طالبت الولايات المتحدة دول العالم بـ«الضغط على قادة إيران» من أجل «كبح جماح» الحوثيين المدعومين من طهران لوقف هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر. بينما حذّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ من تباطؤ جهود السلام في هذا البلد العربي بسبب التصعيد في المنطقة.
وخلال إحاطة أمام أعضاء مجلس الأمن، قال غروندبرغ إن الوقت الراهن «مليء بالتحديات» بشكل خاص بالنسبة لليمن والمنطقة. وإذ أشار إلى التقدم الذي أحرز في وساطته الأممية، بما في ذلك الهدوء النسبي لنحو عامين على طول الخطوط الأمامية، والتزام الأطراف في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بوقف النار على مستوى البلاد، عبر عن امتنانه لدوري المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في دعم وساطة الأمم المتحدة. ولاحظ أن تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب في غزة، خصوصاً التصعيد العسكري في البحر الأحمر «أدى إلى تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن»، مستنتجاً أن «ما يحدث على المستوى الإقليمي يؤثر على اليمن، وما يحدث في اليمن يمكن أن يؤثر على المنطقة».
حماية الفضاء السياسي
وعرض المبعوث الأممي لهجمات الحوثيين المتكررة على السفن في البحر الأحمر، وما تبعها من ضربات شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد منشآت تخزين الأسلحة وأنظمة الصواريخ وأهداف أخرى في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، الذين أعادت إدارة الرئيس جو بايدن إدراجهم على قائمة «الجماعات الإرهابية»، واصفاً هذه التطورات بأنها «مثيرة للقلق». لكنه قال إنه «رغم التعقيدات المحتملة، فإن عملي سيستمر مهما حدث. ولذلك فمن الضروري أن نحمي الفضاء السياسي، وأن تظل قنوات الاتصال مفتوحة، وأن تظل كل الجهات الفاعلة منخرطة بنشاط في جهودي».
تطورات «مقلقة»
وبالإضافة إلى البحر الأحمر، لفت غروندبرغ إلى «التطورات المثيرة للقلق داخل اليمن»، مشيراً إلى «شعور بالقلق على طول العديد من الخطوط الأمامية، مع تقارير عن اشتباكات وحشد جماهيري وسقوط ضحايا، بما في ذلك في شبوة والجوف ومأرب وصعدة وتعز»؛ حيث يصدر «ضجيج متزايد» في شأن العودة إلى القتال. وأضاف أن «حجم التحديات الاقتصادية في كل أنحاء البلاد مذهل»، مع عدم دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، خصوصاً في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بينما «يواجه الناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار نتيجة لانخفاض قيمة العملة».
وتحدث عن جولته الأخيرة التي شملت إيران وعمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قائلاً إنه «وسط رمال اليوم المتحركة، أرى أن هناك 3 أمور يجب أن تحدث على المدى القريب لإيجاد مخرَج لهذه الدورة التصعيدية الخطيرة»، وأولها «رؤية تراجع التصعيد الإقليمي»، انطلاقاً من تلبية نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لـ«وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، وصولاً إلى «دعم وقف التصعيد في البحر الأحمر لحماية مساحة الوساطة في اليمن». وأضاف ثانياً أنه «يجب على الأطراف اليمنية وقف الاستفزازات العلنية والامتناع عن الانتهازية العسكرية داخل اليمن في هذه المرحلة الدقيقة». وثالثاً أنه «يتعين على الأطراف إعادة التركيز على حماية التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن نحو التوصل إلى اتفاق». وقال إن «السلام هو مشروع سياسي. لذا، فإن العمود الفقري لكل هذا يجب أن يكون عملية سياسية يمنية ذات صدقية ومدعومة دولياً».
وكذلك استمع أعضاء المجلس إلى إحاطة من مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إيديم وسورنو، التي قالت إن النداء الذي وجهته الأمم المتحدة وشركاؤها هذا العام للحصول على 2.7 مليار دولار لدعم المتضررين في اليمن «يرسم صورة من الاحتياجات الإنسانية الهائلة والمستمرة»؛ حيث يوجد أكثر من 18 مليون شخص - يمثلون أكثر من نصف السكان - سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية خلال عام 2024، بينما يتوقع أن يعاني 17.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
الموقف الأميركي
وعلق الممثل البديل للشؤون السياسية للبعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة روبرت وود بأن بلاده «اتخذت التدابير اللازمة والمناسبة في ممارسة حقها الأصيل في الدفاع عن النفس» في مواجهة هجمات الحوثيين ضد السفن الأميركية والملاحة الدولية، مؤكداً أن «الولايات المتحدة لا ترغب في مزيد من الصراع في المنطقة». وطالب الحوثيين بإطلاق طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» بعد مضي ثلاثة أشهر على احتجاز الحوثيين الطاقم المكون من 25 فرداً وسفينتهم على أنهم رهائن. ولاحظ أنه «منذ عام 2014، زوّد الحرس الثوري الإيراني الحوثيين بترسانة متزايدة من الأسلحة المتقدمة التي استخدموها لمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر»، مؤكداً أن «توفير هذه المواد ينتهك قراري مجلس الأمن 2140 و2216». وكشف عن أنه «بين عامي 2015 و2023، اعترضت الولايات المتحدة وشركاؤها ما لا يقل عن 18 سفينة تقوم بتهريب الأسلحة بشكل غير قانوني إلى الحوثيين، وصادرت مكونات صواريخ باليستية وصواريخ كروز وصواريخ مضادة للسفن، وطائرات دون طيار، وأسلحة أخرى». وطالب بـ«الضغط على قادة إيران لكبح جماح الحوثيين ووقف هذه الهجمات غير القانونية والالتزام بالتزاماتهم بموجب قرارات مجلس الأمن».