زعماء العرب والمسلمين إلى الرياض لحشد المواقف ووقف التصعيد في غزة

وسط توقعات بضغط سياسي على الادارة الأمريكية لوقف إطلاق النار

«إعلان جدة» الذي تلا «قمة جدة العربية» العام الحالي شدّد على محورية القضية الفلسطينية (واس)
«إعلان جدة» الذي تلا «قمة جدة العربية» العام الحالي شدّد على محورية القضية الفلسطينية (واس)
TT

زعماء العرب والمسلمين إلى الرياض لحشد المواقف ووقف التصعيد في غزة

«إعلان جدة» الذي تلا «قمة جدة العربية» العام الحالي شدّد على محورية القضية الفلسطينية (واس)
«إعلان جدة» الذي تلا «قمة جدة العربية» العام الحالي شدّد على محورية القضية الفلسطينية (واس)

أضفى البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية، أمس (الثلاثاء)، بتأجيل موعد القمة العربية الأفريقية الخامسة المقررة السبت المقبل في الرياض إلى وقتٍ يُحدَّد لاحقاً؛ نظراً للتطورات الحالية في غزة التي استدعت الدعوة لانعقاد قمة عربية غير عادية وأخرى إسلامية تختصان ببحث الأزمة الحالية، وما تشهده من تداعيات إنسانية، مزيداً من الاهتمام الإقليمي والدولي بالموقف العربي من الأحداث الجارية.

ووسط تفاقم الأوضاع على الأرض في قطاع غزة وتصاعد كثافة الهجمات الإسرائيلية واستمرار سقوط الضحايا وتأكيد وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، اليوم (الأربعاء)، خروج أكثر من نصف مستشفيات قطاع غزة عن الخدمة، بسبب القصف أو نفاد الوقود والكهرباء، تتجه الأنظار، يومي السبت والأحد المقبلين، ناحية العاصمة السعودية، وسط أنباء متواترة عن مخرجات منتظَرة وراء اجتماع الدول العربية والدول الإسلامية.

ومن المتوقَّع أن تطالب القمة العربية الطارئة بوقف إطلاق النار في المقام الأول، بالإضافة إلى «موقف سياسي صلب لدعم الفلسطينيين»، وفقاً لما أكده السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط».

ويجتمع وزراء خارجية الدول العربية (الخميس) في الرياض، للتحضير لاجتماع القمة الطارئ، نهار (السبت)، في وقتٍ يأتي الاجتماع الوزاري للمرة الثانية بعد أقل من شهر على الاجتماع الوزاري الأول، الذي انعقد بشكلٍ طارئ في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بطلب من دولة فلسطين.

فلسطينيون ينزحون من منازلهم شمال غزة هرباً من القصف الإسرائيلي (رويترز)

القمة العربية الطارئة السادسة عشر

ويلتئم، (السبت) المقبل في السعودية، قادة وزعماء الدول العربية الـ22 لعقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القادة، للتشاور والتنسيق وبحث سُبل مواجهة التصعيد المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتمثل هذه القمة الالتئام الطارئ الـ16 للزعماء العرب، بعد 15 قمة طارئة في أوقات سابقة.

وهذا هو اجتماع القمة الثاني الذي تحتضنه السعودية هذا العام، بعدما استضافت «قمة جدة»، في مايو (أيار) الماضي، بحضور «كامل العدد» للدول العربية، للمرة الأولى منذ 12 عاماً، وأعلن خلالها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي اعتماد القرارات الصادرة عن القمة ومشروع جدول الأعمال و«إعلان جدة» الذي شدد على محورية القضية الفلسطينية.

كما تستضيف السعودية، (الأحد) المقبل، بناءً على دعوتها، وبصفتها رئيس القمة الإسلامية الحالية، «قمة إسلامية استثنائية» لدول «منظمة التعاون الإسلامي»، في الرياض، لبحث التصعيد الجاري في غزة، في موقفٍ من شأنه أن يجمع قادة الدول الإسلامية لتبادل الآراء والتشاور والخروج بموقف يساهم في احتواء التصعيد الجاري.

