرة العالمية لتجديد الالتزام بالقانون الدولي الإنساني التي أطلقتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وترؤّسها مع كولومبيا وإثيوبيا مسار العمل الثالث منها المعني بالقانون الدولي الإنساني والسلام، ‏واستضافتها لعدة محادثات سلام بين أطراف النزاعات، يأتي إيماناً منها بأهمية الحوار كوسيلة لتحقيق السلام الدائم.

وفي الشأن الفلسطيني، أوضح السفير أن السعودية أدانت بشدة الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وشدَّدت على أن منع دخول المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة واستخدامها كأداة حرب يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

وجدَّد بن خثيلة في هذا الصدد دعوة السعودية إلى وقف إطلاق النار فوراً وبشكل مستدام، لافتاً إلى أنه كان من المقرر عقد مؤتمر للسلام برئاسة مشتركة مع فرنسا خلال يونيو (حزيران) الحالي ضمن جهود المملكة في «التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين»، إلا أن تطورات المنطقة الأخيرة أدت لتأجيله.

وشدَّد على أهمية الدمج بين الإغاثة والتنمية في مواجهة الأزمات، مشيراً في هذا السياق إلى نموذج السعودية المتكامل من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والصندوق السعودي للتنمية.