«ريثيون»: قدرة سعودية لتوريد صناعات دفاعية عالمياً

الشركة تسعى لإدخال تقنيات جديدة للمملكة والإسهام في توطين صناعتها العسكرية

توماس لاليبرتي رئيس قسم الحرب البرية والدفاع الجوي في «ريثيون» (الشرق الأوسط)
توماس لاليبرتي رئيس قسم الحرب البرية والدفاع الجوي في «ريثيون» (الشرق الأوسط)
TT

«ريثيون»: قدرة سعودية لتوريد صناعات دفاعية عالمياً

توماس لاليبرتي رئيس قسم الحرب البرية والدفاع الجوي في «ريثيون» (الشرق الأوسط)
توماس لاليبرتي رئيس قسم الحرب البرية والدفاع الجوي في «ريثيون» (الشرق الأوسط)

كشف توماس لاليبرتي، رئيس قسم الحرب البرية والدفاع الجوي في «ريثيون» أن الشركة تعمل مع قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي على إمكانية إدخال قدرات جديدة في المملكة، وذلك كجزء من خططها للعمل كشريك موثوق به لقوات الدفاع الجوي وجهودها المستمرة لتحديث وصيانة نظام الدفاع الجوي والصاروخي باتريوت.

يمكن أن تشمل هذه القدرات نظام الصواريخ أرض-جو الوطني المتقدم (ناسامس) ونظام هزيمة الطائرات من دون طيار الصغيرة والبطيئة والمنخفضة المتكامل (ليدس).

وقال لاليبرتي في حوار مع «الشرق الأوسط»: «نتطلع إلى دمج هذه القدرات مع أنظمة باتريوت الحالية، بما يمكّننا من توفير طبقات حماية بشكل أساسي؛ فهناك أنظمة بعيدة المدى متوفرة في منظومة الباتريوت، وأنظمة متوسطة المدى مع نظام الصواريخ أرض-جو الوطني المتقدم (ناسامس)، بالإضافة إلى أنظمة قصيرة المدى لمواجهة الطائرات من دون طيار مثل نظام هزيمة الطائرات من دون طيار الصغيرة والبطيئة والمنخفضة المتكامل (ليدس)... نسعى لتوفير التكامل عبر كل ذلك».

وتابع: «نعمل مع قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي على تلك الأنواع من المفاهيم، وتبقى هذه الخطط للقوات لتحديدها وتعيين التوقيت المناسب لنعمل عليها».

شريك موثوق

كجزء من خطط الشركة في السعودية، «تتمحور أولوياتنا بالاستمرار في العمل كشريك موثوق به لقوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، خاصة فيما يتعلق بالأعمال التي أقودها، وجهودنا لتحديث وصيانة نظام الدفاع الجوي والصاروخي باتريوت»، مشدداً على المضي في المشاركة بخطط السعودية لتوطين قطاع الصناعات العسكرية، إذ أشار إلى «الإعلان عن تصنيع أجزاء رئيسية من صواريخ التوجيه المعزز (جيم - تي) لمنظومة باتريوت المتقدمة خلال فعاليات معرض الدفاع العالمي العام الماضي، ونسعى في المستقبل القريب للإعلان عن بعض الأمور المرتبطة بهذا النوع من الصواريخ. من هنا، سنقوم بتوسيع عمليات التوطين المرتبطة بذلك».

وأضاف بالقول: «ما زلنا نعمل على ذلك، على وجه التحديد مع قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي والأهم من ذلك مع منظومة الصناعة السعودية، خاصة وأن النهج سيشمل إشراك أعضاء القاعدة الصناعية السعودية للقيام بهذا العمل بشكل أساسي».

