رابطة العالم الإسلامي تطلق «مبادرة دولية» لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة

العيسى: ستكون المبادرة «ملموسة الأثر» من خلال تفعيل الاتفاقيات النوعية الموقَّع عليها

الأمين العام للرابطة يشهد توقيع أكثر من 20 اتفاقية وتعهداً عالمياً (الشرق الأوسط)
الأمين العام للرابطة يشهد توقيع أكثر من 20 اتفاقية وتعهداً عالمياً (الشرق الأوسط)
TT

رابطة العالم الإسلامي تطلق «مبادرة دولية» لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة

الأمين العام للرابطة يشهد توقيع أكثر من 20 اتفاقية وتعهداً عالمياً (الشرق الأوسط)
الأمين العام للرابطة يشهد توقيع أكثر من 20 اتفاقية وتعهداً عالمياً (الشرق الأوسط)

اختتمت أعمال المؤتمر العالمي لمبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة، الأحد، في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، بـإطلاق «إعلان إسلام آباد لتعليم الفتيات» الذي حظي بمصادقة تاريخية من كبار علماء الأمة والمجامع الفقهية الإسلامية وممثلي المنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية الحكومية والأهلية والناشطين العالميين، مع تدشين منصة للشراكات الدولية «الذراع التنفيذية للمبادرة» بأكثر من 20 اتفاقيةً وتعهداً عالميّاً، وقَّعها عددٌ من كبار العلماء ورؤساء المجامع والمجالس الإسلامية، ومنظمات الأمم المتحدة، وقادة منظمات ومؤسسات دولية وبحثية وأكاديمية وإعلامية حكومية وأهلية.

أمين عام رابطة العالم الإسلامي خلال كلمته في ختام المؤتمر وإطلاق «إعلان إسلام آباد»

وشهد الإعلان وتدشين المنصة، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور محمد العيسى، وممثلو الحكومة والبرلمان لجمهورية باكستان الإسلامية؛ راعية مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة، وعددٌ من كبار مفتي وعلماء العالم الإسلامي وأعضاء هيئات ومجالس العلماء، والمجامع الفقهية الإسلامية، والناشطة العالمية في تعليم الفتيات مالالا يوسفزي، وجمع من وزراء التعليم والتعليم العالي في الدول الإسلامية، ورابطة الجامعات الإسلامية، والمنصة الأكاديمية للأمم المتحدة (جامعة السلام).

جانب من مشاركة رئيس البرلمان الباكستاني في ختام أعمال المؤتمر (الشرق الأوسط)

وجاء «إعلان إسلام آباد لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة»، استلهاماً لمضامين الوثيقتين التاريخيتين: «وثيقة مكة المكرمة» و«وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية»، الصادرتين عن رابطة العالم الإسلامي، بإجماع علماء المسلمين، من جوار قِبلتهم الجامعة «مكة المكرمة»، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وما تضمّنتاه من تأكيدٍ على تمكين المرأة في التعليم بمراحله كافّة في إطارٍ متوازنٍ يُناسب طبيعتها، ووَفق هدي الإسلام وقيَمه الرفيعة، وعدم جواز الاستطالة عليها، أو تهميش دورها، أو امتهان كرامتها، أو التقليل من شأنها.

كما استند الإعلان على مخرجات الجلسة المغلقة لكبار مفتي الأمة وعلمائها من مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية مع مشاركة ممثلي المجامع الفقهية، وذلك في يوم الجمعة العاشر من رجب لعام 1446هـ، بمركز المؤتمرات بعاصمة جمهورية باكستان الإسلامية إسلام آباد، برئاسة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين الدكتور محمد العيسى، وفي إطار مبادرة رابطة العالم الإسلامي: «تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة... التحديات والفرص».

كما اجتمع عددٌ من كبار مفتي العالم الإسلامي وأعضاء هيئات ومجالس العلماء من مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية، وممثلو المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة التعاون الإسلامي، في جلسة مغلقة تداوَل العلماء خلالها موضوعاً يلامس اهتمام العالم الإسلامي، وهو حق الفتيات في التعليم: «دون سقف محدد» و«لا شروط معيقة».

