حكاية أذان يصدح في الحرم الإبراهيمي بالخليل على مقام السيكا

من داخل الحرم الإبراهيمي (الصفحة الرسمية للحرم الإبراهيمي الشريف على فيسبوك)
من داخل الحرم الإبراهيمي (الصفحة الرسمية للحرم الإبراهيمي الشريف على فيسبوك)
TT

حكاية أذان يصدح في الحرم الإبراهيمي بالخليل على مقام السيكا

من داخل الحرم الإبراهيمي (الصفحة الرسمية للحرم الإبراهيمي الشريف على فيسبوك)
من داخل الحرم الإبراهيمي (الصفحة الرسمية للحرم الإبراهيمي الشريف على فيسبوك)

في قلب مدينة الخليل حيث يلف التاريخ أروقة بلدتها القديمة، ينبعث صوت جماعي يصدح على نغمات مقام السيكا حاملا عبق الحضارة وروحانية المكان.

يصر الحرم الإبراهيمي، ذلك الصرح الذي يعبر الأسلاك الإسرائيلية الشائكة التي تحاصره ناشرا نداءه لكل أرجاء المدينة، على إحياء تراثه العريق، فينبعث من مآذنه كل جمعة لحن فريد يضفي على المكان هالة من السكينة والخشوع والفرح معا.

أذان سلطاني، عثماني المنشأ، جماعي الأداء، يزخر بجماليات تلامس الأرواح وتُنعش القلوب، كما يقول عنه معتز أبو سنينة، مدير الحرم الإبراهيمي بالخليل.

ويتمسك الفلسطينيون بحقهم في الحرم الإبراهيمي، فيما يحاول الإسرائيليون السيطرة على المكان بدعوى وجود حق ديني لهم فيه.

ويعتبر الحرم الإبراهيمي، الذي يعتقد أنه بني على مغارة دفن فيها النبي إبراهيم وزوجته سارة وولدهما إسحاق وولده يعقوب، ثاني أكثر مكان قدسية لدى المسلمين في فلسطين بعد المسجد الأقصى، وكذلك ثاني أكثر مكان قدسية بالنسبة لليهود حيث يقع على تلة تعرف لدى اليهود باسم جبل الهيكل وتتداخل تفاصيل الحرم الإبراهيمي في الشكل مع الكثير من تفاصيل المسجد الأقصى.

ففي أروقة الحرم الإبراهيمي يصدح المؤذنون الأربعة بأصواتهم العذبة، يرددون كلمات الأذان بنغمات مقام السيكا، في تناغم بديع يملأ المكان رهبة وخشوعا. قبل كل أذان، تتلى صلوات على النبي محمد وعلى ساكني الغار الشريف، إسحاق ويعقوب وزوجاتهم، في جو إيماني فريد.

ويقول أبو سنية لوكالة أنباء العالم العربي "مقام السيكا يضفي على الأذان السلطاني هالة من السعادة والأمل، ويبعث في النفوس طمأنينة وسكينة". مؤذنون يتعاقبون جيلا بعد جيل يحملون مشعل هذا التراث، ويُعلمون الأجيال القادمة كيفية أداء هذا الأذان الفريد، ليظل صدى خالدا في رحاب الحرم الإبراهيمي.

ويصف أبو سنينة هذا الأذان بقوله "أذان سلطاني، عثماني النشأة، فلسطيني الهوية، رمز للصمود والتحدي، ينبعث من قلب مدينة الخليل، ليُعلن للعالم أن تراثنا العريق لا يموت، وأن حضارتنا الإسلامية ستظل شامخة إلى الأبد". ويوضح أبو سنينة أن الأذان السلطاني يعد من أهم الموروثات الدينية في الحرم الإبراهيمي، وأنهم حريصون على الحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة.

وأشار إلى أنهم حاولوا نقل هذا الأذان إلى مساجد أخرى، لكنهم شعروا بأنه لا يليق إلا بالحرم الإبراهيمي.

والخليل من النقاط المشتعلة في الضفة الغربية، ويواجه أهلها صعوبات في كثير من الأوقات في الوصول إلى الحرم الإبراهيمي للصلاة فيه بفعل الإجراءات الإسرائيلية التي تقيد الوصول إلى المكان.

وحذرت وزارة الأوقاف الفلسطينية سابقا من مساع إسرائيلية لتقسيم الحرم الإبراهيمي، بحيث يكون جزء منه متاح لليهود وجزء للمسلمين ويسمح بالدخول لكل منهم في أوقات محددة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.