قطار التنمية السعودي يمر بجنوب شرقي وشرق آسيا

محمد بن سلمان التقى بـ11 زعيماً آسيوياً خلال 4 أيام

تسعى السعودية ودول الخليج لاستدامة الاجتماعات على مستوى القمة بين مجلس التعاون و«الآسيان» لتكون مرة كل سنتين (واس)
تسعى السعودية ودول الخليج لاستدامة الاجتماعات على مستوى القمة بين مجلس التعاون و«الآسيان» لتكون مرة كل سنتين (واس)
TT

قطار التنمية السعودي يمر بجنوب شرقي وشرق آسيا

تسعى السعودية ودول الخليج لاستدامة الاجتماعات على مستوى القمة بين مجلس التعاون و«الآسيان» لتكون مرة كل سنتين (واس)
تسعى السعودية ودول الخليج لاستدامة الاجتماعات على مستوى القمة بين مجلس التعاون و«الآسيان» لتكون مرة كل سنتين (واس)

على مدى 4 أيام فقط، استقبل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، 11 زعيماً لدول جنوب شرقي وشرق آسيا، مؤسّساً لمرحلة جديدة من التعاون السعودي مع الجهة الأخرى من القارة الأكبر في العالم.

وفضلاً عن احتضانها للقمة التاريخية الأولى بين «مجلس التعاون الخليجي» ورابطة دول جنوب شرقي آسيا «الآسيان»، الجمعة، في العاصمة الرياض، تقود السعودية الجانب الخليجي في هذا الإطار، حيث دفعت أيضاً إلى استدامة الاجتماعات على مستوى القمة بين الكتلتين المهمّتين مرة كل سنتين، وأعرب القادة عن تطلعهم في هذا الشأن إلى عقد القمة المقبلة في ماليزيا في عام 2025.

قيادة العمل الخليجي مع «الآسيان»

من جانبها، لا تعمل السعودية فقط على تعزيز شراكتها مع دول (الآسيان)، بل تقود الجانب الخليجي لرفع مستوى الشراكة بين المنطقتين، حيث برهن انضمام خمس دول من مجلس التعاون الخليجي إلى معاهدة الصداقة والتعاون مع رابطة جنوب شرقي آسيا خلال العام الماضي والعام الجاري فقط، عن الأهمية التي توليها دول الخليج لتلك المنطقة، من خلال إنشاء «إطار التعاون بين مجلس التعاون ورابطة «الآسيان» للفترة (2024 - 2028)، الذي يحدد التدابير وأنشطة التعاون التي ستنفذ بين الجانبين على نحو مشترك في المجالات ذات الاهتمام المشترك بما يعود بالمنفعة المتبادلة، بما في ذلك الحوار السياسي والأمني والتجارة والاستثمار، والتواصل بين الشعوب، والتعليم والثقافة والسياحة والإعلام والرياضة، كما ستستضيف السعودية «المؤتمر الاقتصادي والاستثماري الأول لدول مجلس التعاون ودول رابطة «الآسيان» في النصف الأول من العام المقبل في العاصمة السعودية الرياض.

توافق سياسي بشأن غزة

وسلّط التصريح اللافت لوزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي، التي قالت إن «قمة الرياض» كتبت تاريخاً جديداً لـ«علاقات أوثق وأقرب بين منطقتين مهمتين، وبنَت جسراً قوياً يربط بين منطقتينا، وطوّرت تعاوناً يدرّ الفوائد على شعوبنا»، مزيداً من الضوء على التقدّم الحاصل، كما أظهر اتفاق المجتمعين على إصدار بيانين مشتركين، يتعلّق الأول بالعلاقات بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة «الآسيان»، والثاني بشأن تطورات الأوضاع في غزة، عن توافق سياسي أيضاً بين الجانبين، حيث اتفق القادة على «استنكار كل الهجمات التي حدثت في قطاع غزة، وطالبوا بالوصول إلى حل دائم لوقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع والخدمات وغيرها».

