الحقوق والتعليم... أبرز محاور جلسات اليوم الثاني لمؤتمر «المرأة في الإسلام»

أكد على التضامن مع الفلسطينيات

عدد من المشاركين في جلسة «مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام» وهي أولى جلسات اليوم الثاني لمؤتمر المرأة في جدة (واس)
عدد من المشاركين في جلسة «مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام» وهي أولى جلسات اليوم الثاني لمؤتمر المرأة في جدة (واس)
TT

الحقوق والتعليم... أبرز محاور جلسات اليوم الثاني لمؤتمر «المرأة في الإسلام»

عدد من المشاركين في جلسة «مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام» وهي أولى جلسات اليوم الثاني لمؤتمر المرأة في جدة (واس)
عدد من المشاركين في جلسة «مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام» وهي أولى جلسات اليوم الثاني لمؤتمر المرأة في جدة (واس)

سلّط مؤتمر «المرأة في الإسلام»، في يومه الثاني المنعقد في جدة (غرب السعودية) الذي تنظمه الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، الضوء على مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام، وعلى تعليمها بين التشريع الإسلامي والعادات والتقاليد، بهدف تعزيز الوعي بحقوق المرأة وتمكينها في العالم الإسلامي.

ولأن التعليم يحمل أهمية كبيرة من أجل تحقيق تنمية شاملة، ويعد مفتاحاً لتمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً، وصحياً، وأيضاً سياسياً، إضافة إلى الأثر المنعكس على الأجيال القادمة عندما تتلقى المرأة تعليماً جيداً ومساهمتها في تطور المجتمع، تشارك غداً فاطمة الجيلاني، الرئيسة السابقة لجمعية الهلال الأحمر (أفغانستان)، في إحدى الجلسات للحديث عن المرأة المسلمة في بيئتها الاجتماعية بين التحديات والفرص.

وفي حديثها لـ«الشرق الأوسط»، ترى الجيلاني وجود لبس عند بعض الدول الإسلامية حول مفهوم التعليم للمرأة، فما زال بعضهم حتى الآن يرون أن التعليم محصور على الرجال فقط، ولا يعلمون أن الدين الإسلامي أمر الجميع بالتعليم، وحرص على ألا يوجد أُمي في العالم الإسلامي، ولكن الواقع في بعض الدول الإسلامية مخالف لما أمر به الدين الإسلامي، فما زلنا نواجه صعوبات في مسألة التعليم وإنكار حقه للبنات، ليس في أفغانستان فقط، ولكن في معظم البلدان الإسلامية الفقيرة.

وأرجعت الجيلاني السبب في منع تعليم الفتيات في هذه الدول للعادات والتقاليد القديمة، وصرف النظر عن التعاليم الإسلامية، إضافة إلى أن القوانين التي وضعت في هذه الدول وضعها الرجال، وفي أغلب الأوقات يكتبون أشياء تصبّ في مصلحة الرجال وتسيء للنساء، مؤكدة أن الدين الإسلامي جاء بتعاليم وضعت كصكوك ومواثيق دولية في الدول المتقدمة، ولكن ما زالت بعض الدول الفقيرة تقبع في جهل موروثاتها، في الوقت الذي بذلت فيه الدول المتقدمة جهوداً للوصول بالمرأة إلى مكان صنع القرار.

وفي مستهل الجلسة العامة المخصَّصة لبيانات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، أكدت رئيسة هيئة حقوق الإنسان في السعودية الدكتورة هلا التويجري أنَّ المرأة المسلمة تواجه اليوم كثيراً من التحديات في سبيل ممارسة حقوقها التي كفلها الإسلام لها، ومنها حرمانها من بعض حقوقها في بعض المجتمعات، وما تواجهه بسبب التغاضي عن معالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا، ونشر خطاب الكراهية، ما يضيف تحدياً أكبر على المرأة المسلمة في تمسكها بعقيدتها الدينية.

وأشارت التويجري إلى ما تعيشه اليوم المرأة الفلسطينية الصابرة المناضلة، وخاصة في قطاع غزة، من ظروف مأساوية وغير إنسانية ناجمة عما تشنّه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين من حرب وعدوان، حيث جل الضحايا من الأبرياء العزّل من النساء والأطفال وكبار السن.

وتتالت بيانات الدول الأعضاء في المنظمة، التي أكدت على مكانة «المرأة في الإسلام»، وعبرت عن التضامن مع المرأة الفلسطينية والشعب الفلسطيني عموماً في ظل ما يتعرض له من احتلال وعدوان إسرائيلي غاشم.