جانب من حضور مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة (الشرق الأوسط)

وخلصوا في ختام جلستهم، إلى أنَّ تعليم المرأة حقٌّ مشروعٌ مجمعٌ عليه بين علماء الأمة الإسلامية؛ انطلاقاً من هدي الشريعة الذي جعل طلب العلم فريضة على كل مسلم (رجلاً كان أم امرأة)، مؤكدين أنه لا يجوز تقييد هذا الحق بعمرٍ أو مستوًى أو تخصص معيَّن، كما لا تجوز نسبة أي تحفظ في هذا الشأن للشريعة الإسلامية بعد أن أجمع علماء الأمة بمختلف مذاهبهم ومدارسهم قديماً وحديثاً على مشروعية تعليم المرأة أسوة بالرجل.

كما بيَّنوا خطورة المجازفة بتحريف دلالة النصوص الشرعية، ومخالفة مقاصدها العليا لتسويغ أي مفاهيم مغلوطة، ومن ذلك نصرة العادات والتقاليد، أو أي أهداف أخرى، وأوضحوا أن هذا الصنيع الباطل من أعظم الجناية على الشريعة.

وأخذ المصادقون على الإعلان بالاعتبار والتقدير الأهمية الاستراتيجية والحاسمة في اجتماع هذا التنوُّع الإسلامي الكبير غير المسبوق من القيادات الدينية المتنوعة والمؤثرة بغية إيضاح هدي الشريعة الإسلامية في هذا الموضوع الملحّ، الذي ظل عالقاً دون تناول ديني جامع وحاسم على أثر جدليات معزولة تم تصعيدها لبعض الأسباب والأهداف. ولا يخفى أن أيَّ موضوع ينطلق من فكرٍ دينيٍّ لا تنفع معه أي من النداءات أياً كانت هوياتها وما تلوح به، ولا يمكن أن يعالَج إلا بمشاركة دينية تضامنية فاعلة ومؤثرة توضحُ الحقيقة الشرعية حياله وهي المُعبّر عنها من قِبل علماء الأمة الإسلامية كافة ذوي التأثير والصلة والحسم في موضوعه.

مالالا يوسفزي الناشطة العالمية في تعليم الفتيات خلال مشاركتها بمبادرة الرابطة لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة (الشرق الأوسط)

وكلَّف المؤتمرون الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور محمد العيسى، إبلاغ الإعلان لمن يلزم ومتابعة أدوات تفعيله، وتحديداً إلى الحكومات الإسلامية عن طريق أمين عام منظمة التعاون الإسلامي (في إطار الاتفاقية الموقَّعة بين الجانبين)، وإلى المؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية في الدول الإسلامية ودول الأقليات الإسلامية.

كما كلفوا العيسى تكوين لجنة دائمة لمتابعة تفعيل مُخرجات هذا الحَدَث المهمّ، ومنها الاتفاقيات الموقَّعة التي تؤسس لعمل فاعل تؤكده كلمته التي قال فيها: «ستكون هذه المبادرة بمشيئة الله تعالى (فعّالة ملموسة الأثر)، وذلك من خلال الاتفاقيات النوعية الموقع عليها»، مضيفاً: «لن تكون هذه المبادرة (نداءً عابراً) أو (إعلاناً مجرداً) أو (تسجيل موقف فقط)، بل ستكون تحوّلاً نوعياً في الانتصار لتعليم الفتيات، تسعد به كلُّ فتاةٍ محرومة، ويسعد به كلُّ مجتمع هو أحوج ما يكون لأبنائه وبناته على حدٍّ سواء».