السعودية استضافت القمة التاريخية الأولى بين دول الخليج وجنوب شرقي آسيا (واس)

وأضافت وزيرة الخارجية الإندونيسية، خلال مؤتمر صحافي مع نظيرها السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الجمعة، أن القمة طالبت بـ«إطلاق سراح الرهائن من المدنيين والمعتقلين خاصةً النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، ونحث جميع الأطراف ذوي العلاقة للعمل تجاه تحقيق حل سلمي قائم على حل الدولتين، ودعم مبادرة السعودية والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية لإحياء مبادرة السلام العربية بالتنسيق مع مصر والأردن، وتسوية النزاع بين إسرائيل وجيرانها وفقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

مستوى جديد من التعاون

من جانبها، سعت الرياض خلال الأيام الأربعة الماضية، إلى خلق مستوى جديد من علاقاتها مع أربعة من أهم البلدان في «الآسيان» التي يقترب عدد سكانها من 670 مليون نسمة، وتتمتّع بعضوية بلدان من أسرع الاقتصادات نموّاً في العالم، وفقاً لبيانات رسمية، ومن جوار «الآسيان» أيضاً، حيث أجمع كافة القادة الخليجيّين والآسيويّين، خلال «قمة الرياض» والمباحثات الرسمية التي عقدها ولي العهد السعودي وضيوفه من سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا، ثم كوريا، على دعم كامل لترشح مدينة الرياض لاستضافة المعرض الدولي «إكسبو 2030»، وترشح السعودية لاستضافة «كأس العالم 2034».

وتحقيقاً لهذه المساعي، عقد ولي العهد السعودي لقاءات قمة على التوالي، الأربعاء، مع رئيس الوزراء السنغافوري لي هسين لونغ، والخميس، مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، وبينما التقى ولي العهد السعودي، الجمعة، على هامش «قمة الرياض» بكافّة زعماء دول رابطة «الآسيان»، استقبل، السبت، أيضاً رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم.

والأحد، استقبل الأمير محمد بن سلمان، الرئيس الكوري يون سيوك يول، الذي تسعى بلاده في الوقت ذاته إلى الارتقاء بعلاقاتها مع رابطة «الآسيان» إلى شراكة استراتيجية شاملة العام المقبل من خلال «مبادرة التضامن بين كوريا والآسيان»، مما أظهر الانسجام بين أهداف البلدين تجاه العلاقات مع منطقة جنوب شرقي آسيا.

التقى ولي العهد السعودي بزعماء «الآسيان» المشاركين في القمة الخليجية الأولى (واس)

كبار «الآسيان» في ضيافة ولي العهد السعودي

وأفرزت اللقاءات الثنائية التي أجراها ولي العهد السعودي مع ضيوفه من كبار (الآسيان) عن نوعيّة متقدّمة من الطموح لدى كل الأطراف لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون، حيث اتفق الجانبان السعودي والسنغافوري على الارتقاء بمستوى العلاقة بينهما إلى مستوى (شراكة استراتيجية)، وفقاً لبيان مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).

كما اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجالات البيئة والمياه والزراعة والأمن الغذائي، والاقتصاد الرقمي والابتكار، والنقل البري والجوي والسككي والموانئ والربط اللوجيستي، والسياحة والثقافة والشباب، والتعليم، والصحة.

ومع الجانب الإندونيسي، ساهمت الزيارتان السابقتان للملك سلمان بن عبد العزيز إلى إندونيسيا في مارس (آذار) 2017، والزيارة التي قام بها فخامة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو للسعودية في عام 2019، في توسيع نطاق التعاون بين البلدين في جميع المجالات، ونمو حجم التجارة البينية في عام 2022 بمعدل 43 في المائة مقارنة بعام 2021، مما يجعل السعودية الشريك التجاري الأكبر لإندونيسيا في المنطقة، ونتيجةً لذلك، وعدد من العوامل الأخرى، وقّع الجانبان في هذه الزيارة على اتفاقية (إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الإندونيسي).

وبالنسبة لماليزيا التي قفز حجم تجارتها البينية مع السعودية في العام الماضي بنسبة 160 في المائة مقارنة بعام 2021، فقد اتفق الجانبان خلال جلسة المباحثات التي جمعت الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة وتقنياتها وتطوير مشروعاتها من مصادرها المتنوعة، بما في ذلك الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية، ودراسة الفرص الاستثمارية في هذه المجالات، ومشاريع الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة وتطوير البيئة الحاضنة لها، وتطوير سلاسل الإمداد لقطاعات الطاقة واستدامتها، والبيئة والمياه والزراعة والأمن الغذائي، والاتصالات، والتقنية، والاقتصاد الرقمي، والابتكار، والفضاء، ومجالات النقل والخدمات اللوجيستية، والمجال السياحي، والسياحة المستدامة، وتنمية الحركة السياحية بين البلدين، ومختلف المجالات الثقافية، والتعليم العالي والبحث والابتكار، والإعلام، والصحة.