رئيسة وزراء بنغلاديش تؤكد أن المرأة في طليعة جهود التنمية الاجتماعية في بلادها (واس)

وناقشت جلسة العمل الأولى مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام، حيث أكدت وزيرة الخارجية في جمهورية إندونيسيا، ريتنو مارسودي، أنَّ تعاليم الإسلام وقيمه واضحة وجلية في تمكين المرأة ومنحها حقوقها كافة، مشيرة إلى أنه على الرغم من نيل المرأة كثيراً من حقوقها التي نص عليها الإسلام، حيث باتت عنصراً مهماً في عملية البناء والتنمية في مجتمعها، فإنه مع هذا الوضع الإيجابي لا نزال نجد أنفسنا في القرن الحادي والعشرين في حاجة ماسة إلى مناقشة قضايا حقوق «المرأة في الإسلام».

من جانبه، استعرض الدكتور سامي الصقير، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، الأسس القرآنية والحديثية لمكانة «المرأة في الإسلام» وملامح التشريع الإسلامي والأسس التي قامت عليها كافة التشريعات الإسلامية في قضايا المرأة، مؤكداً أنَّ الإسلام كرَّم المرأة وأعلى من شأنها، وهو تكريم ينبئ بمكانة هذا الدين وأسبقيته في تكريم الإنسان، وخصوصاً المرأة بين الأمم.

وتناول الدكتور قطب مصطفى سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، في مداخلته «مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام بين النصوص والتطبيق»، مشدداً على أن المرأة في الإسلام تحظى بمكانة سامية ومنزلة عالية.

ودعت الدكتورة زليخة قمر الدين، المديرة السابقة للجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، في مداخلتها عن «الأهلية القانونية للمرأة في الإسلام وحقوقها في التصرف والتعاقد والميراث والتملك» إلى اتخاذ مبادرات مهمة، تشمل إعادة صياغة السياسات وتقييم العملية الحالية ووضع التدابير لدعم المساعي نحو حصول المرأة المسلمة على حقوق الملكية مع التركيز على الإصلاحات القانونية لتسهيل ذلك الأمر.

الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يؤكد التزام المنظمة بالدفاع عن حقوق المرأة المسلمة (واس)

من جانبها، استعرضت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر، دور الفتوى في تأكيد مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام، مشددةً على أنَّ الفتاوى الشرعية اضطلعت بدور مهم في تمكين المرأة المسلمة المعاصرة من الحصول على حقوقها في العلم والتعليم والتملُّك ما جعلها تستعيد دورها المحوري الذي لعبته في قرون الإسلام الأولى.

وخلال الجلسة الثانية التي عقدت بعنوان «المرأة المسلمة بين التعاليم الإسلامية والعادات والتقاليد الاجتماعية»، تطرَّقت الوزيرة السابقة للمالية والتخطيط في جمهورية أوغندا سييدا بامبا إلى «قضية تعليم المرأة بين التشريع الإسلامي والعادات والتقاليد الاجتماعية».

وشدَّد الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية في المغرب، على أنَّ القرآن الكريم اهتمَّ اهتماماً كبيراً بموضوع المرأة، مشيراً إلى أن هذا الاهتمام ظهر في معالجة قضايا المرأة عبر خطاب إيماني وتشريعي ومقاصدي بطريقة مباشرة في عدد من سور القرآن الكريم.

وتطرقت عبلة قدوس، رئيسة مؤسسة رعاية المرأة المسلمة في أستراليا، إلى قضية «المرأة المسلمة وصراع الهويات»، مسلطة الضوء على الطرق التي يمكن بها للمجتمعات وصنّاع السياسات والمجتمعات دعم وتمكين النساء المسلمات بشكل أفضل في سعيهن وتحقيق هوية متماسكة ومرضية تشمل إيمانهن وثقافتهن وجنسهن، ما يسهم في جعل المجتمعات أكثر شمولاً وعدالة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد الكبير حميدي، من جامعة مولاي إسماعيل في المملكة المغربية، أنَّ أكثر ما جاء به الشرع الحنيف في موضوع المرأة عبارة عن أحكام كلية، وقواعد عامة، تحتاج إلى اجتهاد مصلحي، وإلى تكييف مقاصدي مرن ومتجدد، يواكب تعاقب الأزمنة، وتعدد الأمكنة، واختلاف البيئات الثقافية والاجتماعية.