مقالات ذات صلة

بين التراث والتقنيات الحديثة... استعراض تاريخي لمسيرة كسوة الكعبة المشرفة

يوميات الشرق خيوط من الفضة المطليّة بماء الذهب لحياكة الحزام والزخارف الإسلامية (الشرق الأوسط)

بين التراث والتقنيات الحديثة... استعراض تاريخي لمسيرة كسوة الكعبة المشرفة

قدمت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عرضاً تفاعلياً فريداً ضمن فعاليات بينالي الفنون الإسلامية، يسلّط الضوء على صناعة كسوة الكعبة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الأمير سلمان بن سلطان رعى حفل إطلاق مشروع «درب الهجرة النبوية» مساء الاثنين (إمارة المدينة)

«على خُطاه»... تجربة تحاكي درب الهجرة النبوية

أطلق الأمير سلمان بن سلطان، أمير المدينة المنورة، مشروع «درب الهجرة النبوية»، وتجربة «على خُطاه» التي تحاكي الدرب التاريخي الذي سلكه النبي محمد.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الخليج المبادرة تمثّل تحوّلاً نوعيّاً في الانتصار لتعليم الفتيات (واس)

رابطة العالم الإسلامي تطلق مبادرة دولية لتعليم الفتيات

أطلقت رابطة العالم الإسلامي مبادرتها الدولية لـ«تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة»، التي ترعاها الحكومة الباكستانية، وذلك خلال مؤتمر في إسلام آباد.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الخليج د. محمد العيسى ورئيس مجلس الشورى الشعبي في جمهورية إندونيسيا أحمد المزاني (الشرق الأوسط)

رئيس مجلس الشورى الإندونيسي يزور «رابطة العالم الإسلامي» ويلتقي أمينها

زار رئيس مجلس الشورى الشعبي في جمهورية إندونيسيا، أحمد المزاني، على رأس وفد من أعضاء المجلس، مقر «رابطة العالم الإسلامي» في مكة المكرمة والتقى أمينها.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة)
الخليج العيسى يبحث مع بابا الفاتيكان عدداً من الموضوعات ذات التعاون والاهتمام المُشترَك (الشرق الأوسط)

العيسى يلتقي البابا في روما ويدشن «جائزةَ الدراسات الإسلامية واللغة العربية»

بحَث الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الدكتور محمد العيسى، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، عدداً من الموضوعات.

«الشرق الأوسط» (روما)

النفوذ المتزايد للرياض وراء اختيارها مكاناً للمحادثات الأميركية - الروسية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في هلسنكي عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في هلسنكي عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

النفوذ المتزايد للرياض وراء اختيارها مكاناً للمحادثات الأميركية - الروسية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في هلسنكي عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في هلسنكي عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

أثار اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، المملكة العربية السعودية، لإجراء محادثات واجتماعات حول إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، وأيضاً مكاناً لعقد لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تساؤلات وسط الخبراء والمحللين على مستوى العالم.

وأفادت وكالة «رويترز» بأن استضافة السعودية محادثات أميركية - روسية لم تكن مصادفة، وأن اختيار الرياض مكاناً للقاء مرتقب بين ترمب وبوتين لم يكن عشوائياً، بل يسلط الضوء على النفوذ المتزايد للرياض وحيادها الاستراتيجي ودورها وسيطاً عالمياً. وتقول «رويترز» إن هذا هو السبب وراء اعتبار الرياض المكان الأكثر ملاءمة لبدء عملية سلام بين روسيا وأوكرانيا وإنهاء الحرب التي أدت إلى وفاة عشرات الآلاف من الجانبين، وتدمير البنية التحتية، خصوصاً أن كلاً من موسكو وكييف لم تقدما خطة ومساراً واضحاً لكيفية إنهاء هذا الصراع.

وذكرت صحيفة «يو إس إيه توداي» أن اختيار ترمب السعودية مكاناً لاجتماعه الأول مع الرئيس بوتين هو خيار منطقي واستراتيجي، ويدل على حرص الرئيس الأميركي على علاقات استراتيجية سياسية واقتصادية مع المملكة ورغبته في جذب وإبرام صفقات استثمارية مع الرياض.

