المخاطر تحدق بناقلة «صافر» اليمنية وبديلتها جراء تصعيد الحوثيين

الجماعة تتخذ من موقعهما منطلقاً لشن الهجمات البحرية

خزان النفط اليمني المتهالك «صافر» لا يزال يشكل خطراً بيئياً رغم إفراغه (الشرق الأوسط)
خزان النفط اليمني المتهالك «صافر» لا يزال يشكل خطراً بيئياً رغم إفراغه (الشرق الأوسط)
TT

المخاطر تحدق بناقلة «صافر» اليمنية وبديلتها جراء تصعيد الحوثيين

خزان النفط اليمني المتهالك «صافر» لا يزال يشكل خطراً بيئياً رغم إفراغه (الشرق الأوسط)
خزان النفط اليمني المتهالك «صافر» لا يزال يشكل خطراً بيئياً رغم إفراغه (الشرق الأوسط)

أعادت هجمات الحوثيين على السفن التجارية ومن بينها ناقلات الوقود والمواد الكيماوية، التذكير بالخطر الذي لا تزال تشكله ناقلة النفط اليمنية المتهالكة «صافر»، والتي منعت الجماعة تنظيفها من بقايا النفط ومياه غسيل الخزانات الملوثة بالزيت، كما يمتد الخطر إلى السفينة البديلة «اليمن» التي تحمل أكثر من مليون برميل من النفط الخام، وترسو إلى جوار «صافر» في ميناء رأس عيسى.

ومع تحويل الحوثيين الميناء الواقع على ساحل البحر الأحمر شمال ميناء الحديدة، إلى مركز لإطلاق الصواريخ والزوارق المسيرة لاستهداف السفن في جنوب البحر الأحمر، فإن مخاطر إصابة إحدى هاتين السفينتين بأي قذيفة أو مقذوف نتيجة المواجهة بين الحوثيين والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة زادت، ومعها تزداد المخاوف من حدوث كارثة بيئية جديدة، كان يعتقد تجاوزها من قبل اليمن ودول المنطقة مع إتمام نقل حمولة الناقلة القديمة إلى الناقلة البديلة.

بالقرب من موقع السفينتين «صافر» و«اليمن» تنطلق هجمات الحوثيين (أ.ف.ب)

وذكر مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»، أن التصعيد العسكري في سواحل الحديدة واستخدام الحوثيين «ميناء رأس عيسى» تحديداً لإطلاق الصواريخ المضادة للسفن والمسيرات، رفع المخاطر على الناقلتين، ويخشى أن يؤدي أي خطأ إلى سقوط قذيفة على إحداهما، ما سيؤدي إلى كارثة بيئية غير مسبوقة.

ووفق تقديرات مصادر محلية في الحديدة تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن القوات الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر نفذت أكثر من 15 غارة على مواقع إطلاق الصواريخ الباليستية والزوارق المفخخة المسيرة منذ بداية عمليات التحالف وحتى الآن. وقالت إن الاستمرار في استخدام الميناء النفطي لتنفيذ الهجمات، يجعله عرضة للرد الأميركي البريطاني، وهذا بدوره يعرض الناقلة «صافر»، وكذلك السفينة البديلة التي تحمل أكثر من مليون برميل من النفط الخام إلى مخاطر كبيرة.

خطر مستمر

وأكدت مصادر حكومية يمنية وأخرى عاملة لدى الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، أن الناقلة المتهالكة «صافر» لا تزال تشكل خطراً على البيئة لأن الحوثيين وبعد الانتهاء من إفراغها من حمولتها التي تزيد على مليون برميل من النفط الخام، ونقل تلك الحمولة إلى الناقلة البديلة «اليمن»، رفضوا سحب «صافر» إلى ميناء جاف قريب للتخلص منها، كما كان مخططاً لذلك من قبل الأمم المتحدة، ولا يزال الموقف على حاله.

وذكرت المصادر، أنه رغم انقضاء ستة أشهر على إتمام عملية نقل كمية النفط الخام، فإن ممثلي الحوثيين في اللجنة المعنية بمتابعة ملف الناقلة «صافر»، أمروا الشركة المنفذة بإعادة كميات مياه الغسيل المتسخ الذي يحتوي على بقايا الزيت والشوائب التي تم إخراجها من الخزانات عقب إفراغها من حمولتها؛ تمهيداً لقطرها، ولضمان عدم تسرب أي جزء منها إلى البحر.

منع الحوثيون استكمال تنظيف الناقلة «صافر» ومنعوا سحبها للتخلص منها (شركة الإنقاذ الهولندية بوسكاليس)

المصادر الحكومية أكدت أن عشرات الآلاف من الأطنان المترية من مياه الغسيل وشوائب تنظيف خزانات النفط أعيدت إلى السفينة «صافر»، وأن الحوثيين، رفضوا سحب الناقلة المتهالكة من موقعها الحالي بجوار الناقلة البديلة إلى أحد موانئ المنطقة للتخلص منها وبيعها (كخردة) كما كانت تخطط لذلك الأمم المتحدة.