واستعرضت الدكتورة عائشة عبد الجليل، أستاذة الفقه بجامعة الملك فيصل بتشاد، جملة من العادات والتقاليد الخاطئة في بعض المجتمعات المسلمة، التي تتعارض مع روح الإسلام وسماحته وتخالف مقاصده، مبينة طرق ومناهج توفيق المرأة المسلمة بين نصوص دينها وبين عادات وتقاليد مجتمعها التي قد تتعارض أحياناً أو تتداخل ويصعب وضع الخطوط الفاصلة بينها.

ويستكمل المؤتمر أعماله الأربعاء (8 نوفمبر 2023) بجلسة عمل ثالثة، بعنوان «المرأة المسلمة في الإطار الخليجي والعربي والإسلامي»، وجلسة عمل رابعة بعنوان «المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة... الفرص والتحديات»، وجلسة خامسة بعنوان «آفاق تمكين المرأة المسلمة في التعليم والعمل».


مقالات ذات صلة

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))
الولايات المتحدة​ صورة للصحافية الأميركية - الإيرانية مسيح علي نجاد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (صفحتها على موقع «إكس»)

واشنطن تتهم مسؤولاً في الحرس الثوري الإيراني بالتخطيط لاغتيال صحافية في نيويورك

وجّهت الولايات المتحدة اتهامات جديدة إلى مسؤول في الحرس الثوري الإيراني وآخرين بمحاولة خطف صحافية أميركية من أصل إيراني في نيويورك واغتيالها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
TT

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)
يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية، وحاجياتهم الحيوية الملموسة»، متهماً «التصورات المتطرفة» بالمراهنة على تطلعات آيديولوجية تبرر التضحية بطموحات الشعوب في سبيل مشروعات ترى التدمير إنجازاً والتنمية تهمة.

وأشار «اعتدال»، الذي يتّخذ من الرياض مقرّاً له، في تقرير نشر عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، الأربعاء، إلى عدد من الأسباب التي تدفع الفكر المتطرّف إلى مهاجمة الدول المستقرة، لافتاً إلى اعتبارات متطرّفة عدة مقابل ما يقدّمه الاستقرار للتنمية والأمن والمستقبل.

الأزمات «لحظات عابرة»

الدول المستقرّة، وفقاً للتقرير، تعدّ كل أزمة «لحظةً عابرة» ينبغي تجاوزها للعودة إلى مهامها الأساسية القائمة على العناية بجودة الحياة وضمان الأمن، بينما تُعدّ الأزمات «جزءاً من عقيدة التطرف بمختلف مشاربه»، وبيّن أن الاستقرار «محك واقعي لمدى صدق الوعود والعهود التي يطلقها المتطرفون عبر خطابهم الترويجي والاستقطابي»، وللاستدلال على أن «المتطرّفين» لا يملكون أي مشروع حقيقي غير الدعوة إلى التدمير والصراع، أوضح «اعتدال» أن خُلُو العالم من الأزمات، وشيوع الاستقرار بين الدول، «سيحرمهم لا محالة من الوضع المعلق الذي تخلقه الصراعات».

وضمن الأسباب التي تدفع الفكر المتطرف إلى مهاجمة الدول المستقرة، يرى التقرير أن «الاستقرار يُمَتَّنُ حالة الولاء بين المجتمعات وبين الدول»، عادّاً أن ذلك يحول دون «تنامي المشاعر السلبية والانفعالات المريضة والحاقدة بين الناس، مما يُعدّ حرماناً للمتطرفين من مادتهم الأساسية».

ويعتقد يوسف الرميح، وهو مستشار أمني سعودي، أن الفكر المتطرّف «يحاول استهداف الدول المستقرة والدول المضطربة على حدٍّ سواء».

دوافع واختلافات

ويرى الرميح أن «الدول المستقرة ليس لديها هامش للأفكار المضطربة، مما يدفع بالمتطرفين إلى محاولة الاصطياد في الماء العكر واختراق المجتمعات عبر استهداف مواطنين، خصوصاً الشباب، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات العامة، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ بهدف خلخلة هذا النظام العام في المجتمع».

يذكر أن «اعتدال» يضطلع بمهام رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف، وحجب منافذه بمختلف أشكالها وتعطيل مصادر تغذيتها. وقد دُشّن من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدد من قادة الدول خلال في مايو (أيار) عام 2017 بالرياض.