وفي 18 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقدت «منظمة التعاون الإسلامي»، بدعوة من السعودية، اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية بشأن العدوان على غزة، ودعا المجتمعون إلى وقف إطلاق النار فوراً.

«مبادرة السلام العربية» قدّمتها السعودية على مرتين وتبنّتها جامعة الدول العربية في قمة بيروت 2002 (غيتي)

تطلّعات لـ«قمّتَي الرياض»

مراقبون عدّوا أن «قمتَي الرياض» تحظيان بمزيد من التطلعات، نظير مجيئهما إثر تحركات كثيرة ومتسارعة في المنطقة، وإن كان البعض يذهب إلى أن تأثيراً كبيراً لم يطرأ على الموقف على الأرض، إلا أن البعض الآخر يجادل بأن الضغط العربي منع تفاقم خطر التهجير القسري، وساهم في تموضع الدول العربية الكبرى تحديداً في الموقف ذاته من الأحداث في غزة، ولم يخفِ المراقبون أملهم في أن تنجح الرياض، بصفتها رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، وبصفتها رئيس القمة الإسلامية الحالية، في توحيد الموقف على الجانبين العربي والإسلامي.

«الضغط السّياسي جوهر التعامل العربي»

إلى ذلك، عدَّ وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، أن التعامل العربي جوهره «الضغط السياسي على الإدارة الأميركية من أجل وقف إطلاق النار، وفي مسارٍ مواز هنالك الجهد الخاص بتخفيف معاناة الفلسطينيين الإنسانية نتيجة العدوان ومنع متطلبات الحياة عنهم».

ويذهب المعايطة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن وقف إطلاق النار كلياً «ليس على أجندة إسرائيل ولا واشنطن حسبما يتضح حتى الآن»، معللاً ذلك «بانتظار إحراز تقدم في ضرب (حماس) عسكرياً، ولهذا فالتركيز العربي على إيجاد هدنة أو أكثر إنسانية تتيح زيادة المساعدات ووقف مؤقت للنار ومعالجة الجرحى وتعزيز قدرات الجهاز الطبي في غزة».

ويشير المعايطة إلى أن «ما هو معلوم عربياً أن مفتاح الحل أميركي، وأن أميركا منساقة في تبني مشروع إسرائيل العسكري والسياسي لهذه الحرب، ولهذا سيستمر الضغط العربي على فكرة وقف العدوان كموقف هو الأولوية، وأيضاً السعي لأن تكون مرحلة ما بعد الحرب تحمل مشروعاً سياسياً لحلٍّ للقضية الفلسطينية يعطي الفلسطينيين حقوقهم السياسية والوطنية على أرضهم».

رفض مشروع التهجير

واستدرك المعايطة بالتأكيد على أن الأهداف المرحلية الممكنة هي «الجانب الإنساني؛ سواء زيادة المساعدات أو هدنة إنسانية، وفكرة الهدنة مطلوبة أميركياً في محاولة الإفراج عن الرهائن الأجانب لدى (حماس) وتبريد ضغط الرأي العام الرافض لسلوك إسرائيل العدواني تجاه المدنيين، بالإضافة إلى أهمية التأكيد العربي على رفض المشروع الإسرائيلي لتهجير جزء من أهل غزة إلى مصر، وهذا الموقف ضروري لإفشال المشروع الإسرائيلي السياسي الذي تسعى لتحقيقه عبر العدوان العسكري».