وبينت المصادر أن الشركة المنفذة لعملية نقل حمولة النفط الخام غادرت المنطقة بعد أن استكملت نقل الكمية التي تزيد على مليون برميل إلى الناقلة الجديدة، واضطرت إلى تثبيت الناقلة المتهالكة في موقعها، بعد أن أعادت كمية المياه التي تم غسل الخزانات بها وتنظيفها من بقايا الزيت والشوائب الأخرى، تنفيذاً لتعليمات الحوثيين.

تعنت حوثي

ووفق مسؤولين في الحكومة اليمنية، فإن مكتب الأمم المتحدة فشل في الحصول على موافقة الحوثيين على سحب الناقلة «صافر» والتخلص منها وبيعها (خردة)، لأن المنظمة اضطرت إلى ترحيل هذه القضية، كي لا تفشل العملية، لأنها كانت حريصة على إنجاز المرحلة الأولى المتمثلة بنقل حمولة الناقلة وتجنب كارثة بيئية غير مسبوقة.

أمر الحوثيون بإعادة المياه الملوثة ببقايا النفط والشوائب إلى الناقلة صافر (شركة الإنقاذ الهولندية بوسكاليس)

وبيّن المسؤولون لـ«الشرق الأوسط» أن الجانب الأممي والحكومي كانا أمام خيارات صعبة لتجنيب البلاد والمنطقة كارثة بيئية، بينما سعى الحوثيون إلى استخدام القضية للمساومة وتحقيق مكاسب ذاتية، حيث رفضوا في بداية الأمر إفراغ الناقلة، وطالبوا بدلاً عن ذلك بتوفير قطع غيار وصيانتها والاحتفاظ بحمولتها.

ووفق ما أورده المسؤولون، فإن الأمم المتحدة وبعد جهود شاقة، تمكنت من إقناع الحوثيين بمقترح شراء ناقلة بديلة لنقل كمية النفط الخام إليها لتجنب انفجار الناقلة القديمة التي ظلت من دون صيانة لأكثر من سبع سنوات، خاصة بعدما توقفت بعض وحدات ضخ الغاز الخامل التي تمنع الاشتعال داخل خزاناتها، ولهذا تركت أمر التصرف بالحمولة والسفينة القديمة إلى ما بعد انتهاء العملية.

وطبقاً لهذه المصادر، فإن تصاعد المواجهة في البحر الأحمر، أوقف أي نقاش بشأن مصير السفينة المتهالكة لأن الوضع والمخاطر تعدت هذه القضية إلى الخشية من تطور المواجهات وزيادة مخاطر إصابة أي من السفينتين أو كليهما وما سيترتب على ذلك من نتائج كارثية. وقالت المصادر إن الحوثيين يغامرون باستخدامهم «ميناء رأس عيسى» منطلقاً لمهاجمة الملاحة.


مقالات ذات صلة

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

العالم العربي عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

أقرت الجماعة الحوثية بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر باليوم العالمي للمعلم فيما يعاني المعلمون في اليمن من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون وتوقف الرواتب والاعتقالات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)

السعودية: الكشف عن مستهدفات مبادرتي حماية الطفل وتمكين المرأة «سيبرانياً»

5 محاور رئيسية ركّزت عليها الجلسات الحوارية في المنتدى (الشرق الأوسط)
5 محاور رئيسية ركّزت عليها الجلسات الحوارية في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: الكشف عن مستهدفات مبادرتي حماية الطفل وتمكين المرأة «سيبرانياً»

5 محاور رئيسية ركّزت عليها الجلسات الحوارية في المنتدى (الشرق الأوسط)
5 محاور رئيسية ركّزت عليها الجلسات الحوارية في المنتدى (الشرق الأوسط)

كشفت «مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني»، الخميس، عن المستهدفات الاستراتيجية للمبادرتين العالميتين لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؛ لـ«حماية الطفل» و«تمكين المرأة» في الأمن السيبراني، وذلك مع ختام أعمال منتداها الدولي الذي استضافته الرياض على مدى يومين، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

وشهد المنتدى، الذي نظّمته الهيئة السعودية للأمن السيبراني، بالتعاون مع ذراعها التقني الشركة السعودية لتقنية المعلومات (سايت)، حضور مسؤولين دوليين رفيعي المستوى، من رؤساء وزراء ووزراء، وصُناع قرار وسياسات، وقادة فكر، ومديرين تنفيذيين، مما يزيد عن 120 دولة.

كان الأمير محمد بن سلمان قد أعلن خلال كلمته الترحيبية بالمشاركين في النسخة الرابعة من «المنتدى الدولي للأمن السيبراني»، الأربعاء، انطلاق «القمة العالمية لحماية الطفل في الفضاء السيبراني» التي استضافتها السعودية، وهي الأولى من نوعها بأهدافها الرامية إلى توحيد الجهود الدولية، وتعزيز الاستجابة العالمية للتهديدات التي تواجه الأطفال.