توطين الصناعة العسكرية

وحول العوامل التي تساعد السعودية على توطين الصناعة، قال لاليبرتي: «أعتقد أنه أولاً وقبل كل شيء، من المهم وجود رؤية للقيام بذلك، لذا فإن رؤية 2030 المنبثقة عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فتحت المجال لخطة طويلة الأجل للمملكة تركز على مجموعة واسعة من الصناعات، وليس فقط الدفاع... بعد ذلك، وضعت المملكة بنية تحتية للعمل لتحقيق هذه الرؤية، وعلى سبيل المثال، تعدّ الهيئة العامة للصناعات العسكرية إحدى الجهات التي نعمل معها بشكل حثيث لتوفير فرص التوطين. كما نولي أهمية كبرى للموارد، أي الأشخاص الذين يمكنهم القيام بنوع العمل الذي تحتاجه صناعتنا. كما هناك أيضاً الشركات التي تمتلك القدرات الفنية ضمن عملياتها الحالية أو ترغب في الاستثمار في رأس المال ونقل المعرفة لتطوير القدرات في البلاد. ومما لا شك فيه أن القيادة والالتزام والرغبة هي التي ستؤدي إلى نجاح هذا العمل في نهاية المطاف».

مصنع جدة ونظام باتريوت

يعتقد لاليبرتي مصنع وحدات الطاقة الرئيسية لرادارات الدفاع الصاروخي، التي تم افتتاحه في مدينة جدة (غرب السعودية) بالتعاون مع شركة الزاهد الصناعية سيكون مورداً عالمياً لـ«ريثيون» وليس للسعودية فحسب، مشيراً إلى أن الدولة تتمتع بقدرات واسعة لتصبح جزءاً من سلسلة التوريد الخاصة بصناعات الدفاع. وقال: «هناك طلب كبير على قدرات الدفاع الجوي، ولذلك عندما ننظر إلى محاولة تلبية هذا الطلب، نعلم أنه يتعيّن علينا تنويع سلسلة التوريد الخاصة بنا بحيث لا يمكننا الاعتماد فقط على الموردين في الولايات المتحدة وموردينا التقليديين في الدول الأخرى. لذلك، علينا أن نجد دولاً مثل السعودية التي تبني قاعدتها الصناعية لتلبية هذا الطلب».

رادار الدفاع الجوي من شركة ريثيون (الشرق الأوسط)

«إن تجربتنا حتى الآن مع شركة الزاهد الصناعية في تصنيع وحدات الطاقة الرئيسية تعدُّ إيجابية للغاية، حيث ستعمل على إنتاج منتج لن يتم استخدامه في السعودية فحسب، بل سيتم استخدامه في سلسلة التوريد العالمية الخاصة بنا. كما سيكون العمل الذي نقوم به على نظام باتريوت، والأمور التي أعلنا عنها بالفعل والتي سنعلن عنها قريباً، جزءاً من سلسلة التوريد. وهذا هو هدفنا»، يتابع لاليبرتي: «ندرك تماماً أن الشركاء الصناعيين في السعودية لا يرغبون في خدمة احتياجات المملكة فقط، على الرغم من أنها تمتلك احتياجات كبيرة، فإن ذلك لن يوفر النوع المناسب من عائد الاستثمار إذا ما اقتصرت على المملكة، وبالتالي هناك حاجة لأسواق تصدير من شأنها تبرير أنواع الاستثمارات التي يقوم بها هؤلاء الشركاء».

تهديدات المنطقة

حول التهديدات التي تعرضت لها المنطقة خلال السنوات الماضية، قال لاليبرتي: «أعتقد أن ما شهدناه في الآونة الأخيرة هو أن الخصم بات ينسق هجماته بشكل أكبر؛ حيث نرى صواريخ باليستية، وصواريخ كروز، بالإضافة إلى عدد كبير من الطائرات من دون طيار أو الأنظمة غير المأهولة التي تأتي في وقت واحد إلى أحد الأصول المدافع عنها بزاوية هجوم 360 درجة. من هنا، لدى (ريثيون) أنظمة يمكن استخدامها على شكل طبقات».