صورة تذكارية لزعماء الدول الإسلامية في الدورة الـ14 لـ«مؤتمر القمة الإسلامية» في مكة المكرمة (واس)

من جهته، قال الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس لـ«الشرق الأوسط»: «مضى أكثر من شهر والهجمة الإسرائيلية تفتك بالشعب الفلسطيني، حتى أضحى قرباناً على مذبح لعبة الأمم». وأوضح أن «تمديد الصراع لأيام وأشهر، وفق المعطيات الميدانية، يعكس بطبيعة الحال تمديداً آخر لمأساة الفلسطينيين، خصوصاً أن المساعي الدولية لدفع إسرائيل إلى وقف أعمالها العدائية ليست كافية»، مضيفاً: «والأدهى محاولات تصفية القضية الفلسطينية وسيناريوهات (الترانسفير) من غزة والضفة الغربية، وهذا يستوجب استخلاص دروس الحروب السابقة، والاستثمار في مسار السلام عوض الرهان على الحروب ومآسيها».

ويشير أبو دياب إلى أنه «ثبت بالملموس أنه لا يمكن تجاوز المسألة الفلسطينية، وأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب في المقام الأول»، متابعاً: «ولذا هناك تعويل على الدبلوماسية العربية حيث تشكل المملكة العربية السعودية رأس حربة في المساعي والاتصالات الهادفة إلى الإسراع في إيقاف الحرب والتوصل إلى حل عادل، كمقدمة حتمية لمسار السلام المرتقَب في المنطقة».

وعدّ القمتين العربية والإسلامية «فرصة للدفع بهذا الاتجاه وتشكيل قوة ضغط تسمع صوتها واشنطن والمجتمع الدولي»، مؤكداً أن «هذا المسار الدبلوماسي لوقف الحرب وبلورة الآلية الانتقالية في قطاع غزة، وترتيب البيت الفلسطيني لن يتم بين ليلة وضحاها». وشدد على أنه «يتطلب جهداً متواصلاً تقوده المملكة العربية السعودية تبعاً لمسؤولياتها العربية والإسلامية من أجل الوصول إلى روحية مبادرة السلام العربية، والتأكيد على أهمية العودة إلى حل الدولتين، مع الأخذ بالمتغيرات». وواصل: «اللافت أنه عشية انعقاد القمتين العربية والإسلامية، أخذ تحرُّك الرياض يعطي نتائج أولية مع ممارسة واشنطن ضغطاً على إسرائيل لقبول هدنة إنسانية وتعهدات بلينكن عما سماه (حقوقاً متساوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين)».

«هنالك حرب دموية تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة، وهذه الحرب قتلت وتقتل آلاف الأطفال والنساء، وتدمر البيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد... هذه الحرب يجب أن تتوقف»، يقول الدكتور هشام الغنام، المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، إن هذا هو «موقف السعودية وما يطالب به العرب، لكن الولايات المتحدة ترفض إلى يومنا هذا الضغط على إسرائيل لإيقاف هذه الحرب».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

أبو الغيط يحذر من مغبة القانون الإسرائيلي بحظر «الأونروا»

وجَّه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الخميس)، رسالتين يحذر فيهما من مغبة القانون الإسرائيلي بشأن حظر نشاط «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال إلقائه كلمته في الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (واس)

اتفاقية تعاون سعودية ـ مغربية متعددة المجالات

أبرمت السعودية والمغرب اتفاقية للتعاون في عدد من المجالات التي تجمع وزارتي «الداخلية السعودية» و«العدل المغربية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

أجمع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية على رفض حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار العدوان على لبنان.

عبد الهادي حبتور (الرياض )

السعودية: أمر ملكي بتعيين 125 عضواً في النيابة العامة

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: أمر ملكي بتعيين 125 عضواً في النيابة العامة

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمراً ملكياً بتعيين 125 عضواً بمرتبة ملازم تحقيق، على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي. وأعرب الشيخ سعود المعجب النائب العام السعودي عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على هذا الدعم المستمر لأعضاء النيابة العامة، مؤكداً أن هذه التعيينات تعكس حرص القيادة السعودية على تعزيز دور النيابة العامة ومواصلة تطويرها وفق «رؤية السعودية 2030»، مبتهلاً بالدعاء لله عز وجل أن يوفِّق الأعضاء المعينين في أداء مسؤولياتهم لخدمة الدين والوطن، ويحفظ القيادة، ويديم على البلاد نعمتَي الأمن والازدهار.