كما أشارت مجلة «نيوزويك» إلى أن هذه الترتيبات الأميركية تؤكد بروز السعودية لاعباً عالمياً رئيسياً في عهد الرئيس ترمب بمشاركتها في اثنتين من أهم القضايا على الساحة، هما الحرب في أوكرانيا ومستقبل غزة. وتقول المجلة إن استضافة المملكة هذه المحادثات بين ثلاثة من أبرز المسؤولين الأميركيين (ماركو روبيو وزير الخارجية وستيف ويتكوف مبعوث الرئيس ترمب للشرق الأوسط، ومايك والتز مستشار الأمن القومي الأميركي) ووفد روسي رفيع برئاسة وزير الخارجية سيرغي لافروف، يؤكد دورها على الساحة الدولية مع تأمين مصالحها الجيوسياسة الخاصة، حيث يؤدي دعمها السلام التفاوضي في أوكرانيا إلى تعزيز نفوذها مع كل من واشنطن وموسكو، كما سيؤكد قيادتها بشأن غزة على سلطتها الإقليمية. وقالت المجلة إن الجهود المتوازنة للمملكة تشير إلى قدرتها على التنقل بين الديناميكيات المعقدة للمنافسة بين القوى العظمى واستقرار الشرق الأوسط.

أهم اجتماع أميركي - روسي

ويرى خبراء أن الاجتماع المقرر بين كبار المسؤولين الأميركيين والروس، الثلاثاء، للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا هو أهم اجتماع بين الجانبين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، قبل ثلاث سنوات، ويمثل اتجاهاً معاكساً لسياسات الرئيس السابق جو بايدن الذي خطط لعزل روسيا وفرض مزيداً من العقوبات الاقتصادية ضدها.

ويُعدُّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من القلائل ضمن القادة العالميين الذين يتمتعون بعلاقات وثيقة مع كل من ترمب وبوتين والرئيس الأوكراني زيلينسكي، كما تنظر الدول العربية إلى الدور السعودي في مواجهة خطة ترمب بشأن غزة بأهمية بالغة، حيث تعمل المملكة إلى جانب مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة في وضع خطة لإبعاد «حماس» من حكم غزة، مع ضمان بقاء مسار إقامة دولة فلسطينية على طاولة المفاوضات، وتشكيل لجنة وطنية فلسطينية للإشراف على إدارة قطاع غزة ودعم جهود إعادة الإعمار. ويقول الخبراء إن الرئيس ترمب يقدّر دور المملكة العربية السعودية، وإن ذلك ظهر واضحاً في ولايته الأولى وهو يسعى للتقارب بين واشنطن والرياض لتحقيق أهدافه السياسية في إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا وفي إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة وممارسة الضغوط على حركة «حماس»، مع سعي الرئيس ترمب لإبرام اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل الذي سيكون تتويجاً لاتفاقات إبراهيم التي بدأها في ولايته الأولى.

العلاقات مع روسيا

ويشير الخبراء إلى الدور الذي قامت به المملكة العربية السعودية في التحضر لعقد اجتماع بين الرئيس ترمب والرئيس بوتين. وقد عملت المملكة الأسبوع الماضي في التوسط في صفقة لإطلاق سراح سجين أميركي لدى روسيا مقابل سجين روسي لدى الولايات المتحدة. وقد أشاد ويتكوف بالدور السعودي، وقال على منصة «إكس» إن الدور الذي قام به الأمير محمد بن سلمان كان فعالاً في عملية التبادل.

وقد سبق للسعودية القيام بدور فعال في التوسط لإطلاق سراح عدد من المعتقلين الأوكرانيين والأجانب لدى روسيا في أغسطس (آب) 2024، بما في ذلك التوسط لإطلاق سراح الصحافي الأميركي ايفان غيرشكوفيتش من السجون الروسية. ويقول المحلل السياسي الروسي أندرو كوريبك إنه رغم العلاقات السعودية - الروسية القوية، حافظت الرياض على استقلاليتها ولم تشارك في خطط الانضمام إلى مجموعة «بريكس» التي ينظر إليها على أنها معادية للغرب.