وأضاف: «تمتلك السعودية منظومة ثاد التي توفر طبقة الدفاع الخارجية للصواريخ الباليستية طويلة المدى، بالإضافة إلى نظام صواريخ باتريوت، وهو مزيج من قدرات الدفاع الجوي والصاروخي لمواجهة الصواريخ الباليستية التكتيكية، وجميع أنواع الطائرات المعادية، وصواريخ كروز، والطائرات من دون طيار الكبيرة». وزاد: «لدى (ريثيون) نظام الصواريخ أرض-جو الوطني المتقدم (ناسامس)، الذي نتحدث إلى المملكة عنه وهو يتميز بقدرته على مواجهة صواريخ كروز والطائرات والطائرات من دون طيار الكبيرة. وأخيراً، لدينا أيضاً نظام هزيمة الطائرات من دون طيار الصغيرة والبطيئة والمنخفضة المتكامل (ليدس)، وهو أساساً رادار الاستهداف الدقيق ونظام الاعتراض كايوتي. ويعدُّ ليدس نظاماً مضاداً للطائرات من دون طيار، وهو مصمم خصيصاً للطائرات من دون طيار الصغيرة والمتوسطة منها».

«باتريوت» منظومة دفاع جوي بعيدة المدى وعالية الارتفاع (الشرق الأوسط)

وأكد أن «ريثيون» لديها أيضاً نظام الليزر عالي الطاقة، الذي يصل إلى 50 كيلوواط ويتصدى للطائرات من دون طيار الصغيرة والمتوسطة، مضيفاً أن «نظام الليزر فعال للغاية ضد الصواريخ وقذائف الهاون لأن ذلك يشبه نوعاً ما التهديدات الأقصر مدى الذي يستخدمه الخصم ضد الدول التي نتعامل معها. لذا فإن كل ذلك بالإضافة إلى القدرة على التكامل بين مختلف الطبقات يعدّ أمراً بغاية الأهمية».

وعلّق رئيس قسم الحرب البرية والدفاع الجوي في «ريثيون» بالقول: «إن قدرة القادة على أرض المعركة على كشف التهديدات في أسرع وقت ممكن، تمنحهم أكبر قدر من الوقت لتحديد ماهية التهديدات وكيفية التعامل معها. على سبيل المثال، لا يتم الاعتماد على منظومة باتريوت لمواجهة طائرة من دون طيار، بل نظام الاعتراض (كايوتي)، خاصة وأن تكلفته أقل بكثير من تكلفة صاروخ الباتريوت، في حين يتم استخدام الباتريوت للتصدي للصواريخ الباليستية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والتي يصعب التعامل معها».

الذكاء الاصطناعي

عند سؤاله عن الذكاء الاصطناعي أجاب لاليبرتي بأنه صناعة موجودة منذ عقود. وأوضح أن بعض منتجات «ريثيون» تمتلك خوارزميات ذكاء اصطناعي، وهي غالباً ما تكون مصممة لغرض معين. ويستدل بنظام تحديد هوية التهديد بالقول: «إحدى التحديات في سيناريوهات الدفاع الصاروخي محاولة تحديد هوية التهديد، وهو ما يسمى بالتمييز، لذا فإن إحدى التقنيات التي يمكن استخدامها من الذكاء الاصطناعي تسمى تعليم الآلة... يعني ذلك بشكل أساسي وجود خوارزمية تقوم بتدريبها، وذلك عبر توفير جميع أنواع العينات. لذلك نقدمها على شكل صور رادارية ثم نقوم بتدريبها لفهم ما هو إيجابي، وما هو الشيء الذي تبحث عنه وما هو سلبي في هذه الحالة... بعد القيام بذلك، تكون النتيجة تدريب الخوارزمية على ملايين العينات لتتمكن من التمييز المناسب». ويشرح بالقول: «إن هذه تقنية شائعة مستخدمة في معالجة الصور ومعالجة إشارات الرادار والتي لا تستخدمها (ريثيون) فحسب، بل أيضاً الصناعة بالمجمل على فترة طويلة. لدى (ريثيون) بالفعل بعض الميزات الآلية في أنظمة الدفاع الجوي لديها والتي تساعد في ذلك، لكنني أعتقد أن هذا هو المكان الذي يكمن فيه المستقبل، حيث تستخدم الذكاء الاصطناعي بوصفه مساعداً حقيقياً لصنع القرار بهدف مساعدة القادة بشكل أفضل على تنظيم المعارك».

معرض الدفاع العالمي في السعودية

أكد لاليبرتي أن الشركة ستشارك في معرض الدفاع العالمي العام المقبل، من خلال العلامة التجارية الجديدة «أر تي إكس» التي تم الإعلان عنها حديثاً عبر شركاتها الثلاث «ريثيون»، و«كولينز أيورسبيس» و«برات أند ويتني». وقال: «نتطلع للمشاركة في المعرض، حيث كانت لدينا مشاركة واسعة في العام الماضي».