وأكّدت المؤسسة أنه فيما تقع حماية الأطفال وتمكين المرأة في الأمن السيبراني ضمن أكبر التحديات التي تواجه العالم بهذا القطاع الحيوي والمهم، جاءت مبادرتا ولي العهد السعودي لتعظيم العمل الجماعي وتوحيد الجهود الدولية، وزيادة الوعي العالمي لدى صناع القرار بشأن التهديدات المتزايدة التي يتعرض إليها الأطفال، وتعزيز الاستجابة العالمية عبر التعاون الدولي كإحدى الأدوات الاستراتيجية لمعالجة الموضوعات الحيوية ذات الصلة، بما يضمن تعزيز الصمود السيبراني عالمياً.

مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني كشفت عن المستهدفات الاستراتيجية لمبادرتي ولي العهد السعودي (واس)

تهديد سيبراني يطول 72 % من الأطفال

أوضحت المؤسسة أن 14 في المائة فقط من إجمالي دول العالم تتبنى استراتيجية على المستوى الوطني لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني، فيما يتعرّض نحو 72 في المائة من الأطفال حول العالم لتهديد سيبراني واحد على الأقل، ما أكسب المبادرة أهمية كبيرة في ظل التهديدات المتزايدة عالمياً، والجاهزية المحدودة للتعامل مع هذه القضية على مستوى الدول.

وأنجز المنتدى دراسة عالمية في عام 2022 حول «حماية الطفل في الفضاء السيبراني»، شارك بها ما يزيد عن 40 ألفاً من 24 دولة في 6 مناطق حول العالم، ومكّنت من بناء فهم شاملٍ للحاجات على المستوى الدولي، وتطوير استراتيجية متكاملة، انبثقت عنها أطر وطنية ومبادئ توجيهية ومشاريع دولية، عملت المؤسسة على تنفيذها مع عدد من الشركاء.

بناء قدرات 720 جهة حكومية عالمياً

وفقاً للمؤسسة، حقّقت مبادرة «حماية الطفل» نتائج دولية مبكرة واعدة على مستوى بناء القدرات لمختلف أصحاب المصلحة، وشارك في برامج بناء القدرات أكثر من 720 جهة حكومية حول العالم، كما أطلق المنتدى بالشراكة مع «وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» برنامجاً شاملاً بعنوان «نحو فضاء سيبراني آمن ومزدهرٍ للأطفال»، نجمت عنه مبادئ توجيهية لحمايتهم بـ25 لغة، شملت مختلف مناطق العالم.

وتهدف المبادرة إلى تحقيق مستهدفات طموحة دوليّاً عبر الوصول لما يزيد عن 150 مليون طفل حول العالم، وتطوير مهارات السلامة السيبرانية لأكثر من 16 مليون مستفيد، ودعم تطبيق أطر عمل للاستجابة للتهديدات التي يتعرضون لها في نحو 50 دولة.

فجوة في العاملين بالقطاع السيبراني

جاءت مبادرة «تمكين المرأة» استجابةً للحاجة الملحة إلى معالجة فجوات النقص في إعداد الكوادر بالمجال عالمياً، حيث تواجه أكثر من نصف المؤسسات والمنظمات حول العالم مشكلة عدم وجود قدرات بشرية متخصصة، في الوقت الذي لا تتجاوز نسبة النساء من العاملين لديها أكثر من 25 في المائة.

وفي ضوئها، صدرت عن المنتدى دراسة دولية حول «تعظيم المنفعة للجميع عبر تمكين المرأة من العمل في الأمن السيبراني»، شارك بها أكثر من 3 آلاف متخصصة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، في 26 دولة، و6 مناطق حول العالم، حُددت فيها المعوقات التي تحول دون تعظيم مشاركتها بالقطاع دولياً، وما قد ينجم عنه استمرار الفجوة في القوى العاملة به، من مخاطر وانعكاسات على تعزيز المرونة السيبرانية لدى الدول، وتبعاتها على الاقتصادات والأفراد والمجتمعات.

ومكّنت المبادرة من إطلاق برنامج التوجيه والإرشاد عن «قيادة المرأة في مجالات الأمن السيبراني»، الذي يستضيف قيادات دولية نسائية ضمن لقاءات حوارية وقصص ملهمة في تمكين المتخصصات من رسم مساراتهن المهنية وآليات تطويرها بالقطاع.

رفع وعي الطالبات وتطوير مهاراتهن

وتسعى المبادرة إلى تحقيق مستهدفات طموحة على المستوى الدولي، من خلال توظيف الإمكانات الكاملة للمرأة في بناء فضاء سيبراني يتمتع بالصمود، حيث تسهم المبادرة في رفع مستوى الوعي والمعرفة بالمجال لأكثر من 6 ملايين طالبة، وتطوير مهارات نحو 4 ملايين طالبة، وتدريب وإرشاد ما يزيد عن 30 ألف موظفة على مستوى العالم.

يذكر أن «مؤسسة المنتدى الدولي للأمن السيبراني» التي أنشئت بأمر ملكي عام 2023، كمستقلة وذات بعد دولي، تتولّى الإشراف على تنفيذ مشروعات مبادرتي ولي العهد العالميتين كإحدى مهماتها، وتوحيد جهود أصحاب المصلحة عالمياً في ذلك.