وأشار السفير الأميركي السابق مايكل جفولر، الذي عمل سفيراً لدى السعودية والبحرين والعراق وروسيا، إلى عمق العلاقات الأميركية - السعودية منذ لقاء الرئيس فرانكلين روزفلت والملك المؤسس عبد العزيز آل سعود قبل ثمانين عاماً على متن السفينة «يو إس إس كوينسي»، وكان هذا اللقاء هو بداية علاقات العمل والتعاون حول إمدادات النفط والأمن الإقليمي، والتزم الكثير من الرؤساء الأميركيين بهذه العلاقات المهمة، كما كانت أول رحلة خارجية للرئيس ترمب في ولايته الأولى هي المملكة العربية السعودية، وكانت أول مكالمة هاتفية لزعيم أجنبي في ولايته الثانية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وينفي جوفلر في مقال بمجلة «نيوزويك» أن يكون النفط هو الركيزة الأساسية في العلاقات، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تنتج نفطاً أكثر من المملكة العربية السعودية وترى ضرورة الحفاظ على العلاقة مع الرياض بعدما رأت واشنطن حرص المملكة على إبقاء أسعار النفط مستقرة رغم أي أحداث جيوسياسية.

ويتفق معه الدبلوماسي الأميركي ديفيد رونديل، أحد أبرز الخبراء في العلاقات الأميركية - السعودية، في أهمية المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي، التي تحتضن المقر الرئيسي لمنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، وسلطتها الروحية على ربع سكان العالم من المسلمين، والدور الذي يقوم به الأمير محمد بن سلمان في تحديث المملكة وتنويع اقتصادها. ويقول إن المملكة لديها مصلحة قوية في تعزيز الاستقرار الإقليمي وترغب في حل الصراع العربي - الإسرائيلي ودعم الجهود الأميركية لدفع عملية السلام إلى الأمام، مؤكداً أن الولايات المتحدة في حاجة إلى شركاء يتقاسمون المصالح الأمنية والاقتصادية والقيم التي تؤيدها الولايات المتحدة. وتابع أن «السعودية هي هذا الشريك والرئيس دونالد ترمب لديه هذا الذكاء لتعزيز علاقتنا بالرياض».

خطة إنهاء الحرب

وقد قلبت المحادثة الهاتفية التي أجراها ترمب مع بوتين الأسبوع الماضي سنوات من السياسات الأميركية المناهضة لروسيا، رأساً على عقب، وأنهت عزلة موسكو، وهمَّشت دور أوكرانيا والاتحاد الأوروبي وحلف «ناتو»، وهو ما اعترض عليه الرئيس الأوكراني الذي أعلن أنه لن يقبل بنتيجة مفاوضات لا تشارك فيها بلاده، وأشار إلى أنه سيزور المملكة العربية السعودية يوم الأربعاء، لكن أندريه يرماك، مستشار زيلينسكي، قال إنه لا توجد إمكانية للقاء مسؤولين روس وأوكرانيين بشكل مباشر.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن أوكرانيا لا تملك سوى خيارات قليلة، وإن أي صفقة من المرجح أن تنطوي على تنازلات مؤلمة من جانب أوكرانيا. وتشير الصحيفة إلى أن الاقتصاد الروسي يواجه خطر تضخم جامح وسط الإنفاق الهائل على الحرب وسقوط أكثر من ألف قتيل يومياً في المواجهات العسكرية؛ لذا فإن بوتين سيسعى لتسوية تخفض العقوبات الغربية، لكن هذا لا يعني أن المحادثات ستكون سهلة، وإنما ستكون محادثات معقدة للغاية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الحل المحتمل هو تجميد القتال مع احتفاظ روسيا بالسيطرة على الأراضي التي استولت عليها بالفعل والتوقف عن القتال من أجل الحصول على مزيد من الأراضي. وتسيطر أوكرانيا على نحو 200 ميل مربع من الأراضي في منطقة كورسك الروسية، وقد تكون لدى أوكرانيا القدرة على إيجاد طريقة لمقايضة الانسحاب من كورسك بتنازلات من جانب روسيا، لكن روسيا تريد ضمانات أمنية لعدم محاولة أوكرانيا استعادة الأراضي المحتلة من قِبلها، وهو ما يعد الجانب الأكثر صعوبة في المفاوضات. وأشار وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، الأسبوع الماضي في مؤتمر ميونيخ للأمن إلى أن على أوكرانيا أن تتخلى عن آمالها في استعادة كل أراضيها من روسيا، وإن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي غير واقعية.