رمزية خاصة للعلاقات مع كوريا

بينما جاءت الزيارة الرسمية للرئيس الكوري يون سيوك يول، الأحد، بعد يومين فقط من ختام «قمة الرياض» ومغادرة آخر زعماء «الآسيان»، حافلةً بعدد من النشاطات في العاصمة السعودية الرياض، حيث التقى يول بالأمير محمد بن سلمان لمرتين، وعقدا جلسة مباحثات رسميّة، والتقى أيضاً بعدد من المسؤولين السعوديين، قبل أن يشارك، الثلاثاء، في جلسة حوارية خاصة في «منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار»، حضرها ولي العهد السعودي وجمْع من كبار الشخصيات المحلية والإقليمية والدوليّة.

وتتشكّل استثنائية زيارة الرئيس الكوري إلى السعودية في عدد من العوامل التي تجمع البلدين؛ أبرزها ما أظهرته الأرقام الرسمية من نمو حجم التبادل التجاري بين البدين بمقدار 400 ضعف منذ إقامة العلاقات قبل 6 عقود، حيث وصل حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى مستويات عالية، فضلاً عن الشعبية المتزايدة للثقافة الكورية في السعودية بما في ذلك افتتاح «معهد الملك سيجونغ» لتعليم اللغة الكورية في السعودية العام الماضي.

التقى الرئيس الكوري بولي العهد السعودي مرتين خلال زيارته الأخيرة للرياض (واس)

الطريق إلى تحويل الشرق الأوسط لـ«أوروبا الجديدة»

الباحث في الدبلوماسية العامة عماد المديفر، أكد أن «تعزيز السعودية لعلاقاتها وشراكاتها مع دول جنوب شرقي وشرق آسيا يأتي في إطار الدور السعودي المتنامي وفق رؤية السعودية 2030، الهادفة لوضع البلاد في مكانتها المستحقة وفق ثقلها السياسي والاقتصادي والأمني والدفاعي والثقافي والاجتماعي والحضاري».

وأضاف المديفر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التحركات تتوافق وتتماشى مع عدد من المعطيات مثل «التقارب الثقافي، والاجتماعي، والحضاري بين الشعب العربي السعودي والشعوب والمجتمعات الشرق وجنوب شرقي آسيوية، والتاريخ والقيم والثقافة المشتركة، وتعبّر عن شراكة هذه الأطراف في عمق الطموحات الاقتصادية والصناعية والتقنية والتكنولوجية والتنموية والتطويرية بين الجانبين، ويتوافق أيضاً مع الأدوار الكبيرة الهادفة لتعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي والدولي، لا سيما إذا ما علمنا أن دفة الاقتصاد الشرق وجنوب شرقي آسيوي قائمة بالأساس على الصناعات الأساسية والبترولية وأمن الطاقة الذي توفره لهم السعودية بالدرجة الأولى، بوصفها المصدر الأساس والآمن والمستمر للطاقة والمواد الخام والصناعات الأساسية التي تسيّر عجلة الصناعة في تلك الدول».

وبالنسبة لرؤية ولي العهد السعودي لمنطقة الشرق الأوسط، لفت المديفر إلى أن تعزيز الرياض لعلاقاتها مع «الآسيان» ومنطقة جنوب شرقي وشرق آسيا، يصب بالضرورة في صالح رؤية الأمير محمد بن سلمان الهادفة لأن يكون الشرق الأوسط «أوروبا الجديدة» في المستقبل.

العاصمة السعودية رحّبت بقادة «الآسيان» في «قمة الرياض» (الإخبارية السعودية)

وتوقع المديفر أن تحقق السعودية من خلال تعزيز علاقاتها مع دول جنوب شرقي وشرق آسيا، «أقصى استفادة مشتركة من الموارد اللوجيستية، والبنى التحتية، وخطوط الإمداد، وتعزيز التعاون في المجالات السياحية والأنشطة الثقافية، والتواصل بين الشعوب، وإقامة شراكات متنوعة بين قطاع الأعمال في السعودية وتلك الدول».

من جانبه، أوضح محمد شهداء عثمان، نائب البعثة الماليزية في الرياض، أن القمة التي احتضنتها الرياض «ارتقت بديناميكيات العلاقات بين الجانبين، وناقشت الطريق للأمام، وتعزيز التعاون بين المنظمتين ومجالات التعاون القائمة التي تشمل مكافحة الجرائم الدولية والإرهاب. كما أنها فرصة لتحديد مجالات تعاون جديدة في الأمن والسياسة والاقتصاد والركائز الثقافية». وتابع عثمان أن «مخرجات القمة تمثل أساساً للتعاون بين الجانبين في السنوات الخمس المقبلة في مجالات الاستثمار والسياحة والزراعة ومنتجات الحلال والتعليم والتدريب».



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».