وحول التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي في الأنظمة الدفاعية قال لاليبرتي: «أعتقد أنه من الرائع حقاً أن أرى أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي يجرون حواراً حول الأنظمة والقدرات التي يحتاجونها. أعتقد أنه من مصلحتهم ألا يركزون على مفهوم قابلية التشغيل البيني فحسب، لكنْ هناك مصطلح سمعته حديثاً عن التبادلية، أي مفهوم تبادل الأنظمة عند الحاجة، وهذا يمكن أن يحدث فقط إذا كانت الدول تمتلك نفس الأنظمة». واختتم بقوله: «مما لا شك فيه أننا نرى تعاوناً حثيثاً بين دول الخليج اليوم وأنا أعتقد أن هناك حاجة ماسة إلى ذلك».

توجه سعودي نحو الاكتفاء الذاتي

في سبتمبر (أيلول) الماضي قال الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء إن الاكتفاء الذاتي الداخلي للصناعات العسكرية ارتفع من 2 إلى 15 في المائة، مؤملاً أن يصل إلى 50 ‎ في المائة، وذلك من خلال خطط ومساعي السعودية في تطوير الصناعات العسكرية.

قبل «رؤية 2030» لم يكن الحال على ما هو عليه حالياً بما يتعلق بقطاع الصناعات العسكرية السعودية، حيث استطاعت الرؤية إنشاء قطاع متكامل بداية من إيجاد البنى التحتية الملائمة، ووصولاً إلى منتجات عسكرية سعودية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل قد تتجاوز ذلك إلى التصدير، مما يجعل الحراك في القطاع واضحاً، حيث تتلخص الرؤية في تطوير قطاع صناعات عسكرية مستدام يرفع من جاهزية المعدات العسكرية، ويعزز من الاكتفاء الذاتي ويساهم بشكل فعّال في الاقتصاد الوطني.

تحول المفهوم السعودي من مجرد عملية شراء بين صانع ومستهلك للمعدات العسكرية، إلى مفهوم الشراكة وتحقيق المكاسب لجميع أطراف العملية، حيث تعمل وزارة الدفاع التي يقودها الأمير الشاب خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع مع الهيئة العامة للصناعات العسكرية على المضي في دعم مسيرة التوطين الطموحة.

يضاف إلى ذلك ما تعمل عليه الشركة السعودية للصناعات العسكرية (سامي) التابعة لصندوق الاستثمارات العامة في أن تكون ضمن أفضل 25 شركة متخصصة في الصناعات الدفاعية في العالم بحلول عام 2030، حيث تستند لأحدث التقنيات وأفضل الكفاءات لتطوير منتجات وخدمات دفاعية بمواصفات عالمية وتحقيق الاكتفاء الذاتي للسعودية في مجال الصناعات الدفاعية.


مقالات ذات صلة

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد أحد المصانع المنتجة في المدينة المنورة (واس)

«كي بي إم جي»: السياسات الصناعية في السعودية ستضعها قائداً عالمياً

أكدت شركة «كي بي إم جي» العالمية على الدور المحوري الذي تلعبه السياسات الصناعية في السعودية لتحقيق «رؤية 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الوفد السعودي يتجول في المعرض الجوي الخامس عشر بالصين (الشرق الأوسط)

الشركات الصينية تتسابق لحجز مواقعها في معرض الدفاع العالمي 2026 بالرياض

أعلن معرض الدفاع العالمي مشاركة أكثر من 100 شركة صينية متخصصة في صناعة الدفاع والأمن؛ أي بنسبة 88 في المائة، خلال النسخة الثالثة للحدث في 2026.

الاقتصاد مصنع تابع لإحدى شركات البتروكيميائيات في السعودية (واس)

الإنتاج الصناعي في السعودية ينخفض 0.3 % خلال سبتمبر على أساس سنوي

تراجع مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي في السعودية 0.3 % خلال سبتمبر، على أساس سنوي، متأثراً بانخفاض الرقم القياسي للصناعات التحويلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».